البحيرات الصناعية في السعودية: رؤية متكاملة
تُعد البحيرات الصناعية في السعودية معالم مائية مبتكرة، تم إنشاؤها عبر تقنيات هندسية متنوعة كالحفر والتجريف، أو باستخدام هياكل داعمة متطورة. تهدف هذه البحيرات إلى خدمة أغراض متعددة، من تعزيز السياحة والتنمية العقارية إلى دعم الثروة السمكية. تعتمد تغذية هذه البحيرات على مصادر مياه مختلفة، بما في ذلك مياه البحر (للبحيرات القريبة من السواحل)، وتجمعات مياه الأمطار والسيول الطبيعية، أو المياه المعالجة.
تنظيم إنشاء البحيرات الصناعية
في إطار جهود المملكة للحفاظ على مصادر المياه وضمان استدامتها، تتبنى وزارة البيئة والمياه والزراعة سياسات حازمة بشأن إنشاء البحيرات الصناعية. لا يتم منح تراخيص لحفر الآبار بغرض إنشاء هذه البحيرات، ويعتبر ذلك مخالفة صريحة لنظام المياه ولوائحه التنفيذية. ومع ذلك، يُسمح باستخدام المياه المعالجة أو مياه الرجيع، بعد الحصول على الموافقات اللازمة، لضمان الاستخدام الأمثل للموارد المائية.
بحيرة مدن: تحفة صناعية متجددة
الموقع والمميزات
تُعتبر بحيرة مدن، الواقعة في المدينة الصناعية الثانية بالدمام، من بين أكبر البحيرات الصناعية في المملكة. تم تطويرها من قبل الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن)، بتكلفة تجاوزت 118 مليون ريال. تتميز البحيرة بنظام تجديد مياه متطور يعتمد على معالجة المياه بطرق بيئية حديثة.
التصميم والمساحات الخضراء
يمتد مشروع بحيرة مدن على مساحة إجمالية قدرها 400 ألف متر مربع، تشكل البحيرة نفسها 210 آلاف متر مربع منها. يحيط بالبحيرة مسطحات خضراء واسعة مزينة بـ 760 نخلة، بالإضافة إلى ممشى يمتد بطول 10 كم وممرات مشاة بطول 4 كم، مما يوفر بيئة مثالية للزوار.
بحيرة ينبع الصناعية: جوهرة المدينة الذكية
الموقع والتصميم
تقع بحيرة ينبع الصناعية في مدينة ينبع الصناعية، وتُعرف أيضًا بـ “بحيرة المدينة الذكية”. تبعد حوالي 3 كم عن ساحل البحر الأحمر، وتبلغ مساحتها 2982 مترًا مربعًا، بسعة مائية تصل إلى 4175 مترًا مكعبًا. تتكون البحيرة من جزيرتين منفصلتين، إحداهما متصلة بالخارج عبر رصيف، بينما يمكن الوصول إلى الأخرى عبر جسر خشبي.
المرافق والخدمات
تضم البحيرة جلسات مريحة تحيط بها، ومسطحات خضراء تمتد على مساحة 21,276 مترًا مربعًا، و 373 شجرة نخيل، وحوالي 1590 شجيرة. كما تشتمل على 4 شلالات صغيرة ذات إضاءة ليلية، وملاعب للأطفال، وممشى متكامل، و 172 موقفًا للسيارات، بما في ذلك مواقف مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة.
الحفاظ على جودة المياه
تُغذى البحيرة بالمياه مع توفير حماية مستمرة من التلوث، وذلك عبر نوافير تعمل على تحريك المياه باستمرار لتجنب الركود وتوفير الأكسجين اللازم للأسماك والسلاحف والطيور التي تعيش فيها.
بحيرة دومة الجندل: إرث مائي عريق
الموقع والمساحة
تتميز بحيرة دومة الجندل الصناعية بمساحتها الشاسعة التي تبلغ نحو مليون متر مربع. تتجمع فيها المياه الفائضة عن ري الأراضي الزراعية في محافظة دومة الجندل بمنطقة الجوف، ويصل عمقها في المنتصف إلى 15 مترًا.
الخصائص الجيولوجية والمائية
يؤكد الجيولوجيون أن منطقة دومة الجندل تُعد من أغنى مناطق العالم بالمياه، إلا أن مياه البحيرة مالحة. تحيط بالبحيرة مسطحات خضراء تمتد على مساحة 140 ألف متر مربع.
التطوير والأنشطة الترفيهية
نفذت بلدية دومة الجندل ووزارة السياحة بالجوف مشاريع تطويرية للبحيرة، مما أتاح ممارسة الرياضات البحرية وركوب القوارب. كما تستضيف البحيرة سنويًا سباقات للدراجات البحرية.
بحيرة وادي نمار: ملاذ طبيعي في قلب الرياض
الموقع والمساحة
تقع بحيرة وادي نمار في متنزه سد وادي نمار بمدينة الرياض، وتمتد على مساحة 260 ألف متر مربع، بواجهة طولها كيلومترين وعمق يصل إلى 20 مترًا.
المرافق والخدمات
يضم المتنزه ممشى بطول 2.5 كم مجهز بجلسات مطلة على البحيرة وأكشاك ودورات مياه، بالإضافة إلى طريق بطول 6 كم ومواقف للسيارات تتسع لـ 500 سيارة. كما توجد ممرات ترابية للمشاة بطول 892 مترًا، وأكثر من 1020 شجرة ونخيل ونباتات محلية.
الأهمية البيئية
تُصنف البحيرة كمنطقة طبيعية مميزة في الرياض، حيث تغذي مياه الشلالات البحيرة لتوفير متنفس طبيعي للسكان.
بحيرة متنزه سلام: توازن بيئي وترفيهي
الموقع والمساحة
تقع بحيرة متنزه سلام في وسط الجزء الجنوبي من المتنزه داخل مدينة الرياض، وتستوعب نحو 110 آلاف متر مكعب من المياه، وتبلغ مساحتها 34 ألف متر مربع.
التصميم البيئي
تم بناء أرض البحيرة بطبقات من الطين المرصوف ومواد عازلة لحفظ الماء. كما توفر مضخات توليد التيارات المائية حركة مستمرة للمياه لمنع تجمع البعوض ونمو الطحالب، بالإضافة إلى زراعة نباتات مقاومة للطحالب.
التقسيم والاستخدام
تنقسم البحيرة إلى قسمين: قسم مخصص للنظام البيئي الطبيعي، وقسم آخر متاح للزوار لممارسة الأنشطة الترفيهية مثل ركوب القوارب.
ضوابط إنشاء البحيرات الصناعية: رؤية استدامة
تولي وزارة البيئة والمياه والزراعة اهتمامًا بالغًا بالحفاظ على مصادر المياه وضمان استدامتها، لذا وضعت إجراءات دقيقة للموافقة على إنشاء البحيرات الصناعية. تشمل هذه الإجراءات تقديم دراسة تقييم الأثر البيئي، ودراسة الأثر البيئي على المياه المنصرفة من البحيرات، ووضع خطط للتعامل مع التلوث. لا يتم منح التصريح بالإنشاء إلا بعد إجراء التجارب البيئية اللازمة.
وفي النهايه :
تُظهر البحيرات الصناعية في السعودية كيف يمكن للتخطيط المبتكر والإدارة المستدامة للموارد أن يجمع بين التنمية الحضرية والحفاظ على البيئة. من خلال تبني تقنيات متقدمة وأنظمة رقابة صارمة، تسعى المملكة إلى تحقيق التوازن بين تلبية احتياجات النمو وتأمين مستقبل مائي مستدام للأجيال القادمة. يبقى السؤال: كيف يمكن لهذه التجارب الرائدة أن تلهم حلولًا مماثلة في مناطق أخرى تواجه تحديات مماثلة؟







