معمل غاز البري: ركيزة الصناعة السعودية
معمل غاز البري، جزء حيوي من شبكة الغاز الرئيسية التابعة لـ أرامكو السعودية، يقع في قلب مدينة الجبيل الصناعية بالمنطقة الشرقية. يضطلع هذا المعمل بمهمة معالجة الغاز المصاحب لاستخراج النفط الخام، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من هذا المورد الثمين والحفاظ على مقدرات المملكة. يُنظر إلى المعمل باعتباره حجر الزاوية الذي قام عليه العصر الصناعي المزدهر الذي شهدته السعودية في سبعينيات القرن الماضي. وفي عام 2016، نال المعمل جائزة الطاقة الدولية تقديرًا لممارساته البيئية المتميزة.
النشأة والتأسيس
تعود بدايات المعمل إلى عام 1975، عندما قامت شركة الزيت العربية السعودية أرامكو بإنشاء شبكة الغاز الرئيسية. كانت الغاية من هذه الشبكة أن تكون المصدر الأساسي للغاز الطبيعي في السعودية، من خلال نظام متكامل يتولى تجميع الغاز، معالجته، ونقله. وفي عام 1977، بدأ تشغيل المعمل كجزء لا يتجزأ من هذه الشبكة الرئيسية.
الافتتاح التاريخي
في 29 أكتوبر 1977، شهد معمل غاز البري لحظة تاريخية بافتتاحه الرسمي على يد الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود. ومنذ ذلك الحين، حقق المعمل إنجازات كبيرة، حيث تمكن من استخلاص ما يقارب 800 ألف برميل يوميًا من سوائل الغاز الطبيعي. بالإضافة إلى ذلك، نجح المعمل في توفير أنواع الغاز المعالجة التي تستخدم كوقود وكمواد أولية كيميائية أساسية للمجمع الصناعي في الجبيل، فضلاً عن توفير سوائل الغاز الطبيعي بغرض التصدير. وبعد النجاح الذي حققه معمل البري في بدء التشغيل، استمرت الجهود لإكمال باقي مكونات شبكة الغاز الرئيسية، بما في ذلك معمل الغاز في شدقم. وبحلول عام 1980، كانت العناصر الرئيسية في شبكة الغاز تعمل بكفاءة، مع اكتمال حوالي 75% من المشروع.
التوسعات والتحديثات
مواكبة الطلب المتزايد
مع تزايد الطلب على الغاز في السنوات التي تلت تشغيله، شهد معمل غاز البري مراحل متعددة من التوسع والتطوير. قامت أرامكو السعودية بإنشاء مرفق خاص لتخزين غاز الإيثان في المعمل، بهدف الحد من أي نقص محتمل في إمدادات الغاز. ساهمت هذه الخطوة في مضاعفة القدرة الإنتاجية للمعمل، لتصل إلى 620 مليون قدم مكعبة قياسية يوميًا، ثم إلى 1.44 مليار قدم مكعبة بحلول عام 2005.
توطين الصناعات
في إطار جهودها لتوطين صناعة المحركات الكهربائية الكبرى، قامت أرامكو في أبريل 2022 بتشغيل محرك حث كهربائي في المعمل، تم تصنيعه بالكامل داخل المملكة. يهدف هذا المحرك، الذي تبلغ قوته 10,000 حصان، إلى تشغيل ضاغط الغاز في معمل الغاز البري، وهو المسؤول عن تغذية شبكة الغاز الرئيسية في السعودية بالغاز الطبيعي. تولت شركة تيكو الشرق الأوسط للكهرباء والمعدات المحدودة (TME) عملية تصنيع المحرك بالكامل في المدينة الصناعية الثانية بالدمام.
مشروع القطيف وتوسعة المعمل
في عام 2004، انطلق مشروع القطيف الطموح، الذي استهدف زيادة كبيرة في إنتاج الزيت الخام، حيث ارتفعت الطاقة الإنتاجية بواقع 800 ألف برميل يوميًا. تضمن هذا المشروع توسعة معمل غاز البري لاستيعاب الكميات الإضافية من الغاز المصاحب المنتج مع الزيت الخام.
وفي النهايه :
يمثل معمل غاز البري علامة فارقة في تاريخ الصناعة السعودية، حيث لم يقتصر دوره على معالجة الغاز المصاحب للنفط، بل تعداه ليكون رافدًا أساسيًا للصناعات البتروكيماوية ومصدرًا للطاقة النظيفة. وبينما نتأمل في هذا الإنجاز، يتبادر إلى الذهن سؤال حول مستقبل صناعة الغاز في المملكة، وكيف ستستمر في التطور لمواكبة التحديات والمتغيرات العالمية؟










