مجمع الفقه الإسلامي الدولي: منارة الشريعة في عالمنا المعاصر
في قلب مكة المكرمة، وتحديدًا في محافظة جدة بالمملكة العربية السعودية، يقع مجمع الفقه الإسلامي الدولي، المؤسسة الرائدة التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي. تأسس هذا المجمع استجابةً لقرار المؤتمر الإسلامي الثالث الذي انعقد في مكة المكرمة عام 1981م، والذي أطلق عليه اسم دورة فلسطين القدس. وقد بدأت أعمال المجمع فعليًا في 19 نوفمبر 1984م، حيث كانت الدورة الأولى بمثابة مرحلة تأسيسية لوضع الخطط المستقبلية.
الأهداف السامية لمجمع الفقه الإسلامي
يطمح مجمع الفقه الإسلامي إلى تبوّء مكانة المرجع الفقهي الأول عالميًا للدول الإسلامية والمجتمعات المسلمة حول العالم. يسعى المجمع لتقديم أحكام الشريعة الإسلامية في المسائل التي تهم المسلمين، وإيجاد حلول لمشكلات الحياة المعاصرة، مستندًا في ذلك إلى القرآن الكريم والسنة النبوية، بالإضافة إلى التراث الإسلامي الغني والمنفتح على التطورات الفكرية.
يهدف المجمع أيضًا إلى تقديم صورة صحيحة ومتوازنة عن الشريعة الإسلامية، وإبراز قدرتها على معالجة قضايا الحياة وتحقيق السعادة والاستقرار والأمن، وفقًا لتصور شامل وكامل للدين الإسلامي من خلال أصوله ومقاصده ومصادره وأحكامه وقواعده.
مهام مجمع الفقه الإسلامي
تتعدد المهام التي يضطلع بها مجمع الفقه الإسلامي، وتشمل:
-
التنسيق بين جهات الفتوى: يسعى المجمع إلى تحقيق الانسجام بين الهيئات الفقهية والمجالس الإسلامية في العالم الإسلامي وخارجه، لتجنب التضارب في الآراء حول المسائل المختلف عليها، خاصةً تلك التي تمس عموم المسلمين. كما يهدف إلى تحقيق التقارب الفكري بين فقهاء المذاهب الإسلامية المعتبرة والمتخصصين في مختلف مجالات المعرفة، بهدف تحديد الموقف الشرعي من التحديات المعاصرة.
-
نبذ التعصب والتطرف: يعمل المجمع على نشر روح الاعتدال والوسطية والتسامح بين أتباع المذاهب والفرق الإسلامية، ومواجهة التعصب المذهبي والغلو في الدين، من خلال الاستجابة السريعة لتقديم الرأي الشرعي في المستجدات والتحديات التي تواجه الأمة الإسلامية، وفي الوثائق التي تصدرها منظمة التعاون الإسلامي والمنظمات الدولية.
تشجيع الاجتهاد الجماعي
يشجع المجمع الاجتهاد الجماعي في القضايا المعاصرة لتقديم حلول مستمدة من الشريعة الإسلامية، مع مراعاة مصلحة المسلمين والالتزام بالأدلة الشرعية وتحقيق المقاصد الشرعية. يسعى المجمع أيضًا إلى تحقيق التكامل المعرفي بين الفقهاء والمتخصصين في مختلف العلوم، لتقديم رؤية شرعية متكاملة حول مشكلات الحياة المعاصرة.
الرد على الفتاوى المخالفة
يعمل المجمع على الرد على الفتاوى التي تخالف ثوابت الدين وقواعد الاجتهاد المعتبرة، وتوضيح الحكم الشرعي في المسائل المعاصرة، لتيسير الاستفادة منها في تطوير التشريعات والقوانين والأنظمة بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
تجديد الفقه الإسلامي
يسعى المجمع إلى تجديد الفقه الإسلامي من خلال تطويره من داخله، وتشجيع التعاون والتكامل بين فقهاء المذاهب الإسلامية المتعددة، والحوار البناء مع أتباع الأديان والثقافات الأخرى، بهدف تحقيق خير المجتمع الإنساني، وذلك بالتنسيق مع الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي.
وفي النهايه:
يمثل مجمع الفقه الإسلامي الدولي صرحًا علميًا شامخًا يسعى لتقديم رؤية إسلامية معاصرة ومتكاملة، قادرة على مواجهة تحديات العصر وخدمة المسلمين في كل مكان. فهل سينجح المجمع في تحقيق طموحاته في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه العالم الإسلامي؟ وهل سيتمكن من الحفاظ على توازنه بين الأصالة والمعاصرة في فتاواه وآرائه؟
