كنوز الطبيعة البحرية في السعودية: تنوع بيئي واقتصادي
تتميز الطبيعة البحرية في السعودية بتنوعها الفريد، حيث تشكل جزءًا أساسيًا من واجهات المملكة المطلة على البحر الأحمر والخليج العربي. تمتد سواحل المملكة على طول 3,800 كيلومتر، حيث يبلغ طول الواجهة الشرقية على الخليج العربي 1,200 كيلومتر، بينما يمتد الساحل الغربي على البحر الأحمر وخليج العقبة بطول 2,600 كيلومتر. هذا التنوع منح السعودية مكانة اقتصادية وجغرافية وجيولوجية متميزة، وأضفى عليها ثراءً طبيعيًّا.
ساحل العقير: بوابة تاريخية
يُعتبر ميناء العقير أول ميناء بحري في شرق المملكة، ويقع على ساحل الخليج العربي، ممتدًا بطول 45 كيلومترًا من رأس أبو عجل شمالاً إلى تل الزينات. يبعد حوالي 65 كيلومترًا عن محافظة الأحساء، ويواجه الطرف الجنوبي الغربي لمملكة البحرين. نظرًا لضحالة مياهه، لم تعد السفن ترسو فيه حاليًا.
كان الميناء في الماضي بمثابة البوابة البحرية الشرقية لسكان الأحساء ونجد، ولا يزال يحتفظ بمعالمه الأثرية التي تشمل مبنى الجمارك والجوازات، ومبنى الخان والسوق، والحصن، والفرضة البحرية. كان العقير وجهة للتجار من مختلف المناطق مثل الجزيرة العربية، الهند، الصين، الشام، بلاد الرافدين، اليمن، ودول أفريقيا.
جهود التوثيق والتطوير
أولت دارة الملك عبدالعزيز اهتمامًا خاصًا بدراسة وتوثيق هذا الميناء التاريخي، الذي شهد توقيع اتفاقيات ومفاوضات سياسية هامة في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود. كان الميناء مقرًا لاستقبال الوفود الدبلوماسية العربية والأجنبية، ومسرحًا للمباحثات والمفاوضات السياسية.
قام الملك عبدالعزيز بتطوير الميناء من خلال إنشاء الجمارك والجوازات، وبرج بوزهمول، ومبنى الإمارة وعين الماء، وغيرها من المرافق. أصبح الميناء الممول الرئيسي للعاصمة الرياض بالبضائع والمواد الغذائية. يتميز ساحل العقير بتنوعه الجغرافي الذي يجعله من أجمل السواحل في المملكة.
تضم مياه العقير جزرًا وخلجانًا، مثل جزيرة الزخنونية والفطيم. تحول العقير اليوم إلى وجهة سياحية يقصدها الزوار من داخل المملكة ودول الخليج العربي. في عام 2018، استقبل العقير أكثر من 28 ألف زائر يوميًا.
البحر الأحمر: محمية طبيعية فريدة
يتميز البحر الأحمر الواقع غرب المملكة بثرائه بالشعاب المرجانية وطبيعته الجيولوجية الفريدة. يعتبر البحر الأحمر طريقًا تجاريًا بحريًا هامًا، وقد وصفه المستكشف الفرنسي جاك كوستو بأنه “ماري مكة” أو “بحر مكة”، مما جعله وجهة مفضلة لهواة الصيد والغوص من جميع أنحاء العالم.
يُصنف البحر الأحمر بأنه بيئة آمنة للشعاب المرجانية، حيث لا يتأثر بشكل كبير بظاهرة الاحتباس الحراري، بفضل نقاء نظمه البيئية. هذا يمنح الشعاب المرجانية فرصًا كبيرة للبقاء والازدهار. شهد البحر الأحمر تطورات سياحية كبيرة في ظل رؤية السعودية 2030، ليصبح وجهة رئيسية للسياحة البحرية.
تنوع الحياة البحرية
يضم البحر الأحمر حوالي 50 نوعًا من أسماك القرش، وألف نوع من الأسماك، وأكثر من 300 نوع من الشعاب المرجانية التي يعود عمر بعضها إلى حوالي 7000 عام. يحتضن البحر أيضًا عددًا كبيرًا من حطام السفن، بالإضافة إلى أنواع فريدة مثل سمكة الشراع التي تصل سرعتها إلى 109 كم/س، وسمكة قرش الحوت التي يصل طولها إلى 12 مترًا.
الواجهة البحرية في جدة: متحف مفتوح
قامت السعودية بتحويل شاطئ وكورنيش جدة إلى متحف مفتوح، كجزء من مشروع تحويل شواطئ المملكة إلى لوحة فنية. يضم المتحف أعمالًا لفنانين عالميين، ويجري العمل على زيادة مساحة الحدائق في الواجهة البحرية بعد ضم جميع الميادين الموجودة على الواجهة البحرية إلى الكورنيش.











