معركة فيضة السر: نقطة تحول في صراع توحيد المملكة
معركة فيضة السر، التي قادها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ضد قوات عبدالعزيز بن رشيد في منطقة القصيم، عام 1321هـ/1904م، تمثل حدثًا محوريًا في تاريخ توحيد المملكة العربية السعودية. جاءت هذه المعركة بعد أن نجح الملك عبدالعزيز في ضم مناطق نجد الجنوبية إلى حكمه، لتشكل خطوة استراتيجية نحو بسط نفوذه على كامل منطقة القصيم.
مقدمات معركة فيضة السر
في إطار خطته لضم القصيم، تواصل الملك عبدالعزيز مع زعماء أسرتي آل مهنا وآل سليم، حكام بريدة وعنيزة سابقًا، والذين لجأوا إلى الكويت هربًا من بطش آل رشيد. شجعهم الملك عبدالعزيز على العودة والمشاركة في تحرير القصيم من حكم ابن رشيد، وهو ما لاقى ترحيبًا منهم، فانضموا إليه مع عدد من أنصارهم.
التحرك نحو الزلفي والتحديات الأولية
في الأول من رمضان عام 1321هـ، الموافق 20 نوفمبر 1903م، وصل الملك عبدالعزيز ورجاله إلى الزلفي، في عام اتسم بالجفاف. أرسل الملك عبدالعزيز رسالة إلى أهالي الزلفي يستطلع فيها مدى استعدادهم للتعاون معه، إلا أنهم أبدوا تخوفهم من قوة ابن رشيد القريبة، وأخبروه بأنهم ملتزمون ببيعة لابن رشيد، لكنهم سيساندونه في حال القضاء عليه. نتيجة لذلك، أدرك الملك عبدالعزيز أن الظروف غير مواتية للهجوم، فانسحب إلى الرياض، بينما استقر آل مهنا وآل سليم في شقراء.
تحصينات ابن رشيد واستعداداته
بعد خسارة الأقاليم النجدية الجنوبية، اتخذ عبدالعزيز بن رشيد من بريدة مقرًا مؤقتًا لإعادة تنظيم صفوفه وتعزيز دفاعاته. سعى لكسب ود السكان المحليين من خلال إظهار التعاطف والمشاورة في الأمور المتعلقة بأمن المنطقة.
توزيع القوات وتعزيز المواقع
بعد مشاورات عديدة، قرر ابن رشيد تعزيز تواجده في بريدة بقيادة عبدالرحمن بن ضبعان، وإرسال سرية أخرى إلى عنيزة بقيادة فهيد بن سبهان. كما أرسل قوة قوامها 400 مقاتل إلى إقليم السر بقيادة حسين بن جراد، وقوة مماثلة للمرابطة قرب عنيزة بقيادة ماجد الحمود بن رشيد.
أحداث معركة فيضة السر
بعد الاطمئنان إلى ترتيباته في القصيم وعودة الملك عبدالعزيز إلى الرياض، توجه ابن رشيد نحو الحدود العراقية لجلب المؤن واستقطاب الدعم، سعيًا للاستعانة بالعثمانيين في توفير القوات والإمدادات.
الهجوم المفاجئ في فيضة السر
بينما كان الملك عبدالعزيز في طريقه، تلقى أخبارًا عن تمركز حسين بن جراد وقواته في فيضة السر. فقرر مهاجمتهم بشكل مفاجئ، مما أسفر عن مقتل ابن جراد وعدد كبير من جنوده، والاستيلاء على أموالهم وإبلهم كغنائم. وقعت هذه المعركة في 28 ذي القعدة 1321هـ، الموافق 15 فبراير 1904م.
نتائج معركة فيضة السر
كان انتصار الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في معركة فيضة السر بمثابة إنذار لابن رشيد وحلفائه، معلنًا عن قرب المواجهة الحاسمة في بقية مناطق القصيم. بعد هذا الانتصار، عاد الملك عبدالعزيز إلى الرياض لترتيب أوضاعه.
وفي النهايه:
تمثل معركة فيضة السر نقطة تحول حاسمة في مسيرة توحيد المملكة العربية السعودية، حيث أبرزت تصميم الملك عبدالعزيز على بسط نفوذه وقدرته على تحقيق الانتصارات رغم التحديات. هل كانت هذه المعركة مجرد بداية لسلسلة من المواجهات، أم أنها حملت في طياتها بذور الدولة السعودية الحديثة؟