بدر بن عبدالمحسن: رحيل مهندس الكلمة وأيقونة الشعر السعودي
الأمير بدر بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود (1368هـ/1949م – 1445هـ/2025م)، شخصية ملكية بارزة، شاعر مُلهم وفنان تشكيلي مرموق. ترأس مجلس إدارة الجمعية السعودية للثقافة والفنون منذ تأسيسها، وحاز على لقب “مهندس الكلمة” و”البدر” تقديرًا لإسهاماته الأدبية والفنية.
يُعتبر الأمير بدر بن عبدالمحسن من رواد الشعر العامي في المملكة العربية السعودية، حيث عاصر تطورات القصيدة والأغنية السعودية. تغنى بأشعاره كبار الفنانين العرب، مثل طلال مداح ومحمد عبده وعبادي الجوهر. كما كتب العديد من المسرحيات الغنائية والقصص الشعرية الطويلة للمهرجان الوطني للتراث والثقافة الجنادرية، بما في ذلك أوبريت “فارس التوحيد” وأوبريت “أئمة وملوك”.
إسهاماته الوطنية
لم تقتصر إبداعات الأمير بدر على الأعمال الفنية، بل امتدت لتشمل المناسبات الوطنية. كتب قصيدة “يا حادي العيس” بمناسبة الاحتفال الأول بيوم التأسيس عام 1444هـ/2022م، ومسرحية غنائية بعنوان “قصة العوجا” التي روت تاريخ الدرعية في الطريف بالتعاون مع بوابة الدرعية في احتفال يوم التأسيس عام 1445هـ/2025م. كما ألّف قصيدة “حلم” لليوم الوطني السعودي 92 وقصيدة “لنا سلمان” بمناسبة اليوم الوطني السعودي 93.
نشأة وتعليم الأمير بدر بن عبدالمحسن
ولد الأمير بدر بن عبدالمحسن في مدينة الرياض في 30 جمادى الآخرة 1368هـ/29 أبريل 1949م. نشأ تحت رعاية والده وتلقى تعليمه الأولي في الرياض، ثم انتقل إلى مصر لإكمال المرحلتين الابتدائية والإعدادية. عاد بعدها إلى الرياض، ثم سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإكمال المرحلة الثانوية. درس الفنون التشكيلية في إنجلترا. بدأ مسيرته كفنان تشكيلي، ثم اتجه إلى الشعر، واقترن اسمه بالأغنية السعودية من خلال تأليف العديد من القصائد المغناة التي أصبحت من الأغاني السعودية الشهيرة.
قصائده المغناة
بصمة في الأغنية السعودية
أبدع الأمير بدر عشرات القصائد، وكانت أولى قصائده المغناة قصيدة “عطني المحبة” التي غناها طلال مداح عام 1388هـ/1968م. كما غنى له طلال مداح العديد من القصائد الأخرى، مثل “يا طفلة تحت المطر”، و”زمان الصمت”، و”صعب السؤال”، و”سوالف ليل”، و”الله يرد خطاك”، و”ليلة تمرين”، و”الموعد الثاني”، و”نجمة ونهر”، و”ديمة”، و”يا صاحبي”، و”قصّت ظفايرها”، و”سيدي قِم”، و”العطر”، و”شعاع”.
تعاونه مع محمد عبده
غنى الفنان محمد عبده من كلماته العديد من الروائع، منها: “حسايف”، و”خطأ”، و”بسمة الضي”، و”أبعتذر”، و”الرسايل”، و”مركب الهند”، و”صوتك يناديني”، و”ردي سلامي”، و”كلك نظر”، و”جمرة غضا”، و”أرفض المسافة”، و”الليالي الوضح”، و”الفجر البعيد”، و”لا تجرحيني”، و”مجنونها”، و”رماد المصابيح”، و”فوق هام السحب”، و”الله أحد”، و”أنا من هالأرض”، و”حدثينا”.
أعمال أخرى خالدة
كما غنى عبدالرب إدريس “ليلة لو باقي ليلة”، وعبادي الجوهر “سوالف رحلتي”، و”ما أبيه”، و”كفاك غرور”، و”مزهرية”، و”المرايا”، و”على الميهاف”. وغنى عبدالمجيد عبدالله “تخيّل”، و”ما قلت لي”، و”العطش”، و”موت وميلاد”، و”لا تعلمني”، و”أعقد صداقة بالنظر”. وغنى عبدالكريم عبدالقادر “ظماي أنت”، و”الجراح”، و”يطري عليه الوله”، وراشد الماجد “المسافر”، وخالد عبدالرحمن “ليل التجافي”، و”عقد وسوار”.
أمسياته الشعرية وتكريمه
محطات مضيئة في مسيرته
قدم الأمير بدر بن عبدالمحسن العديد من الأمسيات الشعرية داخل المملكة وخارجها، بما في ذلك أمسية البحرين عام 1408هـ/1988م، وأمسية الرياض 1438هـ/2017م، وأمسية ناي باريس في مقر اليونسكو عام 1440هـ/2019م. قلّده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وشاح الملك عبدالعزيز في عام 1440هـ/2019م، تقديرًا لإسهاماته في مجال الثقافة والفنون.
تقدير لإبداعه
كرّمت الهيئة العامة للترفيه الأمير بدر بن عبدالمحسن في ربيع الأول 1441هـ/نوفمبر 2019م نظير ما قدمه للشعر والأدب السعودي، حيث أقيمت ليلة البدر ضمن فعاليات ليالي موسم الرياض، وأعلنت تسمية المسرح المبني خصيصًا لهذه المناسبة بـ”مسرح الأمير بدر بن عبدالمحسن”. كما قدم أمسية شعرية في القصيم بمركز الملك خالد الحضاري في 27 جمادى الآخرة 1444هـ/20 يناير 2023م، وأمسية شعرية في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي في الظهران “إثراء” في 20 مارس 2023م بعنوان “البدر في إثراء”.
دواوينه الشعرية
أصدر الأمير بدر ستة دواوين شعرية، وهي: “ومض”، و”شهد الحروف”، و”هام السحب”، و”لوحة ربما قصيدة”، و”رسالة من بدوي”، و”ما ينقش العصفور في تمرة العذق”.
وفي النهايه :
برحيل الأمير بدر بن عبدالمحسن في 25 شوال 1445هـ/4 مايو 2025م، فقدت الساحة الأدبية والفنية قامةً إبداعيةً استثنائية. يبقى إرثه الشعري والفني خالدًا، يُلهم الأجيال القادمة ويُثري الذاكرة الثقافية السعودية والعربية. فهل ستتمكن الأجيال القادمة من الحفاظ على هذا الإرث وتطويره؟
