مرصد تمير: نافذة السعودية لرصد الأهلة وتحديد بدايات الشهور الهجرية
منذ عشرينيات القرن الماضي، يمثل مرصد تمير أحد أهم المراصد المتحركة في المملكة العربية السعودية، والمتخصص في رؤية أهلة الأشهر الهجرية. يقع هذا المرصد في قلب مركز تمير بمحافظة المجمعة، التابعة لمنطقة الرياض، وقد عرف عبر تاريخه بعدد من الراصدين المتميزين، بدءًا من إبراهيم البرغش، مرورًا بابنه عبدالرحمن، وصولًا إلى حفيده متعب.
تاريخ وأهمية مرصد تمير
من الرصد التقليدي إلى المرصد الحديث
في الماضي، كان الراصدون في تمير يعتمدون على جهة الغرب لرصد الأهلة وتحديد فصول السنة بالاعتماد على النجوم. في ذلك الوقت، لم تكن المباني أو النخيل تشكل عائقًا أمام الرؤية. ومع التطور، تم الانتقال إلى المرصد الجديد الذي أُسس تحت إشراف بلدية تمير في عام 1436هـ الموافق 2015م.
يتميز الموقع الحالي لمرصد تمير ببيئته المثالية للرصد، إذ يقع في منطقة غربية محاطة بتكوينات صخرية تحد من انتشار الأتربة والغبار، وتقع أنوار المدينة خلفه لضمان رؤية واضحة. كما يرتفع المرصد عن سطح البحر بنحو 658 مترًا، مما يساعد في تحسين جودة الرصد.
أوقات الذروة وأهمية الترائي
تتضاعف أهمية مرصد تمير في أوقات معينة، مثل رصد هلال شهر رمضان المبارك، ونهاية شهر رمضان، وبداية شهر ذي الحجة ومحرم. يجتمع الراصدون في نهاية كل شهر، بمشاركة لجنة معتمدة تتألف من خبراء من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وممثلين عن وزارة العدل، والقاضي المختص، وكاتبه، بالإضافة إلى الراصدين.
منازل القمر ورصد الفصول
الرصد الفلكي من تمير
سُجلت أقصى درجة لرصد القمر من مرصد تمير في فصل الصيف عند 293 درجة، بينما في فصل الشتاء، تم رصد القمر على نحو 262 درجة من جهة الجنوب.
دور المملكة في ترائي الأهلة
معايير دقيقة لضمان الموثوقية
تولي المملكة العربية السعودية اهتمامًا بالغًا بعملية ترائي الأهلة، نظرًا لارتباطها الوثيق بالعبادات الإسلامية. وقد أوكلت هذه المهمة إلى المحكمة العليا، التي تضمن موثوقية الترائي من خلال تطبيق معايير صارمة، بما في ذلك المعايير الطبية. يخضع المترائي لاختبارات طبية شاملة لتقييم حدة النظر، ثم تُعرض أوراقه على اللجنة الإشرافية الدائمة لرصد الأهلة بوزارة العدل.
المراصد ودورها في الرصد
يتم ندب قضاة لمرافقة المترائين في مواقع الترائي بالمراصد المنتشرة في أنحاء المملكة، والتي تشرف عليها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، بمشاركة متخصصين في رصد الأهلة وعلماء الفلك. تراعى معايير جغرافية وعلمية وفلكية دقيقة عند اختيار مواقع هذه المراصد لتسهيل عملية الترائي وضمان دقتها.
شبكة المراصد في المملكة
أنشأت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية شبكة من المراصد لرصد الأهلة في مناطق مختلفة من المملكة. تشمل هذه الشبكة مراصد ثابتة مثل مرصد أم القرى في مكة المكرمة، ومرصد الوجه وحالة عمار في تبوك، بالإضافة إلى مراصد متحركة في الرياض (سدير وتمير وشقراء)، والقصيم، والدمام، والمدينة المنورة، وحائل.
وفي النهايه:
مرصد تمير يظل علامة فارقة في جهود المملكة لرصد الأهلة وتحديد بدايات الأشهر الهجرية، معززًا بذلك مكانتها في العالم الإسلامي. من خلال الجمع بين التقاليد الراسخة والتكنولوجيا الحديثة، تواصل المملكة تطوير هذه الممارسة الدينية والعلمية الهامة، فإلى أي مدى ستساهم التطورات التقنية المستقبلية في تحسين دقة الرصد وتوسيع نطاقه؟
