حاله  الطقس  اليةم 19.4
موميل,الولايات المتحدة الأمريكية

عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود

بوابة السعودية
بوابة السعودية
أعجبني
(0)
مشاهدة لاحقا
شارك
عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود

عبدالعزيز بن محمد بن سعود شخصية بارزة في تاريخ الدولة السعودية الأولى. يُعتبر الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود ثاني حكام الدولة السعودية الأولى، وقد تولى الحكم بعد وفاة والده الإمام محمد بن سعود عام 1179هـ/1765م. لعب دوراً محورياً في توسيع نفوذ الدولة وترسيخ دعائمها، حيث قاد العديد من الحملات العسكرية التي أسهمت في بسط سيطرة الدولة على مناطق واسعة في الجزيرة العربية. كما عُرف عنه اهتمامه بالشؤون الداخلية للدولة، وسعيه لتطبيق الشريعة الإسلامية وتعزيز الأمن والاستقرار في المناطق الخاضعة لحكمه.

عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود

الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود (1293هـ/1877م – 1373هـ/1953م)، هو المؤسس وأول ملوك المملكة العربية السعودية وموحد أراضيها. يعتبر الملك عبد العزيز شخصية محورية في تاريخ المملكة، حيث قاد جهودًا مضنية لتوحيد البلاد تحت راية واحدة.

حمل الملك عبد العزيز ألقابًا عدة تعكس مكانته ودوره، مثل السلطان، وابن سعود، ومعزّي، وكنيته أبو تركي. هذه الألقاب تعكس الاحترام والتقدير الذي حظي به بين شعبه وأفراد مجتمعه. هو نجل الإمام عبد الرحمن بن فيصل، آخر أئمة الدولة السعودية الثانية، والتاسع في سلسلة حكام أسرة آل سعود.

تعود جذور الملك عبد العزيز إلى أسرة عريقة حكمت مناطق واسعة من الجزيرة العربية، مما منحه قاعدة قوية للانطلاق نحو توحيد البلاد. بدأ الملك عبد العزيز فترة حكمه في المملكة العربية السعودية في شبابه، واستمرت مدة 54 عامًا، مما جعله صاحب أطول فترة حكم في تاريخ الدولة السعودية.

خلال هذه الفترة، شهدت المملكة تحولات كبيرة في مختلف المجالات، من التأسيس والبناء إلى التنمية والتحديث. يعتبر عهده فترة استقرار وازدهار، حيث تم وضع الأسس لدولة حديثة ومزدهرة. ومن أبرز إنجازاته: توحيد البلاد وتأسيس المملكة العربية السعودية الحديثة. اكتشاف النفط وتطوير البنية التحتية. تحديث التعليم والرعاية الصحية.

تعزيز مكانة المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي. لقد ترك الملك عبد العزيز إرثًا عظيمًا لا يزال يلهم الأجيال القادمة، ويشكل أساسًا قويًا لمستقبل المملكة العربية السعودية.

نسب الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود

الملك عبد العزيز، مؤسس المملكة العربية السعودية، هو عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع المريدي من بني حنيفة من بكر بن وائل من ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.

هذا النسب العريق يمتد إلى جذور عميقة في تاريخ الجزيرة العربية، مما يبرز الأصالة والجذور التاريخية للملك المؤسس. والده هو الإمام عبد الرحمن، النجل الرابع للإمام فيصل بن تركي، الذي يُعد أحد أئمة الدولة السعودية الثانية التي حكمت في الفترة (1240هـ/1824م – 1309هـ/1891م).

الإمام فيصل بن تركي كان له دور كبير في تعزيز نفوذ الدولة السعودية في تلك الفترة، ووالدته هي الأميرة سارة بنت أحمد السديري، التي ولدت ونشأت في الأحساء، حيث ولّى الإمام فيصل بن تركي والدها إمارة الأحساء، مما يدل على مكانة أسرتها ونفوذها في المنطقة.

للملك عبد العزيز ثمانية إخوة، هم: محمد، سعود، عبد الله، أحمد، مساعد، سعد (الثاني)، عبد المحسن. كما كان له أخ شقيق اسمه سعد، استشهد في معركة كنزان، مما يعكس التضحيات التي قدمتها الأسرة في سبيل توحيد البلاد وتثبيت دعائمها.

تعود جذور الملك عبد العزيز إلى الأسرة الحاكمة التي أسّست وحكمت الدولة السعودية الأولى والثانية منذ ثلاثة قرون، وتحديدًا منذ منتصف القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي). في هذه الفترة، انتقل الأمير مانع المريدي، الجد الثاني عشر للملك عبد العزيز، مع أفراد عشيرته من شرقي الجزيرة العربية إلى وسطها، حيث منازل قبيلته.

اتخذ الأمير مانع وادي حنيفة في إقليم اليمامة مقرًّا لهم، وأسس على ضفافه مدينة الدرعية نسبة إلى اسم العشيرة الدروع. وتعد الدرعية نواة تأسيس الدولة السعودية الأولى، على يد الإمام محمد بن سعود في منتصف عام 1139هـ/22 فبراير 1727م، الذي اتخذها عاصمة لدولته الحديثة. هذا الاختيار لم يكن عشوائيًا، بل جاء نتيجة لموقع الدرعية الاستراتيجي وأهميتها كمركز حضاري وتجاري في المنطقة.

مولد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود ونشأته

ولد الملك عبد العزيز في مدينة الرياض، عاصمة الدولة السعودية الثانية، في 4 يناير 1877م الموافق 19 ذي الحجة 1293هـ. نشأ وترعرع في رعاية والده الإمام عبدالرحمن بن فيصل، ووالدته الأميرة سارة السديري. بدأ بتعلّم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم في سن السابعة، وعندما بلغ العاشرة، أتقن العلوم الشرعية واللغة العربية، بالإضافة إلى تعلّمه ركوب الخيل وفنون الفروسية.

شهد الملك عبد العزيز في بدايات حياته فترة من الاضطرابات الداخلية التي طالت الحكم، وشارك وأسهم في المفاوضات التي جرت خلال فترة حكم والده الإمام عبدالرحمن الفيصل، وذلك قبل أن يبلغ الخامسة عشرة من عمره. في عام 1891م الموافق 1309هـ، وبعد زوال الدولة السعودية الثانية.

غادر الملك عبد العزيز الرياض وهو في السادسة عشرة من عمره، وتنقّل مع والده وأسرته في الصحراء بين قطر والبحرين والأحساء، في مناطق البادية التي يسكنها آل مرة والعجمان. كان والده الإمام عبدالرحمن يعتمد عليه في مراسلاته السياسية، حيث أوفده إلى الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، أمير البحرين آنذاك.

فور مغادرته الرياض، ليطلب منه الإذن بإقامة نساء عائلته في البحرين، خوفًا عليهن من تداعيات الاضطرابات الأمنية في البادية، وقد وافق الشيخ عيسى على ذلك. انتقل الإمام عبدالرحمن إلى قطر وأقام فيها حوالي أربعة أشهر، ثم انتقل مع أسرته إلى الكويت في مطلع عام 1893م الموافق 1311هـ. كان الإمام يهدف من وراء تنقلاته في الصحراء وبحثه عن مقرّ قريب من الرياض.

أن يكون على اطّلاع دائم بأحوال الرياض وأن يكون مستعدًا للعودة إليها. اكتسب الملك عبد العزيز خبرة واسعة في الصحراء نتيجة لتجربة التنقل والأحداث المتتالية التي واكبت مسيرة عائلته، كما ازدادت معرفته بطباع البادية وجغرافية المنطقة من حيث الطرق والموارد والأوضاع الإدارية للأقاليم المحيطة.

حياة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود في الكويت

قضى الملك عبد العزيز فترة مهمة في حياته بالكويت دامت تسع سنوات، حيث استقرّت أسرته هناك منذ عام 1311هـ/1893م. خلال هذه الفترة، لم ينقطع الملك الشاب عن متابعة آخر المستجدات السياسية والأوضاع في نجد. كان ذلك يتم عبر التجار والعلماء النجديين الذين كانوا يفدون إلى الكويت.

حاملين أخبار المنطقة وتطوراتها. كان الملك عبد العزيز يترقب اللحظة المناسبة للعودة إلى الرياض واستعادة حكم الدولة السعودية، وهو حلم لازمه منذ صغره. في سن التاسعة عشرة، عقد قرانه على امرأة من البادية، إلا أنها فارقت الحياة بعد ستة أشهر. ثم تزوج وضحاء بنت محمد بن برغش من آل عريعر، وأنجب منها ابنه البكر تركي.

ثم سعود، الذي أصبح فيما بعد ثاني ملوك المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى ابنته منيرة. هذه الزيجات والأبناء شكلت جزءًا من حياة الملك عبد العزيز في الكويت، وأضافت بُعدًا شخصيًا إلى تجربته السياسية. خلال فترة إقامته في الكويت، عايش الملك عبد العزيز العديد من الأحداث المحلية والعالمية التي ساهمت في صقل خبرته السياسية.

فقد اطّلع على التطورات السياسية الجارية في الكويت، واستفاد من خبرة والده وتوجيهاته، الذي كان يرى فيه القائد القادم. بالإضافة إلى ذلك، كان لتشجيع أخته الكبرى نورة دور كبير في تحفيزه على استعادة الرياض. كان الملك عبد العزيز يكنّ لأخته نورة تقديرًا كبيرًا، ويفتخر بها دائمًا.

ويعتز بذكرها في المواقف الصعبة، وينتخي باسمها “أخو نورة”. هذه العوامل مجتمعة ساهمت في تكوين شخصيته القيادية، التي استغلها لاحقًا في التخطيط والإعداد لاستعادة الرياض، ومن ثم توحيد أجزاء البلاد وتأسيس الدولة السعودية الحديثة. يمكن القول إن فترة الكويت كانت بمثابة مدرسة سياسية وإعدادية للملك الشاب، حيث اكتسب الخبرة والمعرفة اللازمة لتحقيق طموحاته الكبيرة.

المهام الأولى في حياة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود

تجلت بدايات الأعمال العسكرية للملك عبدالعزيز في مشاركته مع والده الإمام عبدالرحمن والشيخ مبارك الصباح في مواجهة ابن رشيد، وذلك في معركة الصريف التي وقعت في 26 ذي القعدة 1318هـ الموافق 17 مارس 1901م. جاءت هذه المشاركة استجابة لرسالة تلقاها والده من أنصاره في نجد.

والذين أبدوا فيها ولاءهم واستعدادهم لتقديم الدعم والمساندة له. هذه الاستجابة عكست مدى الترابط بين القيادة والشعب، والتطلع المشترك لاستعادة الأمجاد. وقد تقابل الجيشان في موقع بين الطرفية والصريف بمنطقة القصيم، واستمر القتال بينهما طوال ذلك النهار، مما يعكس شراسة المعركة وتصميم الطرفين على تحقيق النصر.

قبل الوصول إلى موقع الصريف تحديدًا، وتحديدًا في منطقة تُعرف بغدير الشوكي، انفصل الملك عبدالعزيز عن جيش والده بقوة قوامها 1000 مقاتل، مُتجهًا بها نحو الرياض بهدف استعادة حكم الدولة. هذه الخطوة الجريئة تدل على رؤية الملك عبدالعزيز الاستراتيجية وإصراره على تحقيق الهدف الأسمى.

وهو توحيد البلاد. وعلى الرغم من المسافة الطويلة بين الشوكي والرياض، تمكن من قطعها في غضون يومين، حيث واجه حامية ابن رشيد وقاتلهم ببسالة حتى اضطروا للتراجع والتحصن داخل قصر المصمك. بعد ذلك، قام بحصارهم لمدة 40 يومًا، في محاولة لإجبارهم على الاستسلام، إلا أنه اضطر في نهاية المطاف إلى فك الحصار ومغادرة الرياض.

وذلك بعد أن وصلته أنباء تفيد بأن معركة الصريف لم تسفر عن النتائج المرجوة. هذا القرار الصعب يعكس حكمة الملك عبدالعزيز وقدرته على تقييم الموقف واتخاذ القرارات الصعبة في سبيل المصلحة العامة، مما يدل على بُعد نظره وحنكته القيادية.

الملك عبد العزيز في شبابه

مرحلة استعادة الرياض

التخطيط لاستعادة الرياض

بعد عودة الإمام عبدالرحمن من معركة الصريف، بدأت فصول جديدة من الجهود لاستعادة الرياض. لم ينقطع الملك عبدالعزيز عن إلحاحه على والده، مطالبًا إياه بالتحرك مجددًا نحو الرياض. بذل جهودًا مضنية لإقناع والده، واستعان بوالدته كوسيط لزيادة فرص الموافقة.

تؤكد المصادر التاريخية على إصرار الملك عبدالعزيز وعزمه الراسخ على تحقيق هذا الهدف الذي لازمه طويلاً. كان يرى في استعادة الرياض مفتاحًا لاستعادة نفوذ أسرته وتوحيد المنطقة. وافق الإمام عبدالرحمن في نهاية المطاف على سفر ابنه، لكن مع إمكانيات محدودة تعكس الظروف الصعبة التي كانت تمر بها الأسرة.

زود الإمام ابنه بمؤن بسيطة لا تكاد تكفي متطلبات الرحلة، شملت 40 ذلولًا – وهي نوع من الإبل يتميز بقدرته على الجري السريع والتحمل، مما يجعلها مثالية للرحلات الطويلة في الصحراء – و30 بندقية، بالإضافة إلى 200 ريال، العملة المتداولة آنذاك. هذه الموارد القليلة تعكس التحديات الكبيرة التي واجهها الملك عبدالعزيز في بداية مسيرته.

قام الملك عبدالعزيز بتجميع رجاله، والذين كانوا خليطًا من أفراد أسرته وأتباعه المقربين الذين وثق بهم. بلغ عدد الرجال الذين انطلقوا معه 40 رجلًا. انطلقت هذه المجموعة الصغيرة من الكويت في ربيع الآخر من عام 1319هـ/يوليو 1901م، أي بعد مرور خمسة أشهر فقط على محاولته الأولى في معركة الصريف.

الطريق إلى الرياض

بدأ الملك عبدالعزيز آل سعود رحلته التاريخية من الكويت متوجهًا إلى العُيينة، وهي بلدة تقع في منطقة نجد. كان الهدف الأساسي من هذه الخطوة هو تحقيق انتصارات متتالية على القبائل التي أعلنت ولاءها لابن رشيد، الحاكم المنافس آنذاك.

كان الملك عبدالعزيز يهدف من وراء هذه الانتصارات إلى جمع المزيد من الأنصار والمؤيدين، بالإضافة إلى إظهار قوته ونفوذه المتزايد في المنطقة قبل التوجه نحو هدفه الأكبر، وهو استعادة الرياض، عاصمة أجداده. تمكن من ضم ما يقارب 1400 مقاتل إلى جيشه، مما عزز من قوته العسكرية.

بعد تجميع هذا الجيش، توجه الملك عبدالعزيز ورجاله عبر صحراء الدهناء الشاسعة إلى حفر العتك، وهي نقطة استراتيجية مهمة في وسط الجزيرة العربية. ومن هناك، أرسل طلائع استطلاعية متقدمة إلى الرياض بهدف تقييم الوضع الأمني والعسكري في المدينة، وجمع معلومات دقيقة حول قوة حامية ابن رشيد واستعداداتها.

في ضوء المعلومات التي جمعها، قرر الملك عبدالعزيز تأجيل خطة الدخول المباشر إلى الرياض. وبدلاً من ذلك، استمر في التحرك والتوسع في مناطق نجد المختلفة، محققًا المزيد من الانتصارات على القبائل المناوئة. كان الهدف من ذلك هو تجهيز رجاله بشكل أفضل، واكتساب المزيد من الخبرة القتالية.

وتقييم الأوضاع السياسية والعسكرية بشكل شامل. بعد ذلك، عاد الملك عبدالعزيز إلى منطقة الأحساء، ثم توجه إلى بنبان، وهي منطقة قريبة من الرياض، مما أدى إلى زيادة عدد المقاتلين الموالين له إلى حوالي 2,100 مقاتل. لم يتبق مع الملك عبدالعزيز سوى 40 فردًا ممن خرجوا معه في الأصل من الكويت.

بالإضافة إلى 23 مقاتلًا آخرين انضموا إليه لاحقًا. وبهذه القوة الصغيرة، توجه نحو يبرين، وهي واحة تقع في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، بهدف التخفي وإعادة التجميع. وفي يبرين، اتخذ الملك عبدالعزيز قرارًا حاسمًا برفض فكرة العودة إلى الكويت، مؤكدًا إصراره على المضي قدمًا في خطته لاستعادة الرياض.

قرر الملك عبدالعزيز المضي قدمًا بخطة سرية ومفاجئة، حيث توجه مع رجاله إلى رمال الجافورة، وهي منطقة تقع شمال الربع الخالي وتعتبر منطقة غير مأهولة. كان الهدف من هذا التوجه هو التخفي بعيدًا عن أعين الأعداء والتجهيز للمعركة الحاسمة لاستعادة الرياض.

استعادة الرياض

استعادة الرياض تمثل نقطة تحول في تاريخ المملكة العربية السعودية، حيث تجسد قصة بطولة وشجاعة الملك عبدالعزيز ورجاله الأوفياء. انطلق الملك عبدالعزيز ورجاله المخلصون من رمال الجافورة، متوجهين نحو الرياض، في خطة محكمة لإخفاء تحركاتهم عن الأعداء.

اختار الملك عبدالعزيز توقيتًا استراتيجيًا، مستغلاً قدوم فصل الشتاء لتأمين مسيرتهم الصعبة، رغم الظروف المناخية القاسية التي أثرت على الإبل المستخدمة في الرحلة.

في خطوة ذكية، حدد الملك عبدالعزيز يوم 20 رمضان المبارك موعدًا للتحرك، مستفيدًا من قلة حركة القوافل وانشغال الناس بأداء شعائر الصيام. كانت هذه الخطة تهدف إلى تقليل فرص اكتشاف تحركاتهم. استغرقت الرحلة الشاقة خمسة عشر يومًا، عبر الصحاري والوديان، حيث تحمل الرجال مشقة السفر وصعوبة التضاريس.

وصل الملك عبدالعزيز ورجاله إلى قصر المصمك، الذي كان يمثل مقر حاكم الرياض آنذاك. بدأ الهجوم المباغت على عجلان في منزله، وبعد التأكد من وجود عجلان وحراسه داخل القصر، انضمت إليهم المجموعة التي يقودها أخوه محمد لتعزيز قوتهم. في فجر الخامس من شوال عام 1319هـ، الموافق 1902م، شنوا هجومًا عنيفًا على القصر، وتمكنوا من قتل عجلان واستسلام بقية الحراس.

بعد السيطرة على القصر، أعلن الملك عبدالعزيز أن الحكم قد عاد إليه، وأن الرياض أصبحت تحت سيطرته، إيذانًا ببدء عهد جديد. هذا الانتصار كان بمثابة الشرارة التي أشعلت فتيل توحيد المملكة العربية السعودية. تقديرًا وعرفانًا بدورهم البطولي، قامت المملكة العربية السعودية بتكريم المشاركين في معركة استعادة الرياض، وأطلقت عليهم لقب الرواد الأوفياء. هؤلاء الرجال قدموا تضحيات كبيرة، وأظهروا ولاءً لا مثيل له للملك عبدالعزيز.

قام الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود بمنح وسام الرواد للمشاركين في هذه المعركة التاريخية، تقديرًا لجهودهم وتفانيهم في خدمة الوطن. هذا التكريم يعكس حرص القيادة الرشيدة على تخليد ذكرى هؤلاء الأبطال، وتعريف الأجيال القادمة بدورهم العظيم في تأسيس المملكة.

مبايعة الملك عبدالعزيز حاكمًا على الدولة

بعد الاستيلاء على قصر المصمك وإعلان عودة حكم آل سعود، شرع الملك عبدالعزيز في إعادة بناء سور مدينة الرياض الذي كان قد دُمّر سابقًا، واستغرق هذا العمل حوالي 40 يومًا. وأوفد أحد رجاله، وهو ناصر بن سعود، إلى الكويت ليبلغ والده الإمام عبدالرحمن والشيخ مبارك الصباح بنبأ انتصار الملك عبدالعزيز.

وليطلب منهم العون والمساعدة. وبعد مرور شهر، وصل الأمير سعد، شقيق الملك عبدالعزيز، ومعه مئة رجل وبعض الذخيرة. كما انضم إلى قوات الملك عبدالعزيز عدد من أهالي نجد، ليصبح تحت إمرته ما يقارب الألف مقاتل.  وعاد الإمام عبدالرحمن من الكويت برفقة العائلة السعودية.

وأخبره الملك عبدالعزيز بأنه سيسلمه الإمارة وسيكون جنديًا تحت إمرته، إلا أن الوالد رفض تولي الإمارة. وبعد تدخل العلماء وذوي الرأي والمشورة من المقربين إليه، وافق الملك عبدالعزيز على الإمارة، بشرط أن يكون لوالده الإشراف الدائم على أعماله وتوجيهه عند الحاجة.

وفي عام 1320هـ/1902م، تولى الملك عبدالعزيز الحكم أمام جموع الناس، وأعلن الوالد حينها تنازله عن الحكم، وأهدى الملك عبدالعزيز سيف الإمام سعود الكبير، ثالث أئمة الدولة السعودية الأولى.

الملك عبدالعزيز

بداية مسيرة توحيد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود للمملكة العربية السعودية

بعد أن استعاد الملك عبدالعزيز حكم الرياض، شرع في قيادة أضخم مشروع لترسيخ الوحدة الوطنية في تاريخ الدولة السعودية منذ تأسيسها. وخلال فترة حكمه التي امتدت 32 عامًا، نجح الملك عبدالعزيز في دمج معظم مناطق الجزيرة العربية تحت لوائه.

مما أدى إلى استتباب الأمن والاستقرار، وبالتالي تعزيز أركان الوحدة الوطنية. وقد تجاوز التأثير السياسي للملك عبدالعزيز حدود بلاده، ليصبح ذا صيت واسع النطاق في الدول المجاورة آنذاك. وأضحت إنجازاته محط أنظار المؤرخين والباحثين من مختلف الدول العربية والغربية، مما أكسبه تقديرًا شخصيًا مرموقًا، بالإضافة إلى مكانته السياسية الرفيعة.

أطراف الرياض والقصيم

بدأت مراحل توحيد المملكة بشكل تدريجي، حيث انضمت بعض المناطق إلى حكم الملك عبدالعزيز سلمًا. فبعد إعلان الحكم باسم آل سعود، أقبل أهالي مناطق مثل الخرج، والحريق، والحوطة، ووادي الدواسر، والأفلاج، معلنين بيعتهم وولائهم. وفي عام 1320هـ/1903م، تصدى الملك عبدالعزيز لجيش ابن رشيد وتمكن من هزيمته في معركة الدلم.

هذه الهزيمة قللت من نفوذ ابن رشيد في المنطقة، مما أتاح للملك عبدالعزيز التوسع شمالًا في عام 1321هـ/1904م، وضم مناطق المحمل، والشعيب، وشقراء، وثرمداء، والوشم، ليتمكن في النهاية من السيطرة على منطقة سدير بأكملها.

بعد ضم إقليم السر، امتدت حدود إمارة الملك عبدالعزيز إلى منطقة القصيم الواقعة شمال غرب الرياض. وقد وفد إليه آل مهنا، أمراء بريدة في ذلك الوقت، وآل سليم، أمراء عنيزة، من الكويت، معلنين مبايعتهم. وفي عام 1322هـ/1904م، هاجمت قوات الملك عبدالعزيز عنيزة ونجحت في ضمها إلى حكمه.

وفي العام نفسه، حاصرت بريدة، مما اضطر حامية ابن رشيد بقيادة عبدالرحمن بن ضبعان إلى الاستسلام، الأمر الذي سهّل على الملك عبدالعزيز لاحقًا ضم جميع بلدات القصيم.  عاد ابن رشيد إلى الرياض مدعومًا بقوات من الدولة العثمانية، والتي تمثلت في وحدات من الجيش النظامي. التقى الجيشان في معركة البكيرية عام 1322هـ/1904م، والتي انتهت بتعادل الطرفين.

لكن الملك عبدالعزيز أعاد تجميع قواته والتقى معهم مرة أخرى في معركة الشنانة في العام نفسه، معتمدًا استراتيجية حربية جديدة، تقوم على تقسيم الجيش إلى قسمين: أحدهما يواجه جيش ابن رشيد، والآخر يواجه الجيش النظامي، وتمكن من تحقيق النصر.

وفي عام 1324هـ/1906م، حاول ابن رشيد استعادة قوته وقدم بجيشه إلى روضة مهنا شرقي بريدة، لكن الملك عبدالعزيز تمكن من هزيمته، وانتهت المعركة بمقتل ابن رشيد وانسحاب جيشه إلى حائل. خلفه ابنه متعب الذي أبرم صلحًا مع الملك عبدالعزيز، وبذلك أصبحت منطقة القصيم بأكملها تحت إمارة آل سعود.

الأحساء والقطيف

توسع الدولة كان الملك عبد العزيز يهدف إلى مد نفوذه صوب المناطق الشرقية من شبه الجزيرة العربية، وكان يولي اهتمامًا بالغًا بضم الأحساء، سعيًا لوصول حدود دولته إلى ساحل البحر، مما يمنحها مكانة اقتصادية مرموقة. وفي عام 1331 هـ الموافق 1913 م، انطلق من الرياض في سرية تامة متوجهًا نحو الأحساء.

وعندما وصل إلى سور الكوت المحيط بمدينة الأحساء، تمكن رجال الملك عبد العزيز من تسلق السور والدخول إلى المدينة، معلنين بذلك خضوع البلاد لحكم آل سعود. ومع ضعف القوات العثمانية واستسلامها، غادرت المنطقة بحرًا متجهة إلى العراق، ليتمكن الملك عبد العزيز بعد ذلك من إخضاع بقية مناطق الأحساء وضمها إلى حكمه.

عسير

في المنطقة الجنوبية الغربية من الجزيرة العربية، وتحديدًا في عسير، كانت إمارة آل عائض قائمة، وامتدت حدودها الشمالية بالقرب من حدود الدولة السعودية المعاصرة. حينها، توجه بعض زعماء القبائل بشكواهم من حكم آل عائض إلى الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، الذي أصدر توجيهًا لآل عائض بهذا الشأن، إلا أنهم رفضوا الامتثال.

هذا الأمر دفع الملك عبدالعزيز إلى إرسال جيش بقيادة الأمير عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي، الذي خاض معركة حجلا في عام 1338هـ الموافق 1920م. تمكن الجيش السعودي من دخول أبها وضمها حتى حدود المخلاف السليماني في الغرب.

ومع ذلك، لم يمض وقت طويل حتى شن آل عائض هجومًا مضادًا على أبها واستعادوا السيطرة عليها، وذلك خلال فترة انشغال الملك عبدالعزيز بمعاركه في حائل. بعد إتمام ضم حائل إلى الحكم السعودي، أرسل الملك عبدالعزيز في عام 1340هـ الموافق 1922م، جيشًا بقيادة ابنه الأمير فيصل (الملك فيصل لاحقًا) وتمكن من استعادة عسير وضمها مجددًا إلى الدولة السعودية.

حائل

شهدت الصراعات الإقليمية بين عامي 1333 و1337 هـ الموافق 1915 و1919 م، تحركات عسكرية قادها الملك عبدالعزيز باتجاه مشارف حائل، حيث تجددت المواجهات بين قواته وقوات آل رشيد، وذلك عقب إخلال آل رشيد ببنود معاهدة الصلح المبرمة بينهم وبين آل سعود.

الأمر الذي استدعى تدخل الملك عبدالعزيز لمجابهة جيش آل رشيد، ونتج عن ذلك سلسلة من المعارك كان أبرزها معركة جراب التي وقعت بالقرب من محافظة الزلفي. كما وجه الملك عبدالعزيز قوات إلى حائل، فرضت عليها حصارًا دام شهرين، انتهى باستسلامها وضمها إلى حكمه في أوائل عام 1340 هـ الموافق 1922 م.

الحجاز

بدأت الأحداث بتوجيه قوات الملك عبد العزيز لدعم خالد بن لؤي في تربة، لكن قوات الشريف حسين هاجمت تربة. في عام 1919، شنّ سلطان بن بجاد وخالد بن لؤي هجومًا مضادًا وهزموا قوات الشريف. بعد هذا الانتصار، بدأ التوجه نحو الحجاز. منع الشريف الحسين الحجاج النجديين من الحج، فدعا الملك عبد العزيز إلى مؤتمر الرياض عام 1924. تقرر إرسال جيش إلى الحجاز، وتم ضم الطائف بعد الانتصار على قوات الشريف حسين.

توجهت قوات الملك عبد العزيز إلى مكة المكرمة، ودخل الجيش السعودي مكة بسلام. وصل الملك عبد العزيز بعد 25 يومًا، وفي نوفمبر 1924، دخل مكة لأداء العمرة. في نفس العام، استكمل الملك عبد العزيز توحيد الحجاز، ودخلت الليث والقنفذة تحت حكمه.

حاصرت قواته جدة، وضمت المدينة المنورة سلمًا. استسلم الحسين ووُقعت اتفاقية جدة عام 1925، وبذلك توحد الحجاز مع الدولة السعودية. في يناير 1926، بُويع الملك عبد العزيز ملكًا على الحجاز. استكمل الملك عبدالعزيز حملات التوحيد في منطقة جازان وتهامة عسير جنوب غربي الجزيرة العربية.

بعد أن بقيت تلك البلاد تحت حمايته أربعة أعوام بموجب معاهدة مكة المكرمة، التي عُقدت بين الملك المؤسس والحسن الإدريسي في 14 ربيع الآخر 1345هـ/21 أكتوبر 1926م، حيث أرسل الملك المؤسس قواته إليها وتنازل له الحسن عن الحكم  في 1349هـ/1930م.

تأسيس الشكل الحديث للمملكة العربية السعودية

تسمية الدولة ونظام الحكم

تم إطلاق اسم المملكة العربية السعودية على البلاد بأمر ملكي من الملك عبدالعزيز بعد إنجاز توحيد جميع أجزائها، وقد صدر هذا الأمر بتاريخ 17 جمادى الأولى عام 1351هـ الموافق 19 سبتمبر عام 1932م، وتم تحديد يوم 23 سبتمبر ليكون اليوم الوطني وإعلانًا لتوحيد المملكة.

كما أُطلق عليه لقب ملك المملكة العربية السعودية، وتأسست الدولة على أنها دولة عربية إسلامية ذات سيادة كاملة، وتعتبر اللغة العربية لغتها الرسمية، والإسلام دينها، والرياض عاصمتها، والدستور هو القرآن الكريم وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتم وضع أسس الحكم على مبادئ: العدل، والوحدة الوطنية، والمساواة، والشورى.

بعد ضم الحجاز، بدأت خطوات تأسيس الحكومة تدريجيًا، حيث كان الملك عبدالعزيز يهدف إلى إنشاء هياكل إدارية تتناسب مع الدولة الحديثة. فمنذ وصوله إلى مكة المكرمة، جمع أعيانها وعلماءها، وطلب منهم اختيار أعضاء لمجلس استشاري.

تحقيقًا لهذا الهدف، عُقد اجتماع مع الأهالي في 22 جمادى الأولى 1343هـ الموافق 19 ديسمبر 1924م، وتم تأسيس المجلس الأهلي الذي تطور لاحقًا ليصبح مجلس الشورى. في عام 1346هـ الموافق 1927م، تشكل أول مجلس من أعضاء متفرغين، وكان مقره في مكة المكرمة.

كما عيّن الملك عبدالعزيز ابنه الأمير فيصل نائبًا له على الحجاز، وشكل مجلسًا تنفيذيًّا يتألف من رؤساء الدوائر الحكومية. ثم تطور هذا المجلس ليصبح مجلس الوكلاء برئاسة النائب العام، وضم في عضويته وكيلي الخارجية والمالية، ورئيس الديوان ومعاونه، ونائب رئيس مجلس الشورى.

بعد زيادة عدد الوزارات من ثلاث عند إعلان توحيد المملكة (الخارجية، والمالية، والداخلية) إلى خمس وزارات (الداخلية، والصحة، والمواصلات، والمعارف)، إضافة إلى المديرية العامة للحج، والمديرية العامة للبترول والمعادن، حل مجلس الوزراء محله في عام 1373هـ الموافق 1953م.

كان من المقرر افتتاح مجلس الوزراء في 1 ربيع الآخر 1373 هـ الموافق 7 ديسمبر 1953م، لكن وفاة الملك عبدالعزيز بعد شهرين أدت إلى تأجيل الافتتاح إلى 2 رجب 1373 هـ الموافق 7 مارس 1954م في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود.

تحديد إدارة المقاطعات

كانت التقسيمات الإدارية للأقاليم المترامية الأطراف للدولة ضرورة ملحة للملك عبدالعزيز، نظرًا لما تقتضيه الظروف البيئية وصعوبة التنقل وتوزع السكان من متطلبات أمنية، فاعتمد الملك عبدالعزيز تقسيم المنطقة الشمالية من المملكة إلى قسمين: مفتشية للحدود الغربية، ومفتشية أخرى للحدود الشمالية.

وقبل ضم الحجاز، كانت المقاطعات الأساسية تتألف من: نجد والقصيم والأحساء ومنطقة عسير وحائل ثم جيزان ونجران وحائل، وكان الملك عبدالعزيز يرسل وفود تفتيشية إلى شتى المناطق، ويتابع بشكل مباشر الإنجازات الإدارية للدولة مع النائب العام في نهاية كل عام.

وعين على هذه المقاطعات 64 أميرًا، يتمتع كل منهم بصلاحية التصرف في شؤون إمارته وفقًا لما يراه متوافقًا مع الأعراف والعادات السائدة، ما لم تصدر توجيهات مخالفة من الملك، واستمر الأمر على هذا النحو إلى أن صدر نظام الأمراء والمجالس الإدارية بتاريخ 13 محرم 1359 هـ الموافق 22 فبراير 1940م، والذي حدد بدقة صلاحيات ومسؤوليات كل من أمراء المقاطعات والمجالس الإدارية.

ولاية العهد

تاريخ المملكة: في غضون فترات غيابه عن نجد، كان الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود يوكل مهمة إدارة شؤون المنطقة إلى ابنه الأكبر، الأمير سعود، كما أنه كان يضمه في صفوف معارك توحيد أراضي البلاد، بالإضافة إلى تكليفه بقيادة الجيش في بعض من هذه المعارك.

وبعد أن تقدم مجلسا الوكلاء والشورى باقتراح للملك عبدالعزيز يقضي بتعيين الأمير سعود في منصب ولي العهد، أصدر الملك عبدالعزيز مرسومًا ملكيًّا يقضي بالموافقة على هذا الاقتراح، وبناء عليه، جرت مبايعة الأمير سعود وليًّا للعهد بتاريخ 27 محرم من عام 1352هـ الموافق 22 مايو من عام 1933م، علاوة على ذلك، تولى الأمير سعود قيادة القوات المسلحة بتاريخ 15 ذي الحجة من عام 1372هـ الموافق 24 أغسطس من عام 1953م.

النائب العام في الحجاز

بعد أن وسّع الملك المؤسس عبدالعزيز رقعة حكمه لتشمل منطقة الحجاز، واستنادًا إلى الهيكل الإداري الذي كان معمولًا به فيها، أنشأ منصبًا جديدًا في الدولة. وعيّن لهذا المنصب ابنه الأمير فيصل، ليصبح رئيسًا لحكومة الحجاز والمسؤول الأول عن جميع الدوائر الحكومية.

وذلك تحت مسمى النائب العام لجلالة الملك، وكان ذلك بتاريخ 28 جمادى الآخرة 1344هـ الموافق 13 يناير 1926م. يذكر أن الأمير فيصل قد شارك قبل هذا التعيين في العديد من الحملات العسكرية والمهام السياسية الداخلية.

العلاقات الخارجية للمملكة العربية السعودية

في إطار توحيد المملكة، قام الملك عبد العزيز بعدة زيارات لدول مختلفة منذ توليه حكم نجد، حيث كانت أولى هذه الزيارات إلى دولة الكويت في شهر محرم عام 1335هـ الموافق لشهر نوفمبر عام 1916م، وفي نفس العام توجه إلى البصرة في دولة العراق للقاء كبار المسؤولين البريطانيين.

ثم عاد مرة أخرى إلى العراق في 23 رمضان 1348هـ الموافق 22 فبراير 1930م، وذلك للقاء الملك فيصل بن الحسين، الذي كان يشغل منصب ملك العراق في ذلك الوقت، وفي اليوم الذي تلاه، توجه إلى دولة البحرين للقاء الشيخ عيسى بن خليفة، أمير البحرين، وبعد مرور عشر سنوات، عاد مرة أخرى إلى البحرين في 12 ربيع الأول 1358هـ الموافق 2 مايو 1939م، حيث التقى بالشيخ حمد بن عيسى.

في الثاني من ربيع الأول عام 1364هـ الموافق 14 فبراير عام 1945م، سافر الملك عبد العزيز إلى دولة مصر، حيث التقى بالرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت على متن الطراد الأمريكي كوينسي في منطقة البحيرات المرة بقناة السويس. وبعد يومين.

وبالتحديد في الرابع من ربيع الأول الموافق 16 فبراير، التقى بالملك فاروق ملك مصر، والرئيس شكري القوتلي رئيس دولة سوريا، وذلك في فندق الأوبرج المطل على بحيرة قارون في الفيوم. وفي اليوم التالي، الخامس من ربيع الأول الموافق 17 فبراير.

التقى برئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل ووزير خارجيته إيدن في فندق الأوبرج نفسه على بحيرة قارون. وفي العام التالي، وتحديدًا في 7 صفر 1365هـ الموافق 10 يناير 1946م، قام بزيارة رسمية لمقابلة الملك فاروق.

اتفاقيات تعيين حدود المملكة

تأسست المملكة العربية السعودية في فترة شهدت أحداثًا دولية كبيرة مثل الحربين العالميتين. الملك عبدالعزيز حافظ على استقلال المملكة بالتزامه بالحياد خلال الحرب العالمية الثانية. كما أبرم حوالي 20 اتفاقية مع الدول المجاورة لتحديد الحدود وحسن الجوار، معتمدًا على مبدأي الرضا والتنازل المتبادل.

كانت سياسة الملك عبدالعزيز تركز على بناء علاقات قوية مع دول الجوار وتثبيت الحدود. أولى هذه الجهود كانت ترسيم الحدود مع الكويت في الشمال الشرقي. تم عقد مؤتمر العُقير برئاسة المندوب السامي البريطاني في العراق، بيرسي كوكس، الذي اختير حكمًا بين الطرفين. نتج عن المؤتمر اتفاقية لتحديد الحدود بين الدولتين، ووقعت في 2 ديسمبر 1922.

شملت اتفاقية العُقير تسوية المشكلات الحدودية مع العراق، وإنشاء منطقة محايدة بينهما لرعي القبائل بحرية ومنع إقامة أي مخافر. ومع ذلك، استمرت بعض الغارات القبلية، مما استدعى تدخل الحكومة العراقية والمندوب السامي البريطاني.

دعت الحكومة البريطانية إلى مؤتمر في الكويت لحل المشاكل الحدودية، لكن لم يتم التوصل لاتفاق. لاحقًا، تم توقيع اتفاقية بَـحْـرَة في 31 أكتوبر 1925، بين الملك عبدالعزيز والحكومة البريطانية ممثلةً عن العراق. وفي اليوم التالي، تم توقيع اتفاقية حَـدَّة لتعيين الحدود بين الأردن والسعودية، حيث مثلت الحكومة البريطانية الأردن.

بعد معارك على الحدود الجنوبية مع اليمن، تدخلت دول عربية لعقد صلح. وافق الملك عبدالعزيز على الصلح وأمر بوقف إطلاق النار. تم توقيع معاهدة الطائف بين الوفدين اليمني والسعودي في 20 مايو 1934. باعتبار المملكة دولة ساحلية تطل على الخليج العربي والبحر الأحمر.

أصدر الملك عبدالعزيز مرسومًا ملكيًّا في 28 مايو 1949، لاعتماد امتداد المياه الإقليمية للمملكة بمسافة 12 ميلًا بحريًّا، والمنطقة الملاصقة بستة أميال بحرية. هذا يعني سيادة المملكة على كامل بحرها الإقليمي ومجالها الجوي وقاع البحر وباطن أرضه.

الملك عبد العزيز

معاهدات الصداقة الدولية

بريطانيا: معاهدة دارين 18 صفر 1334هـ/26 ديسمبر 1915م.

ألمانيا: 16 ذو القعدة 1347هـ/26 أبريل 1929م.

تركيا: 27 صفر 1348هـ/3 أغسطس 1929م.

إيران: 18 ربيع الأول 1348هـ/24 أغسطس 1929م.

العراق: 20 ذو القعدة 1349هـ/7 أبريل 1931م.

إيطاليا: 3 شوال 1350 هـ/10 فبراير 1932م.

الأردن: 5 ربيع الآخر 1352 هـ/27 يوليو 1933م.

أفغانستان: 1 ذو الحجة 1352 هـ/17 مارس 1934م.

باكستان: 25 صفر 1371هـ/25 نوفمبر 1951م.

الصين: 22 ذو الحجة 1365هـ/15 نوفمبر 1946م.

فرنسا: 29 جمادى الآخرة 1350 هـ/10 نوفمبر 1931م.

الكويت: 4 ربيع الآخر 1361 هـ/20 أبريل 1942م.

مصر: 16 صفر 1355 هـ/7 مايو 1936م.

اليمن: 5 شعبان 1350هـ/16 ديسمبر 1931م.

إنشاء وزارة الخارجية

قبل أن يضم الملك عبد العزيز منطقة الحجاز، كان يدير بنفسه شؤون العلاقات مع الدول الأخرى، سواء عن طريق المراسلات المباشرة مع الحكومات الأجنبية أو بالإشراف على هذه المراسلات، مستعينًا ببعض ذوي الخبرة من رجاله، نظرًا لأن سلطنة نجد في ذلك الوقت لم تكن على تواصل واسع بالعالم الخارجي، وكانت علاقاتها محدودة بالدول المجاورة التي تربطها بها مصالح مشتركة.

وعقب إخضاع الحجاز لحكمه في ربيع الأول عام 1344هـ الموافق 1926م، بدأ الملك المؤسس في إرساء قواعد للعلاقات الدولية مع مختلف الدول الأجنبية وفقًا للقوانين والأعراف الدولية السائدة آنذاك، ونتيجة لذلك، تم إنشاء مديرية للشؤون الخارجية، وعُين عبدالله الدملوجي مديرًا لها.

واستمرت هذه المديرية في عملها حتى صدر أمر ملكي في رجب عام 1349هـ الموافق ديسمبر 1930م بتحويلها إلى وزارة رسمية، وتعيين الأمير فيصل، الابن الثاني للملك المؤسس، وزيرًا لها، وتعيين فؤاد حمزة وكيلًا للوزارة، لتكون بذلك أول وزارة يتم تأسيسها رسميًا في حكومة المملكة.

أصول السياسة الداخلية للملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود

تم ترسيخ الهوية الوطنية في المملكة العربية السعودية باختيار شعار المملكة المكون من السيفين والنخلة والعلم الأخضر في عام 1351هـ/1932م، وذلك خلال فترة حكم المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود. وقد ساهم هذا الشعار، الذي يرمز إلى العدل والرخاء والوحدة، في تعميق المشاعر الإيجابية وتعزيزها لدى المواطنين.

حيث انعكست رغبة السكان في الأمن والاستقرار في هذا الرمز الجامع. تجسدت هذه المرحلة بقيادة الملك المؤسس، عبدالعزيز آل سعود، الذي تحلى بالشجاعة والحكمة والإحساس بالمسؤولية، وهي صفات قادت البلاد نحو الوحدة والازدهار.

تم إنجاز الكثير من الأعمال والمبادرات التي بدأت بتوطين القبائل، مما ساهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي وتعزيز الوحدة الوطنية. بالإضافة إلى ذلك، جرى نشر المعرفة والتعليم من خلال إنشاء المدارس وتوفير فرص التعلم للجميع، مما أدى إلى رفع مستوى الوعي والثقافة في المجتمع.

كما أولى الملك المؤسس اهتماماً بالغاً بالحرمين الشريفين، فتم تنفيذ اللازم من المشروعات لخدمة قاصديهما من الحجاج والمعتمرين وتوفير الأمن في مسالك الحج، وذلك لتيسير أداء المناسك وضمان سلامة الزوار. كما أولى الملك عبد العزيز عناية فائقة بالمشاعر المقدسة، وأمر بإنشاء الطريق الواصل بين جدة ومكة المكرمة لتسهيل حركة المرور وتقليل الازدحام.

الوحدة الوطنية وتوطين البادية

الاستقرار السكاني كان من بين الإنجازات الاجتماعية الجليلة التي أولاها الملك عبدالعزيز اهتمامًا بالغًا، وتجسد ذلك في مشروع التوطين وإنشاء الهجر الذي شكل جزءًا لا يتجزأ من مشروع الوحدة الوطنية. وقد أثمر هذا المشروع عن استقرار أعداد كبيرة من القبائل والبدو الرحل، وانخراطهم الفاعل في المجتمع، ومساهمتهم جنبًا إلى جنب مع إخوانهم في المناطق الحضرية في مسيرة توحيد المملكة وتنميتها.

ولقد وضع الملك عبدالعزيز سياسة محكمة لتحقيق هذا الهدف، بدأت بتحديد المواقع التي تتوفر فيها مصادر المياه الصالحة للاستيطان وتخصيصها للقبائل، بالإضافة إلى تقديم الدعم اللازم لبناء المساجد والمساكن. كما حرص على إيفاد طلبة العلم والمرشدين لتعليم أبناء القبائل في الهجر أصول الدين الحنيف وتحفيظهم القرآن الكريم.

ونتيجة لهذه الجهود، تحولت الهجر إلى مراكز حضارية نابضة بالحياة والنشاط، خاصة في القطاع الزراعي، حيث اتجه السكان نحو الاستقرار والعمل بالزراعة. وانتشرت التجمعات السكانية الحديثة في مختلف أنحاء المملكة، حتى في المناطق التي كانت تعاني من قلة السكان المستقرين. يُذكر أن عدد الهجر التي أنشأها الملك عبدالعزيز يقدر بنحو 200 هجرة، والتي توسعت فيما بعد لتصبح مدنًا صغيرة متكاملة الخدمات وتنعم بالأمن والرخاء.

تنظيم شؤون القضاء

بعد دخول الملك عبد العزيز إلى مدينة الرياض وتأسيس دولته الحديثة، أعطى الأولوية لإرساء العدل والمساواة في جميع أنحاء الدولة، وذلك بتطبيق أحكام القانون على الجميع دون تمييز، استنادًا إلى الشريعة الإسلامية السمحة المستمدة من القرآن الكريم وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

ففي منطقة نجد والمناطق التابعة لها، تم تفويض مهمة القضاء إلى قضاة مستقلين في المدن الرئيسية، بحيث يكون لكل مدينة قاض ينظر في مختلف القضايا والأحداث التي تقع داخل حدود مدينته والمناطق المجاورة لها. ثم وضع الملك عبد العزيز الأساس لإنشاء القضاء السعودي.

وأسس أول رئاسة للقضاة في الحجاز بمكة المكرمة في 24 رجب 1344 هـ الموافق 7 فبراير 1926م، والتي أوكلت إليها مهمة الإشراف على المحاكم الشرعية في الحجاز والمناطق التابعة لها. وفي إقليم الحجاز، أصدر مرسومًا ملكيًّا بتأسيس المحاكم في 21 صفر 1346هـ الموافق 20 أغسطس 1927م.

وتم تقسيم المحاكم إلى ثلاث درجات: محاكم الأمور المستعجلة والمحاكم الجزئية، والمحاكم الكبرى ومحاكم الملحقات، وتعتبر هذه المحاكم محاكم عامة بالإضافة إلى هيئة المراقبة القضائية. وإلى جانب هذه المحاكم، أُنشئ المجلس التجاري، الذي يقوم بدور المحكمة المختصة بالنظر في القضايا التجارية.

اهتمام الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود بالتعليم

منذ بداية رحلته لتوحيد أرجاء المملكة، أولى الملك عبد العزيز اهتمامًا بالغًا بالجانب العلمي، فكان يجلّ العلماء ويحرص على وجودهم في مجلسه سواء في الإقامة أو الترحال، بل واصطحب بعضهم في تحركاته العسكرية. وتجسد اهتمامه بالعلم في إشرافه المباشر على تطوير التعليم، وتوفيره مجانًا للجميع.

بالإضافة إلى تخصيص مكافآت قيمة لطلاب بعض المدارس والمعاهد والكليات. وكانت باكورة هذه الجهود في عام 1344هـ/1925م، تأسيس مديرية المعارف العامة لتكون الجهاز التنظيمي المسؤول عن تطوير التعليم والتوسع في نطاقه، الأمر الذي أثمر عن إنشاء المدارس الحكومية في معظم مناطق البلاد.

وفي العام التالي 1345هـ/1926م، تم افتتاح المعهد العلمي السعودي بهدف إعداد معلمين أكفاء للمرحلتين الابتدائية والأولية.

إيمانًا منه بأهمية تطوير قدرات أبناء شعبه وتعليمهم مختلف العلوم في أنحاء العالم، وثقته باستعدادهم لتلقي المعارف والعلوم، أطلق الملك عبد العزيز فكرة الابتعاث الخارجي في عام 1346هـ/1927م، حيث تم إرسال أولى البعثات للدراسة في مصر.

وبعد مرور ثمانية أعوام، خُصصت مدرسة تحضير البعثات في عام 1354هـ/1935م. وشهدت البلاد بعد ذلك انتشارًا واسعًا للمدارس، وافتُتحت مدارس متخصصة منها دار التوحيد في الطائف عام 1364هـ/1945م، والتي تعنى بتدريس علوم الدين وفروعه واللغة العربية.

ثم افتُتح المعهد العلمي في الرياض، ومدارس أخرى ذات تخصصات علمية وعسكرية. وفي النهاية، وُضعت النواة الأولى للتعليم الجامعي في المملكة بإنشاء كلية الشريعة في مكة المكرمة عام 1369هـ/1950م، ثم كلية الشريعة في الرياض عام 1373هـ/1954م.

الاهتمام بالصحة في عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود

اهتم الملك عبدالعزيز بالصحة أيّما اهتمام، فأمر بإنشاء المستوصفات والمراكز الصحية في مختلف أرجاء المملكة. وفي عام 1344هـ الموافق 1925م، تأسست مصلحة الصحة العامة، التي أُنيط بها مهمة الإشراف على تنظيم وتطوير الشؤون الصحية داخل البلاد.

وإضافة إلى ذلك، شهد عهده إنشاء العديد من المرافق الطبية في مناطق المملكة المختلفة، وتشكيل فرق طبية متنقلة تجوب أنحاء البلاد لتقديم العلاج والرعاية الصحية اللازمة للسكان في القرى والبوادي. ولم يقتصر اهتمام الملك المؤسس على إنشاء المنشآت الطبية فحسب.

بل امتد ليشمل التعاون مع المنظمات والهيئات العالمية، بهدف الاستفادة من خبراتها، خاصة في مجال الوقاية من الأوبئة. وفي عام 1370هـ الموافق 1951م، تحولت مصلحة الصحة العامة إلى وزارة الصحة، وعُيّن الأمير عبدالله الفيصل وزيرًا للصحة والداخلية معًا، وشهدت الرعاية الصحية تطورًا ملحوظًا، حيث زُودت بمعدات وأجهزة حديثة ومتطورة.

رعاية شؤون الحرمين الشريفين

شرع الملك عبد العزيز في أعمال الترميم في الحرمين الشريفين فور وصوله إلى الحجاز. في عام 1925م، أصدر أمرًا ملكيًا لترميم المسجد الحرام وتحديثه وتكسيته بالرخام.

  • في عام 1926م: أمر بإنشاء سرادقات في ساحة المسجد لحماية الحجاج من الشمس.
  • في عام 1927م: شملت الإصلاحات ترميم ودهان المسجد وإصلاح مظلة إبراهيم وقبة زمزم وشاذروان الكعبة.
  • أمر بإنشاء: مظلات على حافة صحن المطاف واستبدالها لاحقًا بمظلات ثابتة.
  • تم تأسيس: مصنع خاص لتصنيع كسوة الكعبة المشرفة.
  • بين عامي 1926 و1927م: تم تبليط المسعى بالحجر الصوان، وتجديد سبيل ماء زمزم وإنشاء سبيلين جديدين.
  • في عام 1935م: تم إصلاح الحجر المفروش على مدار المطاف وأرض الأروقة، وترميم وتكسية المسجد بالرخام.
  • في عام 1947م: تم تجديد سقف المسعى وصنع باب جديد للكعبة من الفضة.
  • في عام 1951م: تم تكسية الواجهات المطلة على المسجد الحرام وساحاته بالرخام.
  • في عام 1926م: زار الملك عبد العزيز المدينة المنورة واطلع على احتياجات المسجد النبوي.
  • في عام 1929م: تم إصلاح هبوط أرض الأروقة نتيجة لتجمع مياه الأمطار.
  • في عام 1931م: تم إصلاح الخلل في بعض الأعمدة والسواري.
  • في عام 1949م: أعلن الملك عبد العزيز عن نيته في توسعة المسجد النبوي، وبدأت الأعمال التمهيدية في عام 1951م.

التنظيم الاقتصادي في عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود

اعتمدت المالية العامة في عهد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، رحمه الله، بشكل أساسي على الزكاة كمورد دخل رئيسي للدولة. كانت الزكاة تجمع من المواطنين والمقيمين وفقًا للشريعة الإسلامية، وتوجه لخدمة المجتمع وتلبية احتياجات الدولة الناشئة.

بالإضافة إلى ذلك، كانت الثروة الحيوانية، من إبل وأغنام وماعز، المنتشرة في أنحاء البلاد، تمثل موردًا هامًا، إلى جانب محاصيل الزراعة المتنوعة التي كانت تجنى في مختلف المدن والواحات مثل النخيل والحبوب.في مرحلة لاحقة، وبحكمة ورؤية ثاقبة.

عمل الملك المؤسس على تنويع مصادر الدخل للدولة لتجنب الاعتماد الكلي على الموارد التقليدية. اتخذ خطوات مهمة نحو تحقيق الاستقلال المالي، وذلك عبر فرض الجمارك على السلع والبضائع التي تدخل عبر الموانئ الشرقية والغربية للمملكة. ساهمت هذه الخطوة في تعزيز الإيرادات العامة وتحسين الوضع الاقتصادي للدولة.

ثم جاء اكتشاف النفط في المملكة العربية السعودية ليحدث نقلة نوعية غير مسبوقة في الاقتصاد الوطني. بدأ استخراج النفط بكميات تجارية في ثلاثينات القرن الماضي، مما أسهم في تدفق الثروات وتحسين البنية التحتية. أحدث هذا الاكتشاف تحولًا جذريًا في جميع جوانب الحياة.

وساهم في تسريع وتيرة التقدم والنمو الذي شهدته المملكة في مختلف المجالات، من التعليم والصحة إلى الإسكان والنقل. بدأ النفط يلعب دورًا محوريًا في المالية العامة، مما عزز مكانة المملكة كقوة اقتصادية عالمية.

نشأة وزارة المالية

في سياق الإدارة المالية، بدأت أولى خطوات التنظيم المالي في منطقة الحجاز بتشكيل لجنة بأمر من الملك عبدالعزيز في مكة المكرمة عام 1344هـ الموافق 1925م، وذلك بهدف دراسة الأوضاع المالية. بعد ذلك بعامين، تم إنشاء مديرية للمالية في مكة المكرمة لتولي الشؤون المالية.

بينما استمر الوضع في مالية جدة كما هو، مع تغيير مسمى المسؤول إلى أمين الأموال. لاحقًا، دُمجت الدوائر المالية في كل من مكة المكرمة وجدة تحت إدارة موحدة عُرفت باسم وكالة المالية العامة، وتولى عبدالله بن سليمان الحمدان منصب الوكيل.

وفي 11 ربيع الآخر 1351هـ الموافق 14 أغسطس 1932م، تحولت الوكالة إلى وزارة، وتولى عبدالله بن سليمان منصب الوزير. وُضع نظام جديد للوزارة ينص على كونها الجهة المسؤولة عن تنظيم وحفظ أموال الدولة، وإدارة إيراداتها ومصروفاتها.

توسعت اختصاصات وزارة المالية وتزايدت مسؤولياتها، وأصبحت جميع الإدارات المالية في المملكة تابعة لها، بالإضافة إلى ارتباط إدارات أخرى بها مثل إدارات الحج، والدفاع، والزراعة، والأشغال العامة، والطرق، والسيارات، والتعدين، قبل أن تُفصل عنها لاحقًا.

شهد عام 1348هـ الموافق 1929م أول محاولة لإعداد ميزانية للمملكة، وبعد مرور خمس سنوات، تم إقرار أول ميزانية رسمية، حيث تم تفصيل الإيرادات التي بلغت 14 مليون ريال. وفي عام 1367هـ الموافق 1948م، شهدت الميزانية زيادة ملحوظة تجاوزت 200 مليون ريال.

اكتشاف النفط في المملكة

تم التركيز على استكشاف النفط والمعادن في أراضي المملكة العربية السعودية من قبل الملك عبد العزيز بعد الاكتشافات النفطية الهائلة حول العالم. في عام 1923م (1342هـ)، منح الملك عبد العزيز امتيازًا نفطيًا لشركة النقابة الشرقية الإنجليزية، وهي شركة بريطانية.

ولكنها لم تحقق أي نتائج إيجابية من عمليات التنقيب، مما دفع الملك عبد العزيز إلى إنهاء الاتفاقية في عام 1928م (1347هـ). بعد ذلك، كُلف الجيولوجي تويتشل بدراسة احتمالية وجود معادن في البلاد، خاصة بعد اكتشاف النفط بكميات تجارية في جبل الدخان بالبحرين عام 1932م (1351هـ)، نظرًا للتشابه الجيولوجي بين المنطقة الشرقية والبحرين.

تم توقيع اتفاقية امتياز بين المملكة وشركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا (سوكال)، وأُنشئت شركة تابعة لها باسم شركة كاليفورنيا العربية للزيت (كاسوك) لإدارة هذه الاتفاقية. في عام 1935م (1354هـ)، بدأت أعمال حفر الآبار، وفي عام 1938م (1357هـ).

تكللت جهود التنقيب بالنجاح باكتشاف النفط بكميات تجارية من بئر الدمام رقم 7، التي أُطلق عليها اسم بئر الخير. لاحقًا، تم تغيير اسم الشركة إلى شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو)، ووصل إنتاج النفط الخام إلى 500 ألف برميل يوميًا في عام 1949م (1368هـ).

أنجزت الشركة خط الأنابيب لنقل النفط (التابلاين) الذي يمتد بطول 1,617 كم، ويربط المنطقة الشرقية في المملكة بالبحر الأبيض المتوسط، مما سهّل تصدير النفط إلى أوروبا. بعد عامين من التنقيب في مياه الخليج العربي، تم اكتشاف حقل السفانية في عام 1951م (1370هـ)، الذي يُعد أكبر حقل نفط بحري في العالم.

تكوين القطاع العسكري في المملكة العربية السعودية

الملك عبد العزيز عمل بجد لتأسيس الأمن والاستقرار في المملكة العربية السعودية. أنشأ أنظمة أمنية جديدة لحماية الناس وخاصة الحجاج. أسس قوات مشاة، شرطة، ووحدات للمرور، ودرب الضباط وعمل مع خبراء لتطوير الأجهزة الأمنية.

قبل توحيد المملكة، كانت الفوضى تعم الجزيرة العربية. عندما بدأ الملك عبد العزيز في توحيد البلاد، وضع أنظمة لتعزيز الأمن، مثل توطين البادية، مما ساعد على استقرار القبائل. بعد توحيد الحجاز، اهتم بأمن الحجاج وأمر بتنظيم الشرطة وإنشاء مديرية الشرطة في مكة. كما أنشأ أول جهاز لأمن الطرق لتأمين المسافرين بين مكة والمدينة.

خلال توحيد البلاد، كان جيش الملك عبد العزيز يتكون من رجال البادية والحاضرة. هذان الجيشان شكلا النواة الأولى للجيش العربي السعودي، الذي كان أول قوة عسكرية نظامية في المملكة. في عام 1929، أمر الملك بتطوير الجيش من حيث التنظيم والتسليح.

أنشأ الملك عبد العزيز قوة جوية لحماية سماء المملكة. في عام 1926، أمر بتأسيس قوة الطيران الحجازية النجدية. ثم اشترى طائرات حديثة وأنشأ لها أول مطار، وطور القوات الجوية بإنشاء مدرسة للطيران وإرسال بعثات للخارج.

التأسيس التنموي في عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود

المواصلات

اهتم المؤسس الملكي بشكل كبير بقطاع المواصلات، فقام بإدخال السيارات إلى أراضي المملكة بغرض الاستخدام الشخصي ولخدمة المصالح الحكومية الرسمية، إضافة إلى نقل البضائع والركاب والحجاج، وشرعت الدولة في تعبيد الطرق التي تربط مناطق المملكة المختلفة.

وفي عام 1371هـ/1952م، تم إنشاء أول خط سكة حديد يربط بين مدينتي الدمام والرياض، وتوجه الاهتمام بعد ذلك إلى المواصلات الجوية، حيث بادرت الحكومة بشراء أربع طائرات مدنية، وسرعان ما تضاعف هذا العدد في فترة وجيزة، وتم تأسيس إدارة الخطوط الجوية السعودية.

وكان مطار جدة آنذاك أول مطار مدني يتم إنشاؤه، ولم يغفل الملك عبدالعزيز -رحمه الله- أهمية المواصلات البحرية، فعمل على تأسيس أول أسطول بحري للنقل، كما اهتم بتطوير وتحسين الموانئ البحرية الواقعة في الجهتين الغربية والشرقية من المملكة، بالإضافة إلى إنشاء موانئ جديدة، من بينها: ميناء جدة الإسلامي على ساحل البحر الأحمر، وميناء الدمام على ساحل الخليج العربي.

الاتصالات

في قطاع الاتصالات، تجلّت مساعي حكومة الملك عبد العزيز في انضمام المملكة إلى الاتحاد البريدي الدولي، وإبرام جملة من الاتفاقيات مع مختلف الدول لتسهيل التواصل الهاتفي والتلغرافي والبريدي معها. كما عملت الحكومة على إرساء بنية تحتية متينة عبر إنشاء شبكة هاتفية شاملة تربط مناطق المملكة كافة.

بالإضافة إلى ابتعاث العديد من الطلاب للدراسة في الخارج واكتساب الخبرات الفنية والإدارية اللازمة في هذا المجال. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل شمل تأسيس معاهد ومدارس للتعليم والتدريب على اللاسلكي في كل من مكة المكرمة والرياض.

المياه والزراعة

اهتمامًا بتوفير المياه وتنمية الزراعة في أرجاء المملكة، بادر الملك عبدالعزيز بجهود حثيثة، ففي عام 1350هـ/1931م، استقدم خبراء متخصصين للكشف عن موارد المياه، وتبعتها في عام 1353هـ/1934م، أول بعثة فنية معنية بتطوير القطاع الزراعي، واستمرت الدراسات والبعثات المتخصصة إلى أن أُسست مديرية الزراعة في عام 1367هـ/1948م.

وتم افتتاح فروع لها في مختلف مناطق المملكة، ومن بين إنجازاتها تركيب جهازين كبيرين لتقطير المياه في جدة عام 1345هـ/1926م، وإنشاء عين الوزيرية عام 1352هـ/1933م، ثم تلتها العين العزيزية في عام 1366هـ/1947م، كما قام الملك المؤسس بتشكيل لجنة خاصة لتطوير عين الزرقاء في المدينة المنورة، بالإضافة إلى هيئة عين زبيدة في عام 1353هـ/1934م.

وفي سياق متصل، أولت حكومة الملك عبدالعزيز اهتمامًا بإصلاح السدود المائية وحفر الآبار الارتوازية، وقامت بإعفاء المعدات الزراعية من الرسوم الجمركية، واستوردت الآلات والمعدات اللازمة لدعم المزارعين، بالإضافة إلى تقديم المساعدات لصغار المزارعين وإنشاء مصارف مخصصة لتقديم القروض لهم.

ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل شمل أيضًا تعليم المزارعين أساليب الزراعة الحديثة وحماية المحاصيل من الآفات، وإطلاق مشروع الخرج الزراعي، واستصلاح الأراضي، وزراعة محاصيل جديدة، وإنشاء ورش ميكانيكية لصيانة مضخات المياه والآلات الزراعية.

الإذاعة السعودية

تم إطلاق الإذاعة السعودية في عهد الملك المؤسس، إيمانًا منه بأهمية مواكبة المملكة الحديثة للتطورات الحضارية العالمية. تجسد هذا الاهتمام بصدور مرسوم ملكي في 23 رمضان 1368هـ الموافق 19 يوليو 1949م، وضع فيه الملك عبدالعزيز الأسس العامة للإذاعة السعودية.

مؤكدًا على ضرورة التحلي بالصدق والأمانة والموضوعية في كل ما يتم نقله، والالتزام بالأخلاق من خلال تجنب الشتم والتعريض بالآخرين، وعدم المبالغة في المدح بغير استحقاق، مع التشديد على الاهتمام بالشؤون الدينية وإذاعة القرآن الكريم والمواعظ الدينية.

تأسست أول محطة إذاعية سعودية في مدينة جدة، وبدأ إرسالها في 9 ذي الحجة 1368هـ الموافق 1 أكتوبر 1949م، الذي يوافق يوم عرفة. افتُتحت المحطة بكلمة ألقاها الأمير فيصل نيابة عن والده الملك المؤسس، وهنأ فيها الحجاج واستقبلهم في الأراضي المقدسة.

جاء إطلاق البث بعد توقيع اتفاقية مع شركة أجنبية لإنشاء محطة في جدة واستوديوهات إضافية في مكة المكرمة. وقد جرى توقيع هذه الاتفاقية بين حكومة المملكة والشركة في مقر السفارة السعودية بالقاهرة يوم الأربعاء 13 رجب 1368هـ الموافق 11 مايو 1949م.

الملك عبدالعزيز في ساحة قصر الحكم خلال احتفال عيد الفطر عام 1354هـ الموافق 1935م. (دارة الملك عبدالعزيز)

أخلاق وإنسانية الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود

الالتزام بالدين

تأسيس المملكة: لم يقتصر دور الملك عبد العزيز آل سعود على كونه مؤسسًا لدولة فحسب، بل كان استمرارًا للدولتين السعوديتين الأولى والثانية، اللتين هما بدورهما امتداد للدولة التي أُسست في شبه الجزيرة العربية على يد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بهدف نشر الدين وإرساء الأمن.

لقد أعاد الملك عبد العزيز أركان الاستقرار التي تلاشت في عهد الدويلات، وعمَّ بها معظم أنحاء الجزيرة العربية، مرتكزًا على أسس وطنية مجردة من التأثيرات الأيديولوجية، وذلك بعد الفوضى التي كانت سائدة في المنطقة.

التعامل مع خصومه

القيادة الحكيمة: عُرف الملك المؤسس، عبد العزيز آل سعود، بتوازنه الدقيق بين الشدة واللين، إذ كان يمتلك القدرة على الصفح والتسامح حتى مع أشد أعدائه وفي أصعب الأوقات، مع اهتمامه برعاية من قست عليهم الظروف من الشخصيات البارزة والأمراء.

محافظًا على احترامهم وتقديرهم بين الناس. وقد انتهج أسلوبًا فريدًا في معالجة خصومه بعد العفو عنهم، بتقريبهم إليه، مما جعلهم يتأثرون بأخلاقه الرفيعة وحسن تعامله، ليتحولوا إلى أوفى رجاله، حتى إن المحرضين عليه في السابق أصبحوا من أشد المناصرين له.

اهتمامه بالعائلة والأبناء

اهتمام الملك عبدالعزيز بالأسرة كان جليًا، حيث حرص على اجتماعهم اليومي على مائدة الغداء، وغالبًا ما كانت تنضم إليه بناته وأبناؤه المتزوجون. كما كان يجمعهم على العشاء بعد صلاة المغرب. وكان الأمير سعود، ولي عهده، يشاركه العشاء أحيانًا، نظرًا لاستضافته الولائم في منزله، وكذلك الأمير فيصل، نائب الملك في الحجاز، عند زيارته للرياض.

لم تكن تربية الملك عبدالعزيز لأبنائه قائمة على الترف، بل كان يعقد اجتماعًا سنويًا لأفراد أسرته، رجالًا ونساء، لتقديم النصح والتذكير بالأسس التي تقوم عليها البلاد: كتاب الله والسنة النبوية، وحثهم على التمسك بهما والمحافظة عليهما. كما كان يوجههم إلى حسن معاملة الناس، والاهتمام بالفقراء والمحتاجين، وصون حقوقهم.

يتذكر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز طفولته، مشيرًا إلى أن والده كان دائم المتابعة لهم في شتى الأمور، وخاصة الصلاة والدراسة، حيث كانوا يؤدون جميع الصلوات معه. أولى الملك عبدالعزيز اهتمامًا بالغًا بتعليم أبناء أسرته وأبناء شعبه.

فكلف المشايخ والمدرسين بتدريسهم، ومن بينهم المعلم محمد بن عبدالله السناري. ثم أنشأ مدرسة خاصة لأبنائه في القصر وعين لها مدرسين، مثل الأستاذ أحمد العربي في بداية تأسيس مدرسة الأمراء، والشيخ عبدالله خياط مدير المدرسة، وأحمد بن علي الكاظمي، وصالح خزامي، وعبدالحميد الكاظمي.

وحرصًا منه على متابعة أبنائه في الدراسة، كان يكلف محمد بن مسلم بالوقوف أمام المدرسة لمراقبة حضورهم وإبلاغه بمن يتغيب أو يتأخر. وكان يزور المدرسة باستمرار للاطلاع على مستواهم الدراسي وأداء معلميهم. كما كان يحرص على حضور حفل ختم القرآن الكريم لأبنائه.

تذكر المصادر، نقلًا عن الملك فيصل، أن الملك عبدالعزيز كان يجمع في أسلوبه التربوي بين الشدة والرحمة، ولم يكن يفرق بين أبنائه وأبناء شعبه، فالجميع عنده سواسية. كما كان يتجنب التكلف في الحديث، ويمازح أبناءه وجلساءه.

جوانب من حياة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود

أولاد الملك عبدالعزيز

بعد أن عقد الملك عبد العزيز رحمه الله، قرانه على عدد من السيدات، أقام علاقات نسب ومصاهرة متنوعة مع مختلف القبائل والشخصيات المرموقة. وقد رزق بالعديد من الأبناء والبنات، وتتضمن قائمة الأسماء ما يلي:

تركي الأول، سعود، فيصل، فهد الأول، محمد، خالد، ناصر، سعد، منصور، فهد الثاني، عبدالله، بندر، مساعد، عبد المحسن، مشعل، سلطان، عبد الرحمن، متعب، طلال، مشاري، بدر، تركي الثاني، نواف، نايف، فواز، سلمان، ماجد، ثامر، ممدوح.

عبد الإله، سطام، أحمد، مشهور، هذلول، عبد المجيد، مقرن، حمود، منيرة، نورة الأولى، سارة، شيخة، العنود، الجوهرة الأولى، دليل، موضي، حصة، البندري، قماشة، نوف، صيتة، هيا، سلطانة، نورة الثانية، مشاعل، مضاوي، جوزاء، لولوة، لطيفة، جواهر، الجوهرة الثانية، عبطاء، شعيع، فلوة، طرفة، فهدة.

الألقاب والأوسمة للملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود

ألقاب الملك عبد العزيز: حصل المؤسس على العديد من المسميات، ولكن اللقب الأقرب إلى قلبه كان “أبو تركي”، حيث كان يفضله على مناداته بـ “عظمة السلطان” أو “جلالة الملك”. بالإضافة إلى ذلك، كان يعتز بأخته الأميرة نورة، مفتخراً ومردداً: “أنا أخو نورة”. وقد عُرف بعدة ألقاب أخرى منها:

أمير نجد ورئيس عشائرها 1319هـ/1902م. سلطان نجد 1339هـ/1921م. سلطان نجد وملحقاتها 1340هـ/1922م. ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها 1344هـ/1926م. ملك الحجاز ونجد وملحقاتها 1345هـ/1927م. ملك المملكة العربية السعودية 1351هـ/1932م. كما نال عددًا من الأوسمة، هي:

من بريطانيا: الوشاح الأكبر من وسام الحمام العالي الشأن، والوشاح الأكبر من وسام نجمة الهند.

من الجمهورية الفرنسية: الوشاح الأكبر من وسام جوقة الشرف.

من إيطاليا: الوشاح الأكبر من وسام سان موريس ولازار، والوشاح الأكبر من وسام تاج إيطاليا.

من هولندا: الوشاح الأكبر من وسام الأسد الهولندي.

من العراق: الوسام الهاشمي، والوشاح الأكبر من وسام الرافدين.

المنهج السياسي للملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود

السياسة الحكيمة التي انتهجها الملك عبدالعزيز في قيادة البلاد تجلت في تفضيله الدائم للسلام، حيث أكد المقربون منه والمؤرخون أنه لم يلجأ إلى الحرب إلا كخيار أخير بعد استنفاد جميع الحلول السلمية مع خصومه. وتميزت مسيرته، منذ استعادة الرياض وحتى تأسيس الدولة وتوحيدها.

بمنهج واضح يقوم على الوحدة الوطنية لكيان مترامي الأطراف، وتعزيز قوة وسيادة الدولة في المنطقة بما يخدم الحرمين الشريفين. كما تجسد نهجه في إعطاء الأولوية للحلم والأناة قبل المواجهة، فعلى الرغم من مواجهة الملك المؤسس لأشكال متعددة من العصيان والتمرد ونقض العهو.

خاصة في المراحل الأولى لتأسيس الدولة، إلا أنه آثر الحلم والصفح. وفي خضم الحروب العالمية، حافظ على موقف الحياد الإيجابي، مما مكنه من حماية البلاد في فترة عصيبة شهدت فيها دول عديدة ويلات الحرب.

مكتبة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود الخاصة

كان الملك عبد العزيز محبًا للعلم والثقافة، وتجلى الجانب الثقافي في شخصيته من خلال مكتبته الضخمة التي خلفها، والتي ضمت أكثر من ثلاثة آلاف كتاب جمعها طوال حياته. احتوت المكتبة على تشكيلة متنوعة من المؤلفات والدوريات والمجلدات النادرة.

وكان شغوفًا بعلوم التفسير والعلوم الدينية المتوافقة مع الكتاب والسنة. كما اهتم بطباعة الكتب ونشرها على نفقته الخاصة، وشجع أبناءه والعلماء والمفكرين والمقتدرين على وقف الكتب ونشرها، مما ساهم في العناية بالكتب ودعم حركة النشر والمعرفة.

تضم المكتبة، التي تشرف عليها حاليًا دارة الملك عبد العزيز بصفتها الجهة المسؤولة عن خدمة تاريخ وتراث المملكة، مجموعة فريدة من المؤلفات والدوريات، وذلك انطلاقًا من حرصه على قراءة الكتب والاستفادة من علومها. نتيجة لذلك، ازداد حجم مكتبة الملك عبد العزيز الخاصة.

حتى أصبحت جزءًا مهمًا من قصر المربع، وكانت تقع في الطابق الأول. احتوت المكتبة على نوادر من المخطوطات القيمة التي ورثها الملك عبد العزيز عن آبائه، بالإضافة إلى ما وصل إليه عن طريق الإهداء أو الشراء. تتنوع الكتب المحفوظة في هذه المكتبة.

وتحمل في طياتها وعلى أغلفتها عبارات وشواهد تاريخية تبرز مكانة العلم في نفس الملك عبد العزيز. تتميز محتويات مكتبة الملك عبد العزيز الخاصة بحالتها الجيدة، رغم مرور أكثر من 100 عام على طباعة بعضها، وذلك بعد عملية الإحياء والتجديد التي شهدتها محتويات المكتبة.

تبنت دارة الملك عبد العزيز تنفيذ مشروع الملك فهد بن عبد العزيز لترميم وتجليد كتب مكتبة الملك عبد العزيز الخاصة، التي تعد الآن مصدرًا مهمًا من مصادر تاريخ السعودية الحديثة، خاصة فيما يتعلق بعلاقة الملك عبد العزيز بالعلم والمعرفة.

وفاة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود

بعد حياة حافلة بالإنجازات امتدت لما يقارب الثمانين عامًا، رحل المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود عن عالمنا، تاركًا إرثًا عظيمًا يشهد على رؤيته الثاقبة وجهوده الدؤوبة في بناء دولة حديثة ومزدهرة.

عايش الملك عبد العزيز في بواكير حياته فترة حكم الدولة السعودية الثانية وشاهد نهايتها في الرياض، وهي مرحلة حاسمة شكلت جزءًا كبيرًا من تصميمه على استعادة أمجاد أسرته وتوحيد البلاد تحت راية واحدة.

قضى الملك عبد العزيز سنوات صباه متنقلًا بعيدًا عن مركز أسرته، مما ساهم في تكوين شخصيته القيادية الفذة. هذه الفترة الصعبة أكسبته صلابة العود وعزيمة لا تلين، حيث تعلم الاعتماد على النفس واتخاذ القرارات الصعبة في وقت مبكر من حياته. هذه التجارب المبكرة كان لها دور كبير في صقل مهاراته القيادية التي قادته لاحقًا لتأسيس الدولة السعودية الحديثة.

استغرق توحيد أرجاء البلاد 32 عامًا من الجهود المتواصلة والتضحيات الجسام. بدأ الملك عبد العزيز رحلته التاريخية من الرياض، وتمكن بفضل حنكته وشجاعته من استعادة مناطق شاسعة وتوحيدها تحت حكمه الرشيد. امتدت فترة حكمه 54 عامًا، شهدت خلالها البلاد نهضة شاملة في مختلف المجالات، حيث عمل على تطوير البنية التحتية، وتعزيز التعليم، وتحسين مستوى معيشة المواطنين.

وافقت منية الملك عبد العزيز في الثاني من ربيع الأول عام 1373هـ الموافق الثامن من نوفمبر عام 1953م في مدينة الطائف. تم نقل جثمانه الطاهر إلى مدينة الرياض ليدفن في مقبرة العود، حيث يرقد الآن بسلام. خلفه في الحكم ولي العهد آنذاك، ابنه الملك سعود بن عبد العزيز، الذي سار على نهجه في خدمة الوطن والمواطنين.

مؤسسات قائمة باسم الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود

تمتلك المملكة العربية السعودية العديد من الصروح والمؤسسات التي تحمل اسم الملك عبد العزيز، ومن بينها:

  • جامعة الملك عبد العزيز، التي تقع في مدينة جدة.
  • مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، ومقرها مدينة الرياض.
  • دارة الملك عبد العزيز، الموجودة في مدينة الرياض.
  • مطار الملك عبد العزيز الدولي، الكائن في مدينة جدة.
  • مكتبة الملك عبد العزيز العامة، المتمركزة في مدينة الرياض.
  • مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، الواقع في مدينة الرياض.
  • مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع «موهبة».
  • كلية الملك عبد العزيز الحربية، التي تتخذ من مدينة الرياض مقرًا لها.
  • مدينة الملك عبد العزيز الطبية، الموجودة في كل من مدينة جدة ومدينة الرياض.
  • ميناء الملك عبد العزيز، الذي يقع في مدينة الدمام.
  • وقف الملك عبد العزيز، الكائن في مكة المكرمة.
  • مركز الملك عبد العزيز للخيل العربية الأصيلة، ومقره مدينة الرياض.
  • مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية، المتواجد في المدينة المنورة.
  • قاعدة الملك عبد العزيز الجوية، في القطاع الشرقي.
  • قاعدة الملك عبد العزيز البحرية، في الجبيل.
  • متحف صقر الجزيرة للطيران، الذي تحتضنه مدينة الرياض.
  • مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي إثراء، في مدينة الظهران.

بالإضافة إلى ذلك، هناك عدد من المستشفيات الحكومية في مناطق مختلفة من المملكة تحمل الاسم نفسه.

عناوين المقال