علي قاسم الفيفي: قامة الأدب والقضاء في المملكة العربية السعودية
في رحاب الثقافة والأدب والقضاء السعودي، يبرز اسم علي قاسم الفيفي كأحد العلامات الفارقة. فهو العالم والمؤلف والشاعر الذي جمع بين الأصالة والمعاصرة، وترك بصمة واضحة في كل ميدان خاضه. ولد الفيفي عام 1350هـ (1931م) وتوفي عام 1440هـ (2019م)، قاضي تمييز بمحكمة التمييز في مكة المكرمة، مسيرة حافلة بالعطاء والإنجاز.
النشأة والتحصيل العلمي لعلي الفيفي
ولد علي الفيفي في قرية الرثيد التابعة لمحافظة فيفاء بمنطقة جازان، جنوب غربي المملكة العربية السعودية. بدأ تعليمه في سن مبكرة، حيث التحق بالكتاتيب في عمر السابعة. بعد ذلك، انضم إلى المدرسة السلفية التي أسسها الشيخ عبدالله القرعاوي في فيفاء، ثم انتقل إلى محافظة صامطة للدراسة في المدرسة التي كان يديرها الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي.
تلقى الفيفي العلم على يد عدد من العلماء في الحرم المكي، من بينهم الشيخ عبدالله بن حميد، والشيخ عبدالعزيز بن باز، والسيد علوي المالكي، مما أثرى معارفه ومداركه في مختلف العلوم الشرعية واللغوية.
المسيرة المهنية والقضائية لعلي الفيفي
بدأ علي الفيفي حياته العملية بالتدريس والخطابة في محافظة فيفاء وهو في سن صغيرة، مما يعكس نبوغه المبكر وقدرته على تحمل المسؤولية. في عام 1373هـ (1953م)، عين قاضيًا في محكمة فيفاء، بالإضافة إلى إشرافه على مدارس فيفاء وبني مالك، التي كانت تتبع مدارس الجنوب التي أسسها الشيخ عبدالله القرعاوي.
في عام 1406هـ (1985م)، تقلد الفيفي منصب قاضي تمييز بمحكمة التمييز في مكة المكرمة، ورئيسًا للدائرة الحقوقية الثالثة، حتى أحيل إلى التقاعد عام 1414هـ (1994م). لم ينقطع عن خدمة المجتمع، فاستمر في تقديم الاستشارات القضائية والاجتماعية، وممارسة المحاماة.
إسهامات علي الفيفي الأدبية والشعرية
أثرى علي الفيفي المكتبة العربية بعدد من الدواوين الشعرية، منها “ديوان الطيف العابر” الذي صدر عام 1403هـ (1983م)، ونشرت بعض قصائده في الصحف والمجلات البارزة، مثل جريدة أم القرى، وصوت الحجاز، والمنهل. كما أصدر “ديوان ومض الخاطر” عام 1413هـ (1993م)، و”ديوان باقة شعر وإشعاع فكر” عام 1421هـ (2000م).
مؤلفات علي الفيفي الأخرى
بالإضافة إلى دواوينه الشعرية، ألف علي الفيفي “باقة من التراث الشعبي في فيفا”، و”تقويم زراعي لفيفا وما جاورها”، وترك مؤلفات مخطوطة عن فيفاء، منها “فيفا الأمس واليوم”، و”الحكم القبلي في فيفا قبل العهد السعودي”، والتي تعكس اهتمامه بتاريخ وتراث منطقته.
شارك الفيفي في العديد من الفعاليات الأدبية والأمسيات الشعرية في الأندية الأدبية بمكة المكرمة، وأبها، وجازان، والطائف. كما نشر رسائل قصيرة وكتابات اجتماعية وأدبية وتاريخية في عدد من الصحف والمجلات، مما يدل على غزارة إنتاجه وتنوع اهتماماته.
وفي النهايه:
علي قاسم الفيفي، العالم والقاضي والشاعر، يمثل نموذجًا فريدًا للمثقف الموسوعي الذي جمع بين العلم والقضاء والأدب. ترك إرثًا غنيًا من المؤلفات والدواوين الشعرية التي تعكس عمق فكره وسعة اطلاعه. مسيرته الحافلة بالإنجازات تثير التساؤل: كيف يمكن للأجيال القادمة أن تستلهم من هذا النموذج الفريد لتحقيق التوازن بين العلم والقيم والإبداع؟ هذا ما يجب على الباحثين والمثقفين العمل عليه لإبراز قيمة هذا الرجل الفذ.











