جامع الشيخ محمد بن عبدالوهاب: منارة الدرعية التاريخية
يُعد جامع الشيخ محمد بن عبدالوهاب معلماً بارزاً ضمن مساجد الطين في مدينة الدرعية التراثية، كما يحتضن مؤسسة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الثقافية. يقع هذا الجامع في حي البجيري، الذي شهد إقامة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وعائلته وطلابه. يكتسب الجامع أهميته من المكانة العلمية والإصلاحية لمؤسسه، على الرغم من أن بعض النصوص تشير إلى أنه لم يكن جامعًا خلال فترة الدولة السعودية الأولى.
موقع وتأسيس الجامع
يتميز جامع الشيخ محمد بن عبدالوهاب بموقعه الاستراتيجي في حي البجيري، مقابل حي طريف التاريخي، على الجانب الآخر من وادي حنيفة. يعود تأسيسه إلى بدايات الدولة السعودية الأولى، حيث بُني المسجد بالطين مع أساسات حجرية، وهو الأسلوب التقليدي لبناء المساجد في منطقة نجد. كان المسجد يضم مدرسة للشيخ، أو ما يمكن تسميته بمجمع دراسي، يتسع لمئتي رجل، مع جزء مخصص للنساء، وكانت الأنشطة العلمية تبدأ بعد صلاة الفجر.
إعادة بناء الجامع عبر التاريخ
في نهاية حملة إبراهيم باشا على الدرعية، تعرض جامع الشيخ محمد بن عبدالوهاب للهدم. لاحقًا، بعد رحيل الباشا وعودة الأهالي، أُعيد بناؤه على أنقاض المسجد السابق، مع الحفاظ على أسلوب البناء الطيني النجدي. احتوى الجامع على مصلى داخلي مزين بالمصابيح، بالإضافة إلى ساحة خارجية واسعة وخلوة كبيرة بمساحة تقريبية تبلغ 1200 متر مربع، ومحراب في منتصف جدار القبلة، ومئذنة. في نهاية الثمانينات الهجرية (الستينيات الميلادية)، أُعيد بناء هذا الجامع باستخدام الخرسانة المسلحة.
التحديث المعماري للجامع
أول مساجد الدرعية بالخرسانة المسلحة
يُعتبر جامع الشيخ محمد بن عبدالوهاب أول مساجد الدرعية التي أُعيد بناؤها باستخدام الخرسانة المسلحة والمواد الحديثة. في عام 1424هـ (2003م)، جرت إعادة بنائه مرة أخرى بالمواد الحديثة على نفقة الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، وشملت التعديلات إزالة منارات المسجد والأعمال الخارجية المحيطة به، بالإضافة إلى بيتي الإمام والمؤذن، مع إضافة مرافق عامة وسكن للإمام والمؤذن في الجهة الجنوبية.
مؤسسة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الثقافية
أُقيمت بعض أعمال التطوير للجامع، إذ شُيّدت مؤسسة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الثقافية، التي أحاطت بالجامع من جميع الجهات باستثناء جهة القبلة المطلة على وادي حنيفة، قبالة مدخل حي الطريف التاريخي، وذلك ضمن مشروع تطوير حي البجيري.
وفي النهايه :
جامع الشيخ محمد بن عبدالوهاب يظل رمزاً للتراث المعماري والعلمي في الدرعية، شاهداً على حقبة تاريخية هامة، وتطوره المعماري يعكس التزام المملكة بالحفاظ على هذا الإرث مع مواكبة التطورات الحديثة. فهل سيستمر الجامع في أداء دوره كمركز ثقافي وديني، ومقصداً للزوار والباحثين على حد سواء؟









