مركز عبدالرحمن السديري الثقافي: صرح يعتني بالتراث والمجتمع
مركز عبدالرحمن السديري الثقافي هو مؤسسة ثقافية بارزة تهدف إلى خدمة المجتمع والحفاظ على التراث الأدبي والأثري الغني لمنطقة الجوف في شمال المملكة العربية السعودية. يضم المركز كيانين مهمين هما دار العلوم في سكاكا ودار الرحمانية في الغاط، وقد تأسس في عام 1403 هـ الموافق 1983 م، ليصبح منارة للعلم والثقافة في المنطقة.
نشأة وتطور مركز عبدالرحمن السديري الثقافي
البدايات المتواضعة لمكتبة الثقافة العامة
تعود جذور المركز إلى عام 1383 هـ (1963 م)، عندما أنشأ الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري، أمير منطقة الجوف آنذاك، مكتبة الثقافة العامة في الجوف. لاحقًا، تم تغيير اسم المكتبة إلى دار الجوف للعلوم، لتشكل النواة الأولى لهذا الصرح الثقافي الكبير.
دار الجوف للعلوم: صرح ثقافي متكامل
تمتد المكتبة على مساحة إجمالية تقدر بنحو 2350 مترًا مربعًا، وتنقسم إلى قسمين مخصصين للرجال والنساء. تضم المكتبة ما يقارب 160 ألف كتاب و250 دورية، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الصحف والمجلات المحلية والعربية. كما تفتخر المكتبة بمجموعتها الخاصة من المخطوطات والوثائق والخرائط والطوابع النادرة، بالإضافة إلى الكتب الأصلية للرحالة الذين زاروا المنطقة، فضلاً عن الوسائل البصرية والسمعية المتاحة لجميع الزائرين.
إسهامات المكتبة في حفظ التراث
لم تقتصر جهود المكتبة على جمع الكتب والدوريات، بل امتدت لتشمل تقديم البحوث والدراسات حول تاريخ وتراث منطقة الجوف. اهتمت المكتبة بحفظ وتدوين دراسات المستشرقين والرحالة الذين كتبوا عن المنطقة، وتضم مجموعتها صورًا لمخطوطات ووثائق ونقود وطوابع وكتب قيمة. يتبع المكتبة جامع الرحمانية، بالإضافة إلى مدارس وروضة الرحمانية، وفندق مخصص للنزلاء.
أهداف مركز عبدالرحمن السديري الثقافي
رؤية شاملة لخدمة المجتمع
يسعى مركز عبدالرحمن السديري الثقافي إلى خدمة المجتمع في منطقة الجوف والمملكة العربية السعودية من خلال تحقيق التنمية الثقافية والعلمية والتنموية الشاملة. يهدف المركز إلى الحفاظ على التراث الأدبي والأثري للمنطقة، وتقديم الدعم اللازم للدراسات والأبحاث، ونشر المعلومات القيمة. كما يحرص المركز على إصدار مجلة شهرية متخصصة، والاهتمام بإدارة المكتبات العامة التابعة له في الجوف والغاط، بالإضافة إلى إنشاء مسجد جامع وروضة للأطفال ومستشفى متكامل.
أنشطة مركز عبدالرحمن السديري الثقافي
الموسم الثقافي: نافذة على الإبداع
يساهم المركز في إثراء المشهد الثقافي في منطقة الجوف من خلال تنظيم الموسم الثقافي، الذي يتضمن سلسلة من المحاضرات والندوات وورش العمل التي تقام على مدار العام. يهدف هذا البرنامج إلى تحقيق نهضة ثقافية حقيقية في المجتمع المحلي، وإحداث حراك ثقافي فاعل بمشاركة جميع أفراد المجتمع من خلال الأنشطة والبرامج الثقافية المتنوعة.
إصدارات مركز عبدالرحمن السديري الثقافي
إسهامات في نشر المعرفة
أصدر المركز العديد من الكتب القيمة في مجالات متنوعة، بما في ذلك الشعر النبطي وتاريخ منطقة الجوف. كما أطلق المركز دورية ثقافية باسم “الجوبة”، ومجلة “أدوماتو” المتخصصة في آثار الوطن العربي. بالإضافة إلى ذلك، نشر المركز العديد من الدراسات والأبحاث حول منطقة الجوف، بما في ذلك ترجمة لكتاب الرحالة النمساوي ألويس موسيل “في الصحراء العربية”، ودراسات تتناول نقوش قرية قارا الثمودية.
جائزة مركز عبدالرحمن السديري الثقافي لأبحاث الزيتون بالجوف
دعم البحث العلمي في مجال الزيتون
أعلن مركز عبدالرحمن السديري عن الدورة السادسة لجائزة أبحاث الزيتون بالجوف لعام 1446 هـ (2025 م)، وهي جائزة مرموقة تخضع للتحكيم العلمي الدقيق، وتبلغ قيمتها 100 ألف ريال سعودي. يشترط في الأبحاث المقدمة ألا تكون قد فازت بجائزة أخرى أو تم تقديمها للنشر، وألا تكون مستلة من رسالة جامعية.
تقدير للإسهامات الثقافية
حصل المركز على جائزة المؤسسات الثقافية غير الربحية لعام 2023 م من وزارة الثقافة، تقديرًا لدوره الفعال في الإسهام في الثراء والتنوع الثقافي في المملكة العربية السعودية.
وفي النهايه :
يظل مركز عبدالرحمن السديري الثقافي صرحًا شامخًا يسهم في إثراء المشهد الثقافي والعلمي في منطقة الجوف والمملكة ككل. من خلال مكتبته العامرة وأنشطته المتنوعة وإصداراته القيمة، يواصل المركز دوره في خدمة المجتمع والحفاظ على التراث، فهل سيستمر المركز في تحقيق رؤيته الطموحة في خدمة الثقافة والمجتمع؟
