الملك سعود: مسيرة مؤسس وباني في تاريخ المملكة العربية السعودية
الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود (1902-1969م)، ثاني ملوك المملكة العربية السعودية وأول من حمل لقب ولي العهد، تولى الحكم خلفًا للملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود. ولد في الكويت وتوفي في أثينا، اليونان، حيث كان يقيم. نُقل جثمانه إلى مكة المكرمة، حيث صُلي عليه في المسجد الحرام، ثم دُفن في مقبرة العود بالرياض.
امتدت فترة حكمه للمملكة العربية السعودية لمدة 11 عامًا، بدأت في 9 نوفمبر 1953م عقب وفاة والده، وانتهت في 2 نوفمبر 1964م، عندما بايعت العائلة المالكة أخاه وولي عهده، فيصل بن عبدالعزيز، ملكًا على البلاد بعد تنازله عن الحكم.
نشأة الملك سعود بن عبدالعزيز
نسبه الشريف
يعود نسب الملك سعود إلى: سعود بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع المريدي من بني حنيفة من بكر بن وائل من ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.
وهو الابن الثاني للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ووالدته هي وضحى بنت محمد آل عريعر.
مولده ونشأته
وُلد الملك سعود في 15 يناير 1902م، في فترة استعادة والده الرياض. قضى طفولته المبكرة مع والديه وإخوته وجدّه الإمام عبدالرحمن بن فيصل وجدّته سارة بنت أحمد السديري، حيث كان لقرب سعود وأخيه الأكبر تركي من أجدادهما تأثير كبير في تربيتهما.
بعد استعادة الرياض، دعا الملك عبدالعزيز عائلته للحضور. عادت زوجته وضحى وأولادها مع الإمام عبدالرحمن، بينما قدمت بقية النساء بعد معركة الدلم عام 1903م. في سن الخامسة، عهد به والده إلى الشيخ عبدالرحمن بن ناصر بن مفيريج، أحد كبار قراء القرآن الكريم، للدراسة في مدرسة المفيريج، أكبر مدرسة لتحفيظ القرآن في الرياض، حيث أتم حفظ القرآن في سن الحادية عشرة.
شبابه
كان الملك المؤسس يصطحب الملك سعود إلى مجالسه ومجالس جدّه الإمام عبدالرحمن مع أخيه تركي. اكتسب الملك سعود ثقة والده من خلال توليه مهام عسكرية وسياسية وإدارية بشكل مستقل. فوّضه الملك عبدالعزيز بمهام تزيد من خبرته السياسية الخارجية، بعد أن تلقى تعليمه في العلوم السياسية والدبلوماسية على يدي الملك عبدالعزيز ومستشاريه.
كان الملك سعود ملازمًا لوالده في طفولته وشبابه، وكانت تربطهما صداقة قوية. كما أن قربه من جده أكسبه عادات وتقاليد القبائل والبادية. أتقن الرماية والقنص والفروسية، وكان يميل إلى حياة البادية منذ صغره. رافق والده في الغزوات، وشهد فنون المعارك والتخطيط لها، ليصبح من كبار أعوان والده الملك عبدالعزيز.
صفاته الشخصية
تذكر المصادر أن الملك سعود كان أشبه الناس بوالده، بطول قامته التي بلغت مترين وأربعة سنتيمترات. كان يشبه والده في بنيته القوية، وبسمته، وهيبته، واستقامته، وشهامته، وكرمه، وحبه للصدق. كان لصوته الجهوري تأثير كبير في المعارك، وكان يحفظ الكثير من القصائد والأهازيج الحربية. كان يميل إلى العفو، لكنه كان حازمًا وشديدًا في المواقف التي تتطلب ذلك، وكان قليل الكلام، منصتًا لمحدثيه أكثر مما يتكلم.
خصص أوقاتًا لقراءة القرآن ودروس الدين، وأوقاتًا لشؤون الحكم والإدارة. كان يهوى الفروسية والصيد، والعناية بزهور حدائق قصوره، مما أثر إيجابًا في اهتمامه بالجانب الزراعي في المملكة.
المهام السياسية للملك سعود
مسؤولياته المبكرة
في عمر 13 عامًا، عهد الملك عبدالعزيز إلى ابنه الملك سعود بأولى المهام العسكرية، بعد أن رأى فيه الكفاءة لتولي المهام السياسية والحربية. كانت أولى هذه المهام زيارة إلى قطر في مهمة سياسية عام 1915م، ومشاركته مع أخيه الأمير تركي في معركة جراب في العام نفسه. كما رافق والده في معركة أبو ليلى بالقرب من الأحساء، وشارك مع أخيه الأمير تركي في معركة ياطب عام 1917م.
معركة تربة
بعد معركة تربة عام 1918م، والتي كانت ضد قوات الشريف حسين في الحجاز، عيّن الملك عبدالعزيز ابنه سعود قائدًا لجيش مستقل للمرة الأولى. بعد ذلك، ذهب الملك سعود لتأديب المتمردين الموالين لشريف مكة في شرمة، وانتصر عليهم في مناهل الدفينة عام 1919م، ثم لاحقهم للمرة الثانية وأسر عددًا كبيرًا من زعمائهم قبل العودة إلى الرياض.
قيادة القوات في حائل
أرسل الملك عبدالعزيز ابنه سعود على رأس قوة كبيرة إلى جنوب جبل أجا في حائل، ولكنه واجه صعوبة في التقدم بسبب الجفاف. في صيف عام 1921م، عاد الملك عبدالعزيز لمهاجمة حائل، وسلم قيادة إحدى الفرق لابنه سعود الذي حاصر حائل لمدة شهرين. استسلم عبدالله بن متعب الرشيد لقوات الملك سعود، الذي استقبله بالتقدير ورافقه إلى الرياض لتقديمه لوالده.
لاحقًا، عاد أمير حائل محمد بن طلال آل رشيد للتمرّد، فأمر الملك عبدالعزيز ابنه سعود بالعودة إلى حائل، وتمكن من إجبار قوات آل رشيد على التراجع. استسلمت حائل للمرة الثانية للقوات السعودية، وضُمّت إلى الحكم السعودي.
ضم مدن الحجاز
بعد دخول قوات الملك عبدالعزيز إلى مكة المكرمة، ترك ابنه سعود في الرياض لإدارة الحكم تحت إشراف جده الإمام عبدالرحمن. بعد سيطرة الملك عبدالعزيز على جدة، أرسل ابنه سعود مع قوة عسكرية إلى جهات ينبع وأطرافها، وتمكن سعود من ضمّها في 10 يناير 1926م.
الملك سعود رجل الدولة
ولاية العهد
بعد توحيد المملكة، أعلن الملك عبدالعزيز تسمية ابنه سعود وليًا للعهد في 22 سبتمبر 1932م، بعد أن أثبت دوره القيادي في الأحداث. أصدر الملك عبدالعزيز مرسومًا ملكيًا بالموافقة على قرار مجلسي الشورى والوكلاء القاضي بولايته للعهد في 11 مايو 1933م، وبايعه أفراد الأسرة وأعيان مناطق المملكة وشيوخ القبائل.
بقي الملك سعود في ولاية العهد لمدة 20 عامًا، وهي فترة تزامنت مع مرحلة توحيد المملكة وبداية مرحلة جديدة اقتصادية واجتماعية خاصة بظهور النفط.
الزيارات الدبلوماسية
بعد تعيين الأمير سعود وليًا للعهد، شجعه الملك عبدالعزيز على السفر إلى الخارج والتعرف على أحوال الدول الصديقة، وإعداد برنامج لزيارة العديد من الدول بما فيها إيطاليا وفرنسا وإنجلترا وبعض البلدان العربية. زار الأمير سعود العراق بدعوة من الملك غازي، وحقّقت هذه الزيارة نتائج إيجابية في توطيد العلاقات بين البلدين.
زار الأمير سعود البحرين بهدف تحسين العلاقات المتوترة بينها وبين قطر، وأوفده الملك عبدالعزيز إلى بريطانيا لتمثيله في الاحتفالات الخاصة بتتويج الملك جورج السادس.
إدارة شؤون البلاد نيابة عن والده
أصدر الملك عبدالعزيز أمرًا عام 1939م بأن تعرض جميع المراسلات والملفات على الأمير سعود، وفي نفس السنة عُين سعود نائبًا للقائد العام للقوات السعودية. وفي عام 1947م كُلف الأمير سعود بإمارة الحج، وفي عام 1953م افتتحت كلية الشريعة التي كانت نواة لجامعة أم القرى فيما بعد.
القائد العام للقوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي
في 25 أغسطس 1953م، عُين الأمير سعود قائدًا عامًا للقوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي، وتم تحديث الجيش السعودي البر










