هل تساءلت يومًا عن شخصية جمعت بين استكشاف الفضاء وحماية التراث الوطني؟ الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، أول رائد فضاء عربي مسلم، ليس مجرد مستكشف للفضاء، بل هو رمز للإلهام والريادة في المملكة العربية السعودية. يمثل الأمير سلطان مزيجًا فريدًا من الطموح العلمي والالتزام الثقافي، حيث ترك بصمة واضحة في مجالات متعددة، بدءًا من الفضاء وصولًا إلى الحفاظ على التراث العمراني. حياته تعكس رؤية متكاملة تجمع بين التقدم العلمي والاعتزاز بالجذور الثقافية، مما يجعله شخصية استثنائية في تاريخ المملكة.
سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز
صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، الذي وُلد في عام 1375هـ الموافق 1956م، يُعد شخصية بارزة في تاريخ المملكة العربية السعودية. فهو حفيد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، والنجل الثاني لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، مما يجعله جزءًا من النخبة الحاكمة التي ساهمت في تشكيل وتطوير المملكة.
يشغل الأمير سلطان بن سلمان حاليًا منصب مستشار للملك، وهو منصب يعكس ثقة القيادة السعودية في خبرته ورؤيته. بالإضافة إلى ذلك، يترأس مجلس أمناء مؤسسة الملك سلمان غير الربحية، وهي مؤسسة خيرية تهدف إلى دعم المشاريع الإنسانية والتنموية داخل المملكة وخارجها.
كما شغل سابقًا منصب رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للفضاء (التي تعرف حاليًا بوكالة الفضاء السعودية)، مما يبرز دوره الرائد في تطوير قطاع الفضاء في المملكة. يُعتبر الأمير سلطان بن سلمان أول رائد فضاء عربي مسلم، وهي محطة تاريخية تعكس طموح المملكة في استكشاف الفضاء والمساهمة في الجهود العلمية العالمية.
شارك في مهمة فضائية على متن المكوك الفضائي “ديسكفري” عام 1985، حيث قام بإجراء تجارب علمية وتقنية في الفضاء، مما جعله رمزًا للإلهام والتقدم في العالم العربي والإسلامي. الأمير سلطان بن سلمان هو رمز للريادة والإلهام.
حيث جمع بين النسب الملكي والطموح العلمي.مما جعله شخصية مؤثرة في تاريخ المملكة العربية السعودية. تظل إنجازاته في مجال الفضاء والعمل الخيري والتنموي مصدر فخر واعتزاز للأجيال القادمة.
حياة الأمير سلطان بن سلمان
الأمير سلطان بن سلمان، رائد الفضاء السعودي، تلقى تعليمه الأساسي في الرياض، حيث نشأ وترعرع. تميزت فترة تعليمه بالاجتهاد والتفوق، مما مهد له الطريق نحو تحقيق إنجازات كبيرة في المستقبل. بعد إتمام تعليمه في المملكة، واصل الأمير سلطان مسيرته الأكاديمية في الولايات المتحدة الأمريكية.
حصل الأمير سلطان بن سلمان على درجة الماجستير في العلوم الاجتماعية والسياسية من كلية ماكسويل للمواطنة والشؤون العامة التابعة لجامعة سيراكيوز المرموقة في الولايات المتحدة. كان ذلك في عام 1420هـ، الموافق لعام 1999م. تخصص الأمير سلطان في دراسة القضايا الاجتماعية والسياسية، مما أثرى معرفته وفهمه للتحديات العالمية والإقليمية.
تعتبر درجة الماجستير في العلوم الاجتماعية والسياسية من الشهادات الهامة التي تساهم في تطوير القدرات التحليلية والقيادية. من خلال دراسته، اكتسب الأمير سلطان الأدوات اللازمة لفهم السياسات العامة وتأثيرها على المجتمعات، بالإضافة إلى تطوير مهارات البحث والتحليل التي ساهمت في مسيرته المهنية اللاحقة. هذا التخصص ساهم بشكل كبير في تعزيز رؤيته وقدرته على اتخاذ القرارات الاستراتيجية.
تُعد جامعة سيراكيوز من الجامعات العريقة في الولايات المتحدة، وتشتهر كلية ماكسويل التابعة لها ببرامجها المتميزة في العلوم الاجتماعية والإدارة العامة. يرجع تاريخ تأسيس الجامعة إلى عام 1870، وقد تخرج منها العديد من الشخصيات البارزة في مجالات السياسة والأعمال والإدارة. اختيار الأمير سلطان لهذه الجامعة يعكس حرصه على الحصول على تعليم عالي الجودة من مؤسسة أكاديمية مرموقة.
الحياة العملية للأمير سلطان بن سلمان
بدأ الأمير سلطان بن سلمان مسيرته كطيار في عام 1976م (1396هـ)، حيث يمتلك خبرة تتجاوز ثمانية آلاف ساعة طيران على أنواع مختلفة من الطائرات. وقد حصل على شهادات طيران النقل الجوي من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية وفرنسا في عام 1982م (1402هـ). في عام 1983م (1403هـ)، عمل باحثًا في إدارة الإعلام الخارجي بوزارة الإعلام.
وشغل منصب نائب رئيس اللجنة الإعلامية في دورة الألعاب الأولمبية في لوس أنجلوس، ثم مديرًا لإدارة الإعلام في الوزارة عام 1984م (1404هـ). في 17 يونيو 1985م (29 رمضان 1405هـ)، تم اختياره لتمثيل الوكالة العربية للأقمار الصناعية (عرب سات) كأخصائي حمولة على متن مكوك الفضاء ديسكفري 51G STS.
بعد ذلك، انضم إلى القوات الجوية الملكية السعودية كطيار حربي، وتقاعد برتبة عقيد في عام 1996م (1416هـ). في عام 1988م (1408هـ)، انتُخب رئيسًا لمجلس إدارة جمعية الأطفال ذوي الإعاقة، ورئيسًا للجنة التنفيذية من عام 1989م (1409هـ) إلى عام 2010م (1431هـ). وفي عام 1996م (1417هـ)، عُيّن رئيسًا لمؤسسة التراث الخيرية.
وفي عام 2000م (1421هـ)، تولى منصب الأمين العام للهيئة العليا للسياحة (سابقًا) بمرتبة وزير. كما أسس نادي الطيران السعودي (SAC) في عام 2001م (1422هـ) وتولى رئاسة مجلس إدارته. ومن عام 2005م (1426هـ) حتى عام 2012م (1433هـ)، كان عضوًا في مجلس الإدارة واللجنة التنفيذية في الهيئة العامة للطيران المدني (GACA). بالإضافة إلى ذلك، شغل منصب رئيس مجلس أمناء مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة KSCDR منذ عام 1992م (1412هـ).
مناصب أخرى وتقلدات
بين عامي 2001م (1422هـ) و2002م (1423هـ)، عُيّن رئيسًا للمجلس الاستشاري للهيئة العليا للسياحة، وشغل منصب الأمين العام للفترة التأسيسية بمرتبة وزير من عام 2002م (1423هـ) حتى عام 2008م (1429هـ)، كما ترأس لجنة إعداد الاستراتيجية الوطنية للتنمية السياحية. وفي الفترة من عام 2011م (1432هـ) إلى عام 2018م (1439هـ)، تولى رئاسة مبادرة خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الوطني.
الهيئة السعودية للفضاء
عند إنشاء الهيئة السعودية للفضاء، تم تعيين الأمير سلطان بن سلمان رئيسًا لمجلس إدارتها بمرتبة وزير في 27 ديسمبر 2018م (20 ربيع الآخر 1440هـ). وفي 3 مايو 2021م (21 رمضان 1442هـ)، صدر أمر ملكي بتعيينه مستشارًا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
مؤتمرات ومشاركات الأمير سلطان بن سلمان
الأمير سلطان بن سلمان شخصية بارزة تركت بصمة واضحة في مجالات متعددة، بما في ذلك السياحة، والتراث، والآثار، وقضايا الإعاقة. تجسدت هذه البصمة من خلال مشاركاته الفعّالة في المؤتمرات والملتقيات المتنوعة، سواء داخل المملكة العربية السعودية أو خارجها. خلال مسيرته المهنية، كان للأمير سلطان بن سلمان دور محوري في تنظيم وإدارة العديد من الفعاليات الهامة. تجلى ذلك في توليه رئاسة اللجان التنظيمية لكل من:
- المؤتمر الأول لوزراء السياحة في الدول الإسلامية الذي عقد عام 1424هـ/2003م، والذي يهدف إلى تعزيز التعاون السياحي بين الدول الإسلامية وتطوير استراتيجيات مشتركة للنهوض بهذا القطاع الحيوي.
- المؤتمر الوطني الأول للتراث العمراني الذي أقيم عام 1432هـ/2011م، والذي سلط الضوء على أهمية الحفاظ على التراث المعماري للمملكة وسبل تطويره واستثماره.
- مؤتمر السياحة والآثار في العلا عام 1434هـ/2013م، الذي استعرض الإمكانات السياحية والأثرية الهائلة التي تزخر بها منطقة العلا، وناقش سبل الاستفادة منها في تحقيق التنمية المستدامة.
- ملتقى التراث العمراني الوطني عام 1435هـ/2014م، الذي هدف إلى تعزيز الوعي بأهمية التراث العمراني ودوره في بناء الهوية الوطنية.
- ملتقى آثار المملكة العربية السعودية الأول عام 1438هـ/2017م، الذي جمع نخبة من علماء الآثار والباحثين من مختلف أنحاء العالم لاستعراض أحدث الاكتشافات الأثرية في المملكة ومناقشة سبل حماية هذا الإرث الحضاري.
هذه المشاركات تعكس رؤية الأمير سلطان بن سلمان الثاقبة لأهمية السياحة والتراث والآثار في تعزيز مكانة المملكة على الخريطة العالمية.
لم تقتصر جهود الأمير سلطان بن سلمان على المجالات السياحية والتراثية، بل امتدت لتشمل دعم قضايا الإعاقة والتأهيل. فقد ترأس اللجنة المنظمة للمؤتمر الدولي للإعاقة والتأهيل منذ عام 1412هـ/1992م واستمر ذلك حتى عام 1443هـ/2022م. هذا المؤتمر يعتبر منصة هامة لتبادل الخبرات والمعرفة في مجال رعاية وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة.
عضويات الأمير سلطان بن سلمان
تمحورت إنجازات الأمير سلطان بن سلمان حول قيادة وعضوية العديد من اللجان خلال فترة عمله، حيث ترأس اللجنة التوجيهية الاستراتيجية لتنمية السياحة الوطنية والخطة الخمسية من عام 1421 إلى 1424هـ (2000-2003م)، كما تولى رئاسة اللجنة التوجيهية للاستراتيجية الوطنية للآثار والمتاحف من عام 1427 إلى 1429هـ (2006-2008م).
وقاد اللجنة التوجيهية لتسجيل مواقع التراث في المملكة العربية السعودية في قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) من عام 1429 إلى 1439هـ (2008-2018م). بالإضافة إلى ذلك، كان عضواً في اللجنة العليا لتطوير الطائف من عام 1432 إلى 1439هـ (2011-2018م).
وهو المؤسس والرئيس لكرسي الأمير سلطان بن سلمان لعمارة المساجد في جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل منذ عام 1438هـ (2017م)، وتولى رئاسة اللجنة الإشرافية العليا لسوق عكاظ من عام 1438 إلى 1439هـ (2017-2018م). منذ عام 1432هـ (2011م)، شغل منصب رئيس مجلس أمناء واحة الملك سلمان للعلوم.
وتولى رئاسة مجلس أمناء جائزة عبداللطيف الفوزان لعمارة المساجد عام 1434هـ (2013م)، كما كان الرئيس الفخري للمؤسسة الخيرية للعناية بمساجد الطرق منذ عام 1438هـ (2017م). أيضاً، كان عضواً في اللجنة العليا لتطوير الدرعية التاريخية من عام 1426 إلى 1438هـ (2005-2017م)، وعضواً في الهيئة التأسيسية لمركز تاريخ مكة المكرمة والمدينة المنورة التابع لدارة الملك عبدالعزيز من عام 1429 إلى 1439هـ (2008-2018م).
وعضواً في مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز من عام 1433 إلى 1439هـ (2012-2018م)، بالإضافة إلى رئاسة مجلس المسؤولية الاجتماعية في الغرفة التجارية بالرياض من عام 1429 إلى 1431هـ (2008-2010م)، وعضوية مجلس الأمناء ورئاسة اللجنة التنفيذية لمؤسسة الأميرة حصة السديري الخيرية عام 1432هـ (2011م).
الأوسمة والتكريمات للأمير سلطان بن سلمان
تم تكريم الأمير سلطان بن سلمان ومنحه العديد من الأوسمة اعترافًا بجهوده وإسهاماته القيمة في ميادين متنوعة، وأعماله الخيرية الواسعة التي تركت بصمةً مؤثرة في المجتمع. وتشمل هذه التكريمات تقلد سموه وشاح الملك عبدالعزيز عام 1405هـ الموافق 1985م، والذي تفضل بتقديمه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود.
تقديرًا لدوره البارز في خدمة الوطن. وفي العام نفسه، حصل سموه على نوط رحلة الفضاء من وكالة ناسا، تجسيدًا لإنجازه التاريخي كأول رائد فضاء عربي مسلم. وفي عام 1431هـ الموافق 2010م، نال جائزة الشيخ فهد الأحمد الصباح الدولية للعمل الخيري، تقديرًا لجهوده الإنسانية وإسهاماته في دعم المحتاجين.
وفي عام 1435هـ الموافق 2014م، قُلّد ميدالية الملك ليوبولد بأمر من الملك فيليب ملك بلجيكا، وذلك تقديرًا لإسهامه البارز في توطيد العلاقات السعودية البلجيكية في مجال الآثار، مما يعكس اهتمامه بالحفاظ على التراث وتعزيز التبادل الثقافي بين البلدين.
وفي عام 1437هـ الموافق 2016م، حاز على جائزة شخصية العام الخليجية للعمل الإنساني في مجال الإعاقة المقدمة من دول مجلس التعاون الخليجي، تقديرًا لجهوده المتميزة في دعم وتمكين ذوي الإعاقة. بالإضافة إلى ذلك، حصل على جائزة الريادة العربية في رعاية المعوقين من اتحاد المستشفيات العربية في العام ذاته، مما يؤكد تفانيه في تحسين حياة هذه الفئة الهامة من المجتمع.
كما حصل الأمير سلطان بن سلمان على التكريم العالمي الأول من منظمة السياحة العالمية (UNWTO) عام 1438هـ الموافق 2017م، وذلك لدعمه الفعال وتنميته للحركة السياحية، وتغيير وتطوير نظرة المجتمع للسياحة والتراث، وتعزيز جهود وبرامج منظمة السياحة العالمية في مدينة تشنجدو بالصين. هذا التكريم يعكس رؤيته الثاقبة في أهمية السياحة كمحرك للتنمية المستدامة وكأداة لتعزيز التفاهم الثقافي بين الشعوب.