تطوير قطاع الألبان في السعودية
تُعد تربية الأبقار في السعودية جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الإنتاج الحيواني في المملكة، حيث تطورت من ممارسة زراعية تقليدية إلى صناعة متكاملة بفضل التقنيات الحديثة ووسائل النقل المتطورة ومنافذ البيع المتعددة.
شهد قطاع تربية الأبقار نموًا ملحوظًا في أعداد الأبقار وإنتاج الألبان ومشتقاتها منذ عام 1975، ومع ذلك، لم يزد عدد المشاريع بشكل ملحوظ حتى بداية التسعينيات، مما يعكس تطور أساليب الإنتاج الصناعية والاهتمام بالبيئة الطبيعية، وتُعتبر مواقع تربية الأبقار عاملاً حاسمًا، حيث يؤثر ارتفاع الرطوبة سلبًا على تطوير مزارع الألبان، لذلك، حظيت المنطقتان الشرقية والرياض بالنصيب الأكبر من توزيع الأبقار بسبب ملاءمة مناخها للصناعة وتوفر المشاريع الحديثة.
الاهتمام المتزايد بتربية الأبقار في السعودية
أولت المملكة العربية السعودية اهتمامًا خاصًا بتربية الأبقار، وشهد قطاع إنتاج الألبان تطورًا ملحوظًا خلال العقود الماضية، حيث نمت شركات تصنيع وإنتاج وتوزيع الألبان بشكل كبير حتى تفوقت الشركات المحلية في هذا المجال، وقد دعمت الدولة هذا التوجه من خلال عدة برامج، مثل برنامج الإعانات الزراعية لمربي الماشية، الذي يقدم دعمًا ماليًا شهريًا لصغار مربي الأبقار يصل إلى حوالي 2.2 مليون ريال سعودي وفقًا لإحصائيات عام 2020.
دعم صندوق التنمية الزراعية لمربي الماشية
يدعم صندوق التنمية الزراعية مربي الماشية الذين يمتلكون ما بين 50 و 250 رأسًا من الأبقار، ويقدم التمويل على شكل دفعتين تُسدد على أقساط شهرية على مدى أربع سنوات كحد أقصى مع فترة سماح لمدة سنة، ويخضع هذا التمويل لعدد من الشروط المحددة.
فرص استثمارية جديدة في قطاع الألبان
في شهر أبريل 2025، طرحت وزارة البيئة والمياه والزراعة فرصة استثمارية لتربية الأبقار في مركز حلي بمحافظة القنفذة بمنطقة مكة المكرمة، وذلك على مساحة إجمالية قدرها 2.29 مليون متر مربع، يهدف هذا المشروع إلى إنتاج وتصنيع ألبان عالية الجودة، والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي المستدام، ودعم الأنشطة الزراعية والحيوانية في المنطقة.
إحصائيات ومصادر حول تربية الأبقار في السعودية
أُجريت عدة إحصائيات لرصد قطاع تربية الأبقار، بما في ذلك إحصائية ميدانية في المشاريع المتخصصة بمزارع الأبقار نُشرت عام 2018، وشملت جميع المناطق الإدارية في المملكة، وجمعت بيانات تفصيلية عن مزارع الأبقار، وأظهرت الإحصائيات المتعلقة بعام 2017 أن مزارع الأبقار المتخصصة استوعبت 364,389 رأسًا في جميع أنحاء المملكة، وكشفت النتائج أيضًا أن كمية حليب الأبقار المنتجة في تلك المزارع بلغت 2.074 مليار لتر في العام نفسه.
مشاريع ومبادرات لتطوير قطاع تربية الأبقار
مبادرة تحسين وتطوير قطاع الماشية
نظمت وزارة البيئة والمياه والزراعة مبادرة لتحسين وتطوير قطاع الماشية في مدينة بريدة بمنطقة القصيم عام 2022، بهدف دعم إنتاج الأعلاف وتحسين ممارسات إدارة القطيع، وذلك لتطوير قطاع الثروة الحيوانية بشكل عام، وضمان انتقاله من الأنظمة التقليدية إلى الأساليب الحديثة التي تساهم في زيادة الإنتاج والحفاظ على جودة المنتج، وقد أُطلقت هذه المبادرة في منطقة القصيم التي تمتلك 3 ملايين رأس من الماشية، بما في ذلك الأبقار.
مشروع التحسين الوراثي في الأبقار
سبق مبادرة تحسين وتطوير قطاع الماشية إطلاق مشروع للتحسين الوراثي في الأبقار عام 2021، بهدف دعم قطاع إنتاج الألبان المتخصص في المملكة من خلال تهجينها بالسلالات الأجنبية، وذلك لتحقيق الأمن الغذائي ورفع القدرة الإنتاجية بعد التحسين الوراثي، ويشمل نظام التحسين الوراثي بالأساليب الحديثة زراعة الأعلاف الخضراء وجلب المعدات الحديثة لخلط العلف.
مشاريع أخرى لتطوير الثروة الحيوانية
أُطلق كذلك مشروع التحسين الوراثي للسلالات الحيوانية في السعودية عام 2018، لتفادي مشاكل نقص الإنتاج في قطاع المواشي، واستقطب المشروع خبرات من الخارج متخصصة في تطوير الثروة الحيوانية وتصحيح الممارسات القديمة التي كانت تؤدي إلى ضعف الإنتاج مع بقاء التكاليف المادية مرتفعة، بهدف تحقيق استدامة متوقعة عن طريق خفض التكاليف ورفع الكفاءة، بالإضافة إلى الحملات السنوية لتحصين قطاع تربية الأبقار التي تقوم بها الوزارة، والتي استهدفت 300 ألف رأس من الأبقار في حملة عام 2021 وشملت مناطق المملكة لرفع مناعتها وتقليل الأمراض بين القطعان.
بنك الأصول الوراثية والتلقيح الاصطناعي
أُطلق مشروع بنك الأصول الوراثية والتلقيح الاصطناعي في عام 2005، بهدف الإبقاء على سلالة الأبقار الجيدة لخدمة مزارع الأبقار في المملكة، ويركز المشروع على تحسين الصفات الوراثية ورفع الإنتاجية ومقاومة الأمراض، وله إسهامات بحثية في مجال الثروة الحيوانية.
وفي النهاية :
بهذه الجهود المتكاملة، تسعى المملكة العربية السعودية إلى تعزيز قطاع تربية الأبقار وتطوير إنتاج الألبان، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الحيوانية، فإلى أي مدى ستنجح هذه المشاريع والمبادرات في تحقيق الأهداف المنشودة، وما هي التحديات المستقبلية التي قد تواجه هذا القطاع الحيوي؟











