المسعى: قلب العبادة بين الصفا والمروة
في رحاب المسجد الحرام بمكة المكرمة، وعلى الجانب الشرقي منه، يقع المسعى، ذلك المكان المقدس الذي يشهد سعي المعتمرين والحجاج بين جبلي الصفا والمروة. هذه الشعيرة، التي تختلف في عدد أشواطها عن الطواف بالكعبة المشرفة، تمثل جزءًا أساسيًا من مناسك الحج والعمرة. فالسعي يبدأ بالمسير من الصفا إلى المروة، محسوبًا كشوط واحد، ثم من المروة إلى الصفا كشوط آخر، ويكتمل بسبعة أشواط.
السعي: اقتفاء أثر هاجر عليها السلام
يعتبر السعي من العبادات التي فرضها الله تعالى في الحج والعمرة، وهو تذكير بذكرى سعي هاجر، زوج النبي إبراهيم عليه السلام، حين كانت تجاهد بحثًا عن الماء لابنها إسماعيل عليه السلام. هذا السعي، الذي يحمل في طياته معاني التضحية والإيمان، أصبح جزءًا لا يتجزأ من تجربة الحجاج والمعتمرين.
تطور المسعى عبر التاريخ
على مر القرون، كان المسعى يقع خارج حدود المسجد الحرام. ومع التوسعات التي شهدها الحرم في العهد السعودي، أصبح المسعى جزءًا من بنيانه، متصلًا به عبر عدة مداخل ومخارج، مما سهل الوصول إليه وأداء هذه الشعيرة.
التوسعة السعودية للمسعى: نقلة نوعية
شهد المسعى توسعة كبيرة في العهد السعودي، حيث تضاعف عرضه من 20 مترًا إلى 40 مترًا. كما زاد عدد طوابقه إلى أربعة، لتصل مساحته الإجمالية إلى أكثر من 87 ألف متر مربع، بعد أن كانت نحو 29 ألف متر مربع فقط. هذه التوسعة الهائلة جعلت المسعى قادرًا على استيعاب أعداد أكبر من الحجاج والمعتمرين، وتوفير مساحة أوسع لأداء الشعيرة بيسر وسهولة.
المسعى اليوم: أرقام ودلالات
تبلغ مسطحات البناء الإجمالية في المسعى، بما في ذلك مناطق السعي والخدمات، حوالي 125 ألف متر مربع، مما يجعله قادرًا على استيعاب 118 ألف شخص في الساعة. يبلغ طول المسعى بين الجبلين 394 مترًا، وعرضه 40 مترًا، في حين يقطع المعتمر أو الحاج مسافة إجمالية قدرها 2761.5 مترًا خلال الأشواط السبعة.
وفي النهايه :
المسعى ليس مجرد مكان لأداء شعيرة السعي، بل هو رمز للتضحية والأمل، وتجسيد لقصة هاجر عليها السلام. كيف يمكن لهذا المكان أن يستمر في إلهامنا وتعزيز إيماننا في عالم يموج بالتحديات؟
