معركة روضة مهنا: صراع على السلطة في قلب الجزيرة العربية
تُعد معركة روضة مهنا نقطة تحول في تاريخ توحيد المملكة العربية السعودية، حيث دارت رحاها بين الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود والأمير عبدالعزيز بن رشيد في عام 1324هـ الموافق 1906م. جاءت هذه المعركة بعد انقسام حاد في صفوف زعماء بلدات القصيم وأهلها، لتنتهي بانتصار حاسم للملك عبدالعزيز وهزيمة ساحقة لقوات ابن رشيد في روضة مهنا، الواقعة غربي نفود الثويرات في منطقة القصيم.
الأحداث التي سبقت المعركة
في خضم الخلافات المتفاقمة بين زعماء بلدات القصيم، قرر عبدالعزيز بن رشيد استعادة نفوذه العسكري في المنطقة. فأرسل سرية بقيادة أمير الرس السابق، حسين بن عساف، التي تمكنت من السيطرة على الحكم في الرس. لم يكتفِ بذلك، بل بدأ ابن رشيد بشن هجمات متفرقة على بلدات القصيم، طمعًا في إعادتها إلى حكمه.
طلب العون من الملك عبدالعزيز
لم يتمكن أمير بريدة من التصدي لقوات ابن رشيد المتزايدة، مما دفعه إلى إرسال وفد إلى الملك عبدالعزيز في الرياض، طلبًا للعفو والمساعدة، بتوصية من أمير عنيزة في ذلك الوقت. استقبل الملك عبدالعزيز الوفد بحفاوة وأكرمهم، واستجاب لطلبهم بالعودة إلى القصيم، ليخرج من الرياض متجهًا نحوها.
وصول الملك عبدالعزيز إلى القصيم والاستعداد للمعركة
في 10 شعبان 1323هـ الموافق 9 أكتوبر 1905م، وصل الملك عبدالعزيز إلى عنيزة. بعد ثلاثة أيام من وصوله، شن ابن رشيد غارة على أطراف بريدة، فتوجهت قوات الملك عبدالعزيز بقيادة أخيه محمد لملاقاته، إلا أنه انسحب وتراجع شمالًا. انتقل الملك عبدالعزيز بعد ذلك إلى بريدة مع رجاله، وأرسل إلى أتباعه في وسط نجد وجنوبها يطلب منهم الانضمام إليه.
المناورات العسكرية قبل المعركة الحاسمة
بعد وصول الدعم من أتباعه، شن الملك عبدالعزيز هجومًا على القبائل الموالية لابن رشيد. علم ابن رشيد بنية الملك عبدالعزيز الهجوم، بعد أن أرسل إليه أخوه محمد نذيرًا يخبره بقدومه، فتراجع ابن رشيد وانسحب، وعاد الملك عبدالعزيز إلى بريدة، ثم غادرها عائدًا إلى الرياض.
التحركات الاستراتيجية قبل المواجهة
في 25 ذي الحجة 1323هـ، توجه الملك عبدالعزيز مرة أخرى إلى القصيم ونزل بالأسياح شمالي القصيم، حيث مكث فيها حوالي 20 يومًا قبل أن ينضم إليه رجاله من أهل القصيم. في ذلك الوقت، كان ابن رشيد قد توجه إلى سدير، فتبعه الملك خشية أن يتعرض أهل المنطقة للأذى. وعندما وصل الزلفي، وصله خبر بأن خصمه على مشارف المجمعة، فعاد متجهًا إلى الشمال، ووصل إلى مجمع البطنان، حيث هاجم بعض المؤيدين لخصمه، في حين قام الآخر بمهاجمة القبائل المؤيدة للملك.
نهاية المعركة ومقتل ابن رشيد
في 16 صفر 1324هـ الموافق 10 أبريل 1906م، وصل إلى الملك عبدالعزيز خبر نزول خصمه ابن رشيد في روضة مهنا، الواقعة غربي نفود الثويرات، على بعد ساعتين منهم. فأمر أتباعه المكونين من 1,600 مقاتل، منهم 400 خيّال، بالتوجه إلى خصمه الذي يزيد جيشه عنهم بمئتي مقاتل.
تفاصيل اللحظات الأخيرة
بدأ الهجوم في الثلث الأخير من الليل. في الوقت الذي كان ابن رشيد يحرض فيه أتباعه على القتال بشدة، وقع بين رجال الملك عبدالعزيز دون علمه، فأصيب وتوفي في الحال. أدى مقتل ابن رشيد إلى انهيار معنويات أتباعه الذين فروا من المعركة، فتبعهم جنود الملك حتى الضحى، قبل أن يعودوا إلى الميدان ويأخذوا سيف ابن رشيد وخاتمه إلى الملك عبدالعزيز.
وفي النهايه :
معركة روضة مهنا لم تكن مجرد صراع عسكري، بل كانت نقطة تحول فاصلة في تاريخ المملكة العربية السعودية. بانتصار الملك عبدالعزيز، فُتح الباب على مصراعيه لتوحيد البلاد وتأسيس دولة حديثة. هل كانت هذه المعركة حتمية في ظل الظروف السياسية والاجتماعية التي كانت تعيشها المنطقة؟ وهل كان من الممكن تحقيق الوحدة بطرق أخرى؟ هذه التساؤلات تظل مفتوحة للتأمل والبحث.
