الأكاسيا في السعودية: إرث طبيعي وجهود للمستقبل
تُعد شجرة الأكاسيا، أو ما يُعرف محليًا بالسنط، جزءًا لا يتجزأ من التراث الطبيعي في المملكة العربية السعودية. تنتمي هذه الشجرة إلى عائلة البقوليات، وتزدهر في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية. تتكاثر الأكاسيا بالبذور وتتميز بمعدل نمو يتراوح بين الاعتيادي والسريع نسبيًا. تضم المملكة العربية السعودية بين جنباتها 18 نوعًا مختلفًا من الأكاسيا، تشمل أنواعًا بارزة كالسمر، ومجموعة الطلحيات التي تتضمن السنط العربي، والسنط النجدي، والسنط الأبيض، بالإضافة إلى أشجار السلم والعراد، وكلها تتكيف مع البيئات المتنوعة، وخاصة الصحراوية.
مبادرات السعودية الخضراء والأكاسيا
في إطار مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، اللتين أطلقتهما المملكة بهدف حماية البيئة والتصدي لتحديات التغير المناخي في 27 مارس 2021، تم اختيار أنواع متعددة من شجرة الأكاسيا جنبًا إلى جنب مع أشجار أخرى لتكون جزءًا من خطط التشجير الطموحة. هذا الاختيار لم يأتِ من فراغ، فشجرة الأكاسيا تتميز بجمالها وقدرتها الفائقة على التأقلم مع الظروف البيئية والمناخية السائدة في المملكة، إضافة إلى مقاومتها العالية للحرارة والجفاف.
أهمية شجرة الأكاسيا المتعددة
تُعتبر شجرة الأكاسيا في السعودية موردًا طبيعيًا حيويًا للسكان المحليين. تُستخدم أخشابها في توفير الوقود وفي أعمال البناء والحماية. بعض أنواعها تُعد مراعي ممتازة للنحل، مما يُنتج أنواعًا متعددة من العسل ذي الجودة العالية. كما تُعد مصدر غذاء للعديد من الحيوانات البرية ومأوى لأنواع مختلفة من الطيور والزواحف. ومع ذلك، فقد تعرضت هذه الأشجار للتدهور نتيجة للرعي الجائر والقطع غير المنظم.
دور الأكاسيا في الحفاظ على التربة
تلعب شجرة الأكاسيا دورًا مهمًا في تثبيت التربة وحمايتها من الانجراف خلال الأمطار والعواصف. تعمل جذورها القوية على تعزيز الخصائص الفيزيائية للتربة وزيادة تماسكها، مما يساعد على حفظ مياه الأمطار وزيادة المخزون المائي الجوفي، وبالتالي تقليل آثار السيول. إضافة إلى ذلك، تُساهم الأكاسيا في تحسين الخصائص الكيميائية للتربة وزيادة محتواها من المواد العضوية الضرورية لنمو النباتات الأخرى.
أنواع شجرة الأكاسيا في السعودية
تتنوع أشجار الأكاسيا في المملكة العربية السعودية، ومن أبرزها: السلم، والعراد، والطلحيات، والسنط العربي، والسنط النجدي، وسنط الحسك، والسنط الأبيض، وسنط السيال، والسمر، والسنط العراقي.
السلم: شجرة متعددة الفوائد
يمكن زراعة شجرة السلم على نطاق واسع، حيث تنمو في مناطق تجمع المياه والرواسب الطينية، وتتحمل الجفاف. تنتشر في شبه الجزيرة العربية، وتعد مرعى للإبل. هي شجرة صحراوية ذات فروع كثيرة ولحاء بني أخضر قابل للتقشر. تنتج الصمغ الصالح للأكل والعسل الجيد، وتستخرج منها مادة القطران لحماية أشجار الفاكهة.
العراد: رمز جبال الجنوب الغربي
تنمو شجرة العراد في أعالي الجبال والأودية جنوب غربي السعودية، وتُعد مصدرًا للخشب والوقود. تتميز بمقاومتها للجفاف وجذوعها السميكة المجعدة، ولها ثمار بنفسجية وأوراق ملساء ونورات بيضاء.
السنط العربي: كنز الأودية
يعرف بالسمر العربي أو القرض، وهو شجرة معمرة تعيش في الأودية، مفيدة لتغذية الإبل والماشية. يتميز بجذوره العميقة وثماره الطويلة وفروعه البيضاء الكثيفة. يفرز مادة الصمغ العربي ويقاوم الجفاف والملوحة.
السنط النجدي: هوية وسط المملكة
ينمو في وسط المملكة، ويصل ارتفاعه إلى 10 أمتار. يتميز بقرونه الملتفة وساقه الرصاصية وأزهاره طيبة الرائحة.
سنط الحسك: جمال عسير وجبال السروات
ينتشر في منطقة عسير وجبال السروات، ويصل ارتفاعه إلى 8 أمتار. يتميز بأشواكه السوداء المعوجة وأزهاره ذات الرائحة الطيبة.
السنط العراقي: شمالي المملكة الشوكي
ينتشر شمال السعودية، ويصل ارتفاعه إلى 10 أمتار. يتميز بفروعه الأفقية وأشواكه البيضاء الكبيرة وأزهاره الزكية.
السنط الأبيض: تاج الطائف
ينمو في محافظة الطائف، ويصل ارتفاعه إلى 10 أمتار. يتميز بساقه الرمادية الخشنة وفروعه البيضاء المنتشرة وأزهاره البيضاء.
سنط السيال: طلح الجنوب الغربي
يعرف بالطلح، وهو شجرة شوكية صحراوية تنمو جنوب غرب السعودية. يتحمل الملوحة والصقيع والظروف المناخية الصعبة.
السمر: رفيق التربة الحصوية والمالحة
ينتشر في السعودية، وينمو في الترب الحصوية والمالحة. يتميز بقمته المستوية وجذوعه المنتشرة وغصونه المشعرة، ويستخدم لتثبيت الكثبان الرملية.
وفي النهايه :
تُعد شجرة الأكاسيا رمزًا للتكيف والصمود في وجه التحديات البيئية في المملكة العربية السعودية. من خلال مبادرات التشجير الطموحة والجهود المستمرة للحفاظ على هذا الإرث الطبيعي، يمكن للمملكة أن تضمن استدامة هذه الأشجار القيمة للأجيال القادمة. فهل سنشهد المزيد من الاهتمام والرعاية لهذه الأشجار في المستقبل؟
