تاريخ وتطور المكتبات العامة في السعودية
المكتبات العامة في السعودية تمثل صروحًا ثقافية مفتوحة للجميع، تقدم خدماتها ومصادر معلوماتها المتنوعة لجميع فئات المجتمع السعودي. هذه المكتبات تعتبر مستودعات شاملة للمعرفة، حيث تحتضن أوعية معلومات تغطي مختلف مستويات الثقافة والفكر.
نشأة المكتبات العامة في السعودية وتطورها
البدايات الأولى: مبادرات فردية وأهلية
تعود بدايات المكتبات العامة في السعودية إلى جهود فردية وأهلية مباركة. من بين هذه الجهود الرائدة، تبرز مكتبة الشيخ عبدالرحمن السعدي في مدينة عنيزة، التي تأسست عام 1359هـ/1940م، كمكتبة عامة تخدم المجتمع. تبع ذلك إنشاء مكتبة روضة سدير العامة على يد تركي بن ماضي عام 1377هـ/1957م. اعتمدت هذه المكتبات في تمويلها ونموها على التبرعات وجهود المؤسسين والأهالي، الذين قدموا الكتب والمصادر المختلفة.
دور المؤسسات الخيرية والمكتبات الخاصة
في فترات متقاربة، ظهرت مكتبات عامة تحت إشراف جهات غير رسمية، كالمؤسسات الخيرية. تنوعت هذه المكتبات في مستوى الخدمات والأنشطة التي تقدمها. من الأمثلة البارزة على ذلك، مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض، التي أسسها الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود عام 1408هـ/1987م عندما كان وليًا للعهد، بالإضافة إلى مكتبة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الذي يشرف على مكتبتين تأسستا في عامي 1403هـ و1407هـ على التوالي.
التحول نحو الإشراف الحكومي
لاحقًا، بدأت الحكومة في إنشاء المكتبات العامة والإشراف عليها. في البداية، كانت هذه المكتبات تدار من قبل جهات حكومية متعددة بشكل مستقل. تولت وزارة المعارف (وزارة التعليم حاليًا) مهمة الإشراف على المكتبات العامة منذ عام 1379هـ/1959م، لتكون بذلك أول جهة رسمية تضطلع بهذه المسؤولية. أنشأت الوزارة الإدارة العامة للمكتبات، والتي عملت على تأسيس مكتبات عامة في مختلف مناطق المملكة، وضمّت إليها بعض المكتبات الأهلية والفردية.
انتقال المسؤولية إلى وزارة الثقافة وهيئة المكتبات
في عام 1424هـ/2003م، انتقلت إدارة المكتبات العامة إلى وزارة الثقافة والإعلام (آنذاك)، لتصبح الوزارة مسؤولة عن أكثر من 80% من المكتبات العامة في المملكة، بعد 45 عامًا من إشراف وزارة التعليم. حاليًا، تتولى هيئة المكتبات التابعة لوزارة الثقافة مهمة إدارة المكتبات العامة، ساعيةً لتطويرها وتعزيز دورها الثقافي في المجتمع.
مكتبات الوقف العامة في السعودية
دور وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف
كانت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد (وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد حاليًا) تشرف على عدد من مكتبات الوقف العامة، التي تحتضن مخطوطات أصلية ومصورة ذات قيمة تاريخية وعلمية كبيرة.
أمثلة على مكتبات الوقف البارزة
- مكتبة عارف حكمت في المدينة المنورة: تأسست عام 1270هـ/1854م على يد الشيخ أحمد عارف حكمت. نُقلت إلى جناح مستقل داخل مجمع الملك عبدالعزيز للمكتبات الوقفية بعد أن كانت في الجهة الجنوبية الشرقية من الحرم النبوي.
- مكتبة مكة المكرمة: وضع الشيخ عباس سليمان قطان اللبنات الأولى لها عام 1370هـ/1950م.
- المكتبة العلمية الصالحية بعنيزة: أسسها محمد بن عثمان القاضي عام 1373هـ/1954م.
جهات أخرى مشرفة على المكتبات
تولت جهات أخرى الإشراف على المكتبات، مثل الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، التي تشرف على مكتبتين، ودارة الملك عبدالعزيز، التي تشرف على مكتبة الدارة بالرياض.
وفي النهايه :
تطورت المكتبات العامة في السعودية من مبادرات فردية إلى مؤسسات حكومية متكاملة، تلعب دورًا حيويًا في نشر المعرفة والثقافة. ومع استمرار الدعم الحكومي والتطور التكنولوجي، هل ستتمكن هذه المكتبات من مواكبة تطلعات الجيل الجديد وتعزيز مكانتها كمنارات للعلم والمعرفة في المملكة؟
