مكتبة عارف حكمت: كنز دفين في المدينة المنورة
تعتبر مكتبة عارف حكمت صرحًا ثقافيًا عظيمًا، وهي مكتبة وقفية تحتضن بين جنباتها مخطوطات نادرة ومطبوعات نفيسة تغطي شتى مجالات المعرفة وبلغات متنوعة. تأسست هذه المكتبة على يد أحمد عارف حكمت في عام 1270هـ الموافق 1854م في المدينة المنورة، غربي المملكة العربية السعودية، وتخضع حاليًا لإشراف وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد.
موقع مكتبة عارف حكمت وأهميته التاريخية
تقع مكتبة عارف حكمت بالقرب من المسجد النبوي الشريف في مبنى مستقل بذاته. وفي عام 1371هـ الموافق 1951م، تم هدم المبنى الأصلي للمكتبة ليدخل ضمن التوسعة الجديدة للمسجد النبوي، وتم نقل محتويات المكتبة إلى جناح خاص داخل مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالمدينة المنورة.
الإشراف الإداري على المكتبة عبر التاريخ
في بداية تأسيسها، تولى نور أفندي التركي منصب أمين المكتبة، ثم خلفه عبدالقادر حواري حتى بداية العهد السعودي. وعندما تأسست وزارة الأوقاف السعودية في عام 1380هـ الموافق 1960م، أصبحت المكتبة تحت إشرافها. أما في الوقت الحاضر، فإن وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد هي الجهة المشرفة على المكتبة.
أحداث بارزة في تاريخ مكتبة عارف حكمت
شهدت مكتبة عارف حكمت عدة أحداث تاريخية مهمة، بما في ذلك نقلها إلى إسطنبول خلال الحرب العالمية الأولى، ثم إعادتها مرة أخرى إلى المدينة المنورة بعد انتهاء الحرب. كما تعرضت بعض مخطوطات المكتبة للأسف لعمليات سرقة.
كنوز المعرفة: محتويات مكتبة عارف حكمت
تضاربت الآراء حول العدد الدقيق للكتب والمخطوطات التي تضمها مكتبة عارف حكمت. تشير بعض التقديرات إلى أن المكتبة كانت تحوي حوالي عشرة آلاف كتاب، بينما يرى آخرون أن العدد الإجمالي يبلغ 7045 مجلدًا مطبوعًا، و4373 مخطوطة، بالإضافة إلى 630 من المجاميع.
تقلبات في عدد المخطوطات
يذكر بعض المؤرخين أن عدد المخطوطات في بداية إنشاء المكتبة كان يتجاوز 20 ألف مخطوطة، إلا أن هذا العدد بدأ في التناقص تدريجيًا بسبب السرقات والإهمال. ففي عام 1358هـ الموافق 1939م، بلغ عدد المخطوطات حوالي 19,625 مخطوطة، ثم انخفض إلى 12,250 مخطوطة في عام 1365هـ الموافق 1945م، ووصل إلى تسعة آلاف مخطوطة في عام 1370هـ الموافق 1950م، ولا يتجاوز عددها الآن خمسة آلاف مخطوطة.
نوادر المخطوطات
تحتوي المكتبة على مجموعة من المخطوطات النادرة في مختلف العلوم والفنون، بما في ذلك:
- مخطوطة الأوائل للعسكري، التي كتبت في عام 395هـ الموافق 1004م.
- كتاب الأم للشافعي.
- نسخة من القرآن الكريم مكتوبة بخط أندلسي على رق نعام مذهبة، كتبها عبدالرحمن بن علي بن مكانس البطليموسي عام 488هـ الموافق 1095م.
- نسخة ناقصة من تفسير القرآن الكريم، مكتوبة على رق غزال، تعود إلى عام 310هـ الموافق 922م.
- كتاب المحاضرات للسيوطي، مكتوب بخط المؤلف.
- كتاب ذكر المسافات وصور الأقاليم لأبي زيد البلخي، كتب في القرن الخامس الهجري.
- كتاب أسماء الجبال والبقاع المذكورة في أشعار العرب.
- كتاب الطبقات لابن سلام الجمحي.
وفي النهايه:
تظل مكتبة عارف حكمت شاهدًا على إرث ثقافي عريق ومركزًا هامًا للبحث العلمي والمعرفة، على الرغم من التحديات التي واجهتها عبر التاريخ. فهل ستتمكن الأجيال القادمة من الحفاظ على هذا الكنز الثمين وتنميته؟
