الكيرم: لعبة شعبية سعودية تعود جذورها إلى الهند
تعتبر لعبة الكيرم من الألعاب الشعبية العريقة التي استوطنت المملكة العربية السعودية، وتحديدًا في منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة. شهدت انتشارًا واسعًا في مختلف أنحاء السعودية خلال أواخر القرن الماضي، وهي في الأصل لعبة هندية، اسمها مشتق من الكلمة “كيرَم”. يشارك في هذه اللعبة ما بين لاعبين وأربعة، وتلقى رواجًا بين الصغار والكبار على حد سواء، كلٌّ في تجمعاته الخاصة.
الكيرم في الذاكرة السعودية
تتجسد لعبة الكيرم في ذاكرة السعوديين كجزء من الأنشطة الترفيهية الممتعة، خاصةً في ليالي شهر رمضان المبارك. كما أصبحت اللعبة حاضرة في فعاليات الأيام الوطنية، مثل الاحتفال باليوم الوطني للمملكة ويوم التأسيس.
مكونات لعبة الكيرم
اللوح والحبات والمضرب
تتكون لعبة الكيرم من لوح خشبي مربع الشكل ذي سطح أملس، محاط بإطار من الجوانب الأربعة. يبلغ طول ضلع اللوح غالبًا 90 سم، وتوجد في كل زاوية من زواياه الأربع حفرة دائرية صغيرة. تتضمن اللعبة أيضًا مجموعة من الحبات الخشبية الصغيرة على شكل أقراص، تتألف من 9 حبات بيضاء، و9 حبات سوداء، وحبة واحدة حمراء اللون. بالإضافة إلى ذلك، يوجد مضرب خاص أكبر قليلًا من حجم الحبات الأخرى.
طريقة لعب الكيرم
الأسلوب التقليدي
تُلعب الكيرم بين لاعبين على الأقل، ولا يزيد عدد اللاعبين عن أربعة. هناك طريقتان رئيسيتان للعب، الأولى هي الطريقة العادية والأكثر شيوعًا، حيث تبدأ اللعبة بالقرعة لتحديد من يبدأ ضربة البداية، والتي تسمى “الفكة”. بعد ذلك، يختار كل لاعب لونًا من لوني الحبات، إما الأبيض أو الأسود، ثم يقومان بترتيب الحبات الخشبية في وسط اللوح. يبدأ أحد اللاعبين اللعب بمحاولة إسقاط حباته في الثقوب الموجودة في زوايا اللوح، واحدة تلو الأخرى. إذا فشل اللاعب في إسقاط حبة، ينتقل الدور إلى اللاعب الآخر، وهكذا يستمر اللعب حتى يتمكن أحد اللاعبين من إسقاط جميع حباته قبل الآخر.
أسلوب “عد الفلوس”
أما الطريقة الثانية فتُعرف باسم “عد الفلوس”، وفيها لا يوجد تخصيص لألوان الحبات، بل تكون جميع الحبات متاحة لجميع اللاعبين. يمكن أن يشارك في هذه الطريقة لاعبان أو ثلاثة أو أربعة لاعبين. في حالة وجود أربعة لاعبين، يمكن أن يكون كل اثنين منهم فريقًا واحدًا، أو يمكن أن يلعب كل لاعب بشكل مستقل عن الآخر. تُحسب قيمة الحبة السوداء بخمسة نقاط، والبيضاء بعشرة نقاط، والحمراء بخمسين نقطة. والفائز هو اللاعب أو الفريق الذي يجمع أكبر عدد ممكن من النقاط.
جهود وزارة الثقافة في إحياء الألعاب الشعبية
الحفاظ على التراث الثقافي
شهدت معظم الألعاب الشعبية تغيرات كبيرة أدت إلى اندثار العديد منها، نتيجة للتوسع الحضري الذي شهدته مدن المجتمع السعودي. لذلك، أولت وزارة الثقافة اهتمامًا خاصًا بإحياء هذا النوع من التراث وتصنيفه ضمن التراث الثقافي غير المادي. كما حرصت الوزارة على تنظيم فعاليات خاصة لإحياء الألعاب الشعبية والترويج لها، مثل المهرجان الدولي للألعاب الشعبية، وذلك من خلال التعاون بين الوزارات والجهات الحكومية الأخرى، وكذلك مع وزارة الخارجية لتفعيلها على المستوى الدولي من خلال سفارات المملكة في الدول التي تشاركها السعودية في الألعاب الشعبية. تُنفذ هذه الفعاليات في مناطق مختلفة من المملكة.
مبادرة التراث الثقافي غير المادي
أطلقت وزارة الثقافة مبادرة التراث الثقافي غير المادي بهدف تثقيف الطلاب والطالبات من جميع أنحاء المملكة بالتراث السعودي الثقافي غير المادي، وذلك من خلال التعاون مع المعلمين لتحفيز الطلاب على البحث المكتبي والميداني في هذا المجال. وتعتبر الألعاب الشعبية جزءًا من المسارات المتاحة للتسجيل في هذه المبادرة.
بطولة الكيرم في جدة التاريخية
في عام 1445هـ/2023م، استضافت محافظة جدة منافسات أول بطولة للكيرم، تحت إشراف اللجنة السعودية للألعاب الشعبية، وبرعاية جدة التاريخية ووزارة الرياضة، بمشاركة 64 لاعبًا ولاعبة.
وفي النهايه :
بعد استعراض تاريخ لعبة الكيرم ومكوناتها وطرق لعبها، وجهود وزارة الثقافة في إحيائها، يبقى السؤال: كيف يمكننا تطوير هذه اللعبة الشعبية لتواكب العصر الحديث، مع الحفاظ على جوهرها الثقافي؟








