معركة الطرفية: صراع على النفوذ في قلب القصيم
معركة الطرفية، التي قادها المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في منطقة القصيم، وقعت في عام 1325هـ/1907م. اندلعت المعركة نتيجة لتحالف أمير بريدة، محمد أبا الخيل، مع سلطان بن رشيد، أمير حائل، ومحاولتهما إقناع أمير عنيزة بالانضمام إليهما ضد الملك عبدالعزيز.
أسباب معركة الطرفية
بينما كان الملك عبدالعزيز عائدًا من مواجهة سابقة مع سلطان بن رشيد في أطراف القصيم، تمكن رجاله من القبض على مبعوث لأمير بريدة. كان هذا المبعوث يحمل رسائل إلى سلطان بن رشيد، تتضمن تعهداً بالوقوف معه في حربه ضد الملك عبدالعزيز. على إثر ذلك، دخل الملك عبدالعزيز بريدة واجتمع بأميرها وأعيانها، وجددوا البيعة له. إلا أن أمير بريدة نكث بعهده مرة أخرى، متحالفًا مع سلطان بن رشيد ضد الملك عبدالعزيز، وحاولا استمالة أمير عنيزة إلى صفوفهما، لكنه رفض التخلي عن ولائه للملك عبدالعزيز.
تحركات ابن رشيد وفيصل الدويش
أصر أبا الخيل وأتباعه على استقبال ابن رشيد، موهمين إياه بأن أهالي عنيزة سينضمون إليه بمجرد وصوله إلى القصيم. تحرك ابن رشيد بالفعل نحو القصيم، وقضى فيها حوالي شهر يتنقل بين المناطق سعيًا لفرض سيطرته. في هذه الأثناء، وصل فيصل الدويش مع رجاله، معلنًا ولاءه لابن رشيد.
أحداث معركة الطرفية
بعد أن علم الملك عبدالعزيز بالتحالف الذي تم بين أمير بريدة وابن رشيد والدويش في القصيم، توجه على رأس قواته إلى عنيزة في منتصف شعبان 1325هـ/سبتمبر 1907م. انضم إليه 400 مقاتل من أهالي عنيزة بقيادة صالح الزامل، وخرجوا لمهاجمة سلطان بن رشيد ليلًا، إلا أن ابن رشيد علم بقدومهم واحتتمى داخل البلدة.
المناوشات وهزيمة الدويش
في صباح اليوم التالي، وقعت مناوشات بين الطرفين خارج أسوار بريدة. المدافعون داخل الأسوار كانوا مترددين في الخروج وتعريض أنفسهم للخطر، بينما كان المهاجمون يخشون المخاطر الكامنة داخل البلدة. في تلك اللحظة، وصل فيصل الدويش بجيشه لمساندة ابن رشيد وأمير بريدة، فتصدى له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وألحق به هزيمة قاسية. طارد الملك عبدالعزيز فلول الدويش حتى وصلوا إلى مخيمهم في الطرفية، حيث استولى عليه، وذلك في 18 شعبان 1325هـ/25 سبتمبر 1907م.
نهاية معركة الطرفية
بعد هزيمة الدويش، اتفق مجددًا مع ابن رشيد وأبا الخيل على مهاجمة الملك عبدالعزيز في الطرفية ليلًا. شنوا هجومًا على معسكر الملك عبدالعزيز، لكن قوات الملك عبدالعزيز ورجاله تمكنوا من صدهم وإلحاق الهزيمة بهم. تراجعت فلولهم إلى بريدة، فغادر الملك عبدالعزيز الطرفية ونزل بالقرب من بريدة، حيث طلب منه سكان القرى العفو، فعفا عنهم وأمر بعدم التعرض لقراهم. في نهاية شهر شعبان، وصل الملك عبدالعزيز إلى عنيزة ثم إلى البكيرية والرس، بهدف إخراج ابن رشيد ورجاله لمواجهتهم بعيدًا عن بريدة. لكن ابن رشيد رفض الخروج لمنازلته، وغادر بريدة في نهاية الأمر، تاركًا أخاه فيصل وخيالته لمساعدة أميرها. عندما علم الملك عبدالعزيز بذلك، شن غارات وصلت حتى أطراف حائل، ثم عاد بعدها إلى الرياض.
وفي النهايه :
تُظهر معركة الطرفية كيف استطاع الملك عبد العزيز بحنكته وقيادته أن يوحد الصفوف ويكسب ولاء القبائل، منهيًا بذلك محاولات خصومه لزعزعة استقراره. المعركة تجسد نقطة تحول في تاريخ توحيد المملكة، حيث أبرزت قوة الملك عبد العزيز وقدرته على التصدي للتحديات. يبقى السؤال مطروحًا: كيف كانت ستتغير خريطة المنطقة لو أن نتائج المعركة قد سارت في اتجاه آخر؟
