مشروع صدارة: ركيزة أساسية في الصناعات البتروكيماوية السعودية
مشروع صدارة، الذي يمثل شراكة استراتيجية بين أرامكو السعودية وشركة داو كيميكال الأمريكية، يجسد طموح المملكة في تعزيز مكانتها كمركز عالمي للصناعات البتروكيماوية. تأسس هذا المشروع العملاق في أكتوبر 2011 بمدينة الجبيل، ليصبح أكبر مجمع كيميائيات متكامل في العالم يتم بناؤه دفعة واحدة. يعتمد المشروع على لقيم متنوع يشمل 85 مليون قدم مكعبة قياسية يوميًا من الإيثان، و53 ألف برميل يوميًا من النفتا، مما يمكنه من إنتاج أكثر من ثلاثة ملايين طن سنويًا من الكيميائيات الأساسية واللدائن عالية الأداء.
صدارة: تكامل عالمي ورؤية مستقبلية
نطاق عمل صدارة
تتميز صدارة بكونها أكبر موقع متكامل للإيزوسيانات على مستوى العالم، مما يمنحها الحق في تسويق منتجاتها داخل المملكة ومنطقة الشرق الأوسط. تتولى شركة داو تسويق الكميات المتبقية خارج هذه المنطقة. تشمل الأسواق النهائية لمنتجات صدارة قطاعات حيوية مثل صناعة العقاقير الطبية، السيارات، والسلع الاستهلاكية، مما يعكس الدور المحوري الذي تلعبه في دعم الصناعات المتنوعة.
هيكلة الملكية والأهداف الاستراتيجية
تتوزع حصص الملكية في شركة صدارة للكيميائيات بين أرامكو السعودية بنسبة 65% وشركة داو كيميكال بنسبة 35%. يضم المجمع الكيميائي للشركة 26 مصنعًا عالمي المستوى. تطمح صدارة للدخول في قائمة أكبر 500 شركة على مستوى العالم في أول عام من التشغيل الكامل، وتسعى إلى تحقيق قيمة مضافة من خلال الابتكار في مجال الكيمياء، مع الالتزام بدعم التنوع الاقتصادي وتنمية قطاع الصناعات التحويلية في المملكة العربية السعودية.
استثمارات ضخمة وتوجهات مبتكرة
حجم الاستثمارات والمنتجات الجديدة
يبلغ حجم الاستثمارات الإجمالية في مشروع صدارة حوالي 75 مليار ريال سعودي (20 مليار دولار أمريكي). تعمل صدارة على تصنيع منتجات تدخل المملكة لأول مرة، بما في ذلك مصانع إنتاج الأيزوسيانات والبوليولز (البولي يوريثان)، مما يفتح الباب لتصنيع منتجات عديدة لم تكن متاحة سابقًا إلا من خلال استيراد المواد الخام.
الأبعاد الهندسية للمشروع
أُنشئ مجمع صدارة على مساحة 6 كيلومترات مربعة، واستخدم في إنشائه مليون قدم مكعبة من الخرسانة (تكفي لبناء جسر الملك فهد ثلاث مرات)، وأكثر من 160 ألف طن من الفولاذ (تكفي لبناء جسر جولدن جيت مرتين)، وشبكة أنابيب بطول 2,500 كيلومتر (تعادل المسافة بين الجبيل وجدة مرتين).
مراحل الإنشاء والتشغيل
تطورات الإنشاء والإنتاج
شهد مشروع صدارة تسارعًا في الأعمال الإنشائية والإنتاجية، حيث بدأ في عام 2013 إنشاء معمل بيروكسيد الهيدروجين، وفي عام 2014 دخلت المصفاة حيز التشغيل الكامل.
محطات رئيسية في مسيرة صدارة
- 2015: بدء تشغيل أول معمل للبولي إيثيلين السائل وتصنيف صدارة كمشروع استراتيجي من قبل الهيئة العامة للاستثمار.
- 2016: بدء التشغيل التجاري لمعمل البيوتانول والتدشين الرسمي للمشروع، بالإضافة إلى بدء تشغيل وحدة التكسير مختلطة اللقيم.
- 2017: بدء تشغيل أول معمل للبوليولات، وتشغيل مرافق إنتاج الأمينات والبوليمر الميثيلين ثنائي الفينيل ثنائي الإيزوسيانات (PMDI)، وبدء التشغيل التجريبي لآخر معامل الشركة.
وحدة التكسير مختلطة اللقيم: نقلة نوعية
في عام 2016، حقق المشروع إنجازًا تاريخيًا بتشغيل وحدة التكسير مختلطة اللقيم، ليصبح أول مصنع كيميائيات في دول الخليج العربي قادرًا على تكسير النفتا. تعمل هذه الوحدة على فصل الإيثان والنفتا لإنتاج جزيئات جديدة مثل الإيثيلين والبروبيلين، مما يتيح إنتاج مجموعة متنوعة من اللدائن والمنتجات الكيميائية المصممة لتلبية احتياجات قطاعات متنوعة مثل التغليف المتقدم، والإنشاءات، والأجهزة الإلكترونية، والأثاث، وصناعة السيارات.
الشراكة مع الهيئة الملكية للجبيل وينبع ومجمع بلاس كيم
التعاون الاستراتيجي
تجمع شركة صدارة شراكة قوية مع الهيئة الملكية للجبيل وينبع، مما ساهم في بناء مجمع بلاس كيم للصناعات الكيميائية والتحويلية، وهو مشروع رئيس لتحقيق القيمة الكاملة لمجمع صدارة.
مجمع بلاس كيم: مركز للصناعات الكيميائية والتحويلية
يمتد مجمع بلاس كيم على مساحة 12 كيلومترًا مربعًا في مدينة الجبيل الصناعية الثانية، بالقرب من مجمع صدارة. يختص هذا المجمع بالصناعات الكيميائية والتحويلية، ويستفيد من منتجات صدارة والمواد الخام التي يوفرها موردون آخرون. يضم المجمع قطاعين رئيسيين: مجمع الصناعات الكيميائية ومجمع الصناعات التحويلية.
تسهيل الاستثمار وتحويل اللقيم
من خلال توفير مجموعة واسعة من المنتجات الكيميائية والبنى الأساسية الصناعية والتنظيمية، يمكن لمجمع بلاس كيم أن يساعد المستثمرين في تحويل اللقيم إلى منتجات نهائية عالية القيمة.
دور صدارة في تطوير الصناعات الكيميائية
تطويع الكيمياء لخدمة المستهلك
يُعد تطويع الكيمياء لخدمة المستهلك النهائي من الأعمال الأساسية في شركة صدارة، حيث تستطيع وحدة التكسير البخارية مختلطة اللقيم إنتاج مجموعة متنوعة من المنتجات البلاستيكية والكيميائية.
ريادة إقليمية وتخصص فريد
يتميز مجمع صدارة بكونه الوحيد في السعودية ومنطقة الخليج العربي الذي يقوم بتكسير النافثا، مما يساعد في إيجاد صناعات ومنتجات كيميائية متخصصة وجديدة، وتمكين قطاع الصناعات الكيميائية السعودي من تجاوز نطاق المنتجات الحالية وخلق فرص جديدة في مجال الصناعات التحويلية.
توسعات مستقبلية ومبادرات جديدة
واصلت شركة صدارة تطوير أنشطتها واستثماراتها، وأكملت في سبتمبر 2021 الأعمال الإنشائية لمشروع خطي أنابيب أكسيد الإيثيلين (EO) وأكسيد البروبيلين (PO) ومحطة التوزيع، التي ستقوم بإمداد المواد الأولية إلى المستثمرين في مجمع بلاس كيم.
أهمية المنتجات النهائية
تمثل منتجات صدارة قيمة عالية في الاستخدام النهائي، حيث تُعد مكونًا أساسيًا في تمكين وتصنيع العديد من التطبيقات المهمة للمملكة في صناعات تحويلية رئيسة، مثل كيميائيات النفط والغاز، ومواد الإنشاء، والمنظفات، ومنتجات العناية المنزلية والشخصية، والمواد الكيميائية لمعالجة المياه، والمواد الكيميائية للتعدين، وتطبيقات التغليف والطلاء، والمستحضرات الصيدلانية، وأعلاف الحيوانات.
وفي النهايه :
يعكس مشروع صدارة التزام المملكة العربية السعودية بتعزيز قطاع الصناعات البتروكيماوية وتنويع الاقتصاد الوطني. من خلال الاستثمارات الضخمة والشراكات الاستراتيجية والابتكارات التكنولوجية، تساهم صدارة في خلق قيمة مضافة وتوفير فرص جديدة في مختلف القطاعات الصناعية. يبقى السؤال: كيف ستستمر صدارة في قيادة التحول في الصناعات الكيميائية السعودية في ظل التحديات العالمية المتزايدة؟
