مجمع الملك فهد : صرح شامخ لخدمة القرآن الكريم
في رحاب المدينة المنورة، يتربع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف كمنارة إشعاع حضاري، ليسهم في نشر كلام الله بأرجاء المعمورة. تأسس هذا الصرح القرآني في عام 1403هـ (1982م) ليجسد رؤية خادم الحرمين الشريفين الراحل، الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، وافتتح رسميًا في عام 1405هـ (1984م)، ليصبح منذ ذلك الحين معلمًا بارزًا في خدمة الإسلام والمسلمين. يحرص المجمع على إهداء نسخ من إنتاجه المتميز لحجاج بيت الله الحرام ومعتمري المسجد النبوي، كما يعنى بترجمة معاني القرآن الكريم إلى 78 لغة عالمية ومحلية، بالإضافة إلى اهتمامه البالغ بالمخطوطات القرآنية وتقديم مصاحف بلغة برايل للمكفوفين.
إصدارات متنوعة تلبي احتياجات المسلمين
منذ تأسيسه، بدأ مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بتوزيع إصداراته المتنوعة من المصاحف الشريفة، سواء كانت مقروءة أو مسموعة، بالإضافة إلى التسجيلات الصوتية والأجزاء المترجمة والكتب الدينية. يغطي توزيع المجمع مناطق المملكة العربية السعودية كافة، ويمتد ليشمل مختلف دول العالم، لتلبية احتياجات المسلمين في كل مكان. ولا تقتصر خدمات المجمع على توفير المطبوعات فحسب، بل تشمل أيضًا العناية بالدراسات المتعلقة بالقرآن الكريم وعلومه ونشرها عبر الإنترنت، مما يجعله مرجعًا هامًا للباحثين والمهتمين.
طاقة إنتاجية هائلة
في عام 1440هـ (2018م)، بلغ متوسط إنتاج مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف أكثر من 18 مليون نسخة سنويًا من مختلف الإصدارات، ليصل إجمالي عدد الإصدارات إلى حوالي 361 إصدارًا. ويعمل في المجمع حوالي 1,100 موظف، يمثلون نخبة من العلماء وأساتذة الجامعات والفنيين والإداريين. ومنذ افتتاحه، أنتج المجمع أكثر من 361 مليون نسخة موزعة بين مصاحف كاملة وأجزاء وترجمات ومصنفات علمية تتعلق بعلوم القرآن الكريم.
ترجمة معاني القرآن إلى لغة الإشارة
في خطوة رائدة، بدأ المجمع في ترجمة معاني القرآن الكريم إلى لغة الإشارة عام 1433هـ (2012م)، وأنجز تصوير وتسجيل ومونتاج سورة الفاتحة وجزء عمَّ، لتكون هذه هي الأولى من نوعها على مستوى العالم. كما انتهى المجمع من التجهيزات اللازمة لإصدار مصحف المدينة النبوية للمكفوفين، بعد أن أصدر القسم الأول منه.
مركز تقني لمراجعة المصاحف إلكترونيًا
أنشأ المجمع مركزًا تقنيًا متخصصًا في تتبع النسخ المسموعة والمقروءة من المصحف الشريف إلكترونيًا، بهدف تصحيح الأخطاء والتنبيه إليها واعتماد المصاحف الموافقة للصحيح.
الإشراف والإدارة
تتولى وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الإشراف العام على مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، حيث يمثل وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد المشرف العام ورئيس الهيئة العليا للمجمع. وتتولى الأمانة العامة للمجمع، برئاسة الأمين العام، متابعة تنفيذ سياسات المجمع وتحقيق أهدافه.
مرافق متكاملة على مساحة واسعة
يمتد مجمع الملك فهد لطباعة المصحف على مساحة تقدر بـ 250 ألف متر مربع، ويشكل وحدة عمرانية متكاملة تضم مسجدًا ومباني للإدارة والصيانة والمطبعة والمستودعات والنقل والتسويق والعيادة الطبية والمكتبة والخدمات المساندة ومكتبة لإدارة الشؤون العلمية وغيرها من المرافق الضرورية.
اللجنة العلمية ودورها في مراجعة المصاحف
تعتمد آلية عمل المجمع على كتابة القرآن الكريم بخط اليد قبل طباعته. وقد قام الخطاط عثمان طه بخط المصحف 12 مرة خلال فترة عمله التي تجاوزت 30 عامًا في المجمع. وتتولى اللجنة العلمية لمراجعة مصحف المدينة النبوية مراجعة المصاحف للتأكد من ضبطها وفق معايير القراءات والرسم والضبط والفواصل والوقف والابتداء والتفسير. وتستمر المراجعة من قبل اللجنة العلمية في جميع مراحل الإعداد والتحضير حتى تأذن اللجنة بالبدء في طباعة المصحف. كما تبدي اللجنة رأيها في المصاحف المخطوطة والمطبوعة التي ترسل إلى المجمع من الجهات الرسمية.
أقسام متخصصة لخدمة القرآن وعلومه
يضم المجمع مركزًا للدراسات القرآنية يتخصص في تتبع الدراسات الاستشراقية في مجال القرآن الكريم وعلومه، ودراسة اتجاهات التصنيف فيها، ويعمل على تأليف الكتب المتخصصة وإعداد الأعمال المرجعية من دوائر معارف وموسوعات ومعاجم وقوائم ببليوغرافية للبحوث القرآنية وفهارس الأعمال المخطوطة والمطبوعة.
مركز البحوث الرقمية
يعد مركز البحوث الرقمية لخدمة القرآن وعلومه أداة المجمع لمراجعة نصوص القرآن الكريم الرقمية بمختلف رواياتها المتواترة في الوسائط الإلكترونية المختلفة.
مجلة البحوث والدراسات القرآنية ومواقع إلكترونية بلغات عالمية
يحتوي مجمع الملك فهد لطباعة المصحف على أقسام متخصصة في علوم القرآن ودراساته، بما في ذلك مجلة البحوث والدراسات القرآنية ومواقع إلكترونية بسبع لغات عالمية ومركز مخصص للترجمات، بهدف تسهيل فهم القرآن لدى الناطقين بغير العربية.
وفي النهايه :
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف يظل صرحًا إسلاميًا شامخًا، يسهم في نشر القرآن الكريم وعلومه في جميع أنحاء العالم. فهل سيستمر هذا المجمع في تطوير أساليبه وتقنياته لمواكبة التطورات الحديثة في مجال النشر والترجمة، وهل سيتمكن من الوصول إلى المزيد من الشرائح المستهدفة في مختلف أنحاء العالم؟
