معركة حرملة: فصل من فصول توحيد المملكة العربية السعودية
معركة حرملة تُعد واحدة من المعارك الحاسمة في مسيرة توحيد المملكة العربية السعودية. تأتي هذه المعركة في أعقاب الانتصار الذي حققه الملك المؤسس، عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، في معركة حجلة، والذي أفضى إلى ضم منطقة عسير. دارت رحى هذه المعركة بين قوات الملك عبدالعزيز، بقيادة ابنه الأمير فيصل بن عبدالعزيز آل سعود (الملك فيصل لاحقًا)، وقوات حسن بن عائض في منطقة عسير، وذلك في عام 1340هـ الموافق لعام 1922م.
تفاصيل أحداث معركة حرملة
بعد الهزيمة التي مُني بها آل عائض في معركة حجلة، استقبلهم الملك عبدالعزيز في الرياض بكل حفاوة وتكريم، حيث أقاموا فيها لعدة أشهر. لاحقًا، عادوا إلى عسير، وقد خُصصت لهم مرتبات شهرية منتظمة. وكان الملك عبدالعزيز قد عيّن أميرًا على المنطقة، إلا أن حسن بن عائض تمرّد على حكم الملك عبدالعزيز مستغلًا شكاوى قدمها سكان عسير ضد الأمير الذي عيّنه الملك. قام ابن عائض بمحاصرة الأمير السعودي وحاميته في أبها، مما اضطر الأمير إلى الانسحاب مع حاميته وأسلحتهم، ثم جمع أنصارًا من أهالي منطقة خميس مشيط، محاولًا استعادة السيطرة، لكنه لم ينجح في ذلك.
تزامن الأحداث والتحرك العسكري
تزامنت أحداث تمرّد ابن عائض في عسير مع تحقيق الملك عبدالعزيز لانتصار نهائي على خصمه ابن رشيد في حائل. وبمجرد علمه بتفاصيل الأحداث، أرسل الملك عبدالعزيز جيشًا بقيادة ابنه الأمير فيصل (الملك فيصل فيما بعد)، قوامه حوالي 6 آلاف مقاتل. انطلق هذا الجيش من نجد في شهر شوال من عام 1340هـ، الموافق لشهر يونيو من عام 1922م. ومع اقتراب الجيش من عسير، انضمت إليه قبائل المنطقة، مُضيفةً حوالي 4 آلاف مقاتل إلى صفوفه. واصل الجيش تقدمه نحو أبها، لكن حسن بن عائض لم ينتظر وصول الأمير فيصل وجيشه إلى المدينة، بل انسحب منها مع أنصاره ولجأ إلى جبل حرملة.
اقتحام الجيش السعودي لحرملة
نجح الجيش السعودي في اقتحام حرملة، لكن حسن بن عائض كان قد فر منها بالفعل. على إثر ذلك، تم تعيين سعد بن عفيصان أميرًا على عسير. أبقى الأمير فيصل تحت إمرته حامية قوامها حوالي 500 مقاتل، ثم عاد بعدها إلى الرياض.
وفي النهايه :
تبرز معركة حرملة كأحد المحطات الهامة في تاريخ توحيد المملكة العربية السعودية، حيث تجسد فيها تصميم الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود على بسط نفوذه وتوحيد أراضيها. الانتصار في حرملة لم يكن مجرد نصر عسكري، بل كان رمزًا لترسيخ الأمن والاستقرار في منطقة عسير، وخطوة نحو تحقيق الوحدة الوطنية الشاملة. يبقى السؤال مفتوحًا حول الدروس المستفادة من هذه الحقبة التاريخية، وكيف يمكن لتلك الأحداث أن تلهم الأجيال الحالية والقادمة في بناء مستقبل أكثر ازدهارًا واستقرارًا للمملكة.