جبل القارة: معلم بارز في الأحساء
جبل القارة، المعروف أيضًا بـ جبل الشبعان، يتربع شامخًا في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية. يبعد حوالي 15 كيلومترًا عن مدينة الهفوف، ويتوسط الواحة الغنّاء في محافظة الأحساء. يرتفع الجبل 210 أمتار فوق سطح البحر، ويُعتبر ثاني أصغر جبال المملكة بعد جبل أبرق الكبريت.
مساحة وتكوين الجبل
تغطي قاعدة جبل القارة مساحة تقارب 14 كيلومترًا مربعًا. يمتد الجبل بطول 1000 متر من الشمال إلى الجنوب، وعرض 800 متر من الشرق إلى الغرب، مما يجعله معلمًا طبيعيًا فريدًا.
أصل تسمية جبل القارة
تتعدد الروايات التاريخية حول تسمية جبل القارة. تشير إحدى الروايات إلى قبيلة جاهلية برعت في الرماية، وعُرفت باسم القارة، نظرًا لمهارة أهلها الفائقة في استخدام السهام. بينما يرى آخرون أن الاسم يعني “جبل صغير منفرد أسود مستدير ملموم طويل في السماء”، وصفًا يعكس طبيعة الجبل وتكوينه.
آراء المؤرخين حول جبل القارة
تذهب بعض كتب التاريخ إلى أن جبل القارة هو نفسه “المُشقّر” الذي ذكره المؤرخون والرحالة القدماء. اختلف المؤرخون في تحديد موقع المُشقّر، فمنهم من قال إنه موضع في الحجاز، وآخرون ذكروا أنه وادٍ في أجأ أحد جبلي طيء، بينما يرى البعض الآخر أنه حصن في البحرين، وهو الرأي الأكثر شيوعًا.
جبل رأس القارة
يذكر البعض أن جبل القارة اكتسب اسمه من التصاقه بتل كبير الحجم، ذي شكل وتكوين غريب، ويضم كهوفًا متفاوتة الأحجام. يعلو هذا التل صخرة كبيرة منحوتة بشكل بديع، تمثل ثلاثة رؤوس: رأس متجه نحو الجنوب يشبه رأس امرأة، ورأس آخر متجه نحو الشمال يشبه رأس رجل، ورأس ثالث بينهما يشبه رأس أسد. يُعرف هذا الجبل حتى اليوم باسم جبل رأس القارة، وهو الذي قصده الجغرافيون العرب في وصفهم.
تاريخ جيولوجي عريق
يعود تكوين جبل القارة إلى ما قبل 2.5 مليون سنة. تحيط بالجبل أربع قرى تاريخية، هي: التويثير والدالوة والتهيمية والقارة، والتي استمد الجبل اسمه منها. يطل الجبل على مساحات واسعة من النخيل والبساتين والقرى، مما يجعله جزءًا لا يتجزأ من المشهد الطبيعي والتاريخي للمنطقة.
الموقع الجيولوجي المتميز
يقع جبل القارة في الخريطة الجيولوجية على الطرف الشرقي لهضبة شدقم، التي تربط بين الكويت والعراق شمالًا والربع الخالي جنوبًا. نتجت شبكة المنحنيات والمغارات الموجودة في الجبل عما يُعرف بالتجوية التحهوائية، حيث يتغير شكل الصخر بسبب الأمطار والأنهار، وليس بسبب المياه الجوفية. أدت هذه العملية إلى تكوين صخور غريبة تشبه الفطر، بالإضافة إلى ممرات ضيقة ومغارات فريدة.
التكوين الصخري والمعالم التاريخية
يتكون جبل القارة من حجر جيري ذي طبقات ملونة، أظهرتها عوامل التعرية. تعلو الجبل تلة صخرية ضخمة، تُعرف باسم المشيقر، والتي تعود إلى عصر ما قبل الإسلام. كانت المشيقر منزلًا لملوك كندة، وقد ذُكرت في أشعار الشاعر امرؤ القيس.
كهوف جبل القارة: عالم من الغموض والجمال
تُعد كهوف ومغارات جبل القارة من أبرز عوامل شهرته، حيث جعلته وجهة أثرية وسياحية متميزة. يضم الجبل 12 مغارة مختلفة الأشكال والأطوال، تتميز ببرودة جوها الداخلي، حيث تبقى درجة الحرارة في حدود 20 درجة مئوية حتى في أشد أيام الصيف حرارة، عندما تتجاوز الحرارة في الخارج الأربعين درجة مئوية.
تنوع الكهوف وأحجامها
تتغير درجات الحرارة في كهوف الجبل بتغير فصول السنة، وتتباين أشكالها وأحجامها. من بين هذه الكهوف: كهف الناقة، الذي يتسع لنحو 500 شخص، وهو الأكبر والأوسع؛ كهف العيد، الواقع بالقرب من سوق الأحد؛ كهف المهيوب؛ كهف الغيران؛ وكهف بوصالح.
أرض الحضارات: وجهة سياحية متكاملة
يُعتبر جبل القارة أحد المعالم السياحية البارزة في محافظة الأحساء. يمكن الوصول إليه عبر طرق عدة، منها الطريق الذي يمر عبر عين الخدود، أو طريق الجشة، أو طريق الجفر مرورًا بالشهارين والمنصورة.
مشروع أرض الحضارات
تعزيزًا للبنية السياحية في موقع جبل القارة، افتُتح في عام 1437هـ/2016م مشروع أرض الحضارات السياحي الثقافي في الجبل بشكل جزئي. يهدف المشروع إلى إتاحة الفرصة أمام السياح والزوار للاطلاع على معالم المشروع، والتجول في المغارة الرئيسية للجبل، والمسرح الحجري، بعد إكمال تمهيد ساحة المواقف الخارجية للمشروع.











