استكشاف متنزه عسير الوطني: تحفة طبيعية في قلب المملكة
متنزه عسير الوطني، الواقع في قلب السودة بمنطقة عسير في المملكة العربية السعودية، يمتد على مساحة تقدر بنحو 4500 كيلومتر مربع. تأسس هذا المتنزه بهدف رئيسي هو استغلال المساحات الخضراء الشاسعة لإعادة تأهيل الحياة الفطرية في المنطقة، والتي تشمل نباتات نادرة، وفصائل حيوانية وطيور مهددة بالانقراض. وقد رُصد لإنشاء هذا المشروع الطموح ما يقارب 58 مليون ريال سعودي.
بدأت الدراسات والتصاميم الأولية للمتنزه في عام 1976، ليفتح أبوابه للزوار في عام 1980. ووفقًا لأحدث الإحصائيات التي أُجريت في عام 2021، يحتضن المتنزه ما يقارب 300 نوعًا من الكائنات الفطرية.
مفهوم المتنزه الوطني وأهميته
وفقًا لتعريف الاتحاد العالمي لصون الطبيعة، يُعتبر المتنزه الوطني منطقة طبيعية محمية بموجب القانون، بهدف الحفاظ على الأنظمة البيئية والسلالات المميزة من النباتات والحيوانات والطيور. إضافة إلى ذلك، يُعد المتنزه وجهة سياحية بارزة، حيث أُقيمت داخله العديد من المتنزهات الفرعية والمرافق والخدمات العامة لاستقبال الزوار.
جهود الإنماء الأولى في متنزه عسير الوطني
في السنوات الأولى من افتتاح متنزه عسير الوطني، تركز الاهتمام على الزراعة، وخاصةً بعض الأنواع النباتية مثل نبات العرعر، الذي وجد بيئة مثالية في المتنزه. جاء ذلك بعد سنواتٍ من معاناة هذه النبتة من ظاهرة “الموت القمي” أو الموت الكلي. تتوزع مساحة المتنزه بين أودية وجبال وسهول، حيث ينمو نبات العرعر بتناغم فريد. وبسبب احتواء شجرة العرعر على مخاريط مذكرة ومؤنثة، تتوزع الفصائل الأنثوية للشجرة أسفل الجبل وما بين الأودية، بينما تنمو المخاريط الذكرية في أعالي الجبال. بالإضافة إلى ذلك، يولي القائمون على المتنزه رعاية متخصصة للنباتات، وإزالة التالف منها والتخلص منه بطريقة علمية، مع تحويط أشجار العرعر لحمايتها.
شهد المتنزه عملية تأهيل شاملة، حيث أغلقت إدارته أبوابه بنهاية صيف 2006 وحتى بداية صيف 2007، لإتاحة الوقت الكافي لعملية التأهيل. كما مُنعت قيادة السيارات في الطرق الفرعية للمتنزه خلال فترات التأهيل، حفاظًا على النباتات من التلف والدهس أو إزالة حدودها.
مكونات متنزه عسير الوطني
متنزه عسير الوطني يضم تجمعًا بيئيًّا متميزًا، تتنوع فيه أشكال الحياة الفطرية. تتوزع هذه الحياة الفطرية على أجزاء مختلفة من المتنزه، بما في ذلك:
- دلغان.
- الفرعاء، التي تبعد عن دلغان مسافة 4 كيلومترات وتتميز بكثافة أشجار العرعر.
- متنزه السودة، الذي يُعتبر المنطقة الأعلى داخل متنزه عسير الوطني.
- منطقة الهضبة، التي تكثر فيها الطيور الجارحة.
يقع مركز الزوار على بُعد 2 كيلومترات من وسط مدينة أبها، ويُعتبر نقطة الانطلاق الرئيسية لاستكشاف متنزه عسير الوطني.
مواقع بارزة داخل متنزه عسير الوطني
يضم متنزه عسير الوطني عددًا من المواقع البارزة، بما في ذلك:
- متنزه الأمير سلطان: يُعتبر آخر المواقع التي تم تطويرها، وتبلغ مساحته حوالي 2.68 كيلومتر مربع، وتغطيه أشجار العرعر والطلح الكثيفة، بالإضافة إلى عدد من الشجيرات.
- دلغان: يبعد عن متنزه الأمير سلطان حوالي 4 كيلومترات تقريبًا.
أنشطة سياحية وترفيهية
يوفر متنزه عسير الوطني مسارات للمشي بين الأودية الضبابية، وتطل الأودية على قرى ذات مزارع خضراء متدرجة، مما يجعلها أماكن مثالية للتنزه والرياضات المختلفة مثل التخييم والتسلق وغيرها. على الرغم من ندرة مشاهدتها، لا تزال النمور العربية المهددة بالانقراض تعيش في التلال العالية. كما يمكن للزوار مشاهدة الطيور والنسور وهي تحلق وسط الضباب وبين المرتفعات الشاهقة.
وفي النهايه : يظل متنزه عسير الوطني كنزًا طبيعيًا فريدًا، يجمع بين جمال الطبيعة الخلابة وجهود الحفاظ على الحياة الفطرية. هل يمكن لهذه الجهود أن تضمن استدامة هذا المتنزه للأجيال القادمة، وهل ستنجح في حماية الأنواع المهددة بالانقراض التي تأوي إليه؟
