معركة الصريف: باكورة جهود استعادة الرياض
تُعد معركة الصريف أول محاولة للملك المؤسس، عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، لاستعادة الرياض عام 1318هـ/1901م، وكانت باكورة أعماله العسكرية. جاءت هذه المحاولة نتيجة لتصاعد التوتر بين الشيخ مبارك الصباح، أمير الكويت، وعبدالعزيز بن رشيد، أمير حائل. تميزت هذه المعركة بالتخطيط الجيد، وساهمت في فهم الأوضاع العسكرية في الرياض.
دوافع معركة الصريف
منذ استقراره في الكويت، ظل الملك عبدالعزيز يفكر في استعادة الرياض، عاصمة أجداده. لعبت أخته، نورة بنت عبدالرحمن، دورًا محوريًا في تحفيزه، حيث كانت تحظى بمكانة خاصة لديه، وكان يعتز بها قائلًا: “أنا أخو نورة”. خلال إقامته في الكويت، اكتسب الملك عبدالعزيز خبرات قيمة من الأحداث المحلية والعالمية، واطلع عن كثب على التطورات السياسية والاتصالات الدولية، مما جعله يدرك أهمية منطقة شبه الجزيرة العربية ويقرر استعادة الرياض، فبدأ في دراسة الخطط والفرص المتاحة.
تفاقم التوتر بين الكويت وحائل
كانت معركة الصريف نتيجة سنوات من التوتر بين أمير الكويت وأمير حائل، بسبب إقامة الإمام عبدالرحمن بن فيصل وعائلته في الكويت. حافظ الملك عبدالعزيز على اتصال مع أنصاره في نجد، الذين كانوا يشتكون من ظلم ابن رشيد ويحثونه على العودة. في ربيع الآخر 1318هـ/أغسطس 1900م، تلقى الملك عبدالعزيز رسالة من أنصاره في نجد، يعبرون فيها عن استعدادهم لدعمه في تحركاته لاستعادة الرياض.
وقائع معركة الصريف
استجابة لرسائل أهالي نجد، توجه الإمام عبدالرحمن إلى روضة سدير وهاجم بعض القبائل الموالية لابن رشيد. عند عودته، أرسل إليه الشيخ مبارك رسولًا يطلب منه الانتظار خارج الكويت حتى يلحق به بجيشه. التقيا ثم انطلقوا معًا نحو حفر الباطن، ثم جنوبًا إلى الصمّان، وعبروا صحراء الدهناء حتى وصلوا إلى غدير الشوكي، وهو وادٍ شمالي الرياض.
حصار قصر المصمك
في غدير الشوكي، انفصل الملك عبدالعزيز بقوة قوامها ألف مقاتل، متوجهًا نحو الرياض بعد استئذان والده. بعد يومين، وصل إلى الرياض وواجه رئيس حامية ابن رشيد، عبدالرحمن الضبعان. اشتبك الطرفان، مما اضطر حامية ابن رشيد للتراجع والتحصن في قصر المصمك.
حاصر الملك عبدالعزيز حامية ابن رشيد في قصر المصمك لمدة 40 يومًا، وشهدت هذه الفترة اشتباكات متقطعة بين الطرفين. بدأ الملك عبدالعزيز في حفر نفق للوصول إلى قصر المصمك، لكنه توقف بعد أن وصلت إليه أنباء عن هزيمة جيش الشيخ مبارك في معركة الصريف، مما اضطره إلى فك الحصار ومغادرة الرياض.
نهاية معركة الصريف
التقى الجيشان في موقع بين الصريف والطرفية بمنطقة القصيم في 26 ذي القعدة 1318هـ/17 مارس 1901م. بعد معركة استمرت طوال النهار، انتهت بهزيمة جيش الشيخ مبارك الصباح.
وفي النهايه :
معركة الصريف مثلت نقطة تحول هامة في تاريخ المملكة العربية السعودية، حيث جسدت أولى خطوات الملك المؤسس نحو استعادة الرياض. على الرغم من انتهاء المعركة بهزيمة، إلا أنها كشفت عن تصميم الملك عبدالعزيز وإصراره على تحقيق هدفه، ومهدت الطريق للمعارك اللاحقة التي أدت في النهاية إلى توحيد المملكة. هل كانت هذه الهزيمة دافعًا أقوى للملك عبدالعزيز لتحقيق هدفه؟