محمية جزر فرسان: جوهرة طبيعية في جازان
تُعد محمية جزر فرسان ملاذًا طبيعيًا فريدًا في المملكة العربية السعودية، حيث تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من البحر الأحمر، على بعد حوالي 42 كيلومترًا من شواطئ مدينة جازان. تتألف المحمية من أكثر من 84 جزيرة، أبرزها فرسان الكبرى، والسقيد (فرسان الصغرى)، وقماح، وهي الجزر التي يسكنها السكان المحليون الذين يعتمدون بشكل أساسي على صيد الأسماك وزراعة الدخن والذرة كمصادر رزق. وتعتبر هذه المحمية هي الوحيدة الموجودة في منطقة جازان.
تأسيس محمية جزر فرسان وأهميتها
تأسست المحمية في عام 1409هـ الموافق 1989م، وتُصنف كسادس أكبر المحميات التي يشرف عليها المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية من حيث المساحة، إذ تغطي منطقة شاسعة تصل إلى 5,408 كيلومتر مربع. توفر المحمية مستويين من الحماية: الأول مخصص لحماية الحيوانات البرية والبحرية، في حين يهدف الثاني إلى الحفاظ على البيئة والأشجار المتنوعة.
المكونات الجيولوجية والطبيعية للمحمية
تتكون محمية جزر فرسان من أراضٍ من الحجر الجيري الشعابي، يتراوح متوسط ارتفاعها بين 10 و20 مترًا فوق سطح البحر. يصل أقصى ارتفاع لهذه الأراضي إلى 72 مترًا، وتُعرف محليًا باسم “الجبال”. وتتميز المحمية بوجود عدد من الوديان القصيرة التي تصب في البحر، بالإضافة إلى سواحلها الرملية الكلسية البيضاء التي تشكلت نتيجة تكسر الشعاب المرجانية والأصداف البحرية.
في عام 1443هـ الموافق 2021م، قامت منظمة اليونسكو بتسجيل محمية جزر فرسان ضمن برنامج الإنسان والمحيط الحيوي (الماب)، مما يعكس قيمتها العالمية وأهميتها في الحفاظ على التنوع البيولوجي.
بالإضافة إلى دورها الحيوي في حماية الكائنات البحرية من الصيد الجائر، تضطلع محمية جزر فرسان بعدة مهام أخرى، تشمل حماية الشعاب المرجانية والحياة البحرية من التلوث والأضرار، وتعزيز السياحة البيئية، وتوفير بيئة ترفيهية مناسبة لكل من المواطنين والمقيمين في المملكة.
تنوع الحياة الحيوانية في المحمية
تتميز المحمية بتنوعها الحيوي الغني، حيث تضم مجموعة واسعة من الحيوانات المهددة بالانقراض، بما في ذلك الغزال العربي المعروف بـ “الأدمي”، والذي يُطلق عليه الآن “الغزال الفرساني” نسبة إلى الجزيرة. ارتبط هذا الغزال بالجزيرة منذ عام 1240هـ الموافق 1825م، وتجوب قطعانه مختلف أنحاء الجزيرة، حتى أنها تقترب من المنازل السكنية. وتُعتبر المحمية أكبر تجمع لهذا النوع من الغزلان في المملكة.
للحفاظ على هذا النوع من الغزلان وحمايته من الانقراض، تم تطبيق إجراءات وأنظمة صارمة ساهمت في زيادة أعداده، وذلك بفضل تعزيز القدرات التقنية والبشرية، وتنظيم الدوريات والرقابة اليومية، وتنفيذ حملات توعية هادفة.
إضافةً إلى الغزال الفرساني، تحتضن المحمية أيضًا حيوانات أخرى مثل النمس أبيض الذيل، والعديد من أنواع القوارض المتنوعة.
كما تضم المحمية مجموعة متنوعة من الطيور المائية والشاطئية والمهاجرة، بما في ذلك العقاب النساري، والبجع الرمادي، والنورس القاتم، ومالك الحزين، وصقر الغروب، بالإضافة إلى أنواع مختلفة من القماري، وبعض العظايا والثعابين.
الغطاء النباتي في جزر فرسان
تزخر محمية جزر فرسان بأنواع مختلفة من الأشجار، مثل السمر، والبلسم، والسدر، والأراك، بالإضافة إلى أشجار الشورى والقندل التي تشكل غابات ساحلية كثيفة، وأشجار المسكيت أو البرسوبس الدخيلة.
أهمية المحميات الطبيعية في السعودية
تعرف المحمية الطبيعية بأنها ملاذ آمن للحياة البرية والبحرية، ومنطقة ذات أهمية كبيرة للنباتات، أو الحيوانات، أو السمات الجيولوجية. وهي مناطق مخصصة وتدار بهدف الحفاظ على البيئة وتوفير فرص للدراسة والبحث العلمي. تغطي المحميات الطبيعية في المملكة العربية السعودية مساحة إجمالية تقدر بنحو 16.86% من إجمالي مساحة البلاد.
يبلغ عدد المحميات الطبيعية في السعودية حوالي 23 محمية، تشمل 8 محميات ملكية يرأس كل منها مجلس إدارة مستقل، و10 محميات طبيعية تابعة للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، و5 محميات تتبع الهيئة الملكية لمحافظة العلا.








