منشأة الجمرات: تحفة معمارية لخدمة الحجاج
تُعتبر منشأة الجمرات في مشعر منى بمكة المكرمة، إنجازًا هندسيًا شامخًا قامت به المملكة العربية السعودية لتيسير شعيرة رمي الجمرات على الحجاج. هذه المنشأة الضخمة تهدف إلى استيعاب جموع الحجاج أثناء رمي الجمرات الثلاث: الوسطى، الصغرى، والكبرى (العقبة) خلال أيام الحج المباركة.
تصميم فريد وقدرة استيعابية هائلة
تتألف منشأة الجمرات من خمسة طوابق، يبلغ ارتفاع كل منها 12 مترًا. صُممت المنشأة لتستوعب 300 ألف حاج في الساعة، وهي مُعدة لتحمل ما يصل إلى 12 طابقًا مستقبلاً. بلغت تكلفة إنشائها ما يزيد على 4.2 مليارات ريال سعودي، وتعد أول المشاعر المقدسة التي تواجه القادم إلى مكة المكرمة.
خدمات متكاملة لراحة وسلامة الحجاج
مباني الخدمات والمرافق الحيوية
تشتمل منشأة الجمرات على ستة مباني خدمات متكاملة، بالإضافة إلى مبنيين مجهزين بمهابط للطائرات المروحية لاستخدامها في حالات الطوارئ. كما تتضمن مصاعد خاصة لنقل سيارات الإسعاف بين الطوابق المختلفة. يوجد في كل مبنى خدمات ثلاث محطات كهربائية ومولد كهرباء احتياطي لضمان استمرار التشغيل.
شبكة سلالم كهربائية متطورة
تتميز المنشأة بوجود 11 مبنى سلالم، منها أربعة مخصصة لدخول الحجاج إلى الطوابق وسبعة للخروج منها. كل مبنى سلالم يضم 28 سلمًا كهربائيًا متصلًا بنظام إدارة المباني للتحكم فيها. بالإضافة إلى ذلك، يوجد 20 سلمًا كهربائيًا حول جسر الجمرات، ليصل إجمالي عدد السلالم الكهربائية إلى 328 سلمًا.
أنظمة متطورة لإدارة وتشغيل المنشأة
تقنيات حديثة لضمان السلامة والراحة
تعتمد منشأة الجمرات على 13 نظامًا متكاملًا، بما في ذلك:
- نظام للمراقبة التلفزيونية يشمل 900 كاميرا.
- نظام للبث التلفزيوني لأربع قنوات.
- نظام للعد الإلكتروني للحشود باستخدام 90 كاميرا.
- نظام للرسائل التوجيهية.
- نظام للنداء العلني يتكون من 3000 سماعة.
- نظام إدارة المباني (BMS AND SCADA).
- نظام الطاقة غير المنقطعة (UPS).
- نظام إنذار وإطفاء الحريق.
- نظام التخلص من النفايات.
- نظام (الواق واق) بالأنفاق.
- نظام قياس مستوى أول أكسيد الكربون.
- نظام قياس مستوى وضوح الرؤية بالأنفاق.
كما تتوفر 226 عربة كهربائية صديقة للبيئة لنقل الحجاج داخل جسر الجمرات والمشاريع المتصلة به.
تبريد متطور لتخفيف حرارة الجو
يحتوي جسر الجمرات على 456 مكيفًا صحراويًا لتلطيف الهواء، و90 مروحة تعمل بالرذاذ، و78 مكيفًا مركزيًا، و182 مكيفًا ذات وحدات منفصلة، و104 مضخات مياه. هذه الأنظمة تعمل على ضخ رذاذ مبرد على الحجاج ومناطق الجمرات لخفض درجة الحرارة إلى 29 درجة مئوية خلال فصل الصيف.
شبكة أنفاق متصلة لتسهيل حركة الحجاج
أنفاق الشعيبين والعزيزية
يرتبط جسر الجمرات بأربعة أنفاق من منطقة الشعيبين حتى الدور الثالث، بأطوال تصل إلى 3485 مترًا طوليًا. تشتمل هذه الأنفاق على 46 ممشى كهربائيًا لنقل الحجاج، وأربع محطات كهربائية مرتبطة جميعها بنظام تحكم عن بعد (SCADA)، ونظام إلكتروني لفصل الأنفاق في حالات الحرائق، بالإضافة إلى نفق أرضي لفصل حركة المركبات عن المشاة.
كما ترتبط المنشأة بأنفاق العزيزية المؤدية إلى الدور الثاني للجسر عبر نفقين بطول 485 مترًا طوليًا، وأربعة سلالم كهربائية وطرق بطول 4624 مترًا طوليًا. تحتوي هذه الأنفاق على ثلاث محطات كهربائية مرتبطة بنظام التحكم عن بعد (SCADA)، وأنظمة للحماية والحريق والنداء العام والاتصال الداخلي.
مراحل تطوير منشأة الجمرات عبر التاريخ
توسعات وتحسينات مستمرة
شهدت منشأة الجمرات العديد من التوسعات ومراحل التطوير خلال العهد السعودي، بهدف تحسين تجربة الحجاج وتوفير أقصى درجات الراحة والأمان.
-
في عام 1395هـ/1975م، أنشئ أول جسر للجمرات، وشهد أول تطوير له بزيادة مساحته 40 مترًا، وإضافة مدخلين من الجهتين الشرقية والغربية، ومنحدرين بجوار جمرة العقبة من الجهتين الشمالية والجنوبية.
-
في عام 1398هـ/1978م، نُفذت منحدرات من الخرسانة المسلحة كمطالع ومنازل إلى المستوى الثاني من الجمرات على جانبي الجسر مقابل الجمرة الصغرى.
-
في عام 1402هـ/1982م، وُسِّع جسر الجمرات ليبلغ عرضه 20 مترًا وطوله 120 مترًا.
-
في عام 1407هـ/1987م، تمت توسعة أخرى لجسر الجمرات، ووصل عرضه إلى 80 مترًا وطوله إلى 520 مترًا، بمساحة إجمالية قدرها 57,600 متر مربع.
-
في عام 1415هـ/1995م، أُجريت تعديلات متنوعة على الجسر.
-
في عام 1425هـ/2005م، شهد جسر الجمرات تعديلات في بنيته، وتعديل شكل الأحواض من الشكل الدائري إلى البيضاوي، وتعديل الشواخص، وإنشاء مخارج طوارئ جديدة عند جمرة العقبة، وتركيب لوحات إرشادية تشتمل على معلومات لتوعية الحجاج وتحذيرهم في حال التزاحم، وربط الشاشات واللوحات الإرشادية بمخيمات الحجاج مباشرة.
-
في عام 1426هـ/2006م، تقرر إزالة الجسر واستبداله بمنشأة الجمرات الحالية متعددة الأدوار، لاستيعاب أعداد أكبر من الحجاج وتسهيل عملية رمي الجمرات.
-
في عام 1436هـ/2015م، تم تنفيذ توسعة للساحة الغربية للجمرات بمساحة 40,000 متر مربع من الجهة الشمالية بهدف استيعاب تجمعات الحجاج، لتكون الساحة مخرجًا مناسبًا لهم باتجاه مكة المكرمة، وليصبح شكل الساحة بعرض لا يقل عن 70 مترًا وزيادة طولها من 800 إلى 1000 متر، وذلك من نهاية مخرج الدور الثاني لمنشأة الجمرات.
وفي النهايه :
تظل منشأة الجمرات شاهدًا على التطور العمراني والتقني الذي تشهده المملكة العربية السعودية في خدمة الحجاج. فمن خلال تصميمها المبتكر، وأنظمتها المتطورة، ومراحل تطويرها المستمرة، تهدف المنشأة إلى توفير تجربة حج ميسرة وآمنة لضيوف الرحمن. فهل ستشهد الأعوام القادمة المزيد من التطورات والتحسينات التي تعزز من قدرة المنشأة على استيعاب الأعداد المتزايدة من الحجاج؟
