الأرطى: جوهرة الصحراء ودوره في التوازن البيئي
شجرة الأرطى، أو العبل كما تعرف أيضًا، واسمها العلمي Calligonum Comosum، هي نبتة صحراوية معمرة ذات قيمة رعوية كبيرة. تعتبر الأرطى من الدعائم الأساسية للغطاء النباتي في صحاري المملكة العربية السعودية، حيث تسهم في تحقيق التوازن البيئي في مناطق الكثبان الرملية.
خصائص شجرة الأرطى
تتميز شجرة الأرطى بأغصانها دائمة الخضرة والقاسية والمتدلية، ولها جذور طويلة وعميقة تساعدها في الوصول إلى المياه الجوفية. هذه الجذور تلعب دورًا حيويًا في تثبيت الكثبان الرملية المحيطة بها، بينما تنمو السيقان بشكل متجمع حول الرمال. تتحمل الأرطى الظروف المناخية القاسية، ويصل ارتفاعها إلى حوالي ثلاثة أمتار.
أهمية شجرة الأرطى واستخداماتها المتعددة
تعتبر شجرة الأرطى ذات أهمية كبيرة في رعي الإبل، كما أنها تستخدم في الطب الشعبي. تتكاثر هذه الشجرة بالبذور أو العُقل، ونموها المستقيم يساهم في تحسين المواقع. مع تقدمها في العمر، تنتشر وتصبح غير منتظمة الشكل. تستخدم الأرطى كسياج في المساحات الواسعة وكحواجز للحد من التصحر.
انتشار شجرة الأرطى في السعودية
تنتشر شجرة الأرطى في مواقع الكثبان الرملية في المناطق الوسطى والشمالية والشرقية من المملكة العربية السعودية. تنمو الأرطى في البيئات المنبسطة والأودية، وتزرع حول المزارع لصد الرياح. تعتبر من الشجيرات سريعة النمو في الكثبان الرملية والتربة الحصوية والصخرية، حيث لا تحتاج إلى الكثير من الماء وتتحمل المناخ الحار القاسي. لطالما ارتبط ذكر شجر الأرطى في الثقافة العربية بذكر الظباء والوضيحي، حيث تعيش بالقرب منها وتشرب من عروقها الغنية بالعصارة، وفي الشتاء تجد فيها الدفء والمأوى.
استعمالات شجرة الأرطى المتنوعة
تتزين شجرة الأرطى بأزهار بيضاء مصفرة وحمراء تظهر في فصل الربيع، وهي صالحة للأكل ولها رائحة زكية. أفرعها أسطوانية وأوراقها صغيرة، أما ثمارها فهي بيضاوية صفراء أو حمراء مغطاة بشعيرات، وتتميز بمقاومتها للملوحة العالية.
تعتبر شجرة الأرطى من الأشجار الصحراوية المتفرعة، وساقها أخضر غامق اللون، وتنمو على الكثبان الرملية، وتستخدم أخشابها كحطب للوقود. كما أن لشجر الأرطى استعمالات عديدة، منها دباغة الجلود، حيث تضفي نكهة مميزة على الماء أو اللبن. تستخدم أيضًا كملون صبغي، ولها فوائد طبية متعددة. يستخلص من شجرة الأرطى الدبس الذي يقدم على الموائد مع السمن والخبز، أو مع زيت الزيتون، وقد يستخدم كمحلي طبيعي للطعام كبديل عن السكريات، ويستخدم في الأكلات الشعبية الجنوبية، مثل العريكة.
تزيين الحدائق والمداخل بشجرة الأرطى
أدرجت وزارة البيئة والمياه والزراعة شجر الأرطى ضمن قائمة أهم النباتات المحلية المناسبة لتشجير الحدائق والشوارع والأفنية والساحات ومداخل المدن. تشمل هذه القائمة خمس مجموعات نباتية تتضمن الأشجار والشجيرات والنباتات متوسطة الارتفاع والمتسلقات (النباتات التي تتسلق على الجدران أو الأشجار أو الصخور) والنباتات العطرية، بالإضافة إلى الأبصال والدرنات. تصنف الأرطى ضمن مجموعة الشجيرات والنباتات المتوسطة الارتفاع.
جهود إكثار أشجار الأرطى في المملكة
تبذل المملكة العربية السعودية جهودًا كبيرة لحماية شجر الأرطى واستزراعه. نجحت محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية في استكثار شجر الأرطى، بعد جهود مكثفة لمكافحة الرعي الجائر والاحتطاب. في عام 1444هـ/2022م، زرعت هيئة تطوير محمية الملك عبدالعزيز الملكية، بالشراكة مع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، مليون شجرة برية في روضة الخفس الواقعة جنوب المحمية، وكان من بينها أشجار الأرطى. كما زرع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي مليون شجرة برية في متنزه القصيم الوطني، وشملت هذه الأشجار الأرطى.
وفي إطار المشروع الكشفي الوطني لنظافة البيئة وحمايتها، نفذ مكتب رابطة رواد الحركة الكشفية بمحافظة الزلفي مهرجان الأرطى، الذي تضمن عدة مراحل. قام الكشافة بغرس شجر الأرطى ونثر البذور الرعوية، بمشاركة من إدارة التعليم في محافظة الزلفي. انطلقت المرحلة الأولى لمهرجان الأرطى في الزلفي عام 2017م، في متنزه السعيدانية بنفود الثويرات، حيث زرع رواد الكشافة المئات من شتلات شجر الأرطى.
وفي النهايه :
تعتبر شجرة الأرطى كنزًا طبيعيًا في صحاري المملكة العربية السعودية، فهي ليست مجرد نبات صحراوي، بل هي جزء لا يتجزأ من التراث البيئي والثقافي للمنطقة. بفضل جهود الحماية والاستزراع المستمرة، يمكننا أن نأمل في رؤية المزيد من أشجار الأرطى تزين صحارينا وتساهم في تحقيق التوازن البيئي للأجيال القادمة، ولكن يبقى السؤال: كيف يمكننا تعزيز هذه الجهود لضمان استدامة هذا المورد الطبيعي الثمين؟
