يوم النمر العربي: جهود المملكة للحفاظ على سلالة مهددة بالانقراض
يوم النمر العربي، مبادرة رائدة أطلقتها الهيئة الملكية لمحافظة العلا في المملكة العربية السعودية، تجسد التزام المملكة بحماية هذا النوع المهدد بالانقراض. وبقرار من مجلس الوزراء، يحتفل بهذا اليوم في العاشر من فبراير كل عام، حيث انطلقت أول فعالية في 9 رجب 1443هـ الموافق 10 فبراير 2022م. الهدف الأساسي من هذه المبادرة هو الحفاظ على النمر العربي وتعزيز حمايته داخل حدود المملكة، خاصةً وأنه مصنف كحيوان مهدد بالانقراض من قبل الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة.
جهود السعودية المتواصلة لصون النمر العربي
تعتبر مبادرة يوم النمر العربي جزءًا من سلسلة جهود تبذلها المملكة للحفاظ على هذه السلالة النادرة. تشمل هذه الجهود توسيع برنامج الإكثار من خلال إنشاء مركز متخصص للنمر العربي، يتبع المعايير الدولية، في محمية شرعان الطبيعية. كما وجّه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس إدارة الهيئة الملكية لمحافظة العلا، بإنشاء الصندوق العالمي لحماية النمر العربي في فبراير 2019م، كجزء من مشروع إطلاق محمية شرعان الطبيعية في العلا.
أهداف الهيئة الملكية لمحافظة العلا
تعمل الهيئة الملكية على تحقيق عدة أهداف رئيسية، منها ضمان وجود مجموعة مستدامة من النمور العربية القادرة على البقاء، وتوفير الفرائس البرية اللازمة لها في بيئتها الطبيعية. بالإضافة إلى ذلك، تسعى الهيئة لضمان تعايش هذه النمور مع المجتمعات المحلية، لضمان عودتها الآمنة إلى بيئتها دون أي مشكلات. ويُذكر أن الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة يصنف النمور العربية كأحد الأنواع الأكثر عرضة للانقراض، حيث لا يتجاوز عددها اليوم 200 نمر، وذلك بسبب نقص الفرائس والصيد الجائر.
استراتيجية الهيئة الملكية لحماية النمر العربي
تتضمن استراتيجية الهيئة الملكية لمحافظة العلا، إلى جانب إنشاء صندوق النمر العربي بميزانية قدرها 25 مليون دولار، التعاون مع خبراء دوليين في هذا المجال. وقد وقعت الهيئة عدة شراكات مع منظمات مثل الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، ومنظمة بانثيرا، ومنظمة كاتموسفير.
حقائق مثيرة عن النمر العربي
النمر العربي يعيش في المناطق الجبلية العالية، وهو من الثدييات اللاحمة التي تنتمي إلى فصيلة السنوريات. يعتبر هذا النوع مهددًا بالانقراض في مناطق تواجده الأصلية، والتي تشمل اليوم السعودية والإمارات واليمن وعُمان. يتميز النمر العربي بنشاطه في النهار والليل، وحذره الشديد من الاقتراب من المناطق المأهولة بالسكان. كما أنه حيوان انعزالي، ولا يلتقي بغيره من النمور إلا في فترة التزاوج التي تستمر حوالي خمسة أيام.
دورة حياة النمر العربي
تستمر فترة حمل أنثى النمر العربي ما بين 98 إلى 100 يوم، وتلد من شبل إلى ثلاثة أشبال في كهف أو شق صخري. تكون الأشبال عمياء عند الولادة، وتبدأ في فتح أعينها بعد 9 إلى 10 أيام، ثم تبدأ في استكشاف محيطها. ومع ذلك، لا تغادر الأشبال العرين بمفردها حتى تبلغ من العمر 4 أسابيع على الأقل. خلال هذه الأسابيع الأولى، تحرص الأم على نقل أشبالها من عرين إلى آخر عدة مرات، لتقليل فرص اكتشافها من قبل الحيوانات المفترسة الأخرى.
خصائص النمر العربي
يبلغ متوسط عمر النمر العربي في البرية من 8 إلى 10 سنوات، بينما يمكن أن تصل أعمارها في مراكز الإكثار إلى 20 عامًا. يتميز النمر العربي بخصائص ظاهرية تميزه عن غيره، بما في ذلك لونه الفاتح، حيث يظهر لون ذهبي مصفر على طول ظهره فقط، ثم يبهت اللون ليصبح أصفر شاحبًا أو أبيض على باقي الجسم. كما يتميز بعيونه الزرقاء، على عكس النمور الأفريقية. تزن الأنثى البالغة حوالي 20 كجم، بينما يزن الذكر البالغ حوالي 30 كجم، مما يجعل النمور العربية أصغر حجمًا من سلالات النمور الأخرى في أفريقيا وآسيا.
جهود إكثار النمر العربي في السعودية
تبذل المملكة العربية السعودية جهودًا كبيرة لإكثار النمر العربي. وتعلن الهيئة الملكية لمحافظة العلا بشكل دوري عن ولادات جديدة لصغار النمر العربي، والتي يُطلق عليها “هراميس”. ففي عام 1443هـ/2021م، أعلنت الهيئة عن ولادة أنثى جديدة من النمر العربي، لتنضم إلى برنامج الإكثار في مركز الأمير سعود الفيصل لأبحاث الحياة الفطرية في محافظة الطائف. وفي عام 1444هـ/2022م، شهد المركز ذاته ولادة أنثيين من النمر العربي.
تزايد أعداد النمور العربية
في عام 1445هـ/2023م، أعلنت الهيئة عن ولادة 7 صغار من النمر العربي في مركز الأمير سعود الفيصل لأبحاث الحياة الفطرية، ليصل العدد الإجمالي للنمور العربية في المركز إلى 27 نمرًا، مما يمثل تضاعفًا في أعداد هذه النمور منذ إطلاق مشروع الهيئة الملكية بشأن النمر العربي في عام 2020م.
مبادرة كات ووك (Catwalk) العالمية
تفاعلت العديد من الإمارات وأمانات المناطق في المملكة العربية السعودية مع مبادرة كات ووك (Catwalk) العالمية، التي أطلقتها منظمة كاتموسفير (Catmosphere) في عام 1444هـ/2022م. تهدف هذه المبادرة إلى الحفاظ على حياة 40 فصيلة من القطط البرية المهددة بالانقراض، بما في ذلك النمر العربي. وشارك العديد من الأفراد في هذه الفعالية بقطع مسافة 7 كيلومترات، بهدف رفع الوعي بأهمية الحفاظ على القطط البرية المهددة بالانقراض على مستوى العالم.
المناطق المشاركة في مبادرة كات ووك
من بين الإمارات والأمانات التي تفاعلت مع المبادرة: أمانة منطقة الجوف، وإمارة منطقة حائل، وأمانة منطقة حائل، وأمانة منطقة تبوك، وأمانة منطقة المدينة المنورة، وإمارة منطقة نجران، وأمانة الحدود الشمالية، وإمارة الحدود الشمالية، وأمانة محافظة الطائف. كما شهدت محمية شرعان وواحة العلا مبادرة للمشي أو الجري لمسافة 700 متر أو 7 كيلومترات في الهواء الطلق.
مسابقة قصة النمر العربي
أطلقت وزارة الثقافة في عام 1445هـ/2023م مسابقة “قصة النمر العربي”، التي أقيمت في الفترة من 26 ديسمبر إلى 10 فبراير 2025م. وهي مسابقة رقمية موجهة للأطفال واليافعين، تزامنًا مع الاحتفال باليوم العالمي للنمر العربي الذي يوافق العاشر من فبراير من كل عام. شارك المتسابقون في إكمال قصة قصيرة ورسومات وفقًا لنموذج مُعد مسبقًا من وزارة الثقافة، تحكي عن النمر العربي، وأهمية الحفاظ عليه، وتعزيز مكانة موطنه في المملكة.
جوائز مسابقة قصة النمر العربي
تُقدم المسابقة جوائز متنوعة في فئتيها: يحصل الفائز بالمركز الأول في فئة “الشبل” على 4500 ريال، والثاني على 3000 ريال، والثالث على 1500 ريال. أما الفائز بالمركز الأول في فئة “النمر” فيحصل على 6000 ريال، والثاني على 4000 ريال، والثالث على 2000 ريال. كما تتيح الوزارة عرض المشاركات الفائزة على المنصة الرقمية.
وفي النهايه :
تتضافر جهود المملكة العربية السعودية من خلال مبادرات مثل يوم النمر العربي، وإنشاء المراكز المتخصصة، والشراكات الدولية، لإنقاذ النمر العربي من خطر الانقراض. هذه الجهود تعكس التزام المملكة بالحفاظ على التنوع البيولوجي وحماية تراثها الطبيعي. هل ستنجح هذه الجهود في تحقيق التعافي الكامل لهذا النوع المهدد بالانقراض، وإعادته إلى بيئته الطبيعية بأعداد مستدامة؟
