كتاب الوِراقة في منطقة نجد: توثيق تاريخي لمهنة النسخ
يعد كتاب الوِراقة في منطقة نجد عملاً تاريخياً هاماً يسلط الضوء على مهنة الوراقة وتطورها في منطقة نجد، قلب المملكة العربية السعودية، وذلك خلال الفترة الممتدة من القرن التاسع وحتى القرن الرابع عشر الهجري. هذا الكتاب، الذي ألفه الوليد بن عبدالرحمن آل فريان، ونشرته دارة الملك عبدالعزيز في عام 1433هـ (2012م)، يقدم دراسة شاملة لهذه المهنة التي لعبت دوراً حيوياً في نشر العلم والمعرفة.
إصدار كتاب الوراقة في منطقة نجد
يأتي كتاب الوراقة في منطقة نجد في 237 صفحة، مقسمة إلى ثلاثة فصول متكاملة. يبدأ الكتاب بتمهيد يوضح مفهوم الوراقة، معرفاً إياها بأنها مهنة النسخ التي تهدف إلى طلب العلم، أو الكسب المادي، أو تحقيق مصالح أخرى. يقسم الكتاب الوراقة إلى ثلاثة أنواع رئيسية: الوراقة من حيث الغرض، وتشمل الوراقة التجارية، والحرفية، والتعليمية، والخيرية؛ والوراقة من حيث المشتغلين بها، والتي تتضمن وراقة العلماء، وطلاب العلم، والعامة؛ وأخيراً، الوراقة من حيث المجال، وتشمل وراقة الكتب الشرعية، وكتب النحو واللغة والأدب، بالإضافة إلى الكتب الحرفية.
محتويات كتاب الوراقة في منطقة نجد
يتألف الكتاب من ثلاثة فصول رئيسية، حيث يركز الفصل الأول، “أدوات الوراقة”، على استعراض الأدوات والمواد التي كان يستخدمها الوراقون، ويضم أربعة مباحث تتناول: الأوراق، والأحبار، والأقلام، وحلية المخطوطات. أما الفصل الثاني، “الوراقون”، فيقدم سرداً تاريخياً للوراقين في منطقة نجد عبر القرون، ويتضمن أربعة مباحث تغطي الوراقين في القرون التاسع، والعاشر، والحادي عشر الهجرية، ثم الوراقين في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، وصولاً إلى الوراقين في القرن الرابع عشر الهجري. ويختتم الكتاب بفصل بعنوان “نماذج من الكتب الخطية”، الذي يعرض نماذج من المخطوطات التي تعود إلى القرون الحادي عشر، والثالث عشر، والرابع عشر الهجرية، مما يتيح للقارئ فرصة الاطلاع على أساليب الكتابة والزخرفة في تلك الحقبة.
وراقون من نجد
يستعرض المؤلف في كتابه كتاب الوِراقة في منطقة نجد أعمال وإسهامات 25 وراقًا من منطقة نجد، عاشوا في الفترة الممتدة من القرن التاسع حتى القرن الحادي عشر الهجري. من بين هؤلاء: عبدالله بن شفيع، وحسن بن علي بن بسام، ومحمد بن فضل بن شمس، وعبدالله بن محمد بن غانم، الذي قام بنسخ شرح منتهى الإيرادات للنجار، وزامل بن موسى بن سلطان، ومحمد بن خلف، الذي نسخ كتاب الشفاء للقاضي عياض، ومحمد بن عبدالله بن سلطان، الذي نسخ مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي.
ازدهار نشاط الوراقين في نجد
يشير كتاب الوِراقة في منطقة نجد إلى أن نشاط الوراقين في نجد شهد توسعاً ملحوظاً في القرن الثاني عشر الهجري، وذلك نتيجة لازدياد أعداد العلماء والمتعلمين. من بين هؤلاء الوراقين: فوزان بن محمد بن بريد، الذي نسخ كتباً في الحساب، وعبدالرحمن بن شعيب، الذي نسخ مخطوطة سيرة ابن هشام، وحسن أبا حسين، الذي تميز خطه بالجمال والإتقان، وعبدالرحمن السحيمي، الذي اشتهر بكتابة المصاحف في بلدة أشيقر، ودخيل الله الأحسائي، المعروف بغزارة إنتاجه من النسخ، ومن بين الكتب التي نسخها العلو للذهبي.
وراقون في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين
من بين الوراقين البارزين في القرن الثالث عشر الهجري، يذكر الكتاب محمد بن عبدالوهاب، الذي نسخ مخطوطة زاد المعاد لابن القيم وصحيح البخاري، ومحمد بن عبدالرحمن بن عفات، ناسخ ألفية ابن مالك. وفي القرن الرابع عشر الهجري، برز عدد من الوراقين المهرة، مثل محمد الصقعبي، وسليمان الدامغ، الذي نسخ شرح مخطوطة البرهانية لابن سلوم، وشكر بن حسين، الذي نسخ العديد من المؤلفات، بما في ذلك المدهش لابن الجوزي، وحمد بن فارس، وسعد بن حمد بن عتيق، الذي أتم كتابة تجريد التوحيد للمقريزي سنة 1304هـ.
وفي النهايه:
كتاب الوِراقة في منطقة نجد يمثل إضافة قيمة للمكتبة التاريخية السعودية، إذ يسلط الضوء على جانب مهم من جوانب الحياة الثقافية والعلمية في منطقة نجد خلال فترة تاريخية هامة. هذا الكتاب يثير تساؤلات حول مستقبل مهنة الوراقة في العصر الرقمي، ودور التكنولوجيا في الحفاظ على التراث الثقافي والعلمي.











