حماية البيئة في السعودية: رؤية شاملة وجهود مستدامة
حماية البيئة في المملكة العربية السعودية تمثل منظومة متكاملة من الجهود والتدابير التي تتخذها الجهات المعنية للحفاظ على البيئة وتوازنها. وفقًا للنظام العام للبيئة الصادر عام 2001، فإن حماية البيئة تعني المحافظة عليها ومنع تلوثها وتدهورها والحد من هذه الآثار السلبية. وسنت المملكة العديد من الأنظمة والتشريعات لحماية البيئة والحياة الفطرية، بما في ذلك نظام المناطق المحمية للحياة الفطرية، ونظام صيد الحيوانات والطيور البرية، ونظام الاتجار بالكائنات الفطرية المهددة بالانقراض ومنتجاتها، ونظام إدارة النفايات البلدية الصلبة.
وتُعد المملكة صاحبة أكبر مشروع لإعادة الإعمار البيئي في التاريخ، وهو مشروع تعويضات حرب الخليج عام 1991، الذي اختتمته في عام 2013 بتكلفة تجاوزت 1.1 مليار دولار.
مراكز متخصصة للبيئة في السعودية
أنشأت المملكة العربية السعودية خمسة مراكز متخصصة في مجالات البيئة، تم الإعلان عنها في مارس 2019. تشمل هذه المراكز:
- المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر.
- المركز الوطني لإدارة النفايات.
- المركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي.
- المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية.
- المركز الوطني للأرصاد.
تضطلع المملكة بأدوار متعددة في المحافظة على البيئة، من خلال تنفيذ العديد من البرامج والمبادرات البيئية التي ساهمت في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 28 مليون طن سنويًا، وذلك عبر استبدال التقنيات الحرارية والتوسع في استخدام التقنيات الصديقة للبيئة.
مبادرات وبرامج بيئية رائدة
اتسع نطاق الاهتمام ليشمل جميع التفاصيل البيئية في المملكة من خلال المؤسسات والمبادرات والفعاليات المتنوعة. في هذا السياق، تم إطلاق مبادرة برنامج الملك سلمان للتوعية البيئية والتنمية المستدامة في عام 2016، بهدف تعزيز مشاركة المجتمع في توطين التنمية المستدامة في المملكة. كما استضافت المملكة المنتدى والمعرض الدولي للبيئة والتنمية المستدامة الخليجي الخامس في عام 2015.
توطين تقنيات البيئة في السعودية
تعمل المؤسسات البيئية في المملكة على تعزيز التواصل المعرفي مع نظيراتها الدولية بهدف حماية البيئة. يركز المركز الوطني لتقنية البيئة على عقد شراكات استراتيجية لتوطين وتطوير التقنيات البيئية المتقدمة، من خلال العمل على:
- تقنيات رصد جودة الهواء ومتابعته.
- تقنيات الحد من غازات الاحتباس الحراري.
- تقنيات معالجة المياه وإعادة استخدامها.
- تقنيات إزالة الملوثات من المياه الجوفية.
- تقنيات الحد من التصحر.
مؤسسات متخصصة في شؤون البيئة
أنشأت المملكة مؤسسات متخصصة في شؤون البيئة ومجالاتها، ومن بينها معهد الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء. بدأ المعهد عمله تحت اسم مركز دراسات الصحراء عام 1986، ثم تطور ليصبح معهدًا يسعى إلى دعم البحوث العلمية والتطبيقية الإبداعية في مجالات البيئة والمياه والصحراء.
تنوع الحماية البيئية في السعودية
شمل اهتمام المملكة بحماية البيئة الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض من الحيوانات والنباتات والطيور البرية والبحرية. تأسست الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها في عام 1986، انطلاقًا من اعتماد البيئة وحمايتها ضمن النظام الأساسي للحكم.
أدى التوسع في حماية البيئة إلى الإعلان عن 15 منطقة محمية تمثل معظم النظم البيئية في المملكة، وتغطي نحو نصف المساحة المزمع حمايتها وفقًا للمعايير الدولية والمنظومة الوطنية للمناطق المحمية المقترحة.
تكامل الجهود لحماية البيئة
تكاملت جهود الأجهزة الحكومية مع الشركات والمؤسسات الكبرى في المملكة في مجال حماية البيئة عبر عدد من المبادرات، ومنها:
- مبادرة أرامكو السعودية عام 1963: وضعت أول خطة بيئية للحماية من التلوث، تركزت في السيطرة على تلوث المياه الساحلية ومراقبة مياه الشرب والصرف الصحي.
- مبادرة سابك: منذ نشأتها، اختارت أحدث التقنيات الملائمة والمناسبة للتقليل والحد من الآثار السلبية على البيئة في عملياتها.
- برنامج المراقبة البيئية: تنفذه الهيئة الملكية للجبيل وينبع، بهدف مراقبة جودة الهواء والمياه والتخلص من النفايات الصناعية.
مؤسسات حماية البيئة في السعودية
أنشأت المملكة القوات الخاصة للأمن البيئي، تماشيًا مع رؤية السعودية 2030، للتنسيق مع الجهات المعنية الأمنية والبيئية في تفعيل وإنفاذ الأنظمة البيئية.
شمل العمل المؤسسي أيضًا تأسيس الجمعية السعودية للعلوم البيئية بجامعة الملك عبدالعزيز، فيما تعمل جمعية البيئة السعودية على إيجاد برامج تنمية مستدامة، وإثراء العمل التطوعي وتعزيز دور القطاع الخاص لخدمة قضايا البيئة.
مبادرات حماية البيئة
من ضمن الجهود البيئية للمملكة، برزت مبادرات متعددة للمحافظة على الحياة البحرية، منها: مركز أبحاث الثروة السمكية، وكلية علوم البحار بجامعة الملك عبدالعزيز، والجمعية السعودية للاستزراع المائي، ومركز أبحاث الثروة السمكية بجامعة الملك فيصل، ومركز أبحاث البحر الأحمر بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ومبادرة البرنامج الوطني للتوعية البيئية والتنمية المستدامة.
مبادرات دولية رائدة
في إطار دولي، أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عن مبادرة السعودية الخضراء التي تستهدف زراعة 10 مليارات شجرة، ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي تستهدف زراعة 40 مليار شجرة، وهما من مبادرات رؤية المملكة 2030. كما أقرت المملكة في عام 2018 الاستراتيجية الوطنية للبيئة التي تشمل 65 مبادرة بيئية بتكلفة إجمالية تتجاوز 50 مليار ريال.
تنسق المملكة وتتواصل مع المؤسسات الدولية المتخصصة في الشأن البيئي، وفي عام 2021 وقعت مع المنظمة البحرية الدولية في لندن 3 اتفاقيات لدعم مبادرات تهتم بحماية البيئة البحرية وتنميتها. وخلال رئاستها لمجموعة العشرين عام 2020 أطلقت مبادرتين عالميتين للبيئة.
تميز المملكة في المؤشرات البيئية
تميزت المملكة في حماية البيئة محليًّا ودوليًّا، إذ حققت في عام 2021 المرتبة الأولى في مؤشرين من مؤشرات الأداء البيئي، وهما مؤشر عدم فقدان الغطاء الشجري ومؤشر الأرض الرطبة، متفوقة على 180 دولة.
على الصعيد الإقليمي، حصدت المملكة المرتبة الأولى على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما تفوقت على 133 دولة بحصولها على المرتبة الـ34 عالميًا في مؤشر الغابات والأرض والتربة.
الرضا عن الجهود المبذولة
كما حصدت المملكة مرتبة متقدمة في مؤشر الرضا عن الجهود المبذولة للحفاظ على البيئة، محتلة المرتبة الـ13 عالميًا من بين 167 دولة.
استيفاء السعودية متطلبات لجنة الأمم المتحدة للتعويضات
احتفلت السعودية باستيفاء متطلبات لجنة الأمم المتحدة للتعويضات لإدارة برنامج إعادة التأهيل البيئي في عام 2013، وشكرت اللجنة على ما قُدّم من مساعدات أسهمت في إنجاح خطط البرنامج.
بدأت خطة برنامج إعادة التأهيل البيئي بعد حرب الخليج عام 1991، ونتيجة للأضرار غير المسبوقة التي حدثت، تأسست لجنة الأمم المتحدة للتعويض بقرار من مجلس الأمن الدولي، واستمرت في العمل لمدة 20 عامًا.
برنامج إعادة التأهيل البيئي
يعد البرنامج أحد أكبر برامج إعادة الإعمار البيئي على مستوى العالم، إذ قُدّرت قيمته بنحو 1.1 مليار دولار، خُصّصت لمعالجة وتأهيل وإعمار موارد البيئات الحسّاسة الصحراوية والساحلية، وركّزت المملكة عند وضع أسس العمل على تحقيق الاستدامة.
وفي النهايه :
تظهر جهود المملكة العربية السعودية في حماية البيئة التزامًا عميقًا بالاستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية. من خلال التشريعات الصارمة، وإنشاء المراكز المتخصصة، وإطلاق المبادرات الطموحة مثل مبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر، تسعى المملكة إلى تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والبيئية. هل ستستمر هذه الجهود في تحقيق المزيد من التقدم في المستقبل، وهل ستتمكن المملكة من تحقيق أهدافها الطموحة في مجال حماية البيئة على الصعيدين المحلي والدولي؟
