مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية: صرح لحفظ التراث الإسلامي
مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية يمثل أحد المشروعات الحكومية الرائدة في المملكة العربية السعودية، والتي تهدف إلى خدمة المكتبات الوقفية. يقع هذا المجمع في المدينة المنورة، وقد أُنشئ في عام 1437هـ (2016م) ليصبح مركزًا لتيسير الوصول إلى المعلومات الموثوقة للباحثين والمهتمين من مختلف أنحاء العالم. يتمتع المجمع بشخصية اعتبارية واستقلال مالي وإداري، ويشرف عليه مجلس أمناء يرأسه أمير منطقة المدينة المنورة، ويرتبط تنظيميًا برئيس مجلس الوزراء.
تنظيم مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية
في 15 رمضان 1437هـ (20 يونيو 2016م)، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود قرارًا بإنشاء وتنظيم المجمع. نص القرار على نقل مقتنيات مكتبة الملك عبد العزيز، بما في ذلك المكتبات الوقفية، والمخطوطات، والكتب النادرة، والمجموعات المتنوعة، إلى المجمع، مع التأكيد على احترام شروط الواقفين.
أهداف مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية
يهدف المجمع إلى الريادة في إدارة المكتبات الوقفية والمقتنيات النادرة، مع الحفاظ عليها وصيانتها وإتاحتها للجميع، بالاعتماد على معايير الجودة العالية والممارسات المهنية المتميزة.
كما يهدف إلى العناية بالنوادر من المقتنيات وعرضها متحفيًا وفق المعايير الدولية، وإجراء البحوث والدراسات حولها، وتشجيع البحث العلمي في مجال اختصاصه، والإسهام في التعريف بالتراث الحضاري العربي والإسلامي المخطوط وإبراز نشره.
يسعى المجمع أيضًا إلى تطوير منهجية علمية وعملية للمحافظة على المكتبات الوقفية ذات المحتويات النادرة، ونشر المعرفة والوعي بأهمية المخطوطات والعناية بها، وتنظيم المؤتمرات والمعارض والندوات المتعلقة بالمكتبات الوقفية، وبناء قواعد معلومات إلكترونية متقدمة بمحتويات المجمع، وتقديم الخدمات العلمية للأفراد والأجهزة الحكومية والخاصة والمراكز العلمية.
مقتنيات مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية
يتميز مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية بامتلاكه مكتبات وقفية قيمة، مثل مكتبة المصحف الشريف، والمحمودية، والشيخ عارف حكمت، والمدينة المنورة العامة، والساقزلي، ومكتبات المدارس الأحسائية، والشفاء، والقازانية، والعرفانية، وكيلي ناظري، ومكتبات رباط سيدنا، ورباط الجبرت، حيث يصل عدد المجموعات الموقوفة إلى 34 مجموعة.
يضم المجمع مكتبات مدارس مثل: الإحسائية، والساقزلي، والشفاء، والعرفانية، والقازانية، وكيلي ناظري، بالإضافة إلى مكتبات أربطة: الجبرت، وسيدنا عثمان، وقرة قرة باش، وبشير أغا، ومكتبات لبعض علماء المدينة المنورة، مثل: محمد إبراهيم الختني، وعبدالقادر شلبي، وعبدالرحمن الصافي، وعمر حمدان، ومحمد نور كتبي، وحسن كتبي، ومحمد الخضر الشنقيطي، وعبدالرحمن الخيال، وعبدالقادر الجزائري، وعمار الأزعر الهلالي، وعبدالعزيز محمد المراكشي، وعباس أحمد صقر الحسيني، ومحمد الرويثي، ومحمد علي المويلحي، وسالم أحمد نعمان، وأحمد عبدالقادر قشقري، ومحمد علي ناصر الصافي، ومحمد حميد الحميد، وعبدالعزيز الربيع، وعبدالله محمد سعد الحجيلي وغيرهم.
مخطوطات مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية
يحتوي المجمع على 1878 مصحفًا مخطوطًا، و84 ربعة قرآنية نادرة، يعود تاريخ أقدمها إلى عام 488هـ (1095م)، وهو بخط علي محمد البطليوسي، مكتوب على رق غزال. يليه مصحف كتب عام 549هـ (1154م) بخط أبي سعد محمد إسماعيل محمد، وأهدي عام 1253هـ (1837م)، بالإضافة إلى مصحف بخط غلام محيي الدين سنة 1240هـ (1825م)، مقاسه 142,5x 80 سم ووزنه 154 كجم، وأيضًا مصحف أهداه السلطان قايتباي، تحفة في الخط العربي وفنونه وجماليات الألوان. يضم المجمع 15,722 مخطوطة أصيلة نادرة، بالإضافة إلى المصورات على وسائط متنوعة، و25 ألف كتاب نادر، ونحو 100 ألف كتاب مطبوع تمثل المكتبة العامة، و28 لوحة خطها أمراء وسلاطين وخطاطون آخرون، منهم ما خطه خطاط المسجد النبوي الشريف عبدالله زهدي ومعلمه الخطاط حقي. كما يضم مجموعة من اللوحات ومصادر المعرفة والعلم، ومقتنيات وقطع أثرية مثل الشمعدانات والمباخر والسجاجيد والستائر، منها ستائر من المسجد النبوي الشريف وأخرى من الكعبة المشرفة، ولوحات لها قيمة تاريخية وفنية وعلمية.
يعتزم المجمع ضمن خططه إيصال التراث والثقافة إلى فئات المجتمع المختلفة، بمن فيهم الأطفال، من خلال مجموعة من الأجهزة والتقنيات المتطورة التي حرص المجمع على إيجادها لتخدم أهدافه.
أقسام مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية
يضم المجمع قسمًا متخصصًا في معالجة وصيانة المخطوطات والوثائق والكتب النادرة وترميمها وتعقيمها وفق المعايير الدولية، يعمل به متخصصون يستخدمون المواد والأدوات اللازمة. كما يضم مركزًا للرقمنة والفهرسة يقوم بتحويل المخطوطات والكتب النادرة إلى نسخ رقمية بجودة عالية، مما يتيح نشر المعرفة إلكترونيًا وتمكين الوصول إليها عالميًا.
أطلق المجمع برنامج دبلوم علوم المخطوطات بالتعاون مع جامعة طيبة، وهو برنامج أكاديمي لتأهيل المختصين في مجال المخطوطات، وتزويدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة للعناية بالتراث.
الخدمات الرقمية لمجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية
يقدم المجمع خدمات رقمية عبر موقعه الإلكتروني، تشمل طلب نشر كتاب، وطلب نشر بحث في مجلة المجمع، وزيارة المتحف من خلال تحديد موعد، وطلب نسخ إلكترونية من المخطوطات أو الكتب النادرة أو إصدارات المجمع العلمية خلال يومي عمل، بالإضافة إلى طلب إيقاف مكتبة أو غيرها من خلال التبرع بالمخطوطات والكتب النادرة، بهدف حفظها وفق معايير وممارسات مهنية داخل المجمع.
مقر مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية
عند تأسيسه، اتخذ المجمع مقرًا مؤقتًا في الجامعة الإسلامية، وفي عام 1444هـ (2022م)، انتقل إلى مقر مستقل ومجهز بأحدث التجهيزات التقنية، تبلغ مساحته 8000م2، بالقرب من حديقة وممشى القصواء المتفرع من طريق الهجرة، ويحتوي على قاعات للمخطوطات والمكتبات الوقفية وأخرى للمكتبة الإلكترونية وقاعة لمكتبة الأسرة، إضافة إلى قاعة متحفية.
وفي النهاية:
مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية ليس مجرد صرح لحفظ التراث، بل هو منارة للمعرفة تسعى لنشر العلم والثقافة الإسلامية. فهل سيتمكن هذا المجمع من تحقيق رؤيته في الريادة العالمية في مجال المكتبات الوقفية، وهل ستسهم التقنيات الحديثة في إيصال كنوز المعرفة إلى أوسع شريحة من الباحثين والمهتمين؟











