حجر إسماعيل: تاريخ وأهمية المعلم الهلالي بجوار الكعبة
حِجْر إسماعيل هو بناء على شكل حائط هلالي مقوَّس، يقع بجوار الكعبة المشرفة من الجهة الشمالية. يتميز بوجود أبواب خشبية قصيرة في الجهتين الشرقية والغربية، والتي تربطه بالكعبة عند إغلاقها. في منتصفه، يوجد ميزاب الكعبة الذي يصب مياه الأمطار. يعتبر الحِجْر الجهة الوحيدة التي ينخفض فيها الشاذروان من جهات الكعبة.
علاقة الحِجْر بالكعبة المشرفة
تتأصل علاقة حجر إسماعيل بالكعبة المشرفة في الروايات التاريخية المتعددة، ويوجد اتفاق بين العلماء والباحثين على أنه جزء لا يتجزأ منها. يحمل الحِجْر عدة أسماء، لكل منها دلالة مختلفة. يبلغ طول الحِجْر حاليًا 8.46 مترًا، وذلك من منتصف جداره الداخلي إلى جدار الكعبة الخارجي الشمالي.
أسماء حِجْر إسماعيل
اتفقت المصادر التاريخية على خمسة أسماء لحِجْر إسماعيل:
- الحِجْر: سُمي بذلك لأنه جزء من الكعبة المشرفة. ياقوت الحموي ذكر أن قريشًا عندما بنت الكعبة، تركت جزءًا من أساس إبراهيم عليه السلام، وحجرت على الموضع ليكون معلومًا أنه من الكعبة.
- جدر: تعود هذه التسمية إلى ما رُوي عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، عندما سأله رجل عن الحطيم، فأجاب بأنه ليس حطيمًا، بل هو الجدر، وأن أهل الجاهلية هم من سموه الحطيم. الجوهري وصفه بأنه ما يحيط بالبيت من جهة الشمال.
- حِجْر إسماعيل: استنادًا إلى الروايات التاريخية التي تؤكد أن النبي إبراهيم عليه السلام جعله مكانًا لإقامة إسماعيل وغنمه، وغطاه بعريش من شجر الأراك الذي يكثر في أودية مكة المكرمة.
- حفرة إسماعيل: كانت هذه الحفرة موجودة قبل رفع قواعد الكعبة المشرفة وبنائها.
- الحطيم: هو الموضع الذي يقع أسفل ميزاب الكعبة. سُمي بهذا الاسم لأنه منفصل عن الكعبة ومُحطَّم عنها، وقيل أيضًا لأن الناس يرفعون أصواتهم بالإيمان فيه.
ترميم حِجْر إسماعيل عبر التاريخ
تعاقب الخلفاء على ترميم وإصلاح الحِجْر عبر العصور حتى وصل إلى صورته الحالية. الخليفة العباسي المهدي بالله أراد إعادته إلى الكعبة، لكن الإمام مالك رفض ذلك، مبررًا بأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف به على حاله دون تغيير أو توجيه بتغييره. قبيلة قريش تركت جزءًا من البنيان عند بناء الكعبة، كما ورد في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن قومك استقصروا من بنيان البيت، ولولا حداثة عهدهم بالشرك، أعدت ما تركوا منه، فإن بدا لقومك من بعدي أن يبنوه فهلمي ما تركوه، فأراها قريبًا من سبعة أذرع».
فرش حِجْر إسماعيل بالرخام
يُعتبر الخليفة أبو جعفر المنصور أول من قام بفرش حِجْر إسماعيل بالرخام في سنة 140هـ/757م. بعد ذلك، أُعيد تعميره من قبل العديد من الأمراء والحكام، حتى وصل إلى شكله الحالي في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود عام 1397هـ/1977م، حيث فُرش بالرخام اليوناني البارد، مثل بقية المطاف، ووُضعت عليه ثلاثة فوانيس جمالية مضيئة.
صيانة حِجْر إسماعيل في العهد السعودي
في إطار أعمال ترميم الكعبة المشرفة التي جرت في عام 1417هـ/1996م في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، تم استبدال الرخام القديم لحِجْر إسماعيل بآخر حديث، بالإضافة إلى صيانة الفوانيس وتجديدها، وإضافة حواجز من الحبال على مداخل الحِجْر لإغلاقه عند الحاجة. آخر تجديد للرخام والفوانيس كان في عام 1436هـ/2014م، بالإضافة إلى الصيانة الدورية التي تقوم بها الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وتشمل ترويب الأرضيات داخل الحِجْر، وجلي أرضيات الرخام، ودهان الجزء الخشبي لباب الحِجْر.
وفي النهايه :
حِجْر إسماعيل يظل معلمًا بارزًا بجوار الكعبة المشرفة، يحمل في طياته تاريخًا عريقًا وأهمية دينية كبيرة. من خلال ترميماته المتواصلة وصيانته الدورية، يظل شاهدًا على اهتمام القيادات المتعاقبة بالحرمين الشريفين. تُرى، كيف ستتطور العناية بهذا المعلم في المستقبل، وما هي التقنيات الحديثة التي ستُستخدم للحفاظ عليه للأجيال القادمة؟







