المسح البحري الهيدروغرافي: رؤية السعودية 2030 لتعزيز الملاحة البحرية
يهدف مشروع المسح البحري الهيدروغرافي، الذي تنفذه الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية في المملكة العربية السعودية، إلى جمع بيانات دقيقة للمسح البحري. هذا الجهد يهدف إلى إنتاج خرائط بحرية ملاحية حديثة، سواء كانت ورقية أو إلكترونية، تغطي البحر الأحمر، خليج العقبة، والخليج العربي، مما يعزز من سلامة الملاحة البحرية في هذه المناطق الحيوية.
أهمية مشروع المسح البحري
تتجسد أهمية المسح البحري في تأثيره المباشر على التنمية الاقتصادية، الأمن، البحث العلمي، وحماية البيئة البحرية. هذه الأهمية تنبع من موقع السعودية الاستراتيجي الذي يربط قارات آسيا، أفريقيا، وأوروبا. البحر الأحمر، خليج العقبة، والخليج العربي يمثلون محاور ربط استراتيجية لهذه القارات ببقية العالم، وهو ما أكدته رؤية السعودية 2030.
رؤية السعودية 2030
تهدف الرؤية إلى ترسيخ مكانة السعودية كمحور يربط القارات الثلاث، مع تحقيق الاستثمار الأمثل للموقع الاستراتيجي للمملكة. بالإضافة إلى ذلك، تسعى السعودية للاستفادة من ثرواتها الكبيرة من النفط، الغاز، والمعادن، التي تصدر يوميًا عبر السفن والبواخر التي تعبر المناطق البحرية السعودية. هذا يستلزم جمع بيانات بحرية دقيقة وإنتاج خرائط ومنشورات بحرية ملاحية متطورة.
أهداف مشروع المسح البحري
يهدف المشروع إلى ضمان سلامة الملاحة البحرية، بما يتوافق مع متطلبات المنظمة الدولية للمسح البحري (IHO) والمنظمة البحرية الدولية (IMO). كما يهدف إلى إنتاج خرائط دقيقة للمناطق الساحلية وتوفير البيانات البحرية اللازمة للجهات المستفيدة.
الالتزام بالمعايير الدولية
يسعى المشروع إلى الوفاء بالمتطلبات المنصوص عليها في الاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحار (SOLAS)، وذلك ضمن إطار المنظمة الدولية للمسح البحري (IHO). السعودية، ممثلة بالهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية، هي العضو رقم 78 في هذه المنظمة، مما يعكس التزامها بالمعايير الدولية. يهدف المسح البحري أيضًا إلى إعداد خرائط بحرية ملاحية ورقية وإلكترونية، بالإضافة إلى منشورات بحرية تعزز من سلامة الملاحة البحرية.
مراحل مشروع المسح البحري
يتم تنفيذ المشروع على ثلاث مراحل رئيسية:
- المرحلة الأولى: تجهيز الوسائط البحرية والطائرة، ومعايرة الأجهزة المستخدمة. تنتهي هذه المرحلة بتسليم موقع العمل للمقاول، وتجهيز الموظفين، والحصول على التصاريح والتأشيرات اللازمة.
- المرحلة الثانية: تنفيذ المسح البحري وتسليم البيانات وفقًا لتقسيم المنطقة، لبدء إنتاج الخرائط البحرية. تتضمن هذه المرحلة قياس الأعماق، وتصنيف قاع البحر، وتحديد العوائق الملاحية باستخدام الطائرات (الليدار) وأجهزة سبر الأعماق والمسح الجانبي. يتم استخدام الوسائط البحرية لتغطية الفراغات التي لم يغطها الليدار، لإنتاج خرائط بحرية ملاحية شاملة.
- المرحلة الثالثة: إنهاء المشروع، وتسليم المخرجات والتقارير النهائية.
منجزات مشروع المسح البحري
في عام 1445هـ/2024م، غطت الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية، من خلال مشروع المسح البحري، المناطق البحرية التابعة للسعودية في البحر الأحمر وخليج العقبة بنسبة 100%. وشملت المنجزات إعداد قواعد البيانات البحرية، وإنتاج خرائط بحرية ملاحية ورقية وإلكترونية بمقاييس رسم مختلفة، وإنتاج خرائط لإدارة المناطق الساحلية، التي تستخدم في التخطيط والتنمية.
منشورات بحرية متخصصة
تقوم الهيئة بإنتاج وتوزيع منشورات بحرية عدة، مثل جداول التيارات المدية وجداول المد والجزر، لتوفير البيانات اللازمة للجهات المعنية. كما تعزز الهيئة عمليات المسح البحري في الخليج العربي، وتنتج خرائط بحرية ملاحية وخرائط لإدارة المناطق الساحلية فيه.
التعاون الدولي في إنتاج الخرائط
بالتعاون مع المركز الدولي للخرائط البحرية الملاحية الإلكترونية، نشرت الهيئة خلال عام 2023م نحو 48 خريطة، منها 16 خريطة بحرية ملاحية إلكترونية (ENC).
دور الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية في مشروع المسح البحري
تتولى الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية مسؤولية التخطيط والتنفيذ لأعمال المسح البحري وعلوم البحار في المناطق البحرية السعودية. ويشمل ذلك جمع معلومات وبيانات المسح البحري، ومعالجتها، وتحليلها، وتخزينها، إضافة إلى التدريب وبناء القدرات وتطوير الموارد البشرية.
مهام ومسؤوليات الهيئة
تتضمن مهام الهيئة حصر الجزر ومسمياتها الجغرافية، ووضع معايير ومواصفات العمل المساحي البحري، والإشراف على البحوث العلمية البحرية المتصلة بالمسح البحري، وإصدار تصاريح سفن المسح وسفن الأبحاث العلمية، وتخطيط وتنفيذ مشاريع المسح البحري باستخدام طائرة الليدار والسفن المجهزة بأجهزة سبر الأعماق، وإدارة بيانات المسح البحري، وإنتاج الخرائط البحرية الملاحية الورقية والإلكترونية وخرائط إدارة المناطق الساحلية، وإدارة الشبكة الوطنية لمحطات رصد المد والجزر.
سفينة المسح البحري “سلطان”
تنفذ الهيئة مشروع المسح البحري من خلال سفينة المسح البحري “سلطان”، المجهزة بأحدث الأجهزة والمعدات والبرامج، بالإضافة إلى الكفاءات البشرية المؤهلة لجمع البيانات في المناطق البحرية العميقة. وتستخدم الزوارق التابعة لها لمسح المناطق البحرية الضحلة، ومن ثم معالجة وتحليل هذه البيانات لإنتاج الخرائط البحرية بأنواعها.
المشاركة الأكاديمية
تشارك جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في المشروع من خلال إنزال عوامتين بحريتين للمسح، بينما تساهم جامعة الملك عبدالعزيز ببرامج أكاديمية وتدريبية في مجال المسح البحري.
اليوم العالمي للمسح البحري
تحتفي الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية، بمشاركة وزارات وهيئات ومراكز حكومية وأخرى من القطاع الخاص والأكاديمي، في 21 يونيو من كل عام، باليوم العالمي للمسح البحري. يهدف الاحتفال إلى إبراز أعمال المسح في المناطق البحرية التابعة للسعودية، ونشر الوعي بأهميته، ودعم الأنشطة الحيوية المختلفة على المستويين الوطني والعالمي.
وفي النهايه :
يعكس مشروع المسح البحري الهيدروغرافي التزام المملكة العربية السعودية بتعزيز سلامة الملاحة البحرية وتحقيق الاستفادة القصوى من موقعها الاستراتيجي وثرواتها البحرية. من خلال التعاون مع المنظمات الدولية والمؤسسات الأكاديمية، تواصل الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية تطوير قدراتها في مجال المسح البحري، مما يسهم في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030. يبقى السؤال: كيف يمكن لمثل هذه المشاريع أن تعزز من مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي، وما هي التحديات المستقبلية التي يجب التغلب عليها لضمان استدامة هذه الجهود؟