مشروع البحر الأحمر: رؤية السعودية الطموحة لتطوير السياحة المستدامة
يمثل مشروع البحر الأحمر السعودي نقلة نوعية في عالم السياحة، حيث يمتد على مساحة تقدر بنحو 28 ألف كيلومتر مربع على طول 200 كيلومتر من ساحل البحر الأحمر شمال غرب المملكة، بين مدينتي أملج والوجه. هذا المشروع الطموح يعزز مكانة المملكة كوجهة سياحية عالمية، ويساهم في مضاعفة العوائد الاقتصادية من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والشركات السياحية العالمية، بالإضافة إلى توجيه الإنفاق السياحي المحلي نحو الداخل.
يتميز المشروع بضمّه 90 جزيرة بكر، مع تخصيص تسع جزر ذات قيمة بيئية عالية للحفاظ على الحياة الفطرية المهددة بالانقراض. وتتبنى شركة البحر الأحمر الدولية، المطورة للمشروعين العملاقين البحر الأحمر وآمالا، سياسات بيئية صارمة تضمن خلو الوجهة من النفايات البلاستيكية وتحقيق الحياد الكربوني الكامل بنسبة 100%، مع الاعتماد الكلي على مصادر الطاقة المتجددة.
بداية تأسيس مشروع البحر الأحمر
أهداف مشروع البحر الأحمر
يُعتبر مشروع البحر الأحمر ركيزة أساسية في رؤية السعودية 2030، ويهدف إلى توفير فرص استثمارية متنوعة للقطاع الخاص، وتطوير قطاع السياحة في المملكة عبر إنشاء منتجعات عالمية المستوى تجذب السياح من الداخل والخارج. كما يسعى المشروع إلى استقطاب أبرز الشركات العالمية في مجالي السياحة والضيافة للاستفادة من خبراتهم وقدراتهم واستثماراتهم، وتمكين الشباب السعودي من تحقيق طموحاتهم من خلال توفير فرص اقتصادية وثقافية جديدة. من المتوقع أن يخلق المشروع نحو 70 ألف فرصة عمل، ويساهم في نمو الاقتصاد الوطني عبر قطاعات جديدة، مع توقعات بإضافة 22 مليار ريال سعودي إلى الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى الحفاظ على البيئة والتراث الثقافي والحضاري للمملكة.
انطلاق مشروع البحر الأحمر
في 31 يوليو 2017م، أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، عن إطلاق مشروع البحر الأحمر. وُضع حجر الأساس في الربع الثالث من عام 2019م، وشهد الربع الأخير من عام 2022م الانتهاء من المرحلة الأولى، والتي تضمنت تجهيز البنية التحتية الأساسية للمشروع، وتطوير الفنادق والمساكن، والمطار والميناء، وخدمات النقل المتنوعة كالقوارب والطائرات المائية. يمتلك صندوق الاستثمارات العامة المشروع، ويقوم بضخ الاستثمارات الأولية وجذب استثمارات جديدة إلى المملكة عبر شراكات مع كبرى الشركات العالمية.
الجهة المسؤولة عن مشروع البحر الأحمر
تأسست شركة البحر الأحمر للتطوير، والتي تعرف الآن باسم شركة البحر الأحمر الدولية، في مايو 2018م كشركة مستقلة لتطوير المشروع، وهي مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة. يترأس الشركة جون باغانو، وقد سُجلت في وزارة التجارة كشركة مساهمة مقفلة. تعمل الشركة على وضع معايير جديدة للتنمية المستدامة، وتبني أنظمة بيئية تضمن أفضل الممارسات من خلال منع ردم النفايات، وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والاعتماد على الطاقة المتجددة، وذلك لحماية البيئة البكر.
مراحل مشروع البحر الأحمر
سيتم تطوير وجهة البحر الأحمر على 22 جزيرة من أصل 90، وفقًا للمخطط العام المعتمد على مرحلتين رئيسيتين. بدأت المرحلة الأولى في عام 2017م، وشهدت توقيع أكثر من 800 عقد بقيمة إجمالية تجاوزت 20 مليار ريال. تتضمن هذه المرحلة 16 فندقًا فخمًا بإجمالي 3000 غرفة، يتم بناؤها على 5 جزر، بالإضافة إلى منتجعين في منطقة الجبال والصحراء، لاستقبال 300 ألف زائر. كما تشمل مرافق تجارية وترفيهية، ومتاجر بيع بالتجزئة، وبنية تحتية متكاملة، ومراسي لليخوت، ومطار خاص بالوجهة.
أما المرحلة الثانية، فقد انطلقت في عام 2023م ومن المقرر أن تنتهي في عام 2030م، وستوفر 8000 غرفة فندقية موزعة على 22 جزيرة، في 50 فندقًا و6 منتجعات في المناطق الصحراوية والجبلية، وأكثر من 1000 عقار سكني في 22 جزيرة، إضافة إلى المراسي وملاعب الجولف والمرافق الترفيهية والتسلية. يوجد حاليًا أكثر من 15,000 عامل في موقع الوجهة.
المكانة الجغرافية لموقع البحر الأحمر
الموقع الجغرافي الطبيعي
يقع مشروع البحر الأحمر في شمال غرب المملكة العربية السعودية، بين خطي عرض 25 و26 شمال خط الاستواء، على بعد 500 كيلومتر شمال مدينة جدة، وتطل عليه من الشمال مدينة الوجه، وتحيط به من الجنوب محافظة أملج.
تتميز سماء المشروع بالصفاء الذي يسهل عمليات الرصد الفلكي. تهب الرياح في المنطقة ناحية الشمال الغربي، والمناخ معتدل، حيث تصل درجات الحرارة في شهر يناير إلى 19.7 درجة مئوية، وفي شهر أغسطس إلى 31.1 درجة مئوية، مع هطول الأمطار في فصل الشتاء. تضم المنطقة عددًا من الحرات والجبال والشعاب المرجانية.
الموقع الجغرافي الاقتصادي
يمثل البحر الأحمر حلقة وصل بين المحيط الهندي والمحيط الهادي، ويُعد من طرق التجارة القديمة بين الشرق والغرب، وبوابة لموانئ المملكة. يتميز المشروع بموقعه الاستراتيجي في قلب العالم، حيث يمكن لـ 250 مليون شخص الوصول إليه بسهولة، إذ يتيح لسكان دول أوروبا الغربية الوصول إليه جوًّا خلال 7 ساعات، ولسكان دول شرق آسيا في غضون 8 ساعات، مع إمكانية الوصول إليه دون تأشيرات للأجانب، وفقًا للأنظمة والقوانين الخاصة بالمشروع.
الظواهر الجيومورفولوجية الساحلية
يتميز البحر الأحمر بوجود الظواهر الجيومورفولوجية الساحلية المتنوعة، مثل: الشروم، والمراسي، والخلجان، والألسنة الأرضية، والوديان. تتراوح درجة حرارة المياه السطحية في مناطق الشمال الغربي للمملكة على مدار العام ما بين 16 إلى 26 درجة مئوية، بينما تستقر الكتل المائية في المناطق العميقة منه، والتي تصل إلى 2635 مترًا.
البيئة الطبيعية لمشروع البحر الأحمر
الحرات والبراكين والجبال
تتنوع مظاهر السطح في منطقة مشروع البحر الأحمر، وتشمل سهولًا ساحلية منخفضة ترتفع بنحو 300 متر عن سطح البحر، وقممًا جبلية عالية مثل جبل أملج (2580 مترًا) وجبل شاد (2350 مترًا)، إضافة إلى حرات بركانية خامدة مثل حرة الشاقة وحرة الرحى. من بين 19 حرة، تعتبر هذه الحرات آمنة، حيث لم يتم رصد أي نشاط بركاني أو انبعاثات غازية منها. نشأت هذه الحرات في المرحلة الثانية قبل خمسة ملايين عام مع انفتاح البحر الأحمر، ويهدف المشروع إلى الحفاظ على الثروات الطبيعية والاستثمار في تطوير المناطق البركانية والحرات الخامدة.
الثروة السمكية
يعيش في البحر الأحمر أكثر من 1350 نوعًا من أسماك الزينة، وتضم مدينتا الوجه وأملج العديد منها، مثل أسماك الفراشة، والكرومس، وزهرة الأوركيد، والزناد، ودجاجة البحر، والسحل، والجراح، والجوبي. تتميز المدينتان بإنتاجهما الغزير من الأسماك الطازجة، التي يعيش معظمها في الشعاب المرجانية. كذلك تنتشر الأسماك الاقتصادية، ومنها أسماك الناجل، والطرادي الأحمر، والشريف، والكشر، وأسماك الهامور، والشعور، والسيجان، والبهار، والبياض، والعربي، والحريد، والكناية، والديراك، والاستاكوزا.
الطيور البحرية
تتضمن منطقة مشروع البحر الأحمر العديد من الطيور البحرية، مثل الخرشنة بيضاء الخد والخرشنة
