مقام إبراهيم: معلم تاريخي وروحاني في قلب المسجد الحرام
مقام إبراهيم، ذلك الحجر الأثري الشاهد على عزم وإيمان نبي الله إبراهيم عليه السلام، يمثل جزءاً لا يتجزأ من تاريخ الكعبة المشرفة. هذا المعلم، الذي ارتفع عليه إبراهيم أثناء بنائه جدران الكعبة، يقع اليوم في الجهة الشرقية للمسجد الحرام، مواجهاً للكعبة وبابها، وملاصقاً للملتزم.
أثناء الطواف، يمر الحجاج بجوار مقام إبراهيم، ثم يؤدون صلاة الطواف خلفه، مقتدين بالآية الكريمة: “وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى”. (البقرة:125).
الشكل الحالي لمقام إبراهيم
يُحاط المقام بقبة زجاجية شفافة من الكريستال، مما يتيح رؤية الحجر الأثري الذي يحمل آثار قدمي النبي إبراهيم عليه السلام. هذه القبة محاطة بشبكة معدنية مطلية بالذهب، تعلوها قبة صغيرة تزيد من جمال وروعة المكان.
المقام نفسه عبارة عن حجر رخو يُعرف بـ “حجر الماء”، وهو مكعب الشكل بأبعاد 50 سم لكل جانب. في وسطه، تظهر بوضوح آثار قدمي إبراهيم الخليل على هيئة حفرتين بيضاويتين.
تتكون قاعدة المقام من رخام كرارة الأبيض، مزين بالجرانيت الأخضر، ويبلغ ارتفاع الغطاء الزجاجي 1.30 متر، وقطره من الأسفل 40 سم، وبسمك 20 سم من كل جهة، في حين يبلغ قطره الخارجي من الأسفل 80 سم، ومحيط دائرته 2.51 متر.
تاريخ المقام
بدأ تاريخ مقام إبراهيم عندما استعان به النبي إبراهيم عليه السلام للوصول إلى الأجزاء العلوية من الكعبة أثناء بنائها. كان ابنه إسماعيل عليه السلام يناوله الحجارة، ليستمر البناء حتى اكتملت الكعبة المشرفة من جميع الجهات.
ظل المقام ملاصقاً لجدار الكعبة بعد انتهاء البناء في عهد إبراهيم عليه السلام، واستمر على ذلك الحال في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وخليفته أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، تم تأخيره عن جدار الكعبة لتوسيع المساحة المتاحة للطائفين والمصلين.
مراحل تطوير مقام إبراهيم عبر التاريخ
شهد مقام إبراهيم العديد من الإصلاحات والتجديدات على مر التاريخ. وقد اتخذ شكله الحالي في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، عندما صدر التوجيه بنقله إلى الخلف لتوسيعarea الطائفين. وقد جاء هذا القرار بناءً على توصية من المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي لتفادي الازدحامات وضمان سلامة الطائفين، وذلك في عام 1384هـ/1965م. نتيجة لذلك، تم وضع المقام في غطاء زجاجي مقبب، وهو الشكل الذي نراه اليوم.
في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، تم استبدال الهيكل المعدني المثبت على المقام بآخر مصنوع من النحاس، واستُخدم رخام أبيض مزين بالجرانيت الأخضر بدلاً من الأسود في القاعدة الخرسانية.
وفي النهايه : يظل مقام إبراهيم شاهداً على تاريخ عظيم وإرث نبوي جليل، فهل سيستمر هذا المعلم في إلهام الأجيال القادمة؟











