هل تساءلت يومًا عن شخصية جمعت بين العمل الخيري والإدارة الحكيمة، وتركت بصمة واضحة في تاريخ المملكة العربية السعودية؟ إنه الأمير عبد المحسن بن عبد العزيز آل سعود، الذي عُرف بإسهاماته الجليلة في دعم المحتاجين وتطوير المشاريع التنموية. ولد الأمير عبد المحسن في عام 1925، وشغل مناصب قيادية عدة، منها أمير منطقة المدينة المنورة، حيث عمل على تطويرها وخدمة سكانها. تميز ببعد نظره وحرصه على تحقيق العدالة الاجتماعية، مما جعله شخصية محبوبة ومحترمة في المجتمع السعودي.
عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود
ولد صاحب السمو الملكي الأمير عبد المحسن بن عبد العزيز آل سعود في الفترة الممتدة من عام 1343 هـ إلى 1405 هـ (الموافق 1925 إلى 1985 م)، وهو أحد أبناء الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، طيب الله ثراه.
نشأ الأمير عبد المحسن في كنف والده المؤسس، وتلقى تعليمه الأولي في مدارس القصر، ثم واصل تعليمه في مراحل لاحقة، مما ساهم في تكوين شخصيته القيادية والإدارية.
بدأ الأمير عبد المحسن مسيرته المهنية بتقلد منصب وزير الداخلية في عهد الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود، رحمه الله. خلال فترة توليه هذا المنصب، عمل على تطوير الأجهزة الأمنية والإدارية في المملكة، وأسهم في تعزيز الأمن والاستقرار.
تعتبر هذه المرحلة من أهم مراحل حياته المهنية، حيث اكتسب خبرة واسعة في إدارة شؤون الدولة. بعد ذلك، عُين الأمير عبد المحسن أميرًا لمنطقة المدينة المنورة، خلفًا لأخيه الأمير محمد بن عبد العزيز آل سعود، رحمه الله.
استمرت فترة إمارته للمدينة المنورة خلال عهد ثلاثة من إخوته الكرام وهم: الملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد رحمهم الله جميعًا. وقد شهدت المدينة المنورة في عهده تطورًا عمرانيًا واقتصاديًا وثقافيًا ملحوظًا، حيث عمل على تطوير البنية التحتية، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين والزوار.
تميزت فترة إمارة الأمير عبد المحسن بالعديد من الإنجازات، منها: تطوير المسجد النبوي الشريف والمناطق المحيطة به، مما ساهم في استيعاب الأعداد المتزايدة من الزوار والمعتمرين. إنشاء العديد من المشاريع السكنية والتجارية التي ساهمت في تحسين مستوى معيشة السكان.
دعم المشاريع التعليمية والثقافية، وتشجيع البحث العلمي، مما أثرى الحياة الفكرية في المدينة المنورة. الاهتمام بالزراعة وتطويرها، ودعم المزارعين، مما ساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض المحاصيل الزراعية.
حياة الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز
نشأ الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز في كنف والده المؤسس، الملك عبدالعزيز آل سعود، في الرياض، التي كانت مسقط رأسه. كانت والدته هي الجوهرة بنت سعد السديري، التي فارقت الحياة أثناء ولادته.
مما جعله يتربى في رعاية والده وإخوته الكبار، الذين قدموا له الدعم والحنان. لقد كانت هذه الفترة حاسمة في تكوين شخصيته، حيث استلهم من والده المؤسس قيم القيادة والشجاعة، ومن إخوته معاني التكاتف والتعاون.
تلقى الأمير عبدالمحسن تعليمه الأولي في مدرسة القصر، التي أمر بإنشائها الملك عبدالعزيز لتعليم أبنائه داخل القصر الملكي بالرياض. كانت المدرسة عبارة عن قاعة فسيحة في الطابق العلوي بجوار مكاتب الملك عبدالعزيز، مدعومة بثلاثة أعمدة، مما يظهر اهتمام المؤسس بتوفير بيئة تعليمية مناسبة لأبنائه.
زامله في الدراسة إخوته: الملك فهد، والأمراء ناصر ومنصور وسعد ومساعد ومشعل وسلطان، بالإضافة إلى الملك عبدالله، وعدد من أبناء المقربين والملتحقين بالقصر. وكانت هذه المدرسة بمثابة حاضنة لقادة المستقبل، حيث تلقوا تعليمًا متميزًا وغرس فيهم حب الوطن والولاء له.
لقد كان لتزامل الأمير عبدالمحسن مع إخوته الأمراء وأبناء المقربين في مدرسة القصر أثر كبير في تكوين شخصيته، حيث تبادلوا الخبرات والمعارف، وتعلموا قيم التعاون والتآزر. كما أن وجود شخصيات قيادية مثل الملك فهد والملك عبدالله في نفس البيئة التعليمية ساهم في إثراء تجربتهم التعليمية وتوسيع مداركهم.
أنجب الأمير عبدالمحسن الأمير سعود، الذي تقلد منصب أمير منطقة حائل في الفترة من 1420 إلى 1438هـ (الموافقة لـ 1999-2017م)، والأمير الشاعر بدر، الذي وافته المنية في عام 1445هـ (الموافق لـ 2025م). الأمير سعود خدم منطقة حائل بتفان وإخلاص، وقدم العديد من الإنجازات التي ساهمت في تطوير المنطقة وازدهارها.
مناصب تولاها الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز
رافق الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود أخاه الملك فيصل في العديد من الزيارات الرسمية خارج البلاد، مما يعكس الثقة الملكية الكبيرة التي كان يحظى بها. كما شارك سموه ضمن الوفود التي مثّلت المملكة العربية السعودية في مناسبات ومؤتمرات دولية هامة.
مساهمًا في تعزيز مكانة المملكة على الساحة العالمية. بدأت مسيرته العملية في عام 1379هـ/1960م عندما عيّنه الملك سعود وزيرًا للداخلية، حيث أدار شؤون الوزارة بكفاءة واقتدار حتى ربيع الأول 1380هـ/سبتمبر 1961م. في عام 1384هـ/1965م، أصدر الملك فيصل أمرًا بتعيين الأمير عبدالمحسن أميرًا على منطقة المدينة المنورة.
وشهدت المدينة المنورة منذ توليه الإمارة نهضة عمرانية شاملة وتطورًا تنمويًا ملحوظًا في كافة المجالات. استمرت فترة إمارته للمدينة المنورة نحو عقدين من الزمن، حتى وفاته، حيث ترك بصمات واضحة في تاريخ المنطقة. أولى الأمير عبدالمحسن خلال فترة إمارته للمدينة المنورة اهتمامًا خاصًا بالجامعة الإسلامية.
كان سموه يشرف بنفسه على العديد من شؤون الجامعة، ويسعى لتطويرها وتحديثها لتواكب أحدث المعايير التعليمية. كما حرص على تفقّد أحوال أهالي المدينة المنورة، والاطلاع على احتياجاتهم ومتطلباتهم بشكل مباشر. بالإضافة إلى ذلك، كان الأمير عبدالمحسن يتابع بشكل دائم توافر وتأمين الاحتياجات الأساسية في الأسواق.
من خلال التنسيق مع الجهات المعنية لضمان توفير السلع والمواد الغذائية بأسعار مناسبة. كما أولى اهتمامًا كبيرًا بحماية المستهلك من خلال إصدار تعليمات مشددة بمراقبة أسعار المنتجات في السوق.
والتصدي لأي محاولات للتلاعب أو الاحتكار. اشتهر الأمير عبدالمحسن بين أهالي المدينة المنورة بكرمه وتواضعه وحبه لمساعدة الآخرين، مما جعله يحظى بمحبة وتقدير كبيرين من قبل الجميع.
وفاة الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز
بعد حياة حافلة بالإنجازات والعطاء، انتقل إلى رحمة الله صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود في الحادي والعشرين من شهر شعبان لعام 1405 هـ، الموافق الحادي عشر من شهر مايو لعام 1985م. وقد كانت حياة الأمير عبدالمحسن زاخرة بالعمل الجاد والإخلاص في خدمة وطنه ومجتمعه، تاركًا إرثًا طيبًا يذكره الجميع بالخير.
وافته المنية في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، وهو أحد أبرز المراكز الطبية في المملكة العربية السعودية، والذي يعكس التطور والرعاية الصحية المتقدمة في البلاد. كان عمره عند الوفاة يناهز الستين عامًا، وهي مرحلة من النضج والعطاء التي قضاها في خدمة وطنه.
وقد أقيمت صلاة الجنازة على الفقيد في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض، ثم ووري جثمانه الثرى في مقبرة العود، حيث يرقد العديد من أفراد العائلة المالكة والشخصيات البارزة في المملكة.
الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز كان شخصية محورية في العديد من المجالات، حيث ساهم بفعالية في تنمية الاقتصاد الوطني ودعم المشاريع الخيرية والإنسانية.
عرف عنه اهتمامه البالغ بشؤون المواطنين وسعيه الدائم لتلبية احتياجاتهم، مما جعله يحظى بمحبة وتقدير واسعين في المجتمع. كان له دور بارز في دعم قطاع الزراعة والمياه، حيث عمل على تطوير السياسات والاستراتيجيات التي تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذه المجالات الحيوية.












