عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود

الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (1293هـ/1877م – 1373هـ/1953م)، هو القائد الملهم والمؤسس العظيم الذي وحّد أرجاء الجزيرة العربية تحت راية التوحيد، ليؤسس بذلك المملكة العربية السعودية، ويصبح أول ملوكها. تميز بألقاب عديدة تعكس عظمته ودوره التاريخي، كالسلطان، وابن سعود، والمعزّي، وكنيته الشهيرة أبو تركي.

تولى الملك عبد العزيز زمام الحكم في ريعان شبابه، وأمضى ما يناهز 54 عامًا في قيادة البلاد، مسجلًا بذلك أطول فترة حكم في تاريخ الدولة السعودية.

نسب الملك عبد العزيز

• نسبه الشريف: المؤسس هو عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع المريدي، الذي يرجع نسبه إلى بني حنيفة من بكر بن وائل من ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.
• الوالدان الكريمان: والده هو الإمام عبد الرحمن، الابن الرابع للإمام فيصل بن تركي، الذي يُعد من أبرز أئمة الدولة السعودية الثانية. أما والدته فهي الأميرة سارة بنت أحمد السديري.
• للملك عبد العزيز ثمانية إخوة، وهم: محمد، سعود، عبد الله، أحمد، مساعد، سعد (الثاني)، عبد المحسن، إضافة إلى أخ شقيق استشهد في معركة كنزان، واسمه سعد.
• جذور تاريخية عريقة: تعود أصول الملك عبد العزيز إلى الأسرة الحاكمة التي أسست وحكمت الدولتين السعوديتين الأولى والثانية على مدى ثلاثة قرون. يرجع استقرار أسرة آل سعود في الدرعية إلى منتصف القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي)، عندما انتقل الأمير مانع المريدي، الجد الثاني عشر للملك عبد العزيز، مع جماعته من شرق الجزيرة العربية إلى وسطها، واستقروا في وادي حنيفة في منطقة اليمامة، وأسسوا مدينة الدرعية على ضفافه.

تُعتبر الدرعية النواة التي انطلقت منها الدولة السعودية الأولى، على يد الإمام محمد بن سعود في منتصف عام 1139هـ الموافق 22 فبراير 1727م، الذي جعلها عاصمة لدولته الحديثة.

مولد الملك عبد العزيز ونشأته المباركة

• الميلاد والتربية: وُلد الملك عبد العزيز في 19 ذي الحجة 1293هـ الموافق 4 يناير 1877م، في مدينة الرياض، التي كانت عاصمة الدولة السعودية الثانية. نشأ وترعرع في كنف والده الإمام عبد الرحمن بن فيصل، ووالدته الأميرة سارة السديري.
• التعليم والتكوين: تلقى تعليمه في سن مبكرة، حيث تعلم القراءة والكتابة والقرآن الكريم في سن السابعة، وفي سن العاشرة بدأ في دراسة العلوم الشرعية واللغة العربية. إضافة إلى ذلك، أتقن مهارات الفروسية وركوب الخيل.
• المشاركة السياسية المبكرة: شهد الملك عبد العزيز فترة من الاضطرابات الداخلية خلال حكم والده، وكان له دور فاعل ومساهمة قيمة في المفاوضات التي جرت خلال تلك الفترة، على الرغم من صغر سنه الذي لم يتجاوز الخامسة عشرة.
• التنقل مع والده: بعد سقوط الدولة السعودية الثانية في عام 1309هـ الموافق 1891م، غادر الملك عبد العزيز الرياض وهو في سن السادسة عشرة، وتنقّل مع والده وعائلته في الصحراء بين قطر والبحرين والأحساء، في مناطق قبائل آل مرة والعجمان. كان والده الإمام عبد الرحمن يعتمد عليه في مراسلاته السياسية، لما يتمتع به من ذكاء وفطنة.
• الإقامة في الكويت: انتقل الإمام عبد الرحمن إلى قطر ثم إلى الكويت في بداية عام 1311هـ الموافق 1893م، حيث استقرت عائلته. اكتسب الملك عبد العزيز خبرة واسعة في الصحراء نتيجة للتنقلات المستمرة والأحداث المتلاحقة التي واكبت مسيرة عائلته، كما ازدادت معرفته بطباع البادية وجغرافيا المنطقة، بما في ذلك الطرق والموارد والأوضاع الإدارية للمناطق المحيطة.

حياة الملك عبد العزيز في الكويت

• فترة الإقامة: بعد مرور عام 1311هـ الموافق 1893م، أقامت أسرة الإمام عبد الرحمن في الكويت، حيث أمضى الملك عبد العزيز فترة من حياته دامت تسعة أعوام.
• الاستعداد للعودة: بقي الملك عبد العزيز على اطلاع بالتطورات السياسية والأحوال العامة في نجد عن طريق التجار والعلماء النجديين القادمين إلى الكويت، يتحيّن الفرصة المناسبة للعودة إلى الرياض واستعادة حكم الدولة السعودية.
• الزواج: في سن التاسعة عشرة، عقد قرانه على شابة من البادية، إلا أنها فارقت الحياة بعد مرور ستة أشهر فقط. ثم تزوج بعدها وضحاء بنت محمد بن برغش من آل عريعر، ورزق منها بابنه الأكبر تركي، ثم سعود، الذي أصبح فيما بعد ثاني ملوك المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى ابنته منيرة.
• الخبرة السياسية: شهد الملك عبد العزيز خلال إقامته في الكويت عديدًا من الأحداث المحلية والعالمية، أسهمت في إثراء خبرته السياسية، واستفاد من خبرة والده وتوجيهاته، وتشجيع أخته الكبرى نورة.

المهام الأولى في حياة الملك عبد العزيز

• معركة الصريف: كان أول عمل عسكري للملك عبد العزيز المشاركة مع والده الإمام عبد الرحمن والشيخ مبارك الصباح لمواجهة ابن رشيد في معركة الصريف في 26 ذي القعدة 1318هـ/17 مارس 1901م.
• محاولة استعادة الرياض: قبل الوصول إلى الصريف، انفرد الملك عبد العزيز بقوة قُدّرت بـ 1000 مقاتل، متجهًا بها نحو الرياض في خطة لاستعادة الحكم. حاصر حامية ابن رشيد لمدة 40 يومًا، ثم اضطر إلى فك الحصار ومغادرة الرياض بعد وصول أخبار عن معركة الصريف.

مرحلة استعادة الرياض

• التخطيط: بدأت أحداث استعادة الرياض بإصرار الملك عبد العزيز على والده بإعادة المحاولة والتحرك نحو الرياض.
• الموافقة والإعداد: وافق الإمام عبد الرحمن على خروج ابنه، وأمدّه بعتاد بسيط. جمع الملك عبد العزيز رجاله من أسرته وأتباعه المقربين وعددهم 40 رجلًا، وخرج من الكويت في ربيع الآخر 1319هـ/يوليو 1901م.
• الطريق إلى الرياض: سار الملك عبد العزيز من الكويت قاصدًا العُيينة شمالي الأحساء، وفي أثناء مسيرته أغار على عدد من القبائل الموالية لابن رشيد، وحقق انتصارات متتالية، ما جعله يجمع حوله نحو 1400 مقاتل.
• تأجيل الدخول: بعد الوصول إلى حفر العتك، أرسل طلائع إلى الرياض لمعرفة إمكانية مهاجمتها، وبقي في انتظارهم حتى عادوا إليه بأخبار تُفيد بعدم مناسبة الوقت للتقدم إلى الرياض.
• المناوشات القبلية: في تلك الحقبة، لم يعمد الملك عبد العزيز إلى اقتحام الرياض مباشرة، بل وجّه جهوده نحو المناطق القبلية في بوادي نجد التي كانت تدين بالولاء لابن رشيد. حقق انتصارات متتالية في معاركه مع هذه القبائل، مُعدًّا بذلك رجاله لخوض معركة استعادة الرياض. كما سعى من خلال هذه التحركات إلى استكشاف مدى إمكانية المناورة في المناطق الخاضعة للنفوذ العثماني آنذاك، وتحديدًا في جهة الأحساء.
• العودة إلى الأحساء: عاد الملك عبد العزيز برجاله إلى الأحساء وغيّر مسار عودته. بقي في الأحساء نحو أربعة أيام، ثم تحرك نحو الغرب وشنّ غارة أخرى على بعض القبائل في بادية سدير، واتجه إلى بنبان قرب الرياض، ما زاد من عدد رجاله إلى نحو 2,100 مقاتل.
• التضييق العثماني: كان ابن رشيد حليفًا للدولة العثمانية في الأحساء، فطلب منهم التضييق على الملك عبد العزيز ورجاله، ومنعهم من التموّن والإقامة في الأحساء، ما اضطر الملك عبد العزيز إلى التحرك جنوبًا نحو حرض، وانفضّ من حوله بعض المقاتلين.
• خطة التخفي: لم يبق مع الملك عبد العزيز سوى 40 فردًا الذين خرجوا معه من الكويت،و23 فردًا ممن انضموا له، توجه بهم متخفيًا عن الأنظار نحو يبرين ورسم هناك خطّة التخفّي، وتزوّد ورجاله بالمؤونة.
• الاستعداد النهائي: اشتدت الضغوط على الملك عبد العزيز جرّاء قطع التموين عنه ومراقبة تحركاته، فاتخذ قرار التخفي التام، واتجه بهم إلى رمال الجافورة شمال صحراء الربع الخالي، وهي منطقة غير مأهولة بالسكان، وذات طبيعة صعبة، وكان يهدف إلى التخفي عن الأنظار والتجهيز للزحف إلى الرياض، معتمدًا على ما ترسخ في ذاكرته من حياته المبكرة، عندما تنقّل مع والده في صحراء الربع الخالي.
• الإقامة في الجافورة: أقام الملك عبد العزيز ورجاله في رمال الجافورة 50 يومًا، في ظروف مناخية قاسية، من مطلع شعبان إلى 20 رمضان 1319هـ/ نوفمبر- ديسمبر 1901م.

مبايعة الملك عبد العزيز حاكمًا على الدولة

• بناء سور الرياض: بعد دخول قصر المصمك وإعلان استعادة حكم آل سعود، بدأ الملك عبد العزيز في بناء سور مدينة الرياض الذي هُدم في وقت سابق واستمر بناؤه نحو 40 يومًا.
• طلب المدد: أرسل الملك عبد العزيز أحد رجاله وهو ناصر بن سعود إلى الكويت، ليحمل خبر انتصار الملك عبد العزيز إلى والده الإمام عبد الرحمن والشيخ مبارك الصباح، ويطلب منه المدد.
• عودة الإمام عبد الرحمن: حضر الإمام عبد الرحمن من الكويت بمعيّة الأسرة السعودية، وأبلغه الملك عبد العزيز بأن الإمارة له، وأنه سيكون جنديًا في خدمته، لكن الوالد رفض أن تكون له الإمارة.
• قبول الإمارة: بعد تدخّل العلماء وأهل الرأي من خاصته، قَبِل الملك عبد العزيز الإمارة، على شرط أن يكون للأب الإشراف الدائم على عمله وإرشاده متى لزم الأمر.
• تسليم الحكم: في 1320هـ/1902م تسلّم الملك عبد العزيز الحكم على مشهد من الناس، وأعلن حينها الوالد تنازله عن الحكم، وأهدى إلى الملك عبد العزيز سيف الإمام سعود الكبير ثالث أئمة الدولة السعودية الأولى.

بداية مسيرة التوحيد بقيادة الملك عبد العزيز

انطلقت شرارة توحيد المملكة العربية السعودية بعد استعادة الرياض عام 1319هـ، حيث بدأ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود مسيرته الطويلة نحو لمّ شتات الجزيرة العربية. وخلال أكثر من ثلاثة عقود، قاد جهودًا جبّارة أعادت الأمن والاستقرار إلى مناطق مترامية، ممهّدًا الطريق لوحدة وطنية متينة أصبحت حجر الأساس لقيام المملكة.

• تنامي الأثر السياسي للملك المؤسس: لم يقتصر دور الملك عبد العزيز على الجانب العسكري فقط، بل تجاوز ذلك إلى التأثير السياسي الإقليمي والدولي. فقد أصبح محط أنظار المؤرخين والمحللين، الذين رأوا فيه قائدًا يتمتع برؤية بعيدة وبراعة سياسية أكسبته مكانة بارزة بين قادة عصره.
• خطوات محسوبة نحو الوحدة: عقب إعلان الحكم السعودي، بادرت قبائل ومناطق مثل الخرج والحريق والحوطة والأفلاج ووادي الدواسر إلى مبايعة الملك عبد العزيز، مؤكدين ولاءهم المطلق لحكمه. هذه الخطوات كانت جزءًا من خطة مدروسة لبناء كيان موحد ومستقر.
• معركة الدلم: بداية التحولات العسكرية: في عام 1320هـ (1903م)، خاض الملك عبد العزيز معركة مصيرية في الدلم ضد قوات ابن رشيد. كان الانتصار في هذه المعركة نقطة تحول فتحت الباب أمام حملات توسعية لاحقة، وأضعفت النفوذ المعارض في المنطقة.
• التوسع شمالًا وبسط السيطرة على سدير: بدافع النصر في الدلم، توسع الملك شمالًا عام 1321هـ (1904م) نحو المحمل، الشعيب، شقراء، الوشم، وثرمداء حتى تمكّن من فرض سيطرته على منطقة سدير.
• السيطرة على القصيم: محطة استراتيجية: كانت منطقة القصيم هدفًا مهمًا، وتمكن الملك عبد العزيز من نيل ولاء أمراء بريدة من آل مهنا، وأمراء عنيزة من آل سليم، الذين انضموا إليه من الكويت. وفي العام 1322هـ (1904م)، حاصر بريدة وضم عنيزة، مما مهّد لسيطرته على كامل القصيم.
• معركتا البكيرية والشنانة: الثبات على الهدف: رغم دعم الدولة العثمانية لابن رشيد، استطاع الملك عبد العزيز مواجهة خصومه في معركتي البكيرية والشنانة عام 1322هـ، حيث طبّق استراتيجية عسكرية ذكية انتهت بانتصاره في الشنانة.
• مقتل ابن رشيد ونهاية الصراع في القصيم: شهد عام 1324هـ (1906م) معركة روضة مهنا، حيث لقي ابن رشيد مصرعه على يد قوات الملك عبد العزيز، الأمر الذي أنهى مرحلة من النزاعات وأدى إلى صلح مع خلفه متعب بن رشيد، لتدخل القصيم تحت حكم آل سعود بالكامل.
• التوجه شرقًا وضم الأحساء: سعى الملك عبد العزيز إلى تأمين منفذ بحري عبر السيطرة على الأحساء. وفي عام 1331هـ (1913م)، نجح رجاله في دخول الكوت والسيطرة على الأحساء دون مقاومة تذكر، بعد انسحاب العثمانيين.
• عسير: من التوتر إلى الاستقرار: استجاب الملك عبد العزيز لمطالب القبائل بإنهاء حكم آل عائض في عسير، وبعد رفضهم أوامره، قاد الأمير عبد العزيز بن مساعد حملة انتهت بمعركة حجلا عام 1338هـ (1920م) وضم أبها. ثم أُعيدت عسير لحكم الدولة عام 1340هـ (1922م) على يد الأمير فيصل بن عبد العزيز.
• حائل: مفاوضات انتهت بحسم عسكري: بعد سنوات من محاولات التهدئة مع آل رشيد، قاد الملك عبد العزيز حملة انتهت بحصار حائل مطلع عام 1340هـ (1922م)، حيث استسلمت المدينة وأُلحقت بالدولة.
• الحجاز: نحو التوحيد الكامل: في عام 1337هـ (1919م)، دعم الملك عبد العزيز خالد بن لؤي ضد الشريف حسين في معركة تُربة، وأحرز انتصارًا باهرًا. ثم تابع الزحف نحو الحجاز، وضم الطائف ومكة المكرمة في عام 1343هـ (1924م)، بعد مؤتمر الرياض إثر منع أهالي نجد من الحج.
• اتفاقية جدة وتوحيد الحجاز: بعد دخول مكة، تابع الملك عبد العزيز حملته حتى ضم المدينة المنورة، ثم مدينة جدة بعد حصار طويل. وبتوقيع اتفاقية جدة عام 1344هـ (1925م)، اكتمل توحيد الحجاز.
• البيعة التاريخية: ملك الحجاز وسلطان نجد: في 7 يناير 1926م، الموافق 23 جمادى الآخرة 1344هـ، بويع الملك عبد العزيز في المسجد الحرام ملكًا على الحجاز وسلطانًا على نجد، ليصبح الحاكم الفعلي لمعظم أرجاء الجزيرة العربية.
• جازان وتهامة: استكمال التوحيد: بموجب معاهدة مكة المكرمة عام 1345هـ (1926م)، خضعت جازان وتهامة لحماية الملك عبد العزيز. وبعد سنوات من الدعم، تنازل الحسن الإدريسي رسميًا عن الحكم عام 1349هـ (1930م)، لتكتمل بذلك وحدة المملكة العربية السعودية تحت راية المؤسس.

تحديد إدارة المقاطعات

• التقسيم الإداري: أراد الملك عبد العزيز تقسيمًا إداريًّا لأقاليم الدولة الممتدة الأطراف، إذ كان ذلك متطلبًا أمنيًا، لظروف البيئة وصعوبة المواصلات والتوزيع السكاني.
• مفتشية الحدود: أقرّ الملك عبد العزيز تقسيم المنطقة الشمالية من المملكة إلى: مفتشية الحدود الغربية، ومفتشية الحدود الشمالية.
• المقاطعات الرئيسة: كانت المقاطعات الرئيسة قبل انضمام الحجاز، هي: نجد والقصيم والأحساء ومنطقة عسير وحائل ثم جيزان ونجران وحائل.
• هيئات التفتيش: كان الملك عبد العزيز يبعث هيئات تفتيش إلى مختلف المناطق، ويطلع مباشرة على إنجازات الدولة الإدارية مع النائب العام في نهاية كل عام.
• الأمراء: عيّن الملك عبد العزيز أمراء على المقاطعات بلغ عددهم 64 أميرًا، لكل منهم حرية التصرّف في شؤون إمارته وفقًا لما يراه مناسبًا للعادات والعُرف السائد، ما لم يرد في ذلك تعليمات من الملك.
• نظام الأمراء والمجالس الإدارية: صدر نظام الأمراء والمجالس الإدارية في 13 محرم 1359 هـ/22 فبراير 1940م، الذي حدّد صلاحيات ومسؤوليات أمراء المقاطعات والمجالس الإدارية.

ولاية العهد

• الأمير سعود: كان الملك عبد العزيز يُعيّن ابنه الأكبر الأمير سعود على إدارة شؤون نجد في أوقات خروجه منها، كما كان يُشركه معه في معارك توحيد البلاد، ويسلمه قيادة الجيش في بعض المعارك.
• مرسوم ملكي: بعد اقتراح من مجلسي الوكلاء والشورى للملك عبد العزيز بتعيينه على منصب ولي العهد، أصدر الملك عبد العزيز مرسومًا ملكيًّا بالموافقة.
• البيعة: بُويع الأمير سعود وليًّا للعهد في 27 محرم 1352هـ/22 مايو 1933م، كما أُسندت إليه قيادة القوات المسلحة في 15 ذي الحجة 1372هـ/24 أغسطس 1953م.

النائب العام في الحجاز

• استحداث منصب: استحدث الملك عبد العزيز منصبًا في دولته الحديثة عندما ضم منطقة الحجاز إلى حكمه، اتباعًا للتنظيم الحكومي الذي كان سائدًا في منطقة الحجاز آنذاك.
• الأمير فيصل: عيّن الملك عبد العزيز ابنه الأمير فيصل رئيسًا لحكومة الحجاز ومرجعًا لدوائرها الرسمية باسم النائب العام لجلالة الملك، في 28 جمادى الآخرة 1344هـ/13 يناير 1926م.
• مهام الأمير فيصل: كان الأمير فيصل قبل ذلك مشاركًا في عدد من السرايا والحملات، كما تولى مسؤولية عديد من المهام السياسية الداخلية.

العلاقات الخارجية للمملكة العربية السعودية

الزيارات الخارجية

زار الملك عبد العزيز عددًا من الدول منذ توليه حكم نجد في مرحلة توحيد المملكة، كانت أولاها زيارة إلى دولة الكويت في محرم 1335هـ/نوفمبر 1916م، وفي العام نفسه ذهب إلى البصرة في دولة العراق لمقابلة المسؤولين البريطانيين، ثم عاد إلى العراق في 23 رمضان 1348هـ/22 فبراير 1930م، للقاء الملك فيصل بن الحسين ملك العراق حينذاك،

وفي اليوم التالي اتجه إلى دولة البحرين للقاء الشيخ عيسى بن خليفة أمير البحرين، وبعد عشر سنوات عاد إلى البحرين في 12 ربيع الأول 1358هـ/2 مايو 1939م، والتقى بالشيخ حمد بن عيسى.

لقاءات تاريخية

سافر الملك عبد العزيز إلى دولة مصر في 2 ربيع الأول 1364هـ/14 فبراير 1945م، لمقابلة الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت على ظهر الطراد الأمريكي كوينسي في البحيرات المرة في قناة السويس، وبعد يومين في 4 ربيع الأول/16 فبراير التقى الملك فاروق ملك مصر، والرئيس شكري القوتلي رئيس دولة سوريا في فندق الأوبرج على بحيرة قارون في الفيّوم،

وفي اليوم التالي 5 ربيع الأول/ 17 فبراير التقى رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل ووزير خارجيته إيدن في فندق الأوبرج على بحيرة قارون، وسافر في العام التالي 7 صفر 1365هـ/10 يناير 1946م في زيارة رسمية لمقابلة الملك فاروق.

علاقات المملكة العربية السعودية الخارجية

• الأوضاع العالمية: تزامن توحيد المملكة مع جملة من الأحداث العالمية البارزة، وفي مقدمتها الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، التي أعلن خلالها الملك عبد العزيز التزامه بمبدأ الحياد.
• أسس القانون الدولي: تمكن الملك عبد العزيز من الحفاظ على استقلال وسيادة المملكة، واستطاع، من خلال الاستفادة من مبدأي الرضا والتنازل المتبادل المنبثقين من القانون الدولي، إبرام نحو 20 اتفاقية لترسيم الحدود وإقامة علاقات حسن الجوار مع الدول المتاخمة للمملكة.
• نهج الملك عبد العزيز السياسي: ارتكزت سياسة الملك عبد العزيز الخارجية على إعطاء الأولوية لبناء علاقات وطيدة مع دول الجوار وتثبيت الحدود معها عبر إيجاد تسويات عادلة.
• مؤتمر العقير: كانت أولى اتفاقيات الحدود تلك التي أُبرمت مع دولة الكويت في الشمال الشرقي، وقد انعقد من أجل ذلك مؤتمر العقير برئاسة المندوب السامي البريطاني في العراق، بيرسي كوكس، الذي تم اختياره من قِبل السعودية والكويت للتحكيم بينهما، وأسفر المؤتمر عن اتفاقية لتعيين الحدود بين البلدين، وُقعت في 13 ربيع الآخر 1341هـ الموافق 2 ديسمبر 1922م.
• تسوية المسائل الحدودية: اشتملت اتفاقية العقير على بند يقضي بإنهاء المشكلات الحدودية بين نجد والعراق، وتحديد منطقة محايدة بينهما، يُسمح فيها لقبائل الطرفين بالرعي بحرية، مع منع كلا الطرفين من إقامة أي مخافر أو مبانٍ على طول الحدود الفاصلة بينهما.
• اتفاقية بحرة: وجه الملك عبد العزيز خطابًا إلى حكومة العراق والمندوب السامي البريطاني، مطالبًا بوضع حد لغارات القبائل على قبائل وقوافل تجارية تابعة له، الأمر الذي استدعى الحكومة البريطانية للدعوة إلى عقد مؤتمر في الكويت، إلا أن الطرفين لم يتمكنا من التوصل إلى اتفاق في ذلك المؤتمر.
• اتفاقية حدة: تم عقد اتفاقية بحرة في 14 ربيع الآخر 1344هـ الموافق 31 أكتوبر 1925م، ووقع عليها الملك عبد العزيز ممثلًا لبلاده، وجلبرت كلايتون مفوضًا عن الحكومة البريطانية ونائبًا عن الحكومة العراقية، وفي اليوم التالي، عُقدت اتفاقية حدة لتعيين الحدود بين الأردن والسعودية، ونيابة عن الأردن، قامت الحكومة البريطانية بالتوقيع عليها.
• معاهدة الطائف: بعد سلسلة من المعارك الحدودية مع الحكومة اليمنية في جنوب الجزيرة العربية آنذاك، وصل وفد إلى الحجاز يضم عددًا من ممثلي الدول العربية، والتقوا بالملك عبد العزيز وعرضوا عليه الصلح، فوافق على ذلك، وأُمرت قوات الطرفين بوقف القتال في جميع الجبهات، وتم عقد معاهدة الطائف بين الوفدين اليمني والسعودي برئاسة الأمير خالد بن عبد العزيز في 6 صفر 1353هـ الموافق 20 مايو 1934م.
• تحديد النطاق البحري: باعتبار المملكة دولة ساحلية تطل على شاطئين في طرفيها الشرقي والغربي، وهما الخليج العربي والبحر الأحمر، فإنها تخضع للقانون الدولي المتعلق بتحديد مدى امتداد البحار الإقليمية، وهو الأمر الذي تصدر بشأنه كل دولة تشريعات خاصة بها وبشكل منفرد، حيث لا يوجد قانون موحد ينظم امتداد البحار الإقليمية لأي دولة.
• مرسوم ملكي: أصدر الملك عبد العزيز بناءً على ذلك مرسومًا ملكيًا في 1 شعبان 1368هـ الموافق 28 مايو 1949م، يقضي باعتماد امتداد المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية بـ 12 ميلًا بحريًا، وامتداد المنطقة المتاخمة بستة أميال بحرية، مما يعني بسط سيادة المملكة على كامل بحرها الإقليمي بما في ذلك المجال الجوي الذي يعلوه، وقاع البحر وباطن أرضه.

معاهدات الصداقة الدولية

• بريطانيا: معاهدة دارين 18 صفر 1334هـ الموافق 26 ديسمبر 1915م.
• ألمانيا: 16 ذو القعدة 1347هـ الموافق 26 أبريل 1929م.
• تركيا: 27 صفر 1348هـ الموافق 3 أغسطس 1929م.
• إيران: 18 ربيع الأول 1348هـ الموافق 24 أغسطس 1929م.
• العراق: 20 ذو القعدة 1349هـ الموافق 7 أبريل 1931م.
• إيطاليا: 3 شوال 1350 هـ الموافق 10 فبراير 1932م.
• الأردن: 5 ربيع الآخر 1352 هـ الموافق 27 يوليو 1933م.
• أفغانستان: 1 ذو الحجة 1352 هـ الموافق 17 مارس 1934م.
• باكستان: 25 صفر 1371هـ الموافق 25 نوفمبر 1951م.
• الصين: 22 ذو الحجة 1365هـ الموافق 15 نوفمبر 1946م.
• فرنسا: 29 جمادى الآخرة 1350 هـ الموافق 10 نوفمبر 1931م.
• الكويت: 4 ربيع الآخر 1361 هـ الموافق 20 أبريل 1942م.
• مصر: 16 صفر 1355 هـ الموافق 7 مايو 1936م.
• اليمن: 5 شعبان 1350هـ الموافق 16 ديسمبر 1931م.

إنشاء وزارة الخارجية

• إدارة الشؤون الخارجية:قبل ضم إقليم الحجاز، كان الملك عبد العزيز يتولى بنفسه إدارة الشؤون الخارجية، حيث كان يراسل الحكومات ويتلقى ردودها، أو يشرف على المراسلات الخارجية مستعينًا ببعض رجاله ذوي الخبرة والكفاءة في هذا المجال.
• مديرية الشؤون الخارجية: بعد إخضاع الحجاز لحكمه في ربيع الأول 1344هـ الموافق 1926م، باشر الملك المؤسس في إقامة علاقات دولية مع الدول الأجنبية وفقًا للقوانين الدولية المعمول بها آنذاك، وعلى إثر ذلك، أُنشئت مديرية الشؤون الخارجية، وعُين عبد الله الدملوجي مديرًا لها، واستمرت في أداء مهامها حتى صدر أمر ملكي في رجب 1349هـ الموافق ديسمبر 1930م بتحويلها إلى وزارة، وتعيين الأمير فيصل، الابن الثاني للملك المؤسس، وزيرًا لها، وفؤاد حمزة وكيلًا لها، لتكون بذلك أول وزارة يتم استحداثها رسميًا في حكومة المملكة.

السياسة الداخلية للملك عبد العزيز: الأسس والمبادئ

• شعار المملكة: في عام 1351هـ/1932م، كان اختيار شعار المملكة المكون من السيفين والنخلة والعلم الأخضر، تعزيزًا للمشاعر الإيجابية التي نمت نتيجة لحاجة السكان الماسة إلى الأمن والاستقرار.
• المشاريع والإنجازات: بقيادة الملك عبد العزيز، وبفضل شجاعته وحكمته وإحساسه العالي بالمسؤولية، تم تنفيذ العديد من المشاريع والإنجازات. في مقدمة هذه الأعمال، يبرز توطين القبائل ونشر التعليم، بالإضافة إلى الاهتمام البالغ بالحرمين الشريفين، وتوفير كل ما يلزم لخدمة الحجاج والمعتمرين، وترسيخ الأمن في طرق الحج. كما أولى اهتمامًا خاصًا بالمشاعر المقدسة، وأمر بإنشاء طريق يربط بين جدة ومكة المكرمة، وتوسعة الحرمين الشريفين، وتوفير المياه العذبة لهما.

الوحدة الوطنية وتوطين البادية

1. مشروع التوطين: تُعد الوحدة الوطنية من الإنجازات الاجتماعية الكبرى التي حرص الملك عبد العزيز على تحقيقها. وضمن هذا المشروع، كان هناك مشروع التوطين وإنشاء الهِجر، الذي أسفر عن استقرار عدد كبير من القبائل والبدو الرحل، ومشاركتهم الفعالة في الحياة الاجتماعية، وإسهامهم مع إخوانهم في المدن والتجمعات الحضرية في توحيد المملكة وتنميتها.
2. سياسة واضحة: وضع الملك عبد العزيز سياسة واضحة المعالم لتحقيق هذا المشروع، بدأت بتحديد الأماكن التي توجد بها آبار المياه الصالحة للاستقرار وتخصيصها للقبائل، وتقديم المساعدة لهم في بناء المساجد والمنازل، وإرسال العلماء والمرشدين لتعليم أبناء القبائل في الهجر القرآن الكريم وأساسيات العلوم الشرعية.
3. تطور الهجر: تحولت الهجر إلى مراكز حضارية نابضة بالحياة والنشاط، خاصة في المجال الزراعي، حيث اتجه سكانها إلى الزراعة والاستقرار. انتشرت التجمعات السكانية الحديثة في أنحاء المملكة، في مناطق كانت تعاني من نقص في السكان المستقرين. يُقدر عدد الهجر التي أنشأها الملك عبد العزيز بنحو 200 هجرة، والتي توسعت فيما بعد لتصبح مدنًا صغيرة تتوفر فيها جميع الخدمات الحضارية وتنعم بالأمن والأمان.

تنظيم شؤون القضاء

• العدالة والمساواة: منذ دخول الملك عبد العزيز مدينة الرياض وتأسيس دولته الحديثة، أولى اهتمامًا كبيرًا بتطبيق العدالة والمساواة في جميع المناطق الخاضعة لحكمه، وذلك من خلال تطبيق القانون على الجميع دون تمييز، وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية المستمدة من كتاب الله وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
• القضاء في نجد وملحقاتها: في نجد وملحقاتها، تم تفويض القضاء إلى قضاة مستقلين في المدن الرئيسية، بحيث يكون لكل مدينة قاض ينظر في جميع القضايا والأحداث التي تقع في مدينته والمناطق المجاورة لها.
• رئاسة القضاة في الحجاز: وضع الملك عبد العزيز الأساس لتأسيس القضاء السعودي، وأنشأ رئاسة قضاة موحدة في الحجاز بمكة المكرمة في 24 رجب 1344 هـ/7 فبراير 1926م، وتتمثل مهمتها في الإشراف على قضاء محاكم الحجاز والجهات التابعة لها.
• المحاكم في إقليم الحجاز: في إقليم الحجاز، أصدر مرسومًا ملكيًّا بإنشاء المحاكم في 21 صفر 1346هـ/20 أغسطس 1927م، وتقسيمها إلى ثلاث درجات: محاكم الأمور المستعجلة (المحاكم الجزئية)، والمحاكم الكبرى، والمحاكم الملحقة، التي تعتبر محاكم عامة، بالإضافة إلى هيئة المراقبة القضائية. وإلى جانب هذه المحاكم، يوجد المجلس التجاري، الذي يعمل بمثابة محكمة متخصصة للنظر في القضايا التجارية.

اهتمام الملك عبد العزيز بالتعليم

• تقدير العلماء: منذ بداية مسيرته لتوحيد المملكة، اهتم الملك عبد العزيز بالجانب العلمي، وكان يجلّ العلماء ويحرص على وجودهم في مجلسه في معظم الأوقات، سواء في الحضر أو السفر، بل كان يصطحب بعضهم في تحركاته العسكرية.تطوير التعليم:من مظاهر اهتمامه بالعلم، إشرافه المباشر على تطوير التعليم، وجعله مجانيًّا للجميع، وتخصيص مكافآت مالية مجزية لطلاب بعض المدارس والمعاهد والكليات.
• مديرية المعارف العامة: تأسست مديرية المعارف العامة في عام 1344هـ/1925م، لتكون الجهاز التنظيمي لتطوير التعليم والتوسع في مجالاته، ونتيجة لذلك، تم إنشاء المدارس الحكومية في معظم أنحاء البلاد.
• المعهد العلمي السعودي: في عام 1926 ميلاديًا الموافق لعام 1345 هجريًا، تم افتتاح المعهد العلمي السعودي سعيًا لتأهيل معلمين قادرين على تدريس كل من المرحلة الابتدائية والمرحلة الأولية.
• الابتعاث الخارجي: إيمانًا منه بأهمية تعليم أبناء شعبه وتطويرهم في مختلف العلوم حول العالم، واستعدادهم لتلقي العلوم والمعارف، أطلق الملك عبد العزيز فكرة الابتعاث الخارجي في عام 1346هـ/1927م، حيث أرسلت أولى البعثات للدراسة في مصر، وبعد ثماني سنوات، خصصت لها مدرسة تحضير البعثات عام 1354هـ/1935م.
• المدارس المتخصصة :بعد ذلك، انتشرت المدارس على نطاق واسع، وافتُتحت مدارس متخصصة منها دار التوحيد في الطائف عام 1364هـ/1945م، والتي تخصصت في تدريس علوم الدين وفروعه واللغة العربية، ثم افتتح المعهد العلمي في الرياض، ومدارس أخرى ذات تخصصات علمية وعسكرية.
• التعليم الجامعي: التعليم العالي: تأسست أول لبنة في صرح التعليم الجامعي بالمملكة بإنشاء كلية الشريعة في مكة المكرمة عام 1369هـ الموافق 1950م، وبعد ذلك تم إنشاء كلية الشريعة في الرياض عام 1373هـ الموافق 1954م.

الاهتمام بالصحة في عهد الملك عبد العزيز

• المستوصفات والمراكز الصحية: اعتنى الملك عبد العزيز بالصحة وأسس المستوصفات والمراكز الصحية في أنحاء المملكة.
• مصلحة الصحة العامة: في عام 1344هـ/1925م، أنشئت مصلحة الصحة العامة، وكانت تختص بالإشراف على تنظيم الشؤون الصحية في داخل البلاد وتطويرها.
• المرافق الطبية والفرق الطبية: أُنشئت في عهده عديد من المرافق الطبية في مناطق المملكة، وتكونت فرق طبيّة تجوب أنحاء البلاد لتقديم العلاج والرعاية الصحية للسكان في القرى والبادية.
• التعاون مع المنظمات العالمية: لم تقتصر عناية الملك على المنشآت الطبية فحسب، بل توسعت إلى التعاون مع المنظمات والهيئات العالمية، للاستفادة من خبراتها، خاصة في مجال الوقاية من الأوبئة.
• وزارة الصحة: في عام 1370هـ/1951م حُوّلت مصلحة الصحة العامة إلى وزارة الصحة، وعُيّن الأمير عبدالله الفيصل وزيرًا للصحة والداخلية معًا، وتطورت الرعاية الصحية وزُودت بمعدات وأجهزة حديثة ومتقدمة.

العناية بالحرمين الشريفين

• ترميم المسجد الحرام: منذ وصول الملك عبد العزيز إلى الحجاز، أعلن البدء الفوري في أعمال ترميم الحرمين الشريفين. في عام 1344هـ/1925م، أصدر أمرًا ملكيًا ببدء ترميم شامل للمسجد الحرام، وتحديث كل ما يحتاج إلى إصلاح، بالإضافة إلى تكسية المسجد بالرخام بشكل كامل.
• تزايد أعداد الحجاج: في عام 1345هـ/1926م، ومع الزيادة الكبيرة في أعداد الحجاج، أمر الملك بتوفير السرادقات في ساحات المسجد لحماية المصلين من حرارة الشمس الشديدة.

إصلاحات شاملة وترميمات متواصلة

ترميمات المسجد الحرام بأمر ملكي: في سنة 1927م الموافق 1346هـ، أصدر الملك توجيهاته بتنفيذ أعمال ترميم شاملة في المسجد الحرام، حيث تضمنت هذه الأعمال طلاء وتجديد مختلف أجزاء المسجد، بالإضافة إلى صيانة مظلة إبراهيم وقبة زمزم، وكذلك ترميم شاذروان الكعبة، وقد بلغت التكلفة التقديرية لهذه الترميمات حوالي 2000 جنيه ذهبي. وفي العام ذاته، تم إنشاء مظلات في محيط صحن المطاف، صُنعت هذه المظلات من خشب الجاوي وغُطيت بقماش أبيض سميك، وفيما بعد، جرى استبدالها بمظلات ثابتة تتصل بالأروقة، بحيث يمكن فتحها وإغلاقها وفقًا للحاجة، واستمرت أعمال تجديد هذه المظلات لعدة سنوات. كما أمر الملك بإنشاء مصنع متخصص ومجهز بالكامل لتصنيع كسوة الكعبة المشرفة.

1. تبليط المسعى: بين عامي 1345 و 1346هـ/1926-1927م، صدر أمر ملكي بتبليط المسعى بالحجر الصوان المربع، وكانت هذه هي المرة الأولى في تاريخ المسجد الحرام التي يتم فيها رصف الطريق. بالإضافة إلى ذلك، أمر بتجديد سبيل ماء زمزم القديم وإنشاء سبيلين جديدين.
2. تجديد الحجر المفروش: في عام 1354هـ/1935م، أمر الملك بإصلاح الحجر المفروش حول منطقة المطاف، وترميم أرض الأروقة وتكسية المسجد بالرخام بشكل شامل. وفي عام 1366هـ/1947م، تم تجديد سقف المسعى، بالإضافة إلى الأمر بصنع باب جديد للكعبة مغطى بصفائح من الفضة الخالصة.
3. تكسية الواجهات بالرخام: في عام 1370هـ/1951م، صدر أمر ملكي بتكسية كاملة بالرخام للواجهات المطلة على المسجد الحرام وساحاته.
4. زيارة المدينة المنورة: في شعبان من عام 1345هـ/1926م، زار الملك عبد العزيز المدينة المنورة واطلع على احتياجات المسجد النبوي من تنظيمات إدارية وإصلاحات معمارية. بدأت أولى الأعمال في عام 1348هـ/1929م بإصلاح التلف الذي ظهر في أرض الأروقة المطلة على صحن المسجد من جميع الجهات نتيجة لتجمع مياه الأمطار.
5. معالجة الخلل: في عام 1350هـ/1931م، أمر الملك بمعالجة الخلل الذي ظهر في بعض الأعمدة والسواري الشرقية والغربية والصحن، وذلك بوضع أطواق حديدية حول الأجزاء المتضررة.
6. توسعة المسجد النبوي: في 12 شعبان 1368هـ/8 يونيو 1949م، أعلن الملك عبد العزيز عن نيته في توسعة المسجد النبوي، وأجريت الدراسات اللازمة لتنفيذ المشروع. بدأت الأعمال التمهيدية في 5 شوال 1370هـ/1951م، وتم تجهيز المنطقة المحيطة بالمسجد من الجهات الشرقية والغربية والشمالية، وإزالة جزء من المبنى القديم وإضافة مساحة جديدة إليه، لتصبح المساحة الإجمالية للمسجد النبوي بعد التوسعة 16548 مترًا مربعًا.
7. وضع حجر الأساس: في 13 ربيع الأول عام 1372هـ/1 ديسمبر 1952م، قام ولي العهد آنذاك الأمير سعود بن عبد العزيز بوضع حجر الأساس للتوسعة نيابة عن والده الملك عبد العزيز، وبدأت أعمال الحفر والبناء والتشييد، واكتملت التوسعة في عهد الملك سعود بن عبد العزيز.

التنظيم الاقتصادي في عهد الملك عبد العزيز

مصادر الدخل

اعتمد الملك عبد العزيز في التنظيم المالي للدولة على الزكاة كمصدر أساسي للدخل، بالإضافة إلى الاعتماد على الثروة الحيوانية والزراعة في مختلف مناطق المملكة. وفي مرحلة لاحقة، تم توسيع مصادر الدخل عبر جمارك البضائع الواردة إلى الموانئ الشرقية والغربية، قبل اكتشاف النفط الذي أحدث نقلة نوعية في الاقتصاد، مما أدى إلى تسارع وتيرة التطور والنمو في البلاد.

• لجنة لدراسة الأوضاع المالية: كانت الخطوة الأولى نحو التنظيم المالي في الحجاز هي تشكيل لجنة في مكة المكرمة لدراسة الأوضاع المالية في عام 134.
• تأسيس وزارة المالية: بعد ذلك بعامين، تم إنشاء مديرية المالية ومقرها في مكة المكرمة، بينما بقيت مالية جدة كما هي، وتولى مسؤولها لقب أمين الأموال. لاحقًا، تم توحيد الدوائر المالية في مكة وجدة تحت إدارة عامة باسم وكالة المالية العامة، وتم تعيين عبدالله بن سليمان الحمدان وكيلًا لها.
• تحويل الوكالة إلى وزارة: في 11 ربيع الآخر 1351هـ/14 أغسطس 1932م، تحولت الوكالة إلى وزارة، وتولى عبدالله بن سليمان منصب الوزير. وُضع للوزارة نظام جديد ينص على أنها الجهة المسؤولة عن تنظيم وحفظ أموال الدولة، وإدارة وارداتها ومصروفاتها.
• اتساع صلاحيات وزارة المالية: توسعت صلاحيات وزارة المالية وتعددت مسؤولياتها، وأصبحت مسؤولة عن جميع الإدارات المالية في المملكة، بالإضافة إلى ارتباطها بإدارات مختلفة مثل الحج، والدفاع، والزراعة، والأشغال العامة، والطرق، والسيارات، والتعدين، والتي فُصلت عنها لاحقًا.
• ميزانية المملكة: تمت أول محاولة لإعداد ميزانية للمملكة في عام 1348هـ/1929م، وبعد خمس سنوات تم اعتماد أول ميزانية رسمية، حيث بلغت الواردات فيها 14 مليون ريال. وفي عام 1367هـ/1948م، زادت الميزانية وتجاوزت 200 مليون ريال.

تطور النظام النقدي في المملكة

• عملات نقدية متعددة: قبل توحيد المملكة العربية السعودية، كانت هناك عملات نقدية متنوعة، بما في ذلك الروبية الهندية البريطانية والريال النمساوي الفرانسي.
• أول عملة معدنية سعودية: صدرت العملات النقدية السعودية بشكل تدريجي، حيث تم في البداية دمغها بكلمتي “نجد والحجاز”. في عام 1343هـ/1925م، أصدر الملك عبد العزيز أمرًا بسك أول عملة معدنية سعودية، وكانت من فئة نصف قرش وربع قرش، وتعتبر أول نقد سعودي خالص.
• نظام النقد الحجازي النجدي: صدر أول تنظيم للوضع النقدي في 13 ربيع الآخر 1346هـ/8 أكتوبر 1928م، باسم نظام النقد الحجازي النجدي، وألزم النظام بالتعامل بالريال العربي السعودي، الذي جرى سكه من الفضة في العام نفسه بجميع الفئات.
• تأسيس مؤسسة النقد العربي السعودي: في 25 رجب 1371هـ/20 أبريل 1952م، أصدر الملك عبد العزيز مرسومًا ملكيًّا بتأسيس مؤسسة النقد العربي السعودي، ومقرها مدينة جدة، واختصت بتنظيم إصدار النقد السعودي وتوطيد قيمته المالية داخل البلاد وخارجها.

اكتشاف النفط في المملكة

• الاهتمام بالتنقيب عن النفط:بعد اكتشاف كميات كبيرة من النفط في العالم، أولى الملك عبد العزيز اهتمامًا كبيرًا بالتنقيب عن النفط والمعادن في أراضي المملكة.
• شركة النقابة الشرقية الإنجليزية: في عام 1342هـ/1923م، منح الملك عبد العزيز امتياز النفط لشركة بريطانية هي شركة النقابة الشرقية الإنجليزية، ولكن الشركة لم تحقق نتائج إيجابية في عمليات التنقيب، فقام الملك عبد العزيز بإنهاء اتفاقية الامتياز في عام 1347هـ/1928م.
• الجيولوجي تويتشل: لاحقًا، كلف الملك عبد العزيز الجيولوجي تويتشل بدراسة إمكانية وجود معادن في البلاد، بعد اكتشاف النفط بكميات تجارية في جبل الدخان بالبحرين عام 1351هـ/1932م، خاصة وأن المنطقة الشرقية تشابه التكوين الجيولوجي للبحرين.
• شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا (سوكال): تم إبرام اتفاقية امتياز بين المملكة وشركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا (سوكال)، وأنشئت شركة تابعة لها باسم كاليفورنيا أرابيان ستاندارد أويل كومباني (كاسوك) لإدارة هذه الاتفاقية، وبدأت أعمال حفر الآبار في عام 1354هـ/1935م.
• اكتشاف النفط بكميات تجارية: شهد عام 1357هـ/1938م نجاح جهود التنقيب واكتشاف النفط بكميات تجارية من بئر الدمام رقم 7 التي أطلق عليها اسم “بئر الخير”، وتم تغيير اسم الشركة إلى أرامكو – شركة الزيت العربية الأمريكية. وبلغ إنتاج النفط الخام 500 ألف برميل في اليوم عام 1368هـ/1949م.
• خط الأنابيب (التابلاين): أنجزت الشركة خط الأنابيب لنقل النفط (التابلاين) الذي يبلغ طوله 1,617 كم، وربط المنطقة الشرقية في المملكة بالبحر الأبيض المتوسط، مما سهل تصدير النفط إلى أوروبا.
• حقل السفانية: بعد عامين من التنقيب في مياه الخليج العربي، تم اكتشاف حقل السفانية عام 1370هـ/1951م، والذي يعتبر أكبر حقل نفط بحري في العالم.

القوات المسلحة في عهد الملك عبد العزيز

• جهود تأسيس الأمن: بذل الملك عبد العزيز جهوداً مضنية لتوطيد الأمن وإرساء الاستقرار، فأنشأ تنظيمات أمنية تعد الأولى من نوعها في البلاد، وتحمّله مسؤوليته عن أمن الحجاج دفعه إلى مضاعفة جهوده في المجال الأمني.
• إنشاء قوات الأمن: أسس الملك عبد العزيز قوات المشاة، وشرطة حماية الآداب، والآليات والخيالة، وجنود المرور، وأنشأ مدرسة للشرطة بهدف تأهيل الضباط ومساعديهم، واستقدم خبراء أمنيين لتطوير الأجهزة والارتقاء بأدائه
• الجيش العربي السعودي: تألفت قوات الملك عبد العزيز أثناء عمليات توحيد البلاد من رجاله المخلصين من البادية “جيش الإخوان”، ومن الحاضرة “جيش الجهاد”، وكان يدعوهم إلى الحرب فيلبون النداء ويجتمعون تحت لوائه، معتمدين على إمكاناتهم الذاتية في التسليح والتموين، وشكّل هذان الجيشان النواة الأولى لما عُرف حينها بـ “الجيش العربي السعودي”، الذي يُعد أول قوة عسكرية نظامية في المملكة.
• تطوير الجيش السعودي النظامي: في عام 1348هـ/1929م، أدرك الملك المؤسس أهمية تطوير قواته من حيث التنظيم والتسليح، فأمر بتشكيل أول نواة لوحدات الجيش السعودي النظامي من ثلاثة قطاعات: أفواج المشاة، والمدفعية، والرشاشات.
• قوة الطيران الحجازية النجدية: حرصًا من الملك المؤسس على إنشاء قوة جوية تحمي سماء المملكة، أصدر أمرًا ملكيًا في 23 جمادى الآخرة 1344هـ/8 يناير 1926م، بتأسيس قوة طيران باسم “قوة الطيران الحجازية النجدية”.
• شراء الطائرات البريطانية: أصدر الملك عبد العزيز قرارًا في 29 رجب 1348هـ/30 ديسمبر 1929م، بشراء أربع طائرات بريطانية الصنع من طراز “ويستلاند وابتي مارك/ 2″ ذات الجناحين، التي كانت تعتبر من أحدث الطائرات المستخدمة في ذلك الوقت، وأنشأ لها أول مطار في جزيرة دارين بالمنطقة الشرقية.
• مدرسة الطيران: شهدت منظومة القوات الجوية تطورًا ملحوظًا بإنشاء مدرسة للطيران، وإرسال بعثات إلى الخارج لتلقي علوم الطيران.
• المدرسة العسكرية ورئاسة الأركان: أمر الملك المؤسس بإنشاء المدرسة العسكرية في 5 جمادى الأولى 1353هـ/15 سبتمبر 1934م، ثم أنشئت رئاسة الأركان في 1358هـ/1939م، وتم توحيد الزي العسكري.
• وزارة الدفاع: تحولت رئاسة الأركان إلى وزارة الدفاع في 5 ذي القعدة 1362هـ/10 نوفمبر 1943م، وتغير اسم وزارة الدفاع في 7 رجب 1371هـ/1 أبريل 1952م، ليصبح “وزارة الدفاع والطيران والمفتشية العامة”، والتي ضمّت تحت لوائها الطيران الحربي والطيران المدني.

التأسيس التنموي في عهد الملك عبد العزيز

1. المواصلات: أولى الملك المؤسس اهتمامًا كبيرًا بوسائل المواصلات، فأدخل السيارات إلى المملكة لاستخدامه الخاص وللجهات الرسمية في الدولة، ولنقل البضائع والمسافرين والحجاج، وبدأت الحكومة بتمهيد الطرق بين مناطق المملكة.
2. سكة الحديد بين الدمام والرياض: أُنشئت أول سكة حديد تربط بين الدمام والرياض في 1371هـ/1952م، ثم بدأ الاهتمام بالمواصلات الجوية وتوجهت الحكومة لشراء أربع طائرات مدنية، ثم تضاعفت أعدادها فيما بعد في فترة وجيزة، وأُنشئت إدارة طائرات الخطوط الجوية السعودية، وكان أول مطار مدني آنذاك هو مطار جدة.
3. الأسطول البحري: اهتمت حكومة الملك عبد العزيز بالمواصلات البحرية وشكّلت أول أسطول نقل بحري، كما عمدت إلى تحسين الموانئ البحرية في غرب المملكة وشرقها، وإلى إنشاء موانئ جديدة، منها: ميناء جدة الإسلامي على البحر الأحمر، وميناء الدمام على الخليج العربي.
4. الاتصالات: في مجال الاتصالات، تجلّت جهود حكومة الملك عبد العزيز في انضمام المملكة إلى اتحاد البريد الدولي، وعقد اتفاقيات مع العديد من الدول للاتصال بها هاتفيًا وبرقيًا وبريديًا، وإنشاء شبكة هاتفية تربط أنحاء المملكة.
5. إيفاد الطلبة وتأسيس المدارس: بادرت الحكومة بإرسال أعداد من الطلبة إلى الخارج لدراسة الأمور الفنية والإدارية المتعلقة بالاتصالات، وتأسيس مدارس اللاسلكي للتعليم والتدريب في مكة المكرمة والرياض.
6. المياه والزراعة: حرص الملك عبد العزيز على توفير المياه وتطوير الزراعة في المملكة، فبدأت أولى المحاولات بجلب متخصصين للبحث عن مصادر المياه في 1350هـ/1931م، كما استقدم أول بعثة فنية لتطوير الزراعة في 1353هـ/1934م.
7. مديرية الزراعة: توالت الدراسات والبعثات حتى تقرر إنشاء مديرية الزراعة عام 1367هـ/1948م، وافتُتحت لها فروع في مناطق المملكة.
8. أعمال مديرية الزراعة: من بين أعمالها تركيب آلتين كبيرتين لتقطير المياه في جدة عام 1345هـ/1926م، وإنشاء عين الوزيرية عام 1352هـ/1933م، ثم العين العزيزية عام 1366هـ/1947م، كما أنشأ الملك المؤسس لجنة لتطوير عين الزرقاء في المدينة المنورة، وهيئة عين زبيدة عام 1353هـ/1934م.
9. دعم المزارعين: اتجهت حكومة الملك عبد العزيز إلى إصلاح السدود المائية، وحفر آبار ارتوازية، وإعفاء المعدات الزراعية من الرسوم الجمركية، واستيراد الآلات والمعدات لدعم المزارعين، وتقديم مساعدات لصغار المزارعين وإنشاء مصارف لإقراضهم.
10. تطوير الزراعة: حرصت الحكومة على تعليم المزارعين طرق الزراعة الحديثة وحماية المحاصيل من الآفات، وإقامة مشروع الخرج الزراعي، واستصلاح الأراضي، وزراعة محاصيل جديدة، وإنشاء ورش ميكانيكية لإصلاح مضخات المياه والآلات الزراعية.
11. الإذاعة السعودية: انطلقت الإذاعة السعودية منذ عهد الملك المؤسس، حيث حرص على أن تكون بلاده الحديثة مواكبة للتطور الحضاري العالمي.
12. مرسوم ملكي للإذاعة: في يوم الثلاثاء 23 رمضان 1368هـ/19 يوليو 1949م، صدر مرسوم ملكي وضع فيه الملك عبد العزيز الإطار العام للإذاعة السعودية، حيث أكد فيه ضرورة التزام الصدق والأمانة، والواقعية، والالتزام بالموضوعية في جميع ما يُنقل منها، والالتزام الأخلاقي حيث لا يُشتم أحد ولا يتم التعريض به، أو لا يُبالغ بالمدح في غير محله.
13. الاهتمام بالشؤون الدينية: أكد الملك عبد العزيز في المرسوم على ضرورة الاهتمام بالأمور الدينية وإذاعة القرآن الكريم والمواعظ الدينية.
14. أول محطة إذاعية سعودية: إذاعة سعودية: في مدينة جدة، تم تأسيس أول محطة إذاعية سعودية، وبدأ بثها في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة عام 1368 هـ، الموافق الأول من شهر أكتوبر عام 1949 م، وهو يوم عرفة المبارك. وقد تم افتتاح المحطة بكلمة ألقاها الأمير فيصل رحمه الله، نيابة عن والده الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، وتضمنت الكلمة تهنئة للحجاج الكرام والترحيب بهم في الأراضي المقدسة.
15. عقد مع شركة لإنشاء المحطة: تم توقيع عقد مع شركة من خارج المملكة يتم بموجبه إنشاء محطة جدة، وإنشاء استوديوهات إضافية في مكة المكرمة، ووُقع العقد بين حكومة المملكة والشركة في مقر السفارة السعودية في القاهرة يوم الأربعاء 13 رجب 1368هـ/11 مايو 1949م.

أخلاق وإنسانية الملك عبد العزيز

• إرساء قواعد الدين: لم يكن الملك عبد العزيز آل سعود مجرد مؤسس لدولة، بل كان امتدادًا للدولتين السعوديتين الأولى والثانية، واللتين بدورهما امتداد للدولة التي أسسها النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الجزيرة العربية لنشر الدين وإقرار الأمن.
• توطيد دعائم الاستقرار: قام الملك عبد العزيز بإعادة ترسيخ الاستقرار الذي تضاءل في فترة الدويلات، وعمّ به معظم أنحاء الجزيرة العربية، مستندًا إلى أسس وطنية مجردة من أي تأثيرات أيديولوجية، وذلك بعد الفوضى التي سادت المنطقة في السابق.
• أسلوب التعامل مع الخصوم: اشتهر الملك عبد العزيز بجمعه بين الحزم والعفو، فكان يصفح ويتجاوز عن أشد خصومه في أصعب الظروف. كان يولي اهتمامًا خاصًا بالوجهاء والأمراء الذين قست عليهم الظروف، محافظًا على مكانتهم وهيبتهم بين الناس. كما كان له نهج فريد في التعامل مع خصومه بعد العفو عنهم، حيث كان يقربهم إليه، فيتأثرون بأسلوبه الرفيع وحسن تعامله، مما جعلهم من أخلص رجاله، حتى إن بعض المحرضين عليه تحولوا فيما بعد إلى مؤيدين له.
• الاهتمام بالأسرة والأبناء: كان الملك عبد العزيز يحرص بشدة على رعاية أسرته، وكان يجمعهم جميعًا على مائدة الغداء يوميًا، وفي بعض الأحيان كانت تنضم إليهم بناته وأبناؤه المتزوجون، كما كان الجميع يتناولون العشاء معه بعد صلاة المغرب. وفي بعض الأحيان، كان ولي عهده الأمير سعود يشارك والده في العشاء، نظرًا لإقامته مأدبة عشاء للناس في منزله، وكذلك الأمير فيصل نائب الملك في الحجاز عندما كان يزور الرياض. لم تكن تربية الملك عبد العزيز لأبنائه تربية مترفة، بل كان يخصص اجتماعًا سنويًا لأفراد أسرته رجالًا ونساءً، لتقديم النصح لهم وتذكيرهم بالأسس التي تقوم عليها البلاد، وهي كتاب الله وسنة نبيه، ويحثهم على الالتزام بها والمحافظة عليها، كما كان يوجههم بحسن معاملة الناس، والاهتمام بالفقراء والمحتاجين، وصون حقوق الناس وإبراء الذمة.
• متابعة الأبناء: يذكر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز عن طفولته أن والده كان دائم المتابعة لهم في جميع الأمور، وخاصة الصلاة والدراسة، حيث كانوا يؤدون جميع الصلوات معه.
• التعليم:أولى الملك عبد العزيز اهتمامًا كبيرًا بتعليم أبناء أسرته وأبناء شعبه، فكان يكلف المشايخ والمدرسين بتدريسهم، ومن بينهم: المعلم محمد بن عبد الله السناري. ثم خصص مدرسة لأبنائه في القصر، وعين لها مدرسين، منهم: الأستاذ أحمد العربي في بداية إنشاء مدرسة الأمراء، والشيخ عبد الله خياط مدير المدرسة، وأحمد بن علي الكاظمي، وصالح خزامي، وعبد الحميد الكاظمي.

الحرص على متابعة الأبناء في الدراسة

حرصًا منه على متابعة أبنائه في الدراسة، كان يكلف محمد بن مسلم بالوقوف أمام المدرسة لتفقدهم عند الدخول، وإبلاغ الوالد بمن يتغيب منهم أو يتأخر عن الحضور. وكان يزور مدرسة أبنائه باستمرار للتعرف على أدائهم الدراسي وأداء معلميهم، ويحرص على حضور حفل ختم القرآن لأبنائه الذي يقام في بيته أو في غار المعذر، وحفل توزيع الشهادات في نهاية العام، أو يرسل أحد أبنائه الكبار نيابة عنه.

وتذكر المصادر نقلًا عن الملك فيصل أن الملك عبد العزيز كان يجمع في أسلوبه التربوي بين الشدة والرحمة، ولا يفرق بين أبنائه وأبناء شعبه، فالجميع عنده سواسية، كما كان لا يحب التكلف في الحديث، ويمازح أبناءه وجلساءه.

• العدل والإنصاف: عُرف الملك عبد العزيز بأنه حاكم عادل ومنصف، إذ كان يحرص على تطبيق العدل في جميع الأمور، لأنه من صميم الدين الإسلامي وأساس الحكم، فكان لا يقبل الظلم أبدًا، وتُروى عنه الكثير من القصص التي تدل على عدله وإنسانيته.
• مواقف إنسانية للملك عبد العزيز: تذكر المصادر أنه كان يراقب قافلة بركت بالقرب من مخيمه في العقير، ولاحظ جملًا تظهر عليه آثار الإرهاق، فأرسل في طلب صاحبه، وأمره أن يطلق الجمل ليرعى، أي يأكل مما تنبته الأرض، وألا يعيده إلى القافلة رأفة به. وفي موقف إنساني آخر، وقف بنفسه مدافعًا عن امرأة مسنة من أهل مكة المكرمة جاءت إلى باب قصره، واشتكت إليه أمرًا في قضية ميراث لها، وأخبرته بأنه لا يوجد لديها من يدافع عن قضيتها، فأخذ منها أوراقها وتكفل بمتابعة قضيتها شخصيًا مع المحكمة حتى انتهت.

الدفاع عن مصالح المواطنين

من بين المواقف الإنسانية التي تجسدت في حرصه على مصالح المواطنين واحتياجاتهم والدفاع عنها، وإبراء ذمته، أنه عندما تدهور الاقتصاد السعودي في بعض السنوات ونضبت الموارد المالية، أصبح من الصعب دفع رواتب الموظفين؛ بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، فطلب من مستشاريه عبد الله السليمان (وزير المالية) وحافظ وهبة، اقتراح حل لهذه المشكلة، فأشارا عليه بتسريح نصف الموظفين لكي تتمكن الدولة من دفع رواتب النصف الآخر، لكنه غضب من ذلك ورد عليهما بشدة،

وعرض عليهما أن يتم تسريح أحدهما الآخر تطبيقًا لما اقترحاه، وأعلن أن تسريح الناس من أعمالهم في وضع اقتصادي حرج هو تضييع لهم، ويؤثر في مصالحهم وحياتهم، وقرر تخفيض الرواتب إلى النصف لجميع الموظفين، وبذلك يُبقي الجميع في وظائفهم إلى أن يتحسن الوضع الاقتصادي.

وفي عام 1355هـ/1934م، أرسل موظفو اللاسلكي برقية إلى الملك المؤسس يخبرونه بأنهم وعائلاتهم يعانون ضائقة شديدة، بسبب الأوضاع الاقتصادية العالمية، وتأثر الاقتصاد السعودي بها، فأرسل إلى وزير المالية يؤكد عليه النظر في أمرهم على وجه السرعة وعدم إهمالهم.

الملك عبد العزيز: جوانب من حياته وإرثه

أبناء الملك عبد العزيز

تزوج الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، رحمه الله، من عدة زوجات، وأقام روابط مصاهرة متنوعة مع مختلف القبائل والشخصيات البارزة في المجتمع، وذلك لعدة أهداف نبيلة منها توحيد البلاد وتعزيز الاستقرار الاجتماعي والسياسي. هذه الزيجات لم تكن مجرد علاقات شخصية، بل كانت جزءًا من استراتيجية شاملة لضمان تماسك المملكة وتوطيد أركانها.

دور الزيجات في بناء الدولة

• توحيد القبائل وتعزيز الاستقرار: كانت الزيجات التي عقدها الملك عبد العزيز وسيلة لتوحيد القبائل المختلفة في المملكة العربية السعودية. من خلال المصاهرة، تمكن الملك من بناء شبكة واسعة من التحالفات التي ساهمت في تقليل النزاعات القبلية وتعزيز الشعور بالوحدة الوطنية. على سبيل المثال، الزواج من نساء من قبائل كبيرة ومؤثرة ساهم في كسب ولاء هذه القبائل وتأمين دعمها للدولة الناشئة.
• تعزيز العلاقات الاجتماعية والسياسية: لم تقتصر فوائد الزيجات على الجانب القبلي، بل امتدت لتشمل تعزيز العلاقات الاجتماعية والسياسية مع مختلف الشخصيات البارزة في المجتمع. هذه العلاقات ساهمت في بناء قاعدة دعم قوية للملك عبد العزيز، مما مكنه من تنفيذ إصلاحاته وتحديثاته في مختلف المجالات. كما أن هذه الزيجات ساعدت في دمج النخب المحلية في هيكل الدولة، مما عزز من شرعية حكمه.

أمثلة على الزيجات المؤثرة

من بين الزيجات البارزة التي عقدها الملك عبد العزيز، زواجه من الأميرة حصة بنت أحمد السديري، التي أنجبت له عددًا من الأبناء الذين تبوؤا مناصب هامة في الدولة، مثل الملك فهد والملك سلمان. كذلك، زواجه من الأميرة طرفة بنت عبد الله آل الشيخ، التي أنجبت له الملك فيصل، الذي يعتبر من أبرز ملوك المملكة. هذه الزيجات وغيرها ساهمت في تشكيل النسيج الاجتماعي والسياسي للمملكة.

أبناء الملك عبد العزيز

أنجب الملك عبد العزيز عددًا كبيرًا من الأبناء والبنات، الذين لعبوا أدوارًا هامة في تاريخ المملكة. من بين أبرز أبنائه:

• الملك سعود
• الملك فيصل
• الملك خالد
• الملك فهد
• الملك عبد الله
• الملك سلمان

هؤلاء الملوك وغيرهم من أبناء الملك عبد العزيز ساهموا في تطوير المملكة في مختلف المجالات، من الاقتصاد إلى التعليم إلى البنية التحتية.

دور الأبناء في تطوير المملكة

لعب أبناء الملك عبد العزيز دورًا حيويًا في تطوير المملكة العربية السعودية. كل ملك من هؤلاء الملوك قام بإدخال إصلاحات وتحديثات في مختلف المجالات، مما ساهم في تحويل المملكة إلى دولة حديثة ومزدهرة. على سبيل المثال، الملك فيصل قام بتطوير قطاع التعليم، والملك فهد قام بتوسعة الحرمين الشريفين، والملك عبد الله أطلق العديد من المبادرات الاقتصادية والاجتماعية.

إرث الملك عبد العزيز

يمكن القول إن الملك عبد العزيز ترك إرثًا عظيمًا للمملكة العربية السعودية، ليس فقط من خلال توحيد البلاد، بل أيضًا من خلال بناء أسرة قوية ومتماسكة قادرة على قيادة المملكة نحو التقدم والازدهار. الزيجات التي عقدها الملك عبد العزيز كانت جزءًا من هذه الرؤية، حيث ساهمت في بناء شبكة واسعة من العلاقات الاجتماعية والسياسية التي دعمت الدولة الناشئة.

عدد الأبناء والبنات

رزق الملك عبد العزيز بعدد كبير من الأبناء والبنات، وهم:

تركي (الأول)، سعود، فيصل، فهد (الأول)، محمد، خالد، ناصر، سعد، منصور، فهد (الثاني)، عبد الله، بندر، مساعد، عبد المحسن، مشعل، سلطان، عبد الرحمن، متعب، طلال، مشاري، بدر، تركي (الثاني)، نواف، نايف، فواز، سلمان، ماجد، ثامر، ممدوح، عبد الإله، سطام، أحمد، مشهور، هذلول، عبد المجيد، مقرن، حمود، منيرة، نورة (الأولى)، سارة، شيخة، العنود، الجوهرة (الأولى)، دليل، موضي، حصة، البندري، قماشة، نوف، صيتة، هيا، سلطانة، نورة (الثانية)، مشاعل، مضاوي، جوزاء، لولوة، لطيفة، جواهر، الجوهرة (الثانية)، عبطاء، شعيع، فلوة، طرفة، فهدة.

ألقاب وأوسمة الملك عبد العزيز

حمل الملك عبد العزيز العديد من الألقاب، وكان لقب “أبو تركي” هو الأقرب إلى قلبه، مفضلاً إياه على ألقاب مثل “عظمة السلطان” أو “جلالة الملك”. كما كان يعتز بأخته الأميرة نورة، مفتخرًا بأنه “أخو نورة”.

قائمة ألقاب الملك عبد العزيز:

• أمير نجد ورئيس عشائرها (1319هـ/1902م).
• سلطان نجد (1339هـ/1921م).
• سلطان نجد وملحقاتها (1340هـ/1922م).
• ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها (1344هـ/1926م).
• ملك الحجاز ونجد وملحقاتها (1345هـ/1927م).
• ملك المملكة العربية السعودية (1351هـ/1932م).

المنهج السياسي للملك عبد العزيز

مكتبة الملك عبد العزيز الخاصة

محتويات المكتبة

تضم المكتبة، التي تشرف عليها الآن دارة الملك عبد العزيز، مجموعة نادرة من المؤلفات والدوريات تعكس حرصه على القراءة والتزود بالعلوم. ازدادت المكتبة اتساعًا حتى أصبحت جزءًا مهمًا من قصر المربع، وتضم نوادر من المخطوطات القيمة التي ورثها عن آبائه، بالإضافة إلى ما وصل إليه عن طريق الإهداء أو الشراء. تتنوع الكتب المحفوظة في هذه المكتبة، وتحمل في طياتها وعلى أغلفتها عبارات وشواهد تاريخية تبرز مكانة العلم في نفس الملك عبد العزيز.

ترميم وتجديد المكتبة