كهف أم جرسان: تحفة طبيعية وشاهد على التاريخ
كهف أم جرسان، المعروف أيضًا باسم غار أم الجرسان، هو واحد من بين 1826 كهفًا ودهليزًا منتشرة في أنحاء المملكة العربية السعودية. يتميز هذا الكهف بأنه قناة أنبوبية بركانية تمتد على شكل نفق بطول يصل إلى 1350 مترًا، ويصل أقصى ارتفاع له إلى 12 مترًا وعرضه إلى 45 مترًا. يمتلك الكهف امتدادًا واسعًا وفتحات متعددة، بعضها يصل إلى عمق 25 مترًا تقريبًا.
موقع كهف أم جرسان
يقع كهف أم جرسان في قلب حرة خيبر البركانية، على بعد حوالي 200 كيلومتر شمال المدينة المنورة، على طريق المدينة المنورة – خيبر. يحتضن الكهف من الداخل كنوزًا أثرية تتضمن جماجم بشرية وعظام حيوانات مفترسة، بالإضافة إلى نقوش يعود تاريخها إلى آلاف السنين. يُعتبر هذا الكهف من بين الأكبر في منطقة الجزيرة العربية.
تكوين كهف أم جرسان
تشكل كهف أم جرسان نتيجة لتدفق الحمم البركانية خلال فترة نشاط براكين منطقة خيبر. تدفقت الحمم في قنوات طويلة ومنحدرة باتجاه الغرب مع ميل الأرض. تبردت الأجزاء السطحية من الطفوح البركانية وبدأت في التصلب، بينما استمرت الحمم في الأسفل بالتدفق بحرارتها العالية حتى توقف ثوران البركان وتدفق الحمم المنصهرة داخل الكهف.
دلائل على الاستيطان البشري في كهف أم جرسان
أعلنت هيئة التراث في 17 أبريل 2025 عن اكتشاف دلائل على استيطان بشري في كهف أم جرسان. اكتشف علماء الآثار التابعون للهيئة، بالتعاون مع جامعة الملك سعود، ومعهد ماكس بلانك الألماني، وهيئة المساحة الجيولوجية السعودية، هذه الدلائل ضمن مشروع الجزيرة العربية الخضراء. نُشرت الدراسة المتعلقة بهذه الاكتشافات في مجلة “PLOS ONE”، وتعتبر الأولى من نوعها في مجال البحث الأثري في كهوف المملكة.
أظهرت الدراسة أن أقدم الآثار في الموقع تعود إلى العصر الحجري الحديث، ويتراوح عمرها بين 7 و10 آلاف عام، واستمرت حتى العصر النحاسي والعصر البرونزي. أكدت الدراسة أيضًا استخدام الكهف من قبل الجماعات الرعوية، ويتضح ذلك من خلال بقايا عظمية حيوانية مؤرخة بالكربون المشع C14، يعود أقدمها إلى 4100 عام قبل الميلاد، بالإضافة إلى جماجم بشرية يعود أقدمها إلى 6000 عام قبل الميلاد.
تم الكشف عن بعض اللقى الأثرية مثل الخشب والقماش وبعض الأدوات الحجرية، بالإضافة إلى واجهات فنية صخرية تضمنت مشاهد لرعي الماعز والغنم والبقر باستخدام الكلاب، وأخرى للصيد تُظهر أنواعًا مختلفة من الحيوانات البرية. خلصت الدراسة إلى أهمية الكهوف التي استخدمتها الجماعات البشرية ومسارات الصهارة البركانية القديمة في السعودية.
في 28 يونيو 2021، أعلنت هيئة التراث عن اكتشاف علماء آثار وأحافير من الهيئة، بالتعاون مع هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، وجامعة الملك سعود، ومعهد ماكس بلانك الألماني، لمخلفات من الآثار والأحافير داخل كهف أم جرسان. بالإضافة إلى ذلك، وجد الكهف غنيًا بعشرات الآلاف من عظام الحيوانات، بما في ذلك الضبع المخطط، والخيل والحمير البرية المتوحشة والأليفة، والجمال المتوحشة والأليفة، والوعل والماعز والبقر، وجميعها كانت في حالة جيدة على الرغم من مرور الزمن، وكذلك جماجم لإنسان.











