هضبة حسمى: درة الشمال الغربي للمملكة العربية السعودية
هضبة حسمى هي منطقة طبيعية فريدة تمتد في شمال غرب المملكة العربية السعودية، بدءًا من أطراف جبال مدين غربًا وصولًا إلى حرة الحرة شرقًا، وتتوغل شمالًا داخل الأراضي الأردنية. يتراوح ارتفاعها بين 800 و 1,700 متر فوق سطح البحر، مع ارتفاعات أعلى قليلًا في منطقة الطبيق شرق مدينة تبوك. بالقرب من تبوك، ينخفض سطح الهضبة مشكلًا منخفضًا داخليًا يصب في وادي الأخضر، ولكن باستثناء هذه المنطقة، يتميز سطح الهضبة بالاستواء الشديد.
المكونات الجيولوجية لسطح هضبة حسمى
يتكون سطح الهضبة من صخور الحجر الرملي الباليوزوي، المعروفة بتكوين تبوك، وتتميز بوجود العديد من الانكسارات الموازية للبحر الأحمر، خاصة بالقرب من تبوك، والتي تزداد كثافة كلما اتجهنا غربًا. يتميز القسم الغربي بأشكال طبيعية متنوعة تفصل بينها مساحات رملية مستوية تميزه عن بقية الهضبة. تغطي الرمال أيضًا سفوح هذه التكوينات، مع غياب مظاهر الجريان السطحي. تبدأ الأودية في الظهور الفعلي في أقصى الغرب على طريق تبوك – ضبا، حيث تقع الحافة الغربية للهضبة، المعروفة باسم إقليم أشكال الحجر الرملي، والتي تمتد بين 10 و 80 كم غرب تبوك. يُعزى هذا الإقليم إلى فترة مناخية سابقة كانت أكثر مطرًا من العصر الحالي، حيث يقل معدل الأمطار في تبوك عن 58 ملم. تشير الأدلة إلى أن التعرية الريحية هي العملية السائدة حاليًا، حيث تقوم الرياح بإجراء تعديلات طفيفة على أشكال الأرض.
مدن وقرى هضبة حسمى
تضم هضبة حسمى عدة مدن وقرى، بما في ذلك مدينة تبوك، وبئر ابن هرماس، وحالة عمار، وقرية مغيراء شرقًا. نظرًا للظروف المناخية الصعبة وشح المياه، سادت حياة البداوة في الهضبة. ومع ذلك، سمح اكتشاف المياه الجوفية بوفرة بقيام حياة زراعية واسعة النطاق، مما أدى إلى انتشار المزارع الحديثة في مناطق واسعة شمال وجنوب تبوك، والتي تصدر منتجاتها إلى معظم مناطق المملكة.
هضبة حسمى في الأدب العربي
تتمتع هضبة حسمى بمكانة مرموقة في الأدب العربي، حيث وصفها الجوهري بأنها أرض في البادية ذات جبال شاهقة ملساء الجوانب. وذكر ياقوت أن حسمى معروفة لمن يراها، لعدم وجود مثيل لها في العالم. كما كانت ثلاث طرق قديمة تمر عبرها أو بالقرب منها: طريق الساحل بمحاذاة البحر الأحمر عبر وادي الجزل، طريق معان وتبوك ثم مدائن صالح، وطريق الأزرق إلى تيماء.
وقال كثير:
سيأتي أمير المؤمنين ودونه
جماهير حسمى قُورُها وحُزُونها
وفي أخبار المتنبي، ذكر ياقوت أن حسمى أرض طيبة، سهلة المرور، مليئة بالجبال الشاهقة الملساء، ويوجد بها جبل يعرف بإرم، حيث تزعم البادية وجود كروم وصنوبر فيه.
مرتفعات جبال هضبة حسمى
تضم هضبة حسمى عددًا من الجبال مثل: السفينة، والظهر، والمحماش، والحزيمات، وسدير، وحوصل، والمدربا، والشّكاعة، وتصرف سيولها أودية منها: تُرف، والزيتة، وضم.
جبل إرم في هضبة حسمى
يبلغ ارتفاع جبل إرم حوالي 1,754 مترًا، ويقع عند التقاء خط الطول 25َ 35° شرقًا ودائرة العرض 30َ 29° شمالًا تقريبًا. تتيح الظروف المناخية في أعلى الجبل نمو الكروم والصنوبر، على الرغم من عدم وجود هذه الأشجار حاليًا. يعتبر الجبل من المعالم السياحية في منطقة تبوك، بسبب ألوانه المتنوعة ومظهره الفريد، نتيجة للتقطيع الشديد لسطح حسمى بفعل الصدوع الكثيرة، والنحت المائي، والرياح.
النقوش الأثرية في صحراء حسمى
تتميز صحراء حسمى برمالها الحمراء وجبالها الرملية، وتضم نقوشًا أثرية متنوعة على صخور جبالها الشاهقة. كانت حسمى محطة على طريق التجارة القديم، وتحتضن كتابات ونقوشًا تدل على إرث تاريخي هام. تم اكتشاف نقوش عربية عرفت باللهجة الحسمائية، وهي لهجة شبيهة باللهجة النبطية وتُعد أول كتابة عربية ترتبط فيها الحروف ببعضها، وتشبه الحرف الصفائي إلا أنه متميز عنه بموقعه وتاريخه. تحمل هذه الشواهد إرثًا يستنطق تاريخ جزيرة العرب ولغتها الخالدة.
