استثمارات صندوق الاستثمارات العامة: شراكات استراتيجية نحو التنمية المستدامة
شراكات صندوق الاستثمارات العامة تمثل جوهر استراتيجية الصندوق السيادي للمملكة العربية السعودية، حيث يسعى من خلالها إلى اقتناص فرص استثمارية واعدة على الصعيدين المحلي والدولي، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030.
التوسع الاستثماري لصندوق الاستثمارات العامة
صندوق الاستثمارات العامة يواصل تعزيز الاقتصاد السعودي من خلال بناء محفظة استثمارية متنوعة، بدأها منذ تأسيسه في عام 1971. وقد قام الصندوق بتأسيس العديد من الشركات الكبرى في المملكة، وتمويل المشاريع الحيوية، وتقديم الدعم المالي للمشاريع ذات الأهمية الاستراتيجية للاقتصاد الوطني.
التحول النوعي في استراتيجية الصندوق
شهد الصندوق نقلة نوعية في عام 2015، عندما تم ربطه بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وأعيد تشكيل مجلس إدارته برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود. هذا التغيير منحه مرونة وحيوية أكبر في تنفيذ مهامه.
دور الصندوق في تحقيق رؤية 2030
يعد الصندوق ركيزة أساسية في تنفيذ برامج ومشاريع رؤية السعودية 2030، ومحفزًا اقتصاديًا رائدًا للمملكة. وفي عام 2014، مُنح صلاحية توسيع نطاق أنشطته، وتأسيس شركات جديدة داخل وخارج السعودية، بالشراكة مع القطاعين الحكومي والخاص، دون الحاجة إلى موافقة مسبقة من مجلس الوزراء.
شراكات صندوق الاستثمارات العامة الدولية
توسع عالمي وتنويع الاستثمارات
صندوق الاستثمارات العامة وسّع نطاق استثماراته ليشمل محفظتين عالميتين: الاستثمارات العالمية الاستراتيجية، والاستثمارات العالمية المتنوعة. وقد نجح في بناء علاقات واسعة مع المستثمرين العالميين ومديري الأصول والبنوك الاستثمارية، ليصبح أحد أكبر الكيانات الاستثمارية على مستوى العالم.
نمو الاستثمارات العالمية
ارتفع حجم الاستثمارات العالمية للصندوق لتشكل 30% من إجمالي الأصول تحت الإدارة، مقارنة بنحو 5% في عام 2017. كما نجح في تنويع استثماراته جغرافيًا، وفي مختلف فئات الأصول وفي قطاعات مختلفة، من خلال التوسع في استثماراته في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا.
محافظ استثمارات صندوق الاستثمارات العامة
استراتيجية الاستدامة والنمو
يعمل صندوق الاستثمارات العامة وفقًا لاستراتيجية تمكنه من بناء محفظة استثمارية مستدامة وذات مركز مالي قوي، مما يجعله يمتلك التأثير على مستوى العالم، والقدرة على دفع عجلة التحول الاقتصادي للمملكة، مع الالتزام بأعلى معايير الحوكمة والشفافية.
تنويع المحفظة الاستثمارية
نجح الصندوق في بناء شراكات تضمن أن تكون المملكة في طليعة التوجهات الاقتصادية الناشئة عالميًا. وتشمل محافظ استثماراته: الاستثمارات في الشركات السعودية، والاستثمارات الهادفة إلى تطوير القطاعات الواعدة، والمشاريع السعودية الكبرى، والاستثمارات في المشاريع العقارية ومشاريع تطوير البنية التحتية السعودية، والاستثمارات العالمية الاستراتيجية، والاستثمارات العالمية المتنوعة.
نظام صندوق الاستثمارات العامة
تعزيز الشفافية والحوكمة
يعمل الصندوق وفقًا لنظام يعزز شفافيته ومنظومة الحوكمة في أعماله، وذلك من خلال نظام صندوق الاستثمارات العامة الصادر بمرسوم ملكي وقرار مجلس الوزراء في عام 2019. وبموجب النظام يرتبط الصندوق تنظيميًا بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ويتمتع بالاستقلال المالي والإداري.
أهداف الصندوق
يهدف الصندوق إلى استثمار أمواله وفقًا لأفضل المعايير، لتحقيق العوائد بما يخدم المصلحة العامة، ويسهم في دعم التنمية الاقتصادية في السعودية وتنويع مصادر دخلها، ومراعاة مصلحة الأجيال القادمة.
صلاحيات الصندوق
يتمتع صندوق الاستثمارات العامة بصلاحيات واسعة للاستثمار داخل وخارج المملكة، وتملك الأصول والتصرف فيها، وتأسيس الشركات والمشاركة فيها بمفرده أو مع الغير، وممارسة الإقراض والتمويل، وإصدار الصكوك والسندات، وإبرام الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع الجهات المعنية في الدول والمنظمات الدولية.
برنامج صندوق الاستثمارات العامة
تعزيز دور الصندوق في رؤية 2030
يهدف برنامج صندوق الاستثمارات العامة، الذي أُطلق في عام 2017، إلى تعزيز دور الصندوق كمحرك فاعل خلف تنوع الاقتصاد في السعودية، وتطوير قطاعات استراتيجية محددة، وجعله من أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، وتأسيس شراكات اقتصادية وطيدة.
تحقيق أهداف التنمية المستدامة
يعزز البرنامج وضع الصندوق ويجعله ذراعًا أساسية لتحقيق رؤية السعودية 2030، باعتباره محفزًا اقتصاديًا رائدًا للمملكة وعنصرًا فعّالًا للاقتصاد المزدهر، وذلك من خلال تنويع الاستثمارات واغتنامها محليًا ودوليًا.
شراكة سوفت بنك
نموذج ناجح للشراكات الاستثمارية
تمثّل شراكة صندوق الاستثمارات العامة ومجموعة سوفت بنك في تأسيس صندوق رؤية سوفت بنك، نموذجًا ناجحًا للشراكات التي عقدها الصندوق. ففي عام 2017، وُقعت مذكرة تفاهم لإنشاء خطة الطاقة الشمسية 2030، التي أصبحت إطارًا جديدًا لتطوير قطاع الطاقة الشمسية في السعودية.
استثمارات مستقبلية
يعمل الطرفان على تنفيذ عدد من الاستثمارات واستكشاف الفرص المتعلقة بتأسيس صناعات في مجال منظومات توليد الطاقة وبطارياتها في السعودية. كما يعملان لإطلاق مشروع مشترك عالمي المستوى في مجال الأبحاث، من أجل التعرف على فرص دمج أنظمة الروبوتات.
استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة
تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة
اعتُمدت في عام 2021 استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة للأعوام الخمسة التالية لذلك العام، وهي تمثّل مرتكزًا رئيسًا في تحقيق طموحات المملكة نحو النمو الاقتصادي، ورفع جودة الحياة، وتحقيق مفهوم التنمية الشاملة والمستدامة في مختلف القطاعات التقليدية والحديثة.
مستهدفات الاستراتيجية
تُسهم تلك الاستراتيجية في تسهيل عمل الصندوق لتحقيق عدد من مستهدفاته، منها: ضخ 150 مليار ريال سنويًا على الأقل في الاقتصاد المحلي حتى عام 2025، والمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بقيمة 1.2 تريليون ريال بشكل تراكمي، واستحداث 1.8 مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة.
قوة دفع استثمارية
تمثّل استراتيجية الصندوق قوة دفع استثمارية تساعده في بناء الشراكات الاقتصادية الاستراتيجية، سعيًا لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 لتنويع الاقتصاد الوطني، وتعميق أثر ودور المملكة في المشهدين الإقليمي والعالمي. كما يستهدف الصندوق أن تتجاوز أصوله 7.5 تريليونات ريال في عام 2030.
شراكات محلية متنوّعة
نقل الخبرات وتطوير الكفاءات
يسعى صندوق الاستثمارات العامة إلى بناء عدد من الشراكات التي تجعله يواصل نموه وتطوير استثماراته في مختلف المجالات، إذ يعمل على الاستثمار في شركات دولية ناشئة أو في صناعات مستقبلية من شأنها فتح المجال أمام نقل الخبرات الدولية إلى المملكة، واستفاد منها عدد من الكفاءات السعودية.
دعم القطاع الخاص
يواصل الصندوق توسعة نطاق شراكاته مع الفاعلين والمؤثرين على المستوى المحلي، ويشمل ذلك: دعم إيجاد الفرص الاستثمارية للقطاع الخاص، وإيجاد الفرص والشراكة معه للإسهام في التنمية الاقتصادية بالمملكة، من خلال المشاريع الكبرى ومشاريع البنية التحتية.
تعزيز المحتوى المحلي
تشمل جهود الصندوق في شراكاته الوطنية: إشراك القطاع الخاص كمستثمر وكمورّد، للإسهام في رفع نسبة المحتوى المحلي. كما يركز الصندوق على الدخول في قطاعات تتطلب رؤوس أموال عملاقة، كإعادة التمويل أو إعادة التدوير أو التصنيع العسكري وغيرها.
دعم الاستدامة والابتكار
في عام 2022 أعلن صندوق الاستثمارات العامة عن تأسيس شركة سوق الكربون الطوعي الإقليمية، بهدف دعم الشركات والقطاعات في المنطقة لتمكينها من الوصول إلى الحياد الصفري. وفي عام 2023 أعلن عن إنشاء شركة الاستثمارات الدوائية لايفيرا؛ المتخصصة في الصناعات الدوائية على نطاق واسع، لتمكين نمو القطاع وتعزيز مرونته.
شراكة صندوق الاستثمارات العامة الرياضية
توطين التقنيات الرياضية
يواصل صندوق الاستثمارات العامة عقد المزيد من الشراكات الدولية بهدف نقل وتوطين تقنيات أعمالها، ففي عام 2021 وقع اتفاقية مع شركة السباقات البحرية الكهربائية المحدودة لتأسيس بطولة العالم الأولى من نوعها لسباق القوارب الكهربائية.
تنويع الاستثمارات الرياضية
تحمل هذه الشراكة تنوعًا في استثمارات الصندوق، وتجعله أكثر حيوية في اغتنام الفرص الاستثمارية في جميع المجالات ذات العائد المجزي، وهي تأتي في إطار استراتيجية الصندوق الهادفة لتمكين الابتكار عالميًا، إلى جانب فتح آفاق جديدة للصناعات المستقبلية، وبناء شراكات اقتصادية استراتيجية.
تحويل الأندية الرياضية إلى شركات
في عام 2023 تم تحويل أربعة أندية رياضية سعودية، هي الاتحاد والأهلي والنصر والهلال، إلى شركات يكون كل منها مملوكا من الصندوق ومؤسسات رياضية غير ربحية لكل ناد. وتكون ملكية الصندوق في كل ناد بنسبة 75%، وتكون كل مؤسسة رياضية غير ربحية مالكة لما نسبته 25% من النادي.
شراكات صندوق الاستثمارات العامة مع أرامكو السعودية
دعم إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني
في عام 2022 أعلن ولي العهد عن نقل 4% من أسهم شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية) إلى صندوق الاستثمارات العامة. وقال الأمير محمد بن سلمان إن نقل هذه الأسهم هو جزء من استراتيجية المملكة طويلة المدى الهادفة لدعم إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030.
تعزيز المركز المالي للصندوق
ستُسهم أسهم شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية) المنقولة لصندوق الاستثمارات العامة في تعزيز مركز الصندوق المالي القوي، وتصنيفه الائتماني المرتفع على المدى المتوسط. يواصل الصندوق تحقيق استراتيجيته عبر تعظيم أصوله، وإطلاق قطاعات جديدة، وبناء شراكات اقتصادية استراتيجية، وتوطين التقنيات والمعرفة.
مستهدفات الصندوق المستقبلية
يستهدف الصندوق بنهاية عام 2025 ضخ ما يصل إلى تريليون ريال سعودي في المشاريع الجديدة محليًا، وزيادة إسهامه وشركاته التابعة في المحتوى المحلي لتصل إلى 60%، إلى جانب استحداث المزيد من الوظائف المباشرة وغير المباشرة في سوق العمل المحلية.
وفي النهايه :
تبرز شراكات صندوق الاستثمارات العامة كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي والتنويع في المملكة العربية السعودية، من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات الدولية والمحلية، يساهم الصندوق في تحقيق رؤية 2030 وتعزيز مكانة المملكة كقوة اقتصادية عالمية. ومع استمرار الصندوق في التوسع وتنويع استثماراته، يبقى السؤال مفتوحًا حول كيفية تأثير هذه الشراكات على مستقبل الاقتصاد السعودي والمشهد الاستثماري العالمي، وهل ستنجح هذه الجهود في تحقيق التنمية المستدامة وتنويع مصادر الدخل للأجيال القادمة؟










