المساجد العائمة: مسجد الرحمة.. تحفة معمارية على ضفاف جدة
في قلب مدينة جدة، عروس البحر الأحمر، يتربع مسجد الرحمة شامخًا كرمز للإبداع المعماري الإسلامي. يُعرف هذا المسجد بـ “المسجد العائم“، وهو تحفة فنية فريدة من نوعها، حيث يطفو على سطح البحر ليجسد مزيجًا رائعًا بين عراقة التراث الإسلامي وأحدث التقنيات الهندسية. يقع المسجد في حي الشاطئ، ليصبح بذلك علامة بارزة ليس فقط لمدينة جدة، بل للمملكة العربية السعودية بأكملها، كونه أول مسجد في العالم يُبنى فوق مياه البحر.
قصة بناء مسجد الرحمة
تأسس مسجد الرحمة في عام 1406 هـ الموافق 1985 م، وكان يحمل في البداية اسم مسجد السيدة فاطمة، قبل أن يُعرف لاحقًا باسمه الحالي. يعكس هذا الصرح الديني رؤية معمارية متفردة، تجمع بين الأصالة والمعاصرة في تصميم يثير الإعجاب.
الخصائص المعمارية لمسجد الرحمة
يتكون التصميم الداخلي لـ المسجد العائم من ثمانية أعمدة ضخمة ترتكز عليها القبة الرئيسة، وتتدلى من مركزها ثريا فاخرة تضفي على المكان هالة من الجمال والروحانية. يحيط بالمسجد 52 قبة صغيرة و23 مظلة خارجية، تشكل مجتمعة تحفة بصرية أخاذة.
زُين سقف المسجد بنقوش إسلامية بديعة، بينما تحيط بالقبة حلقة من الزجاج الملون، تسمح لأشعة الشمس بالمرور لتضيء القاعة الرئيسة من خلال 56 نافذة موزعة بعناية حول القبة. وتزدان الجدران الداخلية والخارجية بآيات من القرآن الكريم، خطت بأنواع مختلفة من الخطوط العربية، كالرقعة والنسخ والديواني، ما يضفي على المكان جوًا من السكينة والخشوع.
تتميز مئذنة المسجد بلونها الأبيض اللامع وقبتها الفيروزية، وتجمع في تصميمها بين الطرازين الإسلامي التقليدي والمعاصر. وقد روعي في إنشائه استخدام أحدث التقنيات في أنظمة الصوت والإضاءة والتكييف، لضمان راحة المصلين والزائرين. ويربط بين المسجد واليابسة ممر قصير ذو جدران منخفضة، يتيح الوصول إليه بسهولة ويسر.
القدرة الاستيعابية لمسجد الرحمة
يحتوي مسجد الرحمة على مصلى رئيسي للرجال، بالإضافة إلى مصلى خشبي معلق فوق القاعة الرئيسة، مخصص للنساء، ويتسع لنحو 500 مصلية. وقد ساهم موقعه الفريد داخل البحر في جعله وجهة سياحية بارزة، ومقصدًا للزوار من داخل المملكة وخارجها، الذين يأتون للاستمتاع بجماله المعماري والروحاني.
وفي النهايه :
مسجد الرحمة ليس مجرد مسجد، بل هو تحفة فنية تجسد عظمة العمارة الإسلامية، ورمز للتطور والازدهار الذي تشهده مدينة جدة. فهل سيظل هذا المسجد العائم ملهمًا للأجيال القادمة، وشاهدًا على قدرة الإنسان على الإبداع والابتكار في خدمة الدين والمجتمع؟











