السلاحف في السعودية: نظرة شاملة
السلاحف، تلك الكائنات البرمائية ذات الأجسام العريضة والحركة البطيئة، تتميز بوجود درع عظمي يحيط بها. هذا الدرع يتكون من جزءين: درع ظهري مقوس يعرف بـ “الدبل”، ودرع بطني مسطح يسمى “الجوشن”. تخرج من خلال فتحات في هذا الدرع أطراف السلحفاة ورأسها وذيلها. يعزى بطء حركة السلاحف إلى ثقل هذا الدرع الواقي. وتشتهر السلاحف بأنها كائنات معمرة، إذ يمكن أن تعيش لمئات السنين، وتمتلك حاسة بصر قوية، بينما حاسة السمع لديها ضعيفة جدًا، ولا تصدر أصواتًا.
أنواع السلاحف في المملكة العربية السعودية
تضم المملكة العربية السعودية ثلاث عائلات رئيسية من السلاحف: السلاحف البحرية، وسلاحف المياه العذبة، والسلاحف جانبية العنق. تعتبر شواطئ السعودية وجزرها البحرية مواقع مثالية لتكاثر السلاحف البحرية، والتي تشمل نوعين مهددين بالانقراض: السلحفاة ذات منقار الصقر والسلحفاة الخضراء. أما النوع الثالث فهو نادر جدًا، وقد سجل وجوده مرتين فقط في مياه السعودية. تُعد جزيرتا جانا وكاران في الخليج العربي من أفضل مناطق تكاثر السلاحف ذات منقار الصقر والسلاحف الخضراء.
السلحفاة الخضراء: العملاق اللطيف
تتميز السلحفاة الخضراء بحجمها الكبير، حيث يبلغ طولها حوالي متر واحد، ويصل وزنها في المتوسط إلى 250 كيلوجرامًا. لونها بني مخضر مع بقع صفراء، ورأسها كبير بحيث لا يمكنها إدخاله بالكامل في الدرقة. تستطيع السباحة في المحيطات والبحار بسرعة تصل إلى 30 كيلومترًا في الساعة لمسافات قصيرة، ويمكنها البقاء تحت الماء لمدة ساعة دون الحاجة إلى التنفس. توجد هذه السلاحف في شمال وجنوب البحر الأحمر وعلى شواطئ بعض جزر الخليج العربي.
السلحفاة ذات منقار الصقر: جمال الخليج العربي
تتواجد السلحفاة ذات منقار الصقر في الخليج العربي، وتتميز بحجمها الأصغر مقارنة بأنواع أخرى حول العالم، حيث يصل طولها إلى 90 سنتيمترًا. فكها العلوي مدبب وأطول من الفك السفلي، مما يعطيها شكل المنقار، ومن هنا جاءت تسميتها.
سلاحف المياه العذبة: سكان الجداول والبرك
تعيش سلاحف المياه العذبة في مياه الصرف والري في المنطقة الشرقية من المملكة. تتميز بصحائف عظمية متوسطة الحجم ورأس مثلث الشكل عليه خطوط صفراء. تتغذى على الأسماك الصغيرة وبعض يرقات الماء. تواجه هذه السلاحف خطر الانقراض في السعودية بسبب التغيرات البيئية والصيد الجائر، سواء للتسلية أو للاستهلاك الغذائي من قبل بعض الجاليات الأجنبية.
السلاحف جانبية العنق: سكان الغرب والجنوب الغربي
تستوطن السلاحف جانبية العنق المناطق الغربية والجنوبية الغربية من السعودية. وهي صغيرة الحجم وتعيش في المياه العذبة، ويمكن رؤيتها بالقرب من الآبار.
جهود المملكة العربية السعودية في الحفاظ على السلاحف
تبذل المملكة العربية السعودية جهودًا حثيثة للحفاظ على السلاحف، من خلال مبادرات رسمية متعددة.
مؤسسة شمس: حماية موائل التعشيش
أعلنت المؤسسة العامة للمحافظة على الشُعب المرجانية والسلاحف البحرية في البحر الأحمر “شمس” في عام 2025 عن اكتشاف أكبر موقع لتعشيش السلاحف البحرية في البحر الأحمر، حيث تم تسجيل أكثر من 2500 عش. خصصت المؤسسة جزر الأخوات الأربع (مرمر، ودهرب، وملاتو، وجدير) كمناطق محمية لموائل تعشيش هذه السلاحف المهددة بالانقراض، نظرًا لعودة السلاحف إلى نفس المواقع عامًا بعد عام، مما يجعل حمايتها أمرًا بالغ الأهمية.
شركة البحر الأحمر الدولية: إعادة التأهيل والرصد
تتعاون شركة البحر الأحمر الدولية مع المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية لإعادة تأهيل السلاحف النادرة وإعادتها إلى بيئتها الطبيعية بعد علاجها من إصابات مختلفة، مثل العجز عن الغوص ومتلازمة الطفو اللاإرادي. بالإضافة إلى ذلك، أطلقت الشركة بالتعاون مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية “كاوست” برنامجًا لتعقب السلاحف في منطقة المشروع، بهدف فهم البيئة الطبيعية والكائنات البحرية التي تعيش فيها، ووضع معايير للتنمية المستدامة من خلال مراقبة أنماط هجرتها وتوزيعها وموائلها وأماكن تعشيشها.
وفي النهايه :
تسعى المملكة العربية السعودية جاهدة للحفاظ على السلاحف وحمايتها من خلال مبادرات متعددة تهدف إلى حماية موائلها وتعزيز الوعي بأهمية هذه الكائنات البحرية. ومع ذلك، يظل السؤال مطروحًا: كيف يمكننا تفعيل دور السياحة البيئية المستدامة لضمان استمرار هذه الجهود وتحقيق التوازن بين التنمية والحفاظ على البيئة؟
