عبدالعزيز آل سعود: مؤسس المملكة العربية السعودية وموحدها
عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود (1293هـ/1877م – 1373هـ/1953م)، هو الشخصية المحورية في تأسيس وتوحيد المملكة العربية السعودية، وأول ملوكها. عُرف بألقاب عدة منها السلطان، وابن سعود، والمؤسس، وكنيته أبو تركي. هو ابن الإمام عبدالرحمن بن فيصل، آخر أئمة الدولة السعودية الثانية، والتاسع في سلسلة حكام آل سعود. تولى مقاليد الحكم في شبابه، وقضى 54 عامًا في الحكم، مما جعله صاحب أطول فترة حكم في تاريخ الدولة السعودية.
نسب الملك عبدالعزيز
يعود نسب الملك عبدالعزيز إلى: عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع المريدي من بني حنيفة من بكر بن وائل من ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.
والده هو الإمام عبدالرحمن، الابن الرابع للإمام فيصل بن تركي، أحد أئمة الدولة السعودية الثانية التي حكمت بين عامي (1240هـ/1824م – 1309هـ/1891م). والدته هي الأميرة سارة بنت أحمد السديري، التي ولدت ونشأت في الأحساء، حيث كان والدها واليًا عليها من قبل الإمام فيصل بن تركي. كان للملك عبدالعزيز ثمانية إخوة، هم: محمد، سعود، عبدالله، أحمد، مساعد، سعد (الثاني)، عبدالمحسن. وله أخ شقيق اسمه سعد استشهد في معركة كنزان.
جذور آل سعود وتأسيس الدولة السعودية
تعود جذور الملك عبدالعزيز إلى الأسرة الحاكمة التي أسست وحكمت الدولتين السعوديتين الأولى والثانية على مدى ثلاثة قرون. يعود استقرار أسرة آل سعود في الدرعية إلى منتصف القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي)، عندما انتقل الأمير مانع المريدي، الجد الثاني عشر للملك عبدالعزيز، مع أفراد عشيرته من شرقي الجزيرة العربية إلى وسطها. اتخذوا وادي حنيفة في إقليم اليمامة مقرًا لهم، وأسس الأمير مانع مدينة الدرعية على ضفافه، نسبة إلى اسم العشيرة الدروع. تُعتبر الدرعية النواة التي انطلقت منها الدولة السعودية الأولى، على يد الإمام محمد بن سعود في منتصف عام 1139هـ/22 فبراير 1727م، الذي جعلها عاصمة لدولته الحديثة.
مولد الملك عبدالعزيز ونشأته
وُلد الملك عبدالعزيز في 19 ذي الحجة 1293هـ/4 يناير 1877م، في مدينة الرياض، عاصمة الدولة السعودية الثانية. تربى في كنف والده الإمام عبدالرحمن بن فيصل، ووالدته الأميرة سارة السديري. تعلم القراءة والكتابة والقرآن الكريم في سن السابعة، وفي سن العاشرة درس العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية، بالإضافة إلى تعلم ركوب الخيل ومهارات الفروسية.
عاصر الملك عبدالعزيز في شبابه فترة اضطرابات داخلية على الحكم، وشارك في المفاوضات التي تمت خلال حكم والده الإمام عبدالرحمن الفيصل قبل أن يبلغ الـ 15 من عمره.
حياة الملك عبدالعزيز بعد سقوط الدولة السعودية الثانية
بعد انتهاء الدولة السعودية الثانية في 1309هـ/1891م، غادر الملك عبدالعزيز الرياض في عمر الـ 16، وتنقّل مع والده وأسرته في الصحراء بين قطر والبحرين والأحساء، بين باديتي آل مرة والعجمان. كان والده الإمام عبدالرحمن يعتمد عليه في مراسلاته السياسية، وأرسله إلى الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، أمير البحرين آنذاك، لطلب الإذن بإقامة النساء من عائلته في البحرين، خوفًا عليهن من تبعات اضطراب الأمن في البادية، فوافق الشيخ عيسى.
انتقل الإمام عبدالرحمن إلى قطر وأقام فيها نحو أربعة أشهر، ثم انتقل مع أسرته إلى الكويت في مطلع عام 1311هـ/1893م. أراد الإمام من تنقلاته هذه أن يكون قريبًا من الرياض ومطلعًا على أحوالها، ومستعدًا للعودة إليها. اكتسب الملك عبدالعزيز خبرة واسعة في الصحراء من خلال التنقل والأحداث المتتالية، وازدادت معرفته بطباع البادية وجغرافية المنطقة، والأوضاع الإدارية للأقاليم المحيطة.
حياة الملك عبدالعزيز في الكويت
استقرت أسرة الإمام عبدالرحمن في الكويت منذ عام 1311هـ/1893م، وعاش الملك عبدالعزيز فيها فترة استمرت تسعة أعوام. بقي على اطلاع بالتطورات السياسية والأحوال العامة في نجد عن طريق التجار والعلماء النجديين القادمين إلى الكويت، يتحيّن الفرصة المناسبة للعودة إلى الرياض واستعادة حكم الدولة السعودية. في عمر 19 تزوج فتاة من البادية، لكنها توفيت بعد ستة أشهر، وتزوج بعدها وضحاء بنت محمد بن برغش من آل عريعر، وأنجب منها ابنه البكر تركي، ثم سعود ثاني ملوك المملكة العربية السعودية، ثم منيرة.
شهد الملك عبدالعزيز خلال إقامته في الكويت عديدًا من الأحداث المحلية والعالمية التي أثرت خبرته السياسية، واطلع على مجريات الأمور السياسية التي كانت تحدث في الكويت، واستفاد من خبرة والده وتوجيهاته، وتشجيع أخته الكبرى نورة وتحفيزها له على استعادة الرياض. كان يقدّرها كثيرًا، ويفتخر بها وينتخي دائمًا باسمها “أخو نورة”. كل هذا أسهم في تكوين شخصيته القيادية، التي وظّفها فيما بعد في التخطيط والتجهيز لاستعادة الرياض، وتوحيد أجزاء البلاد وبناء الدولة.
المهام الأولى في حياة الملك عبدالعزيز
كان أول عمل عسكري للملك عبدالعزيز المشاركة مع والده الإمام عبدالرحمن والشيخ مبارك الصباح لمواجهة ابن رشيد في معركة الصريف في 26 ذي القعدة 1318هـ/17 مارس 1901م، بعد أن تلقى والده رسالة من أنصاره في نجد يعبّرون فيها عن ولائهم له واستعدادهم لمساندته. واجه الجيش رجال ابن رشيد في موقع بين الطرفية والصريف في منطقة القصيم، ودام القتال بين الطرفين طيلة ذلك النهار.
قبل الوصول إلى الصريف، انفرد الملك عبدالعزيز في موقع يُسمى غدير الشوكي بقوة قُدّرت بـ 1000 مقاتل، متجهًا بها نحو الرياض في خطة لاستعادة حكم الدولة. قطع المسافة بين الشوكي والرياض في يومين، وواجه حامية ابن رشيد وقاتلهم حتى تراجعوا وتحصّنوا داخل قصر المصمك، ثم حاصرهم 40 يومًا حتى اضطر إلى فك الحصار ومغادرة الرياض، بعد أن وصلته أخبار أن معركة الصريف لم تنته وفق ما خُطط لها.
مرحلة استعادة الرياض
التخطيط لاستعادة الرياض
بدأت أحداث استعادة الرياض منذ عودة الإمام عبدالرحمن من معركة الصريف، حيث بقي الملك عبدالعزيز يلحّ على والده بإعادة المحاولة والتحرك نحو الرياض، وسعى جاهدًا لإقناعه، وإقناع والدته أن تكون وسيطًا بينه وبين والده. تذكر المصادر نقلًا عن الملك عبدالعزيز إصراره وعزمه على الأمر.
وافق الإمام عبدالرحمن على خروج ابنه، وأمدّه بعتاد بسيط تمثّل في 40 ذلولًا، و30 بندقية، و200 ريال (العملة المستخدمة آنذاك). جمع الملك عبدالعزيز رجاله من أسرته وأتباعه المقربين وعددهم 40 رجلًا، وخرج من الكويت في ربيع الآخر 1319هـ/يوليو 1901م، أي بعد خمسة أشهر من محاولته الأولى في معركة الصريف.
الطريق إلى الرياض
سار الملك عبدالعزيز من الكويت قاصدًا العُيينة شمالي الأحساء، وأغار في أثناء مسيرته على عدد من القبائل الموالية لابن رشيد، وحقق انتصارات متتالية في معاركه، بهدف جمع الرجال حوله وإعلان قوته تمهيدًا لد
