عندما يمر شخص ما بأوقات صعبة مثل الحزن أو الضيق بسبب فقدان شخص عزيز أو مشاكل في العمل أو تحديات شخصية، من المهم أن يشعر بأن هناك من يهتم به ويفهمه. في هذه الأوقات، قد لا تكون النصائح مفيدة بقدر الشعور بالاحتواء والتعاطف، وهما أساس الدعم النفسي الفعال.
ما هو الاحتواء؟
الاحتواء يعني توفير مكان آمن للشخص للتعبير عن مشاعره دون خوف من الحكم أو الانتقاد. هذا المكان الآمن يساعد الشخص على تخفيف ألمه النفسي ويشعره بأنه ليس وحيدًا. مثلاً، إذا فقد شخص وظيفته، بدلاً من لومه، يمكن الاستماع إليه وتفهم مشاعره، وهذا يخفف عنه الصدمة. الاحتواء يشمل أيضاً تقديم المساعدة العملية، مثل المساعدة في البحث عن وظيفة جديدة.
الدراسات تظهر أن الأشخاص الذين يشعرون بالاحتواء والدعم الاجتماعي يكونون أفضل في التعامل مع الضغوط والصدمات. الاحتواء يقلل من الشعور بالوحدة ويزيد من الثقة بالنفس.
ما هو التعاطف؟
التعاطف هو القدرة على فهم ومشاركة مشاعر الآخرين. التعاطف الحقيقي يجعلنا نستمع جيداً ونقدم الدعم العاطفي اللازم. بدلاً من تقديم الحلول بسرعة، يجب أن نركز على الاستماع والفهم. التعاطف يعني أن تضع نفسك مكان الشخص الآخر وتحاول فهم تجربته. عندما يشارك شخص ما معاناته، فإن الاستماع إليه وإظهار التفهم هو دعم كبير له. مثلاً، بدلاً من قول “أنا أعرف كيف تشعر”، يمكننا أن نقول “يبدو أنك تمر بوقت صعب، وأنا هنا لأستمع إليك”.
لكي نتعاطف بفاعلية، يجب أن نستمع باهتمام، ونتجنب المقاطعة أو الحكم على مشاعر الشخص، ونحاول فهم الموقف الذي يمر به. يمكن أن نقول عبارات مثل “أتفهم ما تمر به” لتعزيز الشعور بالدعم. التعاطف يحتاج إلى ممارسة وتدريب، ويمكننا طرح أسئلة تساعد الشخص على التعبير عن مشاعره بشكل أكبر.
الاحتواء والتعاطف مقابل النصيحة
عندما يكون الشخص حزينًا أو ضعيفًا، قد يفسر النصيحة على أنها تقليل من شأنه. في هذه الأوقات، الاحتواء والتعاطف يهدئان من روعه ويمنحانه القوة. النصائح قد تكون غير مفيدة، بل قد تزيد من شعور الشخص بالعجز. يجب أن نفرق بين الدعم والنصيحة، فالدعم هو التواجد والاستماع والتعاطف، بينما النصيحة قد تكون مناسبة في أوقات أخرى.
أثر الاحتواء والتعاطف على الصحة النفسية والمجتمع
الاحتواء والتعاطف يساهمان في تعزيز الصحة النفسية. عندما يشعر الفرد بالقبول والتفهم، يصبح أكثر تفاؤلاً وقدرة على تجاوز الصعاب. كما أنهما يعززان بناء علاقات قوية ويخلقان مجتمعًا متماسكًا. المجتمعات التي تقدر الاحتواء والتعاطف تكون أفضل في التعامل مع التحديات وتوفر بيئة صحية للجميع.
نشر ثقافة الاحتواء والتعاطف في المجتمع يقلل من حالات الاكتئاب والقلق ويزيد من التعاون الاجتماعي. المجتمع الذي يهتم بالاحتواء والتعاطف يكون أكثر ازدهارًا، لأن الأفراد فيه يشعرون بالانتماء والتقدير.