منبر الرسول صلى الله عليه وسلم: معلم تاريخي في المسجد النبوي
منبر الرسول صلى الله عليه وسلم يعتبر من أبرز معالم المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، ويقع تحديدًا في الجهة الغربية من مصلى النبي. كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يعتلي هذا المنبر ليراه الصحابة الكرام أثناء خطبه. وقد ورد في فضله أن من حلف عليه كاذبًا استحق النار، وأن المنطقة بين المنبر وبيته صلى الله عليه وسلم هي روضة من رياض الجنة، كما ورد أن المنبر سيكون يوم القيامة على حوض النبي.
أسباب صناعة منبر الرسول صلى الله عليه وسلم
صُنع منبر الرسول صلى الله عليه وسلم نتيجة ازدياد أعداد المصلين في المسجد النبوي في عهده، حيث كان البعض يجد صعوبة في رؤية النبي وسماعه بسبب بعد المسافة. كان النبي يخطب مستندًا إلى جذع نخلة، فجاءت فكرة المنبر لتمكينه من الصعود والخطابة ليراه الناس جميعًا، ويستريح من مشقة الوقوف.
تفاصيل صناعة المنبر النبوي
يرجح العلماء، كالحافظ ابن حجر، أن نجارًا يدعى ميمون هو من صنع منبر الرسول صلى الله عليه وسلم. استخدم في صناعته خشب الأثل، أو الطرفاء، وكان يتكون من ثلاث درجات فقط.
مقاسات منبر الرسول صلى الله عليه وسلم
ذكر المؤرخ ابن النجار في كتابه “الدرة الثمينة” سنة 593هـ، أن طول المنبر النبوي يبلغ ذراعين وشبرًا وثلاثة أصابع، وعرضه ذراع راجح، وطول صدره (مستند النبي) ذراع، وطول الرمانتين اللتين كان يمسكهما بيده الكريمة شبر وإصبعان.
مراحل تطور منبر الرسول عبر التاريخ
شهد منبر الرسول صلى الله عليه وسلم عدة تطويرات وتحديثات على مر العصور. في البداية، كان يتألف من درجتين ومقعد. وفي عهد معاوية بن أبي سفيان، أضاف مروان بن الحكم ست درجات من الأسفل، ليصبح عدد الدرجات ثماني، مع المجلس في الأعلى. كان الخلفاء يقفون على الدرجة السابعة، التي كانت الدرجة الأولى في التصميم الأصلي.
تجديدات في العصر العباسي
عندما آلت الخلافة إلى العباسيين، قام بعض الخلفاء بتجديد المنبر بسبب قدمه. وفي عام 656هـ، تضرر المنبر جراء حريق شب في المسجد النبوي، ووضعت بقاياه في الدكة، أو الحوض الرخامي أسفل المنبر، ثم سُقفت الدكة بالآجر لتصبح مستوية.
منابر جديدة من اليمن ومصر
في عام 654هـ، أرسل الملك المظفر من اليمن منبرًا جديدًا مصنوعًا من الصندل، وله رمانتان، وظل في مكانه لمدة عشر سنوات. وفي سنة 664هـ، أرسل الظاهر بيبرس البندقداري منبرًا جديدًا، استخدمه الخطباء حتى سنة 797هـ.
منابر أخرى في العصر المملوكي
توالت المنابر التي أهداها الأمراء للمسجد النبوي، فأرسل الظاهر برقوق منبرًا جديدًا عام 797هـ. وفي عام 820هـ، صنع المؤيد شيخ منبرًا جديدًا بدلاً من منبر برقوق، وبقي حتى احترق المسجد النبوي عام 886هـ، فقام أهل المدينة بصنع منبر جديد من الآجر.
تجديد منبر المسجد النبوي في العهد السعودي
قامت المملكة العربية السعودية بتجديد منبر المسجد النبوي عدة مرات، وطلته بماء الذهب، وأحاطته بورق شفاف لحمايته من ملامسة الزوار، لضمان بقائه لأطول فترة ممكنة.
وفي النهايه :
يظل منبر الرسول صلى الله عليه وسلم معلمًا بارزًا في تاريخ المسجد النبوي، شاهدًا على التطورات والتجديدات التي مر بها عبر العصور، ومحط اهتمام وعناية من قبل حكام المسلمين على مر الزمان، فهل سيستمر هذا الاهتمام بنفس القدر في المستقبل؟
