تحقيق التنمية المستدامة في السعودية: رؤية 2030
التنمية المستدامة تمثل مجموعة من الأهداف الطموحة عالميًا، تهدف إلى القضاء على الفقر، حماية البيئة والمناخ، وضمان السلام والازدهار على مستوى العالم. المملكة العربية السعودية تعمل جاهدة لتحقيق هذه الأهداف بحلول عام 2030، بالتعاون مع الأمم المتحدة وشركائها الوطنيين، وذلك وفقًا للإطار الاستراتيجي المشترك للأمم المتحدة.
وقد أولت المملكة اهتمامًا خاصًا بالتنمية المستدامة، ووضعتها في صدارة الأولويات الوطنية من خلال دمجها في رؤية السعودية 2030. كما أطلقت العديد من المشاريع والمبادرات التي تهدف إلى تحقيق الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وفي عام 1445هـ/2023م، أظهرت التقارير تقدمًا ملحوظًا في أكثر من 50% من مؤشرات التنمية المستدامة.
أهداف التنمية المستدامة في السعودية
أُطلقت أهداف التنمية المستدامة في 21 ربيع الأول 1437هـ الموافق 1 يناير 2016م من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة. وباعتبار السعودية دولة عضو في المنظمة، فقد سعت إلى تحقيق التنمية المستدامة عالميًا بدءًا من الداخل، وجعلت تحقيق هذه الأهداف ضمن الأولويات الوطنية في رؤية السعودية 2030. تتبنى الرؤية المبادئ المحددة في أهداف التنمية المستدامة، وتعمل في إطارها على تنويع الاقتصاد، وتطوير التقنية النظيفة في القطاعات الرئيسية، وحماية البيئة وتعزيزها، والارتقاء بجودة الحياة ورفع مستويات المعيشة، بالإضافة إلى دعم الابتكار.
الأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة
تتضمن أهداف التنمية المستدامة 17 هدفًا رئيسيًا، وهي:
- القضاء على الفقر.
- القضاء على الجوع.
- الصحة الجيدة والرفاه.
- التعليم الجيد.
- المساواة بين الجنسين.
- نقاء المياه والنظافة العامة.
- طاقة نظيفة بأسعار معقولة.
- توفير فرص عمل لائقة ونمو الاقتصاد.
- الصناعة والابتكار والبنية التحتية.
- الحد من أوجه عدم المساواة.
- مدن ومجتمعات محلية مستدامة.
- الإنتاج والاستهلاك المسؤول.
- الحفاظ على المناخ.
- الحياة البحرية.
- الحياة البرية.
- السلام والعدالة والمؤسسات القوية.
- الشراكات لتحقيق الأهداف.
منجزات السعودية في تحقيق التنمية المستدامة
تشارك السعودية سنويًا منذ عام 1438هـ/2017م في أعمال المنتدى السياسي الرفيع المستوى الذي تعقده الأمم المتحدة والمعني بالتنمية المستدامة. قدمت السعودية الاستعراض الطوعي الوطني الأول في المنتدى خلال دورته لعام 1439هـ/2018م في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. تضمن الاستعراض مراجعة شاملة لحالة أهداف التنمية المستدامة، ومواءمتها مع رؤية السعودية 2030، والإجراءات التي اتخذتها الحكومة والكيانات الوطنية، والقطاع الخاص والمنظمات المدنية لتحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030م. وقد قام سمير البوشي بتغطية هذا الحدث في بوابة السعودية.
تقرير الاستعراض الوطني الطوعي الثاني
قدمت السعودية تقرير الاستعراض الوطني الطوعي الثاني في المنتدى خلال دورته لعام 1444هـ/2023م، والذي رصد منجزات المملكة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة. أظهر التقرير أن السعودية قد أحرزت تقدمًا في أكثر من 50% من مؤشرات التنمية المستدامة. تولت وزارة الاقتصاد والتخطيط مسؤولية إعداد التقرير ورصد المنجزات، بمشاركة نحو 100 جهة، بما في ذلك 38 جهازًا حكوميًا، و25 شركة من القطاع الخاص، و17 منظمة من منظمات القطاع الثالث، و16 منظمة دولية تابعة للأمم المتحدة.
الأطر الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة
تهدف السعودية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مسيرتها التنموية. شاركت في المشاورات الخاصة بأهداف التنمية المستدامة، وواصلت تجديد التزامها خلال مشاركاتها في المحافل الإقليمية والدولية. واستكمالًا لهذه الجهود، صدر الأمر السامي بتكليف وزير الاقتصاد والتخطيط بمتابعة ملف التنمية المستدامة. تعمل وزارة الاقتصاد والتخطيط على وضع الخطط والاستراتيجيات الوطنية وقياس مدى اتساقها مع أهداف التنمية المستدامة، من خلال دورها في التخطيط الاستراتيجي والتنفيذي، وتوفير المعلومات اللازمة من بيانات وإحصاءات ودراسات للجهات ذات العلاقة.
دور وزارة الاقتصاد والتخطيط
عملت وزارة الاقتصاد والتخطيط على مواءمة مؤشرات قياس أداء الأجهزة الحكومية ذات العلاقة مع أهداف التنمية المستدامة، بهدف إيجاد مؤشرات تقيس التقدم المحرز على المستويات المختلفة على مستوى رؤية السعودية 2030، وبرامجها التنفيذية، ومؤشرات الجهات المختلفة. كما عززت الوزارة دور القطاع الخاص في الاستدامة الاقتصادية، من خلال وضع وتفعيل إطار يحفز الشركات الكبرى لتطبيق المعايير الوطنية للاستدامة، وتدشين الجائزة الوطنية لمساهمة القطاع الخاص في التنمية المستدامة، وإنشاء منصة وطنية لتعزيز مساهمة الشركات، وتطوير ودعم الشركات العائلية نحو الاستدامة في أداء الأعمال، وتأهيل الشركات وتحفيزها على تبني المواصفات الدولية الآيزو التابعة لمنظمة التقييس العالمية، وتحفيز صندوق التنمية السعودي والصناديق الوطنية الأخرى لإدراج معايير الإقراض للشركات الوطنية.
وواصلت السعودية جهودها لتحقيق الأهداف العالمية المشتركة، وشُكّلت في 1443هـ/2022م اللجنة التوجيهية للتنمية المستدامة بعضوية 18 جهة حكومية للإشراف على تنفيذ أهداف التنمية المستدامة. كما وقّعت في العام ذاته على إطار عمل الأمم المتحدة للتعاون في مجال التنمية المستدامة 2022 – 2026 لتوطيد الشراكة مع الأمم المتحدة في تحقيق الأهداف.
إسهامات السعودية في مجالات التنمية المستدامة
وفقًا لتقرير التقدم المحرز لأهداف التنمية المستدامة الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء في 2021م، يصبُّ الإنفاق السنوي للمملكة غالبًا في مجالات أهداف التنمية المستدامة الرئيسية، المتمثلة في قطاعات الصحة، والتعليم، والقضايا الاجتماعية والاقتصادية، والبنية التحتية، والتي تشكل نحو 60% من أهداف التنمية المستدامة. ورصد تقرير الاستعراض الوطني الطوعي الثاني في 1444هـ/2023م عددًا من مبادرات دعم التنمية المستدامة في السعودية، منها: مبادرة السعودية الخضراء في مجال العمل المناخي وحماية البيئة، ومبادرة الشرق الأوسط الخضراء، وإطلاق مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون. كما قدم صندوق الاستثمارات العامة دعمًا تمويليًا لمشاريع تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في المملكة. ويعمل برنامج جودة الحياة، أحد برامج رؤية السعودية 2030، على توفير حياة كريمة للسكان، فيما عملت عدة مؤسسات مثل: مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، والعديد من حاضنات ومسرعات الأعمال، على تعزيز التطور التكنولوجي والابتكار.
جهود المملكة في الحماية الاجتماعية والبيئية
في المجال الاجتماعي، أنشأت السعودية منظومة للحماية الاجتماعية، تضمنت برامج التأمين الاجتماعي، وبرامج دعم سوق العمل، لتوفير الدعم للمواطنين في مجالات الصحة، والتقاعد، والتأمين ضد البطالة والإعانات، والسكن، والتعليم، والتوظيف. وفي مجال البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية، اعتمدت زيادة مصادر الطاقة المتجددة إلى 50%، وتوسيع نطاق مشاريعها، واعتماد السيارات الكهربائية، وإنتاج الهيدروجين، وكفاءة الطاقة، إلى جانب تحسينات في مجال المياه النظيفة والصرف الصحي.
وفي النهايه :
تبذل المملكة العربية السعودية جهودًا حثيثة ومتواصلة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وقد حققت بالفعل تقدمًا ملحوظًا في العديد من المجالات. من خلال رؤية 2030 والمبادرات المتنوعة، تسعى المملكة إلى بناء مستقبل مستدام ومزدهر لأجيالها القادمة. يبقى السؤال المطروح: كيف يمكن للمملكة أن تعزز شراكاتها الدولية والإقليمية لتحقيق المزيد من التقدم في مسيرة التنمية المستدامة؟











