فهد بن عبدالعزيز آل سعود

بوابة السعودية
52 دقيقة قراءة

الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود (1340-1426هـ/1921-2005م)، خامس ملوك المملكة العربية السعودية، خلفًا لوالده المؤسس الملك عبدالعزيز وإخوته سعود وفيصل وخالد. يُعدّ أول من حمل لقب خادم الحرمين الشريفين، حكم المملكة لمدة 24 عامًا، بدأت في عام 1402هـ/1982م بعد وفاة أخيه الملك خالد، وانتهت في عام 1426هـ/2005م، وخلفه في الحكم ولي عهده الملك عبدالله بن عبدالعزيز.

فهرس المحتوي

نسب ونشأت الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود

هو فهد بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع المريدي، وينتمي إلى بني حنيفة من بكر بن وائل من ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.

يُذكر أنه الابن التاسع للملك المؤسس، ووالدته هي الأميرة حصة بنت أحمد السديري. تعود جذور أجداده إلى مدينة الدرعية التي أسسها مانع المريدي، جد آل سعود.

كم عمر الأمير فهد بن عبدالعزيز بن فهد آل سعود؟

الأمير فهد بن عبدالعزيز بن فهد آل سعود مولود في يوليو 2006م، ويبلغ من العمر 19 عامًا. هذا ما تشير إليه المصادر الحديثة حول الأمر.

الملك فهد: النشأة وبداية الحياة

  • الميلاد والنشأة الأولى: وُلد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، في عام 1340هـ الموافق 1921م، في قصر الحكم بمدينة الرياض. هذا القصر التاريخي، الذي أعاد تشييده وبناءه الملك المؤسس عبدالعزيز في عام 1328هـ الموافق 1910م، شهد ميلاد قائدٍ سيترك بصمةً واضحة في تاريخ المملكة العربية السعودية.
    ويُعد الملك فهد والد الأمير عبدالعزيز بن فهد آل سعود، الذي نشأ في كنف والده، وتربى على المبادئ الوطنية والقيادية التي أرساها في حياته العامة والخاصة.
  • فترة التوحيد والاستقرار: وقد تزامنت ولادته مع بزوغ فجر الاستقرار والأمن، وتحقيق الوحدة الوطنية الشاملة، وبالأخص عندما تمكن والده من إخضاع آخر أجزاء إقليم نجد لسلطته. هذا الإنجاز التاريخي وضع الأساس لمرحلة جديدة من التطور والازدهار. فعندما بلغ الملك فهد إحدى عشرة سنة.

المسيرة التعليمية للملك فهد بن عبدالعزيز

في سن السادسة من عمره، بدأ الملك فهد بن عبدالعزيز رحلته التعليمية الأولى في مدرسة القصر. تأسست هذه المدرسة في الطابق العلوي بجوار مكاتب الملك عبدالعزيز، وكانت عبارة عن قاعة فسيحة يدعم سقفها ثلاثة أعمدة.

حيث تميزت هذه المدرسة عن المدرسة القديمة التي كانت تقع في نهاية قصر الديرة الغربية، بجوار مخازن القصر في الدور الأرضي. تلقى الجيل الأول من أبناء الملك عبدالعزيز تعليمهم في هذه المدرسة، بمن فيهم الأمراء محمد وخالد وسعد وناصر وعبدالله، بالإضافة إلى عدد من الأمراء وبعض المرافقين.

كان الأستاذ محمد الحساوي، وهو من أهل الرياض، يتولى التدريس فيها. عُرف الحساوي بمهاراته في التعليم والخط والفنون الشائعة آنذاك، كما كان يقوم بزيارات متكررة للأحساء ودول الخليج. بالإضافة إليه، كان هناك مدرّسون من المدرسة الأولى، مثل محمد بن عقيف وعبدالرحمن بن عقيف.

تأسيس مدرسة الأمراء

في عام 1354هـ الموافق 1935م، أصدر الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – أمرًا ملكيًا بإنشاء مدرسة الأمراء داخل أسوار القصر، وذلك بهدف توفير تعليم نموذجي لأبنائه وأحفاده. وقد كُلّف الأستاذان الفاضلان، أحمد العربي وحامد الحابس، بمهمة إدارة هذه المدرسة الوليدة والإشراف عليها، حيث بذلا جهودًا كبيرة في وضع اللبنات الأولى لهذا الصرح التعليمي.

  • تطوير المدرسة وتعيين الكفاءات: وفي عام 1356هـ الموافق 1937م، شهدت المدرسة نقلة نوعية بتولي الأستاذ القدير عبدالله خياط – رحمه الله – إدارة المدرسة. وقام الأستاذ خياط باختيار نخبة من الأساتذة المتميزين للانضمام إلى فريق التدريس، من بينهم الأستاذ أحمد علي الكاظمي والأستاذ صالح خزامي.
  • توجيهات الملك عبدالعزيز للأساتذة: استقبل الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – الأساتذة الجدد بنفسه عند افتتاح المدرسة بحلتها الجديدة، في بادرة تعكس اهتمامه البالغ بالتعليم. وأكد عليهم في هذا اللقاء التاريخي على أهمية الاهتمام بتعليم القرآن الكريم وتجويده، وتعليم الكتابة وإتقانها.

الانتقال إلى المعهد السعودي العلمي

لاحقًا، انتقل الملك فهد في شبابه إلى المعهد السعودي العلمي، الذي أسسه الملك عبدالعزيز في مكة المكرمة عام 1344هـ/1925م، بعد ضم الحجاز إلى بقية أجزاء المملكة.

كان الهدف من إنشاء المعهد هو توفير معلمين ومؤهلين للمدارس الابتدائية. يُعتبر المعهد أول مؤسسة تعليمية سعودية تخرج منها العديد من الشخصيات التي لعبت دورًا هامًا في تطوير التعليم في المملكة فيما بعد. تم الإعلان عن افتتاح المعهد في الجريدة الرسمية عام 1345هـ/1926م.

ضم المعهد أقسامًا ليلية للموظفين الذين لم يتمكنوا من مواصلة دراستهم خلال النهار بسبب ظروف عملهم. شمل منهج المعهد دراسة القرآن الكريم والتجويد، بالإضافة إلى دروس في العقيدة والإملاء والحساب والقراءة والمحادثة والإنشاء وقواعد اللغة العربية والخطابة والجغرافيا والأخلاق، وعلوم الطبيعة.

الاهتمامات المبكرة في حياة الملك فهد

في شبابه، تجسدت في شخصية الملك فهد بن عبد العزيز سمات القائد المحب لتراثه، والمتمسك بقيم أسرته. فقد أظهر شغفًا عميقًا بالتقاليد المتوارثة في الأسرة السعودية، والتي تمثل جزءًا لا يتجزأ من هويته.

ومن بين أبرز هذه الاهتمامات، برز ولعه برياضة الفروسية وحب الخيل والتعلق بها، إضافة إلى الاهتمام بإعداد مرابط لها. كان الملك فهد يعتبر الخيل جزءًا أصيلًا من التراث العربي، حيث كان يسعى دائمًا لشراء أي فرس أصيل يُذكر له، مهما كان الثمن الذي يطلبه مالكه، وذلك للحفاظ على سلالات الخيول العربية الأصيلة.

  • الفروسية والسباقات في شبابه: كان الملك فهد يمتطي الخيل في سن مبكرة، حيث كان يشارك إخوته وأعمامه في السباقات التي كانت تقام في حضرة والده الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود – طيّب الله ثراه – في مضمار الخيل القديم، الذي يقع خلف بوابات الرياض الشرقية مباشرة.
  • الرحلات البرية: هواية مستمرة: إضافة إلى مهاراته في ركوب الخيل، كان من بين الأنشطة التي يعشقها في شبابه واستمرت معه حتى بعد أن تبوأ المناصب القيادية، الخروج في رحلات برية.

المسيرة التعليمية للملك فهد بن عبدالعزيز

المهام والمناصب الأولى

الأعمال الدبلوماسية للملك فهد

في مستهل حياته، أوكل الملك عبد العزيز إلى ابنه الملك فهد مهام رسمية وهو في الرابعة والعشرين من عمره. واستمر تكليفه بهذه المسؤوليات من قِبل إخوته الملوك سعود وفيصل وخالد، وتضمنت هذه المهام ما يلي:

  • في 26 يونيو 1945م الموافق 16 رجب 1364هـ، كان الملك فهد عضوًا في الوفد السعودي برئاسة الأمير فيصل بن عبد العزيز، الذي حضر المؤتمر التأسيسي للأمم المتحدة ووقع على ميثاقها في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة.
  • في 13 يناير 1946م الموافق 10 صفر 1365هـ، رافق والده في زيارته إلى مصر، حيث منحه الملك فاروق الوشاح الأكبر من نيشان النيل.
  • في عام 1950م الموافق 19 شوال 1370هـ، أوفده الملك عبد العزيز لتمثيله في الصلاة على الملك عبد الله بن الحسين، ملك الأردن، والمشاركة في مراسم العزاء مع رؤساء الوفود العربية وتقديم التعازي لأسرته.
  • في عام 1952م الموافق 1372هـ، مثّل المملكة العربية السعودية في حفل تتويج ملكة بريطانيا، ورافق الرئيس اللبناني كميل شمعون خلال زيارته للمملكة في نفس العام.
  • في 15 يناير 1955م الموافق 21 جمادى الأولى 1374هـ، شارك في الدورة التاسعة للمؤتمر الثقافي لجامعة الدول العربية، وافتتح الاجتماع الذي عقد في جدة، وترأس الوفد السعودي إلى اليمن في أبريل من العام نفسه.
  • في 31 أغسطس 1959م الموافق 27 صفر 1379هـ، ترأس وفد المملكة في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية بالدار البيضاء.
  • في 23 أغسطس 1960م الموافق 1 ربيع الأول 1380هـ، ترأس الوفد السعودي المشارك في اجتماعات مؤتمر وزراء الخارجية العرب.
  • في 8 يناير 1965م الموافق 6 رمضان 1384هـ، ترأس الوفد السعودي المشارك في مؤتمر رؤساء حكومات الدول العربية الذي عقد في جامعة الدول العربية بالقاهرة، وترأس الوفد السعودي في المؤتمر الإسلامي المنعقد في مكة المكرمة في أبريل من العام نفسه.
  • في 27 مايو 1965م الموافق 26 محرم 1385هـ، ترأس الوفد السعودي المشارك في الدورة الثانية لمؤتمر رؤساء الحكومات العربية المنعقد بالقاهرة.
  • في 5 أكتوبر 1967م الموافق 2 رجب 1387هـ، ترأس وفد المملكة في زيارة إلى فرنسا بهدف تعزيز العلاقات السعودية الفرنسية.
  • في 29 يونيو 1968م الموافق 4 ربيع الآخر 1388هـ، ترأس الوفد السعودي في زيارة إلى الصومال.
  • في 29 يوليو 1968م الموافق 4 جمادى الأولى 1388هـ، ترأس الوفد السعودي في زيارته إلى تركيا، كما ترأس الوفد السعودي في زيارة إلى لبنان في 3 أغسطس من العام نفسه.
  • في 9 أكتوبر 1969م الموافق 28 رجب 1389هـ، ترأس الوفد السعودي إلى بريطانيا، وفي نفس العام ترأس الوفد السعودي إلى الولايات المتحدة الأمريكية في 13 أكتوبر، وترأس الوفد السعودي إلى بريطانيا للمشاركة في المحادثات حول مستقبل منطقة الخليج العربي بعد انسحاب بريطانيا.
  • في 20 يوليو 1970م الموافق 17 جمادى الأولى 1390هـ، ترأس الوفد السعودي في المحادثات السعودية اليمنية بجدة، وترأس الوفد السعودي في المحادثات السعودية البريطانية في لندن في 5 ديسمبر من العام نفسه.
  • في 20 يونيو 1971م الموافق 27 ربيع الآخر 1391هـ، افتتح مؤتمر ميثاق التضامن الإسلامي.
  • في 18 يناير 1974م الموافق 25 ذي الحجة 1393هـ، ترأس الوفد السعودي إلى ليبيا.
  • في 4 يونيو 1974م الموافق 14 جمادى الأولى 1394هـ، ترأس الوفد السعودي خلال زيارته الرسمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
  • في 11 نوفمبر 1975م الموافق 8 ذي القعدة 1395هـ، ترأس الوفد السعودي إلى الإمارات العربية المتحدة.
  • في 2 ديسمبر 1975م الموافق 29 ذي القعدة 1395هـ، ترأس الوفد السعودي إلى جمهورية مصر العربية.
  • في قمة عربية استضافتها الأردن، وتحديدًا في الخامس والعشرين من شهر نوفمبر عام 1980 ميلاديًا، والذي يوافق الثامن عشر من شهر محرم لعام 1401 هجريًا، تولى رئاسة الوفد السعودي المشارك في فعاليات مؤتمر القمة العربية الحادي عشر.

الملك فهد وريادة النهضة التعليمية

  • تأسيس وزارة المعارف: التي تعرف الآن بوزارة التعليم، في عهد الملك سعود بن عبد العزيز، وذلك للاهتمام بتطوير المنظومة التعليمية في البلاد. وفي 24 ديسمبر 1953م الموافق 18 ربيع الآخر 1373هـ، تم تعيين الملك فهد، وكان أميرًا آنذاك، وزيرًا لها، ليصبح بذلك أول وزير للمعارف في تاريخ المملكة.
  • النهضة التعليمية الشاملة: منذ توليه الوزارة، شهد قطاع التعليم نهضة شاملة، بدأها بالتخطيط المنظم للبنية التحتية للتعليم، مما أدى إلى إنشاء العديد من المدارس والمعاهد في مختلف مناطق المملكة. وقد شمل هذا التوسع أيضًا تطوير المناهج الدراسية وتأهيل المعلمين.
  • تأسيس جامعة الملك سعود: يعتبر تأسيس جامعة الملك سعود نقطة تحول في تاريخ التعليم العالي في المملكة، حيث وفرت الجامعة فرصًا للشباب السعودي لمتابعة التعليم العالي في مختلف التخصصات.

وزارة الداخلية في عهد الملك فهد

وزارة الداخلية تحت قيادة الملك فهد، رحمه الله، شهدت نقلة نوعية وهيكلية ساهمت في تعزيز الأمن والاستقرار في المملكة. تولى الملك فهد منصب وزير الداخلية في 31 أكتوبر 1962م الموافق 3 جمادى الآخرة 1382هـ، في فترة كانت المملكة تشهد تحولات كبيرة على مختلف الأصعدة.

إعادة هيكلة وزارة الداخلية

عندما تولى الملك فهد مسؤولية الوزارة، قام بإعادة تنظيمها بشكل كامل لتواكب التطور الذي شهدته المملكة في مختلف المجالات. هذه الخطوة تضمنت إدخال أحدث التقنيات وتطوير البنية التحتية للوزارة لتلبية المتطلبات الأمنية المتزايدة.

  • تحديث الأقسام والإدارات.
  • توفير التدريب المتقدم للعاملين.
  • تبني أحدث التقنيات الأمنية.

الاهتمام بالتعليم والتدريب

أولى الملك فهد اهتمامًا خاصًا بكلية قوى الأمن الداخلي، والتي أصبحت فيما بعد كلية الملك فهد الأمنية، وأنشأ عددًا من المعاهد المتخصصة التي مثلت خطوة هامة في تطور تاريخ وزارة الداخلية. هذا الاهتمام بالتعليم والتدريب كان يهدف إلى:

  • تأهيل الكوادر الأمنية بأعلى المستويات.
  • توفير برامج تدريبية متخصصة في مختلف المجالات الأمنية.
  • تعزيز التعاون مع المؤسسات التعليمية والأمنية الدولية لتبادل الخبرات.

من بين المعاهد التي أنشئت في تلك الفترة، معهد تدريب الضباط ومعهد تدريب الأفراد، والتي ساهمت في رفع كفاءة وقدرات رجال الأمن. كما تم تطوير المناهج الدراسية لتواكب أحدث المستجدات في مجال الأمن.

النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء

في تاريخ 1 أكتوبر 1967م، الموافق 27 جمادى الآخرة 1387هـ، وخلال فترة حكم الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، صدر قرار بتعيين الملك فهد بن عبد العزيز، عندما كان أميرًا، في منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، إضافة إلى مسؤولياته كوزير للداخلية في ذلك الوقت. هذا التعيين عكس الثقة الكبيرة التي كان يوليها الملك فيصل للأمير فهد، وإدراكه لأهمية دوره في إدارة شؤون الدولة.

دور الملك فهد كوزير للداخلية: تولى الأمير فهد منصب وزير الداخلية في فترة شهدت تطورات كبيرة في المملكة، مما تطلب جهودًا مكثفة في حفظ الأمن والاستقرار.

وقد تميزت فترة ولايته بتطوير الأجهزة الأمنية وتحديثها، واعتماد استراتيجيات فعالة لمكافحة الجريمة والحفاظ على النظام العام. كما عمل على تعزيز التعاون بين مختلف القطاعات الحكومية لتحقيق التكامل في الأداء الأمني.

أهمية منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء: منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء يعتبر من المناصب الهامة في هيكل الحكومة السعودية، حيث يضطلع صاحبه بمسؤوليات كبيرة في دعم رئيس مجلس الوزراء في إدارة شؤون الدولة.

تعيين الأمير فهد في هذا المنصب جاء تقديرًا لخبرته وكفاءته، ومنحه صلاحيات واسعة للإشراف على العديد من الملفات الهامة. وكان لهذا التعيين أثر كبير في تعزيز مكانته ودوره في قيادة المملكة في المستقبل.

ولاية العهد للملك فهد

تم اختيار الأمير فهد بن عبد العزيز آل سعود من قبل الملك خالد بن عبد العزيز، ليصبح وليًا للعهد في تاريخ 25 مارس 1975 ميلادي، الموافق للثالث عشر من ربيع الأول عام 1395 هجري.

هذا الاختيار لم يكن مجرد تعيين، بل كان تقديرًا لمكانته ودوره البارز في المملكة العربية السعودية. حينها، تولى الأمير فهد مهام رئاسة العديد من المجالس والهيئات الأساسية التي كانت حجر الزاوية في إدارة الدولة وتطويرها.

مهام ومسؤوليات ولي العهد

تولى الأمير فهد رئاسة عدد من الهيئات والمجالس الحيوية، ما يعكس ثقة القيادة في قدرته على تولي هذه المسؤوليات الجسيمة. شملت هذه المهام:

  • المجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن: وهو مجلس محوري يشرف على سياسات النفط والتعدين، وهما قطاعان أساسيان للاقتصاد السعودي. دوره كان حاسمًا في تحديد استراتيجيات الإنتاج والتسويق التي تؤثر على مكانة المملكة في أسواق الطاقة العالمية.
  • المجلس الأعلى المسؤول عن الجامعات: يهدف إلى تطوير التعليم العالي ورفع مستوى البحث العلمي في المملكة. من خلال هذا المجلس، تم وضع الخطط والاستراتيجيات لتطوير الجامعات السعودية لتواكب المعايير العالمية.
  • الهيئة الملكية للجبيل وينبع: تأسست لتطوير المدينتين الصناعيتين، الجبيل وينبع، وتحويلهما إلى مراكز صناعية متكاملة تسهم في تنويع مصادر الدخل الوطني وتقليل الاعتماد على النفط.
  • اللجنة العليا المختصة بسياسة التعليم: تعمل على وضع السياسات التعليمية العامة، وتطوير المناهج الدراسية بما يتناسب مع احتياجات المملكة وتطلعاتها المستقبلية.
  • المجلس الأعلى لرعاية الشباب: يهدف إلى دعم الشباب وتنمية مهاراتهم وقدراتهم، وتوفير الفرص لهم للمشاركة الفعالة في بناء المجتمع.
  • اللجنة العليا لشؤون الحج: تتولى مسؤولية تنظيم موسم الحج والإشراف على تقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، وضمان سلامتهم وراحتهم خلال فترة إقامتهم في المملكة.
  • الهيئة الملكية لتطوير المدينة المنورة: تعمل على تطوير المدينة المنورة وتحديثها، مع الحفاظ على طابعها التاريخي والثقافي، وتوفير أفضل الخدمات لسكانها وزوارها.
  • اللجنة العليا للإصلاح الإداري: تهدف إلى تطوير الأداء الإداري في الأجهزة الحكومية، وتبسيط الإجراءات، ومكافحة الفساد، وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.

هذه المهام المتعددة والمتنوعة تظهر الدور المحوري الذي لعبه الأمير فهد في فترة ولاية العهد، وكيف أسهم في بناء المملكة العربية السعودية الحديثة.

الملك فهد ملكًا للمملكة العربية السعودية

الملك فهد ملكًا للمملكة العربية السعودية

توليه الحكم

في تاريخ المملكة العربية السعودية، وتحديدًا في الحادي والعشرين من شهر شعبان عام 1402هـ، الموافق للثالث عشر من شهر يونيو عام 1982م، جرت مبايعة الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود ملكًا على البلاد.

إيذانًا ببدء عهد جديد تميز بازدهار وتطور شمل مختلف جوانب الحياة، سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو العلمية أو الثقافية أو الدينية، ومثّل استمرارًا لمسيرة التنمية والتعمير في الدولة السعودية.

بدأ الملك فهد عهده الميمون بأداء مناسك العمرة والطواف بالبيت الحرام، ثم أعلن عن مبادرة تاريخية تجسدت في تخليه عن كافة الألقاب، واكتفائه بلقب خادم الحرمين الشريفين، وهو قرار تم الإعلان عنه رسميًا في الرابع والعشرين من شهر صفر عام 1407هـ، الموافق للسابع والعشرين من شهر أكتوبر عام 1986م، وذلك خلال خطابه في افتتاح تلفزيون المدينة المنورة. وبذلك، أصبح أول من استخدم هذا اللقب بشكل رسمي بين ملوك الدولة السعودية.

لم يقتصر دور الملك فهد على الجانب الرمزي، بل قاد أيضًا تغييرات دستورية جوهرية أرست القواعد الحديثة للدولة. ففي السابع والعشرين من شهر شعبان عام 1412هـ (الموافق للثاني من شهر مارس عام 1992م)، أصدر ثلاثة أنظمة أساسية هي: النظام الأساسي للحكم، ونظام مجلس الشورى، ونظام المناطق.

وأتبع ذلك في الثالث من شهر ربيع الأول عام 1414هـ (الموافق للعشرين من شهر أغسطس عام 1993م) بإصدار نظام مجلس الوزراء، مما أحدث نقلة نوعية في بناء الهيكل التنظيمي للدولة.

السياسة الخارجية

منذ توليه الحكم، رسم الملك فهد معالم السياسة الخارجية السعودية من خلال خطاب ألقاه في 3 شوال 1402هـ الموافق 23 يوليو 1982م، مؤكدًا على مبادئ الاعتدال، والتمسك بالثوابت، والابتعاد عن الغلو أو الانفعال.

امتازت السياسة الخارجية السعودية في عهده بالجدية والدبلوماسية الهادئة، ورفضت استخدام القوة كوسيلة لتحقيق الأهداف، مؤكدة في المقابل على حق الدفاع عن النفس وحماية المصالح الوطنية.

كما رفضت المملكة الدخول في التكتلات أو الانحياز في الصراعات الدولية، وتمسكت بسياسة عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، مقابل رفضها لأي تدخل خارجي في شؤونها.

اعتمدت السعودية في عهد الملك فهد على الحوار والمفاوضات، إلى جانب تبنيها سياسة حسن الجوار، وسعت باستمرار لخدمة الإسلام والمسلمين حول العالم. ومثّلت مواقفه نموذجًا في التوازن السياسي الذي جمع بين الحزم، والحكمة، والقدرة على القيادة الرشيدة في المحافل الإقليمية والدولية.

مسيرة التنمية في عهده

تنمية البنية التحتية والخطط التطويرية

في عام 1395 هـ/1975 م، وتحت رعاية الملك فهد، عندما كان وليًا للعهد في عهد الملك خالد، تم الإشراف على تنفيذ خطة التنمية الثانية. تم خلال هذه الفترة تأسيس بنية تحتية متكاملة، بهدف تسريع وتيرة التطوير وربط مناطق الدولة المترامية الأطراف بأحدث وأكفأ شبكات النقل العالمية. بعد توليه مقاليد الحكم.

حيث أكمل الملك فهد مشاريع البنية الأساسية التي بدأها في عهد الملك خالد، وشمل ذلك تطوير المدن والقرى من خلال وضع مخططات شاملة، وإنشاء شبكات متطورة من الطرق والجسور والأنفاق والاتصالات، بالإضافة إلى التوسع في إنشاء محطات تحلية المياه المالحة.

كما شملت الجهود تطوير القطاع الزراعي، وتحسين الأوضاع المعيشية للموظفين عبر وضع قواعد جديدة للرواتب، وتطوير الموانئ والمطارات، والتوسع في إنشاء الجامعات والمدارس.

علاوة على ذلك، شهد عهده إنشاء جسر الملك فهد الذي يربط المملكة العربية السعودية بمملكة البحرين عبر الخليج العربي، وقد افتتحه الملك فهد والشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رسميًا في عام 1406هـ/1986م.

استمرت خطط التنمية وتعديل مسار الاقتصاد بما يتماشى مع المستجدات، بما في ذلك خطة تنويع مصادر الدخل المحلي لتقليل الاعتماد على النفط فقط، الذي بدأت أسعاره في الانخفاض.

تحملت المملكة أعباء كبيرة لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط العالمية. حرصت حكومة الملك فهد على تنويع القاعدة الاقتصادية، مما أدى إلى مضاعفة الناتج المحلي غير النفطي بأكثر من خمس مرات في تلك الفترة، وبلغ متوسط النمو السنوي للقيمة المضافة للصناعات التحويلية 8%.

كما ازداد حجم الإنتاج الزراعي بنحو خمسة أضعاف من حيث القيمة المضافة، مما يؤكد توجه الحكومة نحو تحقيق مستوى ملائم من الإنتاج المحلي للغذاء، بالإضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص.

حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص في عهد الملك فهد بمعدل نمو يبلغ حوالي 5.8% في المتوسط، وزاد حجم الاستثمار السنوي للقطاع الخاص من 5 مليارات ريال في عام 1401هـ/1981م إلى 64.2 مليار ريال في عام 1420هـ/1999م.

في عهد الملك فهد، شهد مستوى معيشة المواطنين ارتفاعًا ملحوظًا، وتم توزيع الأراضي على العائلات والجامعيين. اتسع العمران وشُيدت العديد من المنازل بفضل التسهيلات التي قدمتها الدولة للمواطنين من قروض ومساعدات.

نقلة نوعية في الاقتصاد

من بين الإنجازات الاقتصادية التي تحققت في عهد الملك فهد، تحقيق الأهداف الاستراتيجية للقطاع الصناعي ضمن خطط التنمية الخماسية، وعلى رأسها خطة تنويع البنية الاقتصادية وتقليل الاعتماد على النفط الخام كمصدر وحيد للدخل في ذلك الوقت.

نظرًا لأن الصناعة تمثل خيار المستقبل مقارنة بالبدائل الأخرى، ركزت الحكومة السعودية في بداية عام 1400هـ/1980م على تقديم مجموعة من الحوافز والدعم للصناعة الوطنية،

بالإضافة إلى إنشاء منتجات صناعية محددة، خاصة في القطاعات التي تتميز بها المملكة، مثل الصناعات البتروكيماوية حيث تتوفر المواد الأولية. قُدمت جميع التسهيلات والإمكانات للقطاع الخاص لمساعدته على النهوض بأدواره في عملية التنمية الصناعية.

اعتمدت السياسة الصناعية للمملكة في تلك الفترة على ركائز أساسية، وهي حماية الصناعة الوطنية، وإنشاء الصناعات الأساسية الثقيلة، وتنمية الصناعات البتروكيماوية، والاهتمام بالصناعات التحويلية الأخرى.

هدفت استراتيجية التنمية الصناعية إلى تطوير وتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد المحلية، سواء كانت بشرية أو طبيعية أو مالية، وزيادة مساهمة الناتج الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي مع التخفيف التدريجي من ارتباطات الصناعة الخلفية بالقطاع النفطي.

وزيادة قدرة السوق المحلية على إفراز الفرص الاستثمارية، وتحقيق أقصى قيمة مضافة للموارد الطبيعية، وخاصة النفط والغاز الطبيعي، من خلال إقامة مراحل التصنيع المختلفة للاستفادة من هذه الموارد، وتطوير القدرات التكنولوجية للاقتصاد الوطني.

نتيجة لهذه الأهداف والسياسات المتبعة، حققت المملكة قفزة نوعية في مجال التصنيع، وفقًا للإحصائيات التي أظهرت حجم الإنجازات في هذا القطاع. بلغ حجم الاستثمارات الصناعية في عام 1426هـ/2006م حوالي 9.1 مليار ريال، وفي العام نفسه.

بلغ الإنتاج الصناعي 80 مليار ريال، في حين بلغت قيمة الصادرات الصناعية 25 مليار ريال، بما في ذلك منتجات سابك من الصناعات البتروكيماوية. كما بلغ عدد المصانع 3306 مصانع في عام 1428هـ/2007م.

إنجازات الملك فهد: نظرة شاملة على التطورات العسكرية والأمنية والتعليمية والرياضية

التطورات العسكرية والأمنية في عهد الملك فهد

شهدت المملكة العربية السعودية في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز نقلة نوعية شاملة في مجال بناء وتطوير القوات المسلحة. فمنذ توليه مقاليد الحكم، أولى الملك فهد اهتمامًا بالغًا بتطوير البنية التحتية العسكرية.

حيث قام بإعادة هيكلة وزارة الدفاع والطيران وهيئة الأركان العامة، بالإضافة إلى تأسيس قيادات مستقلة ومنفصلة لكل من القوات البرية والجوية والبحرية وقوات الدفاع الجوي، مع تخصيص ميزانيات مستقلة لكل قوة لضمان استمرارية التحديث والتطوير.

ركز الملك فهد على الاستثمار الأمثل في العنصر البشري من خلال التوسع في إنشاء الكليات والمعاهد والمراكز التدريبية المتخصصة، وإرسال البعثات العسكرية إلى الدول المتقدمة في هذا المجال، مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا.

علاوة على ذلك، تم إنشاء مدن عسكرية حديثة وقواعد جوية وبحرية متطورة، بالإضافة إلى مستشفيات عسكرية متكاملة ومراكز طبية متخصصة بإدارة سعودية. كما تم إنشاء أسطول طبي للإخلاء الجوي وأكاديمية طبية متخصصة داخل مدينة الملك فهد العسكرية.

تم إطلاق نظام متكامل للقيادة والسيطرة ومركز الدفاع الوطني، إلى جانب برامج متطورة للمعلومات الإدارية والتموين، مما شكل منظومة دفاعية متكاملة وشاملة.

وتبنى الملك فهد برنامجًا طموحًا للتوازن الاقتصادي في عقود التسليح، حيث اشترط استثمار ما نسبته 35% من قيمة العقود داخل المملكة في مشاريع صناعية متنوعة، مما أسهم بشكل كبير في تطوير المؤسسة العامة للصناعات الحربية وفتح آفاق الشراكة مع القطاع الخاص.

إلى جانب ذلك، تم إنشاء إدارات فنية متخصصة مثل إدارة الأشغال العسكرية والمرافق والمساحة، وتم وضع أنظمة حديثة ومتطورة لرعاية العسكريين المتقاعدين، بالإضافة إلى أنظمة أخرى تهتم بالجانب الديني والمعنوي للعسكريين، مما عزز من ولائهم وانتمائهم ورفع مستوى جاهزيتهم القتالية.

النهضة التعليمية في عهد الملك فهد

تبنى الملك فهد رؤية استراتيجية شاملة للتعليم، إيمانًا منه بأنه الركيزة الأساسية لبناء المجتمع وتطوره. وشهد قطاع التعليم في عهده تطورًا ملحوظًا وغير مسبوق، حيث ارتفع عدد الطلاب والطالبات في العام الدراسي 1424-1425هـ إلى أكثر من 5.3 ملايين طالب وطالبة، يشرف على تعليمهم وتدريبهم أكثر من 440 ألف معلم ومعلمة مؤهلة.

بلغ عدد الطلاب الذكور الملتحقين بمدارس وزارة التعليم أكثر من 2.5 مليون طالب، في حين تجاوز عدد الطالبات 2.3 مليون طالبة، موزعين على أكثر من 30 ألف مدرسة ومؤسسة تعليمية في مختلف مناطق المملكة.

كما تم دعم التعليم العالي من خلال توسعة الجامعات والكليات القائمة وإنشاء جامعات وكليات جديدة، حيث بلغ عدد الكليات التقنية والصحية 317 كلية تضم حوالي 455 ألف طالب وطالبة، تحت إشراف أكثر من 23 ألف عضو هيئة تدريس مؤهل.

أسهمت هذه الجهود الكبيرة في خلق بيئة تعليمية متكاملة ومتطورة، مدعومة بأحدث التقنيات والوسائل التعليمية وخطط التنمية المستمرة، مما جعل التعليم أحد أهم أعمدة التنمية الوطنية الشاملة في المملكة.

الإنجازات الرياضية في عهد الملك فهد

شهد القطاع الرياضي السعودي في عهد الملك فهد قفزة نوعية كبيرة، خاصة في مجال كرة القدم، حيث تأهل المنتخب الوطني السعودي إلى نهائيات كأس العالم ثلاث مرات متتالية (1994، 1998، 2002)، وفاز بكأس آسيا ثلاث مرات (1984، 1988، 1996)، وكأس الخليج ثلاث مرات (1994، 2002، 2003)، بالإضافة إلى كأس العرب مرتين (1998، 2002).

أما منتخبات الشباب والناشئين، فقد شارك منتخب الشباب في ست نسخ من كأس العالم تحت 20 سنة، وحقق بطولتي كأس آسيا (1986، 1992) وكأس العرب (1985). كما حقق منتخب الناشئين إنجازًا تاريخيًا بفوزه بكأس العالم تحت 17 سنة في عام 1989، إلى جانب لقبين في كأس آسيا تحت 16 سنة (1985، 1988).

وفي ألعاب القوى، حقق العداء هادي صوعان إنجازًا تاريخيًا بحصوله على أول ميدالية أولمبية للمملكة (فضية) في أولمبياد سيدني 2000، مما يمثل تتويجًا لجهود دعم الرياضة بكافة أشكالها وأنواعها خلال تلك الحقبة الذهبية.

إنجازات تاريخية في عهد الملك فهد

إنجازات تاريخية في عهد الملك فهد:

دعم الملك فهد للقضايا الإسلامية والعربية

انطلاقًا من مسؤولية المملكة العربية السعودية تجاه العرب والمسلمين، عقيدةً وتاريخًا، أولى الملك فهد اهتمامًا بالغًا بالقضايا العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

تجسد هذا الدعم بأشكال متعددة، بدءًا بالدعم الإعلامي الشامل، حيث تم تسخير كافة الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة لنصرة الحق الفلسطيني وتوضيح أحقيته في أرضه.

بالإضافة إلى ذلك، تم تقديم دعم مادي سخي عبر لجان تم تشكيلها في مختلف مناطق المملكة لجمع التبرعات، وتوفير الدعم التعليمي والتربوي من خلال تسهيل فرص التعليم لأبناء الفلسطينيين المقيمين في المملكة في جميع المراحل الدراسية، هذا بجانب الدعم الصحي، والخدمات الدينية والاجتماعية.

وتوج هذا الدعم السياسي بمبادرة السلام التي طرحها الملك فهد في شوال 1401هـ/أغسطس 1981م، والتي حظيت بالتأييد في مؤتمر القمة العربية الثاني عشر في المغرب عام 1402هـ/1982م.

مساندة قضايا البوسنة والهرسك وكوسوفو في عهد الملك فهد

برزت مواقف الملك فهد بن عبدالعزيز –رحمه الله– في دعم قضايا العالم الإسلامي، لا سيما خلال الأزمات الإنسانية الكبرى. فقد لعبت المملكة العربية السعودية، بقيادة الملك فهد، دورًا رياديًا في مساندة شعب البوسنة والهرسك إبان الحرب مع صربيا، حيث كانت أول دولة على مستوى العالم تعترف رسميًا باستقلال البوسنة وسيادتها عام 1413هـ الموافق 1992م.

هذا الاعتراف التاريخي شكّل دافعًا لعدد من الدول الإسلامية لاتخاذ موقف مماثل، وترافق مع تقديم المملكة مساعدات إنسانية ومادية كبيرة للشعب البوسني، شملت الغذاء والدواء والإيواء.

وامتدت جهود الملك فهد لتشمل مسلمي إقليم كوسوفو، حيث كان من أوائل من ناصر قضيتهم في مواجهة الانتهاكات الصربية. فبادر بتأسيس “اللجنة السعودية المشتركة لإغاثة كوسوفو”، والتي نظّمت جسرًا جويًا لنقل المواد الغذائية والمستلزمات الطبية، وأنشأت المخيمات لإيواء اللاجئين.

بالإضافة إلى كفالة الأيتام وتوفير الرعاية الصحية من خلال مستشفى ميداني ومراكز طبية متكاملة مزودة بسيارات إسعاف وأدوية. كما حرصت اللجنة على تقديم الدعم التعليمي والدعوي، ما ساعد في الحفاظ على الهوية الإسلامية في الإقليم.

وبعد انتهاء الحرب، واصلت المملكة جهودها في إعادة الإعمار، حيث تم وضع خطة شاملة لإعادة اللاجئين، وبناء الجسور والمساجد والمدارس والمراكز الثقافية.

وقد مثّلت هذه المبادرات نموذجًا رائدًا في العمل الإنساني والدبلوماسي، ورسّخت مكانة المملكة في العالم الإسلامي كداعم رئيس للعدالة والسلام.

جهود الإغاثة في الصومال وإنهاء الحرب الأهلية في لبنان

اضطلع الملك فهد بدور حيوي في تقديم العون والإغاثة لجمهورية الصومال، والمساهمة في التخفيف من وطأة الكارثة الإنسانية التي حلت بالشعب الصومالي جراء الحرب الأهلية التي احتدمت في تلك الفترة، والتي نتج عنها دمار هائل.

وبقيادة الملك فهد، كان للمملكة العربية السعودية مشاركة فعالة في مؤتمر المصالحة الصومالية الذي انعقد في جيبوتي عام 1412هـ الموافق 1991م، كما استضافت المملكة الجلسات الختامية لهذا المؤتمر على أراضيها.

كما قدمت الدعم للمنظمات والهيئات الدولية والإقليمية لتمكينها من أداء دورها في حل الأزمة الصومالية، بالإضافة إلى تنفيذ برامج إغاثية، ودعم البرامج والمشروعات التعليمية والاجتماعية والتنموية، التي واصل الاهتمام بها لاحقًا الامير فهد بن عبدالعزيز ال سعود​ انطلاقًا من إرث والده الإنساني والقيادي.

وإلى جانب ذلك، كان للملك فهد دور محوري في إنهاء الحرب الأهلية في لبنان، حيث استضاف مؤتمر الطائف في 1 ربيع الأول 1410هـ/30 سبتمبر 1989م، بين الأطراف المتنازعة، والذي أسفر عن توقيع وثيقة الوفاق الوطني التي أنهت الصراع في لبنان.

المساعدات الإنسانية ودعم أفغانستان والشيشان والأقليات المسلمة

كان لـ الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود –رحمه الله– دورٌ بارزٌ في دعم القضايا الإسلامية والإنسانية، خاصة في المناطق التي عانت من الاحتلال أو الاضطهاد.

ففي أفغانستان، قادت المملكة جهودًا كبيرة لدعم الشعب الأفغاني في مقاومته للاحتلال السوفيتي، وكانت من أوائل الدول التي اعترفت بسيادة أفغانستان عام 1410هـ (1989م).

وبعد انسحاب القوات السوفيتية، سعى الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود إلى إنهاء النزاعات الداخلية بين الفصائل الأفغانية، فدعا قادتها إلى اجتماع في مكة المكرمة بتاريخ 18 رمضان 1413هـ (11 مارس 1993م)، نتج عنه توقيع اتفاقية للصلح والسلام.

واستمر دعم المملكة للأفغان من خلال المساعدات المالية والرعاية الاجتماعية، شاملة بناء المساجد والمدارس، ورعاية الأيتام، وتقديم المساعدات الصحية.

كما وقف الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود إلى جانب مسلمي الشيشان في محنتهم، وناشد المجتمع الدولي للتدخل وإطلاق مفاوضات تُنهي الأزمة، فيما قدمت المملكة دعمًا ماديًا ومعنويًا للمتضررين.

ولم يقتصر هذا النهج الإنساني على الدول الكبرى، بل شمل الأقليات المسلمة في مختلف أنحاء العالم، حيث حرص الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود على تمكينهم من أداء مناسك الحج والعمرة، وتزويدهم بالمصاحف وترجمات معاني القرآن الكريم، بالإضافة إلى دعمهم فكريًا وتعليميًا وماليًا، ما رسخ مكانة المملكة كمنارة للعطاء الإسلامي والإنساني عالميًا.

التعاون الخليجي

تمحورت جهود التعاون الخليجي حول الدور القيادي الذي اضطلع به الملك فهد بن عبدالعزيز في تحرير دولة الكويت، إثر الغزو العراقي الذي وقع في فجر الحادي عشر من محرم عام 1411هـ، الموافق الثاني من أغسطس عام 1990م، نتيجة لخلافات حدودية بين البلدين.

تجلّت بطولة الملك فهد في قيادة جهود تحرير الكويت من براثن الغزو وإعادة الأمن والاستقرار إليها، حيث بادرت المملكة العربية السعودية، فور وقوع الاعتداء على الكويت، بتحركات دبلوماسية ومساعٍ سلمية، بدءًا بالجامعة العربية، بهدف احتواء الأزمة في مهدها.

ولما تباطأت الاستجابة العربية، انتقلت المملكة إلى الساحة الدولية ومجلس الأمن، وأسفر هذا التحرك عن إصدار سلسلة من القرارات المتعلقة بأزمة الخليج، بلغت 12 قرارًا، عكست إرادة جماعية لتحرير الكويت، تأكيدًا لمبدأ الشرعية الدولية، وكان أبرزها القرار رقم 678 الصادر في نوفمبر 1990م، الذي أجاز استخدام القوة العسكرية.

وقد نجحت المملكة في حشد التأييد من القمة العربية التي انعقدت في القاهرة عام 1411هـ/1990م، لإرسال قوات عسكرية من مصر وسوريا والمغرب. كما سعت المملكة إلى إشراك قوات إسلامية من باكستان وبنغلاديش وأفغانستان.

وفي خطوة تاريخية، اتخذ الملك فهد قرارًا بدخول قوات التحالف الدولية إلى أراضي المملكة، بهدف التصدي للعدوان وتحرير الكويت، وإعادة الحكومة الشرعية إلى البلاد، وتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الخليج.

انطلقت عملية عاصفة الصحراء في الأول من رجب عام 1411هـ، الموافق السابع عشر من يناير عام 1991م، واستمرت لمدة 42 يومًا، تمكنت خلالها القوات المشتركة من تحرير الأراضي الكويتية وعودة الحكومة الشرعية إلى البلاد.

التوسعات الكبرى للحرمين الشريفين

توسعة الحرمين الشريفين حظيت باهتمام بالغ منذ تولي الملك فهد بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في المملكة، حيث أولى اهتمامًا خاصًا بتوفير أقصى درجات الراحة والرعاية لضيوف الرحمن من حجاج بيت الله الحرام وزوار المسجد النبوي.

تجسد ذلك في زيارته للمدينة المنورة في محرم 1403هـ الموافق أكتوبر 1982م، حيث أصدر توجيهاته بإعداد دراسة شاملة لتوسعة كبرى للمسجد النبوي، بهدف استيعاب أكبر عدد ممكن من المصلين.

وفي يوم الجمعة 9 صفر 1405هـ الموافق 2 نوفمبر 1984م، قام الملك فهد بوضع حجر الأساس إيذانًا ببدء هذا المشروع الضخم، الذي انطلقت أعماله التنفيذية في 6 محرم 1406هـ الموافق 20 سبتمبر 1985م، وذلك بتشكيل لجنة تنفيذية برئاسة الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز، أمير المدينة المنورة آنذاك، للإشراف المباشر على المشروع ومتابعة تنفيذه.

بدأت الخطوات الأولى بتثمين العقارات المجاورة، حيث شُكلت لجان مختصة لتقدير قيمتها وتعويض أصحابها، قبل البدء في إزالتها. وبحلول منتصف عام 1410هـ الموافق 1990م، كانت البنية التحتية للمشروع قد اكتملت.

وشدد الملك فهد على ضرورة إنجاز التوسعة على أرفع المستويات وبأسرع وقت ممكن، مع توفير جميع الخدمات والتسهيلات اللازمة للحجاج والمعتمرين، وضمان سلامتهم من أي أذى خلال فترة الإنشاء.

وفي موسم حج عام 1412هـ الموافق 1992م، تم افتتاح معظم أجزاء التوسعة أمام المصلين، وفي العام التالي تم تجهيز سطح التوسعة ليُستخدم للصلاة.

مكونات التوسعة وتصميمها

يتألف مشروع توسعة المسجد النبوي من مبنى التوسعة، وسطحه، وعدد من الساحات المحيطة به، وتبلغ المساحة الكلية لهذه الأجزاء 400.500 متر مربع، مما يتيح استيعاب أكثر من مليون مصلٍ في أوقات الذروة.

يشمل مبنى التوسعة قبوًا يمتد على مساحة الدور الأرضي، وقد خُصص هذا القبو لتركيب أجهزة التكييف والتبريد، بالإضافة إلى الخدمات الأخرى الضرورية. كما زُود المبنى بـ 27 قبة متحركة، يبلغ قطر كل منها 18 مترًا، وتغطي مساحة 323 مترًا مربعًا، وتتميز هذه القباب بإمكانية الانزلاق على مسارات حديدية مثبتة أعلى سطح التوسعة، وتعمل بنظام التحكم عن بُعد.

مداخل ومآذن التوسعة

تشتمل التوسعة على سبعة مداخل رئيسة تقع في الجهات الشمالية والشرقية والغربية، ويضم كل مدخل رئيسي خمسة أبواب متجاورة، بالإضافة إلى بوابتين جانبيتين.

كما يوجد مدخلان رئيسان في الجهة الجنوبية للتوسعة، يتكون كل منهما من ثلاثة أبواب متجاورة، إضافة إلى 10 أبواب جانبية و12 بوابة للسلالم المتحركة التي توصل إلى سطح التوسعة.

يبلغ إجمالي عدد الأبواب الخشبية الخارجية للتوسعة 142 بابًا، منها 65 بابًا كبيرًا، بالإضافة إلى ثمانية عشر سلمًا عاديًا، وستة مبانٍ للسلالم المتحركة تحتوي على 24 سلمًا.

وفي منتصف الجهة الشمالية للتوسعة يقع مدخل الملك فهد بن عبدالعزيز، وهو المدخل الرئيسي للتوسعة، تعلوه سبع قباب، وتتزين كل جانب من جانبيه بمئذنة يبلغ ارتفاعها 105 أمتار، وبذلك يصبح إجمالي عدد المآذن في المسجد النبوي.

بما في ذلك التوسعة، عشر مآذن، ست منها جديدة، وتتوزع هذه المآذن على الأركان الأربعة للتوسعة، بالإضافة إلى مئذنتين على جانبي المدخل الرئيسي.

توسعة المسجد الحرام

أما بالنسبة للمسجد الحرام، فقد أمر الملك فهد في عام 1406هـ الموافق 1986م، بتبليط سطح التوسعة السعودية الأولى بالرخام البارد المقاوم للحرارة، وذلك لتهيئته لاستقبال المصلين. ونظرًا لأن شبكات الكهرباء كانت تعيق حركة المصلين، فقد أمر الملك فهد بجمعها في قِباب ذات تصميم جمالي. وقد بلغت مساحة السطح 61.000 متر مربع، تتسع لتسعين ألف مصلٍ. كما أمر بإنشاء خمسة سلالم كهربائية في المسجد الحرام، لتسهيل الصعود والنزول إلى السطح والطابق الأول، بالإضافة إلى بناء خمسة جسور علوية للدخول والخروج من الطابق الأول من الجهة الشمالية.

  •  التوسعة السعودية الثانية: في 2 صفر 1409هـ الموافق 13 سبتمبر 1988م، وضع الملك فهد حجر الأساس للبدء في التوسعة السعودية الثانية، وذلك بعد أربع سنوات من بدء العمل في توسعة المسجد النبوي، ليجري العمل في التوسعتين في وقت واحد. يقع مشروع توسعة الملك فهد في الجهة الغربية من المسجد الحرام، في المنطقة التي كانت تعرف بالسوق الصغير، الواقعة بين باب العمرة وباب الملك عبدالعزيز.
  • إضافة الأبواب والساحات: أُضيف في التوسعة 14 بابًا جديدًا، ليصبح إجمالي عدد أبواب المسجد الحرام 112 بابًا، بعضها يشتمل على ثلاث أو أربع فتحات. كما بُني مبنيان للسلالم الكهربائية في الجهتين الشمالية والجنوبية.
  • توسعة منطقة الصفا والمروة: في عام 1415هـ الموافق 1994م، بدأت توسعة منطقة الصفا في الطابق الأول، وذلك بتضييق دائرة فتحة الصفا الواقعة تحت قبة الصفا. وفي عام 1417هـ الموافق 1996م، أُزيلت بعض المباني حول منطقة المروة وضُمّت إلى التوسعة، حتى صارت مساحة المنطقة 375 مترًا مربعًا.
  • جسر الراقوبة وتجديد مقام إبراهيم: في عام 1418هـ الموافق 1997م، أُنشئ جسر الراقوبة الرابط بين سطح المسجد الحرام ومنطقة الراقوبة من جهة المروة، لتسهيل الدخول والخروج إلى سطح المسجد الحرام.

جهود المملكة في خدمة القرآن والمشاعر المقدسة

انطلاقًا من إدراك الملك فهد لأهمية المصحف الشريف وحاجة العالم الإسلامي إليه، إضافة إلى ترجمة معانيه إلى مختلف اللغات والعناية بعلومه، وتقديراً لدوره في خدمة الإسلام والمسلمين، أولى اهتمامًا بالغًا بخدمة القرآن الكريم من خلال إنشاء جهاز متخصص ومتفرغ لهذا العمل الجليل.

ففي 16 محرم 1403هـ الموافق 2 نوفمبر 1982م، وضع حجر الأساس لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة،

وتم افتتاحه رسميًا في 6 صفر 1405هـ الموافق 30 أكتوبر 1984م. وتشرف وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد على المجمع، ويتولى معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد منصب المشرف العام على المجمع ورئيس هيئته العليا، بينما تتابع الأمانة العامة، بقيادة الأمين العام المكلف، تنفيذ سياسات المجمع وتحقيق أهدافه.

مهام مجمع الملك فهد

يختص المجمع بطباعة المصحف الشريف وفقًا للروايات المتواترة في العالم الإسلامي، وتسجيل تلاوات القرآن الكريم بالروايات المشهورة، وترجمة معاني القرآن الكريم وتفسيره إلى اللغات الأكثر انتشارًا، والعناية بعلوم القرآن الكريم وتحقيق المصنفات النفيسة التي تخدم هذه العلوم، بالإضافة إلى الاهتمام بالبحوث والدراسات الإسلامية المتعلقة بالقرآن الكريم وعلومه.

كما يعمل المجمع على تلبية احتياجات المسلمين داخل المملكة وخارجها من مختلف إصداراته، ونشرها عبر الشبكات العالمية والبرامج والتطبيقات المتنوعة.

يمتد المجمع على مساحة تقدر بـ 250 ألف متر مربع، ويشكل وحدة عمرانية متكاملة بمرافقها، حيث يضم مسجدًا ومبانٍ للإدارة والصيانة والمطبعة والمستودعات والنقل والتسويق والمكتبة والعيادة الطبية والخدمات المساندة الأخرى، بالإضافة إلى مبنى المستودعات الجديد والمكتبة الجديدة التابعة لإدارة الشؤون العلمية.

تطوير المشاعر المقدسة

مشروع خيام منى المطورة

بدأ الاهتمام بالمشاعر المقدسة وتطويرها منذ عهد الملك المؤسس، إلا أن مشروع خيام منى المطورة الذي أُنشئ في عهد الملك فهد يُعد من أضخم مشاريع تطوير المشاعر المقدسة، وذلك بهدف تسهيل أداء مناسك الحج على حجاج بيت الله الحرام وفقًا لأعلى معايير السلامة.

سخرت المملكة إمكاناتها لتوفير هذه الخيام المطورة ضمن جهودها لتطوير مشاعر الحج، وهي مصنوعة من الأنسجة الزجاجية المغطاة بمادة التفلون المقاومة للحرارة العالية والاشتعال، والتي لا ينبعث منها أي غازات سامة.

استُخدمت في صناعة الخيام أحدث التقنيات، ويرتبط بعضها ببعض عبر ممرات، وتحيط بكل مجموعة خيام أسوار معدنية تشتمل على أبواب رئيسة وأخرى للطوارئ.

تتخلل المخيم ممرات مرصوفة ومضاءة ومزودة بعلامات إرشادية، وقد روعي في تصميمها مرونة الأجزاء لتسهيل التشكيل والتركيب. تبلغ أبعاد الخيمة النمطية 8 × 8 أمتار، كما استُخدمت خيام بمقاسات تتراوح بين 6 × 8 و 12 × 8 أمتار.

يشتمل مشروع الخيام على شبكة للتكييف وخراطيم للمياه داخل المخيمات، وصناديق تحتوي كل منها على خرطوم بطول 30 مترًا، بالإضافة إلى طفايات حريق موزعة في الممرات داخل المخيم، بمعدل صندوق لكل 100 متر طولي، وذلك للاستخدام عند الحاجة لحين وصول الدفاع المدني.

تمتد الخيام على مساحة 2,500,000 متر مربع، وتستوعب حوالي 2,600,000 حاج، مما يجعل مشعر منى أكبر مدينة خيام في العالم. يعتمد مشروع تطوير المشاعر على أسس الأمن والسلامة والملاءمة للبيئة المحيطة، فالخيام مزودة بالتكييف ومقاومة للعوامل المناخية، ويتناسب تصميمها مع الطابع الإسلامي، وتتميز بمرونة أجزائها لتسهيل التشكيل والتركيب.

كما تم توفير دورات المياه وأماكن الوضوء وسط المخيم، وتجهيزات توزيع الطاقة الكهربائية والمطبخ، ومكب للنفايات، وزُودت كل خيمة برشاشات للمياه تعمل تلقائيًا عند استشعار الحرارة، وبمجرد انبعاث المياه من هذه الرشاشات، يصدر صوت جهاز الإنذار في خيمة المطوف للتنبيه إلى الخطر.

تتوفر خزانات خاصة لمياه الحريق على شكل أنفاق بأعلى الجبال في منى، بسعة 200 ألف متر مكعب، تغذي شبكة إطفاء الحريق بأقطار مناسبة مع ما يلزمها من محابس وقطع، حيث بلغ إجمالي طول هذه الشبكة 100 كيلومتر من المواسير، بأقطار تتراوح بين 250 ملم و 700 ملم، وتضم 800 محبس و 740 فوهة للحريق.

شخصية وصفات الملك فهد:

القيادة السياسية الرشيدة للملك فهد

اتسمت شخصية الملك فهد بـ الفكر السياسي الثاقب، والذي تجلى في تعامله الحسن، ومنطقه السليم، وقيادته الرشيدة والحكيمة، وقدرته على إدارة الأزمات، وخبرته السياسية الواسعة.

تميز باتخاذ القرارات الصائبة في الوقت المناسب، ومخاطبة الناس بما يناسب مستوياتهم الفكرية، واحترام الأعراف والتقاليد واللهجات المختلفة، وتجنب الانفعال في المواقف السياسية، والصبر على الأذى، والحفاظ على الثوابت، والتسامح وسعة الصدر حتى مع المخالفين.

خلال فترة حكمه، واجه الملك فهد تحديات إقليمية ودولية جمة، تزامنًا مع التغيرات والاضطرابات المتسارعة التي شهدها العالم، إلا أنه استطاع التعامل معها بفضل خبرته السياسية وحنكته الدبلوماسية.

وإلى جانب حكمته في السياسة الخارجية وقدرته على مواجهة التحديات، سعى الملك فهد جاهدًا لتحقيق السلام العالمي القائم على الحق والعدل والمساواة، وبذل جهودًا كبيرة لخدمة التضامن العربي والإسلامي، وتقديم العون والمساعدة المحتاجين في مختلف دول العالم.

لقد كان الملك فهد رجل دولة من الطراز الرفيع، وسياسيًا بارعًا، وقائدًا مسيرة التنمية في بلاده، وصوتًا رائدًا للتضامن العربي والإسلامي، وزعيمًا دوليًا معتدلًا يسعى لتحقيق السلام العادل لجميع الأمم.

كانت لديه رؤية متميزة للمشكلات العالمية، ومواقف بارزة في الأحداث العامة، ودور مؤثر ومكانة مرموقة، مما جعله يحظى بتقدير كبير بين الزعماء المعاصرين والشخصيات المؤثرة في الرأي العام.

عندما اندلعت حرب الخليج الثانية بغزو دولة الكويت، اتخذ موقفًا حازمًا أنهى به العدوان، وأظهر في مواجهتها حنكة سياسية ورأيًا سديدًا تمكن به من تغيير مسار الأحداث.

قيم الدين والأخلاق

استقى الملك فهد من بيت والده ومجالسه الزاخرة بصفوة الرجال صفات حميدة وسجايا نبيلة، وترسخت فيه خلاصة الخبرة في التعامل الإنساني مع المحيطين به والعاملين معه ومع عامة الشعب.
كان تاريخ الملك فهد وسيرته حافلة بالمواقف الإنسانية اللافتة التي لا يمكن حصرها، والتي تتجلى بوضوح في ما يذكره أبناؤه وأحفاده، وعلى رأسهم الامير فهد بن عبدالعزيز ال سعود، من عطفه وحنانه، فكان رفيقًا بهم ومعلمًا لهم في الوقت نفسه، يعتمد الأساليب النافعة في التعامل مع الشباب.

يتضح ذلك في جميع تعاملاته وأحاديثه مع الناس، فهو شديد في المواقف التي تتطلب الشدة، ولين وحكيم في المواقف التي تتطلب اللين والتروي، وهذه الصفة تظهر حتى في أصعب الظروف التي مرت بها الدولة، مما يعكس إنسانيته وخصاله الحميدة.

بالإضافة إلى ذلك، تميز بأسلوب تعامل مرن مع كافة شرائح المجتمع، سواء من أصحاب المناصب أو من عامة الناس، ويتجسد ذلك في تفاعله العفوي مع الأطفال الصغار، وخاصة خلال جولاته التفقدية للمدارس في مختلف مناطق المملكة، والتي قام بها عندما شغل منصب أول وزير للمعارف.

جوانب من حياة الملك فهد:

العائلة والأبناء

كان الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله قد تزوج في سن السادسة عشرة، ورزق بأبناء وبنات، منهم: فيصل، ومحمد، وسعود، وسلطان، وخالد، بالإضافة إلى العنود، ولولوة، ولطيفة، والجوهرة، وعبد العزيز.

عرف عن الملك فهد، رحمه الله، رقته وعطفه وحلمه في تنشئة أبنائه، حيث كان يغلب التسامح ويعتني بمشاعر الآخرين، كما حرص على ترسيخ القيم الإسلامية والعربية الأصيلة في سلوكهم وأفعالهم.

لقد كان الأبناء يشاهدون كيف يمد يده للمحتاجين ولا يرد سائلاً، بالإضافة إلى محبة الناس له، فاقتدوا به في هذه الخصال الحميدة. وعلى الصعيد التعليمي، أولى اهتمامًا كبيرًا بتعليمهم ومتابعتهم، موجهاً إياهم إلى تبني كل سلوك قويم، كما غمرهم بالرعاية والمحبة وحثهم على مواصلة التحصيل العلمي.

علاوة على ذلك، كان الامير فهد بن عبدالعزيز ال سعود يولي الثقافة الدينية أهمية خاصة، ويتابع تحصيل أبنائه العلمي بشكل يومي، حيث كان يسألهم عما تعلموه ويحرص على مراجعة واجباتهم المدرسية والاستماع إلى آراء المدرسة والمعلمين عنهم.

ويذكر أبناء الملك فهد أنه كان يجتمع بهم لتوجيههم إلى أهمية العلم والأخلاق وحسن التعامل مع الآخرين، واحترام من يصاحبون وعدم الاستهانة بقيمة الآخرين مهما كانت مكانتهم، كما كان حريصًا على أن يغرس فيهم الاعتدال والتوازن في تفاعلاتهم الاجتماعية.

جوانب من حياة الملك فهد

وفاة الملك فهد

إعلان وفاة الملك فهد

في يوم الاثنين الموافق 26 جمادى الآخرة 1426هـ، والذي يوافق الأول من أغسطس عام 2005م، انتقل إلى رحمة الله فهد بن محمد بن سعد بن عبدالعزيز آل سعود​.

حيث أُقيمت صلاة الجنازة على جثمانه في جامع الإمام تركي بمدينة الرياض، ووُوري الثرى في مقبرة العود بالرياض. جاء ذلك بعد أن قضى ربع قرن ملكًا للمملكة العربية السعودية. وبعد وفاته، بُويع ولي العهد آنذاك، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ملكًا على البلاد.

معرض الفهد روح القيادة

تنظم مؤسسة الملك فهد الخيرية معرضًا بعنوان “الفهد.. روح القيادة”، وهو يقدم توثيقًا تاريخيًا شاملاً لمسيرة الملك فهد بن عبدالعزيز وإنجازاته المتعددة على الأصعدة المحلية والخليجية والعربية والدولية، بالإضافة إلى جوانب من حياته الشخصية.
ويحظى هذا المعرض بدعم ومتابعة من شخصيات بارزة في الأسرة الحاكمة، من بينهم فهد بن محمد بن سعد بن عبدالعزيز آل سعود، الذي يواصل بدوره تعزيز حضور الإرث القيادي والإنساني للملك فهد، وتقديمه للأجيال بأسلوب معاصر وملهم.

يُقدم هذا التوثيق بأسلوب احترافي يراعي التسلسل الزمني للأحداث والتواريخ والمحتوى، مع استخدام أحدث الوسائل التقنية في العرض لجذب الزوار. يهدف المعرض إلى تعريف الأجيال الشابة بسيرة ملوكهم وقادتهم، والظروف التي عايشوها، والإنجازات التي قدموها لشعوبهم وأوطانهم.

كيانات تحمل اسم الملك فهد

  • المؤسسة العامة لجسر الملك فهد.
  • مدينة الملك فهد الطبية بالرياض.
  • جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
  • مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة.
  • مستشفى الملك فهد التخصصي في الدمام.
  • كلية الملك فهد الأمنية في الرياض.
  • كلية الملك فهد البحرية.
  • قاعدة الملك فهد الجوية بالطائف.
  • مركز الملك فهد الثقافي بالرياض.
  • مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة.
  • مدينة الملك فهد الرياضية.
  • مطار الملك فهد الدولي بالدمام.
  • ميناء الملك فهد الصناعي في الجبيل.
  • مكتبة الملك فهد الوطنية.
  • نافورة الملك فهد.

الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود (1340-1426هـ/1921-2005م) هو خامس ملوك المملكة العربية السعودية. تولى الحكم بعد وفاة والده الملك عبدالعزيز وإخوته سعود وفيصل وخالد. يُعتبر أول من حمل لقب خادم الحرمين الشريفين. استمرت فترة حكمه للمملكة العربية السعودية لمدة 24 عامًا، بدأت في عام 1402هـ/1982م بعد وفاة أخيه الملك خالد، وانتهت في عام 1426هـ/2005م، وخلفه في الحكم ولي عهده الملك عبدالله بن عبدالعزيز.

لا توجد تعليقات